قال الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبدالغفار عبدالحسين في الحوار الذي أجرته معه "الوسط" بمناسبة الأول من مايو/ أيار "عيد العمال العالمي" إن "الاتحاد غير راض أبدا عن تعطيل دوره كشريك أساسي في مجلس الهيئتين العامتين للتأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد، كما أنه متوجس من الغموض المحيط بسيناريو إصلاح سوق العمل، وخصوصا أن نتائج خطيرة بدأت تظهر بسبب السيناريو ونحن مازلنا في بداية الطريق".
التجاوزات التي كشف عنها البرلمان في الهيئتين وبغض النظر الآن عن تسمية المسئولين عنها، أكبر دليل على أن ضعف المشاركة العمالية أو فقدانها هو الطريق الأقصر إلى سوء الإدارة، لأن غياب تعادل المصالح يجعل الإدارة قاصرة عن التمثيل الحقيقي.
وأكد عبدالحسين "ضرورة إصلاح سوق العمل، وخصوصا حل مشكلات التشغيل ونسبة البحرنة، وحماية السوق من المنافسة غير العادلة وتنظيم تدفق العمالة الوافدة"، مستدركا ذلك بـ "ضرورة قياس الكلفة الاجتماعية التي سيدفعها الوطن من تماسكه واستقراره، وذلك قبل تنفيذ المشروع".
وقال عبدالحسين: "اننا في بداية الطريق وها نحن نسمع عن تسريح عمال مواطنين بحجة تغطية رسوم العمالة الوافدة، ونسمع عن إغلاق مصانع معينة، وخطر البطالة يلوح في الأفق"، مشيرا إلى "أن البعض يريد من الاتحاد شيكا على بياض لدعم الإصلاحات، ولكن كيف ندعم بشكل مطلق ما أثبتت خطورته على طبقتنا العاملة التجربة المبكرة".
الوسط - هاني الفردان
من الصعب أن تقيس انجازات أي عمل خلال ثلاث سنوات، كما من الصعب أن تطالب جهة تمثل أكبر شريحة في المجتمع بتحقيق كل الأحلام التي تتمناها هذه الشريحة، الأصعب من كل ذلك أن تقف في وجه "خصمين" - إن صح التعبير - الخصم الاول يملك السلطة وقوة التنفيذ "الحكومة" والخصم الثاني يملك المال والعمل "أصحاب العمل".
في مناسبة الأول من مايو / أيار "عيد العمال العالمي" حاورت "الوسط" الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبدالغفار عبدالحسين، من أجل الوقوف على الكثير من القضايا التي عاشها الاتحاد خلال العام الماضي، وكيف يجد الاتحاد تعاطي الحكومة وأصحاب العمل مع ممثلي العمال.
عبدالحسين لم يخف توجسه من الغموض المحيط بسيناريو إصلاح سوق العمل، وخصوصا أن "نتائج خطيرة بدأت تظهر لهذا السيناريو وهو مازال في بداية الطريق"، مشيرا إلى ان البعض يريد من اتحاد النقابات أن يوقع شيكا على بياض لدعم الإصلاحات، متسائلا: "كيف ندعم بشكل مطلق ما تثبت التجربة المبكرة أنه خطير على طبقتنا العاملة؟"، أعتقد أننا بحاجة للجلوس طويلا قبل التنفيذ وبحاجة إلى وضع خطة تقلل من الكلفة الاجتماعية. وهذا نص الحوار:
كيف ترى الحركة العمالية والاتحاد العام بعد عام من التأسيس؟
- أعتقد أنه على رغم ضخامة التحديات العمالية والنقابية فإن ثقتي كبيرة بأن الحركة العمالية بقيادة الاتحاد العام قادرة على تجاوزها. نحن اليوم تجاوزنا أخطر المراحل بسلام وهي مرحلة التأسيس، ولو عدنا إلى الوراء قليلا سنجد أنه كان مطروحا في يوم من الأيام، ألا ينعقد المؤتمر التأسيسي، لأسباب خارجة عن الحاجة النقابية وبعد التأسيس كان مطروحا لدى دوائر كثيرة تعطيل حركة الاتحاد العام أو تهميشه، كل هذه الأمور تجاوزناها طبعا مازالت هناك مخاطر وعقبات لكني أقصد أننا تجاوزنا مرحلة الولادة والنمو التي عادة ما تكون أخطر مراحل الجنين الجديد، لكن إذا نما واشتد عوده وقوي نظام المناعة لديه فقد أكد حقه في الحياة وهذا هو حال الاتحاد العام الذي يواجه بقوة كل استحقاقات المرحلة المقبلة معتزا بالتفاف آلاف العمال حوله بصفته ممثله الشرعي والوحيد.
ما العقبات والصعوبات التي واجهتها الحركة العمالية والاتحاد العام؟
- على الصعيد العمالي نواجه ما يواجهه عمال العالم أجمع في هذه اللحظة، وهي استحقاقات العولمة المتوحشة والخصخصة، و اتفاقات التجارة الحرة، وهي استحقاقات لم نعد نستطيع اليوم مواجهتها بمجرد الرفض والصوت العالي. لقد ولى زمن القول "لا" ثم الخلود إلى الراحة. ما أسهل أن ترفض شيئا، ولكن ما أصعب أن تفكر في بدائل للرفض.
اليوم نحن بحاجة إلى دراسة كل خطوة وتقييم المصلحة العمالية والوطنية ثم تحديد الموقف منها، لم نعد نستطيع بسهولة رفض كل شيء أو القبول بكل شيء فلا بد من أن يكون لدينا موقف لكل إجراء أو قرار.
أما على الصعيد النقابي، فشاغلنا الأكبر رص الصفوف وتوحيد الكوادر النقابية دائما تحت مظلة الاتحاد العام بغض النظر عن الاختلافات. وشاغلنا الرئيسي الثاني هو تعزيز المشاركة النقابية في صنع القرار ممثلة في الاتحاد العام على مستوى المملكة وفي النقابات على مستوى مواقع العمل. كما أن الاتحاد العام يواجه مشكلة الأعباء المتزايدة في ظل الامكانات المحدودة بصفته اتحادا فتيا، وهذا ما يلزم الدولة بدعم الاتحاد العام أسوة بدعمها لشريك الانتاج الآخر وهم أرباب العمل، وخصوصا أن الاتحاد لعب ويلعب دورا كبيرا ومؤثرا في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من خلال حمايته للحقوق العمالية.
كيف ترى تفاعل الجانب الرسمي "الحكومي" مع الحركة العمالية والاتحاد؟
- لا أريد أن أعطي صورة سلبية وقاتمة عن علاقتنا بالجانب الرسمي كما لا أريد أن أبالغ في تجميل الصورة. لنكن واقعيين. نحن كنقابيين ننظر إلى الحكومة في إطار الحوار الاجتماعي الثلاثي الأطراف كطرف من أطراف الانتاج، وتقع عليها مسئوليات كبيرة جدا. نحن راضون عن بعض التقدم في ممارسة الحوار الاجتماعي في حل بعض المشكلات العمالية والنقابية داخل مواقع العمل ولا نبخس أحدا حقه، كما أننا كنا إيجابيين في المفاوضات الصعبة لصوغ قانوني النقابات والعمل وتحقق بعض التقدم، ولكن مازلنا بانتظار نتائج الصياغات المتفق عليها في قانون العمل الجديد وبانتظار وضع مسودة لائحة تفسيرية للقانون تحميه من سوء التأويل. لكنا بصراحة غير راضين أبدا عن تعطيل دورنا كشريك أساسي في مجلس الهيئتين العامتين للتأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد، كما أننا نتوجس من الغموض المحيط بسيناريو إصلاح سوق العمل، وخصوصا أن نتائج خطيرة بدأت تظهر لهذا السيناريو ونحن مازلنا في بداية الطريق.
كيف ترى تجاوب وتفاعل وزير العمل مجيد العلوي مع الاتحاد؟
- كاتحاد عام نتطلع إلى مزيد من التقدم. وفي النهاية تعاون الوزير مع الاتحاد العام هو في صالحنا جميعا، الوزير والاتحاد عام. وها أنتم ترون أكبر مثال على ذلك، وهو أن مواقع العمل التي فيها مساحة أكبر من الحقوق والامتيازات والمكانة للنقابيين والنصيب الأكبر من مشاركتهم في صناعة القرار هي مواقع العمل الأكثر استقرارا وانتاجية وهذا ما يتطلع إليه بالتأكيد الوزير ونحن أيضا.
ما المآخذ التي تأخذها على الحكومة في تعاملها معكم؟
- نحن كشريك اجتماعي نريد أن يفهم الشريكان الآخران الرسالة التالية، وهي أن دفاعنا القوي عن مصالح العمال هو في صالح كل هذا الوطن. النقابيون لا يسعون إلى زيادة أرباح شخصية ولا لتحقيق جاه اجتماعي. النقابيون همهم الأكبر وجود اقتصاد قوي ومنتج وتوافر أجر عادل يخلق قوة شرائية كافية لتدوير عجلة الاقتصاد. إن وجود نقابات حرة وقوية وقادرة على الدفاع عن العمال وتحقيق مكاسب أكبر لهم هو في صالح الحكومة وأرباب العمل أيضا مثلما هو في صالح العمال. هذا ما نريد تأكيده من حيث المبدأ، وإذا وصلت هذه الرسالة فسيسير الحوار بشكل أفضل بين الأطراف جميعا.
ما أهم مشكلات الحركة العمالية والاتحاد؟
- اعتقد على رغم قدم تاريخ الحركة النقابية وعراقتها في المملكة، فإن المزيد من التـثـقيف النقابي والمزيد من الخبرة والممارسة مازالا مطلوبين. كما أن الامكانات المحدودة للحركة النقابية الحديثة العهد بالتحصيل المنظم للرسوم، تحد من قدرتنا على التعامل مع المسئوليات المادية المتزايدة.
كم بلغ عدد المنتسبين إلى النقابات العمالية؟
- قرابة 15 ألف عامل وعاملة.
ماذا تفسر قلة إقبال العمال على الدخول في النقابات العمالية؟
- ليست هناك قلة إقبال بالمعنى الحرفي للكلمة. هناك ما لا يقل عن 50 في المئة من إجمالي القوة العاملة في المنشآت التي بها نقابات منتسبة اليها، ولكن طبعا المزيد من التوعية مطلوب لتوصيل رسالة إلى كل عامل بألا يجعل معياره في تحقيق وجوده كعامل هو مجرد حصوله هو على ما يريد لنفسه، بل أن يكون جزءا من الجسم العمالي الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى.
كيف ترى الخلافات النقابية والانشقاقات الموجودة فيها؟
- الخلافات طالما ظلت في إطار هياكل الاتحاد العام ونظامه الأساسي فنحن قادرون على التعامل معها وحلها أو على الأقل الحد من آثارها الجانبية. ليست المشكلة في وجود اختلافات في الرؤى نابعة بدورها من اختلافات في المنهج ولكن المهم أن ليس وراء هذه الخلافات مصلحة فردية أو خاصة. اعتقد أن الأخطر في العمل النقابي هو وجود أي شخص يعمل لشخصه فقط، أما العمل وفقا لرؤية اجتماعية معينة فليس مشكلة طالما كان هناك الاحترام المتبادل بين مختلف الرؤى والاحتكام إلى دستور وهياكل الاتحاد العام من جهة أخرى.
لماذا لم يهتم الاتحاد العام بالعمالة الوافدة؟ وهل من مسئولية الاتحاد رعاية شئون العمالة الأجنبية؟
- طبعا العمل النقابي عمل أممي عالمي لا يتعارض فيه الحرص على المصلحة الوطنية مع الحرص على حقوق كل عامل. وعلى العكس مما تقول فنحن طالبنا بشمول العمال الوافدين في مظلة التأمينات وكنا ضد إلغاء التأمين عليهم، كما أننا نصر في كل مواقفنا على وجود حد أدنى للأجور يستفيد منه كل العمال بغض النظر عن جنسياتهم لكي نغلق الباب على استغلال الفارق بين العمالة الوطنية والوافدة لصالح استجلاب عمالة رخيصة مهدورة الحقوق. وتعلم طبعا أنه كان لنا موقف من قضية انتحار أحد العمال الآسيويين بسبب سوء المعاملة وطالبنا بتشكيل لجنة تحقيق، بمشاركة الاتحاد العام. كما أننا نعد لفعالية اقليمية بالتعاون مع "م . ع . د" عن العمالة المهاجرة في الفترة القريبة المقبلة.
هناك الكثير من القضايا العالقة لم يستطع الاتحاد حسمها مع الحكومة، أهمها:
1- النقابات العمالية في القطاع الحكومي.
- نحن نعمل على الوصول بهذا الحق الأصيل في قانون النقابات والمعايير العربية والدولية إلى مرتبة التنفيذ. ولن نتوقف يوما واحدا من أجل تنفيذ هذا المطلب. سنعمل نقابيا وتشريعيا ودوليا وعربيا على كل الجبهات من أجل ممارسة هذا الحق، فبالنسبة الينا أن قانون النقابات لم يمنع ممارسة هذا الحق، وتعميم ديوان الخدمة المدنية غير دستوري وغير قانوني.
2- تساوي التمثيل في الهيئات المشتركة.
- هذا حق عمالي أصيل، وقد أكد ذلك قرار سمو رئيس الوزراء. علاوة على أنه مطلب نقابي تعاقبت على طرحه جميع قيادات العمال منذ مرحلة اللجان المشتركة ونحن اليوم سنواصل حمل هذه الأمانة ولن نفرط فيها.
3- الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
- أنوه هنا بأننا لا نؤيد التمديد للمجلس الحالي الذي يخلو من تمثيل عمالي حقيقي، كما أننا نتحفظ على أي قرار يتخذه هذا المجلس ونرى أن إعادة مناقشته من أولويات المجلس الجديد، وسمينا ممثلينا ومازلنا بانتظار تفعيل المجلس الجديد.
4 - مطالبة الاتحاد بدخول الهيئة العامة لصندوق التقاعد: لقد كانت التجاوزات التي كشف عنها البرلمان في الهيئتين وبغض النظر الآن عن تسمية المسئولين عنها، أكبر دليل على أن ضعف المشاركة العمالية أو فقدانها هو الطريق الأقصر لسوء الإدارة لأن غياب تعادل المصالح يجعل من الإدارة قاصرة عن التمثيل الحقيقي لكل المنتفعين بهذه الهيئات. من هنا انطلقنا من حقنا كاتحاد عمال في المشاركة في هاتين الهيئتين على قدم المساواة مع الشريكين الآخرين.
ما رأيك في إصلاحات سوق العمل وما يمكن تسميته بـ "انقلاب أبيض على الحركة العمالية"؟
- نعم لا بد من إصلاح لسوق العمل، وخصوصا حل مشكلات التشغيل ورفع معدلاته بالنسبة إلى العمالة الوطنية وتنظيم تدفق العمالة الوافدة حماية لها من الاستغلال وحماية للعامل المواطن من المنافسة غير العادلة. ولكن قبل تنظيم سوق العمل وقبل المضي قدما في تنفيذ المشروع لا بد من قياس حجم الكلفة العمالية وهي كلفة اجتماعية أيضا، سيدفعها الوطن من تماسكه واستقراره الاجتماعي. تصور أننا في بداية الطريق وها نحن نسمع عن تسريح عمال مواطنين بحجة تغطية رسوم العمالة الوافدة، ونسمع عن إغلاق مصانع معينة وخطر البطالة يلوح في الأفق. البعض يريد منا شيكا على بياض لدعم الإصلاحات، ولكن كيف ندعم بشكل مطلق ما تثبت التجربة المبكرة أنه خطير على طبقتنا العاملة. أعتقد أننا بحاجة للجلوس طويلا قبل التنفيذ وبحاجة لوضع خطة تقلل من الكلفة الاجتماعية، وبحاجة أصلا لأن لا يتم تنفيذ كل شيء دفعة واحدة، بل قياس كل مرحلة من التنفيذ وطريقة التعامل مع مخرجاتها السلبية.
مدينة عيسى - وزارة العمل
بمناسبة الاحتفال بيوم العمال الذي يصادف اليوم "الأحد" الأول من مايو/أيار ، عبر رئيس الوزراء عن اعتزاز المملكة قيادة وشعبا بالدور الطليعي للعامل البحريني في نهضة المملكة وازدهارها وتقدمها وبإسهاماته البناءة في مختلف ميادين الإنتاج، مؤكدا "أن القيادة تولي رفع المستوى المعيشي لعمال البحرين وتحسين مزايا العمل وبيئته وصيانة حقوقهم اهتماما متزايدا"، مشيدا في هذا السياق بدور الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وبإسهاماته في تطور الحركة العمالية والدفاع عن مصالحها.
مدينة عيسى - وزارة العمل
أكدت وزارة العمل في بيانها الذي أصدرته بمناسبة الأول من مايو/ أيار "عيد العمال" أنها تسعى من خلال تعاونها المستمر مع طرفي الإنتاج المتمثلين في غرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين لتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف من أجل علاقة إيجابية تسهم بصورة مباشرة في تحقيق التنمية المستدامة، والعمل على توفير الراحة لكل مواطن من أبناء هذه الأرض الطيبة، وإبعاد كل ما يعكر صفو العيش الكريم من منغصات وضغوط ومصاعب. والله نسأل أن تتجدد هذه المناسبات بمزيد من التقدم ومزيد من الإنتاج ومزيد من العطاء والنجاح. وجاء في البيان إن الاحتفال بالأول من مايو من كل عام يعتبر حلقة من حلقات السلسلة العملية التي تجسد فيها أهم ملامح الحركة العمالية والنقابية في العالم، وإن وزارة العمل في مملكة البحرين إذ تشارك عمال البحرين والعالم أفراحهم بهذا اليوم التاريخي، لتؤكد دور ومكانة العمال والحركة النقابية في ترسيخ مبدأ الثلاثية وتعزيز الحوار الاجتماعي. وإن هذا الاحتفال، والذي يقام في مملكة البحرين تحت رعاية عاهل البلاد يؤكد مدى ما تبديه القيادة السياسية من اهتمام بالغ بالدور البارز الذي يبذله أبناء هذا الوطن، كما يؤكد تقدير البحرين لسواعد الوطن الفتية التي تعمل مجتمعة في سبيل نهضته وتقدمه وازدهاره. كما يعتبر تأكيدا على الدور الأساسي والمهم للحركة العمالية عموما والنقابية خصوصا في عملية البناء والتنمية المستدامة، إذ تنظر وزارة العمل بنظرة مفعمة بالأمل للتجربة البحرينية في العمل النقابي.
وأكدت الوزارة دعمها الدائم والمستمر للعمل النقابي في البحرين، ومساعيها الجادة في إزالة كل المعوقات والعقبات التي قد تعرقل هذا الدور المحوري والعمل النبيل، لتدعو جميع الأطراف المعنية لتوحيد جهودها وتكثيف تواصلها بما يضمن نجاح واستمرار وتطور هذه التجربة. ومن هذا المنطلق، فقد شرعت الوزارة في تطوير هياكلها وأجهزتها بما يتماشى وهذه التطورات في المجالين العمالي والنقابي، وبما يلائم متغيرات سوق العمل ومتطلبات العمل النقابي، ويساعد في إنجاح برامجها الرامية لتحسين مخرجات التعليم والتدريب المهني والفني بما يلبي تلك الحاجات. ورأت وزارة العمل ضرورة تفعيل الدور الإيجابي لجميع النقابات بما يساعد في دفع وتطوير عجلة الإنتاج، وهو أمر تشترك في الأطراف الثلاثة على حد سواء. وقالت لقد شكل القرار التاريخي لجلالة الملك المفدى في 24 من سبتمبر/ أيلول ،2002 الذي جاء على اثر لقاء جلالته بعدد من ممثلي العمال وأعضاء الاتحاد العام لعمال البحرين في قصر القضيبية العامر، نقطة انطلاق حقيقية للعمل النقابي في البحرين، إذ أنهى هذا القرار التاريخي مرحلة من مراحل العمل العمالي لتبدأ مرحلة جديدة تعتبر نقطة مضيئة إلى جانب تلك النقاط المضيئة الأخرى في حقبة المشروع الإصلاحي الذي أطلقه وقاد دفته جلالة الملك المفدى، وآزره فيه رئيس الوزراء الموقر سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد الأمين القائد العام لقوة دفاع البحرين سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.
المنامة - بنا
جاء الحديث الثاني من أحاديث حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ضمن سلسلة أحاديث الوعي الوطني التي اختار لها جلالة الملك مناسبة يوم العمال الذي يوافق اليوم الأحد الأول من مايو، ليؤكد على البعد الإنساني الهام في شخصية جلالته، وعلى الفهم الواعي المدرك لأهمية تعميق التواصل بين القيادة والشعب، وهو ما يبدو واضحا من خلال حرص جلالته على مشاركة كافة أبنائه من المواطنين وكافة قطاعات المجتمع البحريني لأفراحهم وأعيادهم الوطنية والاجتماعية.
ولعل هذا النهج الذي يتبعه جلالة الملك في تواصله بالمواطنين يأتي متوافقا والتزاما من جلالته بالعهد الذي قطعه على نفسه في مستهل توليه مقاليد الحكم، حيث أكد جلالته على التضامن بين القيادة والشعب بكل فئاته وطبقاته، والتزامه بتعزيز هذا التضامن الذي يقوم على صدق الانتماء الوطني والمواطنة الحقة التي تريد الخير للبحرين وأهلها.
وقد اكتسب حديث جلالة الملك المفدى، والذي وجهه بصفة خاصة إلى عمال البحرين، أهمية كبيرة لكونه تضمن بالغ التقدير وعبارات المديح التي لم يبخل بها القائد على أبنائه المواطنين في مناسبة عيدهم الذي يحتفلون به كل عام، وذلك عرفانا من جلالته بالدور الوطني الهام الذي قام ويقوم به هذا القطاع الهام، وهو ما أكد عليه جلالة الملك خلال حديثه بأن عمال البحرين يمثلون قوة حية وفاعلة في مسيرة التنمية في البلاد، وأنهم طلائع التحديث الصناعي والمدني في تاريخ البحرين.
لقد جاء حديث جلالة الملك ليعكس بجلاء الدور الوطني المتزايد الذي باتت تقوم به قوى ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويبرز ذلك من تأكيد جلالته خلال الحديث على أن قوى المجتمع المدني في مملكة البحرين تمثل قوة فاعلة في مسيرة التنمية، وانه يستطيع أن يفاخر العالم كله بالمجتمع المدني البحريني، لأنه شاهد النهضة في البحرين الحديثة.
ويعكس اهتمام جلالة الملك بالمجتمع المدني في حديثه مدى ما يؤمن به جلالته من فاعلية دور مؤسسات المجتمع المدني كشريك فاعل في تحقيق التنمية بكافة أبعادها، وتعميق المسيرة الديمقراطية والإصلاحية التي دشنها جلالته منذ توليه مقاليد الحكم في مارس ،1999 وهو ما يؤكد عليه جلالته من أنه لم يكن ممكنا أن يتم التوافق على ميثاق العمل الوطني ومشروع الإصلاح في البحرين لولا وجود مجتمع مدني متقدم يمثل الأساس الوطيد لانطلاق التجديد الدستوري والديمقراطي في البلاد.
وفي السياق نفسه، فقد لوحظ تركيز جلالة الملك في أكثر من مرة خلال حديثه على أهمية قيام كافة هيئات ومؤسسات المجتمع المدني بدعم المسيرة الإصلاحية والاضطلاع بدورها المأمول في هذا الشأن، ففي مستهل الحديث أكد جلالته ثقته بنجاح تجربة البحرين المتجددة في الإصلاح والتحديث لأنها تمتلك جذورا راسخة في عمق التربة الوطنية التي هي مكونات المجتمع المدني البحريني، وفي جانب آخر من الحديث يؤكد جلالته على أن المجتمع المدني هو الضمانة الحقيقية لأي إصلاح وهو الدافع إليه كما تؤكد على ذلك التجربة البحرينية، ثم عاد جلالته ليختتم حديثه بالتأكيد كذلك على أن المجتمع المدني في البحرين سيبقى بتطلعاته أساس الرؤية في العمل الوطني في البلاد.
إن هذه الثقة المتزايدة التي يوليها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمؤسسات وهيئات المجتمع المدني في البلاد والآمال التي يعقدها جلالته على هذه القوى والمؤسسات، تتطلب من هذه القوى أن ترتقي إلى مستوى هذه الآمال والتطلعات، وأن تكون خير داعم لمسيرة العمل الوطني في البلاد وأن تقوم بدورها المأمول في نهضة الوطن.
ولعل تركيز جلالته خلال الحديث على دور وأهمية المجتمع المدني يستند إلى مدى تميز المجتمع المدني البحريني وكون مملكة البحرين متقدمة وسباقة في هذا المجال على المستويين العربي والخليجي حيث ظهرت نواة المجتمع المدني فيها منذ بدايات القرن العشرين.
ولم يكن البعد الاقتصادي غائبا في حديث جلالة الملك، إذ تضمنت مقالة جلالته مساعي طيبة يسعى جلالته من خلالها إلى توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين وفتح آفاق جديدة للعمالة البحرينية بتسهيل انتقالها للعمل في دول الخليج المجاورة من خلال تنويهه بدور العمال البحرينيين في دعم جهود البناء والتعمير في الدول الشقيقة منذ اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الشقيقة وإسهامهم في بناء خط التابلاين لتصدير النفط إلى ساحل البحر المتوسط، وتأكيد جلالته على استعدادهم الحالي للعمل مجددا في هذه الدول الشقيقة خاصة في ظل توفر المقومات التي تساعد على ذلك ومنها وجود جسر الملك فهد الذي يشجع على ذلك، وكذلك مستقبلا جسر البحرين وقطر، مما يعني وفقا لرؤية جلالته وجود سوق إضافي للعمل ينتظر الأيدي البحرينية المنتجة.
وتأتي هذه الرؤى الهامة التي طرحها جلالة الملك حمد بن عيسى خلال حديثه متوافقة مع الجهود الحثيثة التي يبذلها جلالته على أرض الواقع بالتنسيق مع قادة دول مجلس التعاون من أجل العمل على حرية انتقال الأيدي العاملة الخليجية ومعاملة مواطني دول المجلس دون تمييز في مجالات العمل وحرية ممارسة النشاط الاقتصادي وهو ما يتيح فرصا كبيرة أمام العمالة البحرينية الماهرة في الأسواق الخليجية المجاورة.
ويشار في هذا الإطار، إلى أن جهود جلالة الملك حمد بن عيسى كانت الدافع الرئيسي في قيام قمة مجلس التعاون الخليجي الـ "24" بالكويت بتبني قضية البطالة وتدريب وتوظيف المواطنين، وتم تضمين هذه القضية في البيان الختامي للقمة، كما تم كذلك تبني مقترح جلالة الملك بأن تتمحور أعمال القمة التشاورية في مايو 2004 حول توطين العمالة الخليجية.
من جانب آخر تضمنت مقالة جلالة الملك العديد من المضامين الهامة في مجالات مختلفة منها ما يتعلق بمسيرة الإصلاح والتحديث ومنها ما يتعلق بدعم جهود الإصلاح الاقتصادي وإصلاح سوق العمل، إضافة إلى جوانب أخرى تتناول تعزيز مكتسبات المرأة البحرينية، وكذلك تعزيز التوافق بين أبناء الوطن من خلال الحفاظ على ثقافة التعايش والتسامح.
ففيما يتعلق بمسيرة الإصلاح والتحديث، جاءت كلمة الملك لتؤكد على الفخر والاعتزاز لأن المشروع الإصلاحي في البحرين استبق المتغيرات الدولية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، وانه جاء بإرادة وطنية حرة، وهو ما يؤكد أن مشروع الإصلاح في البحرين يمثل استجابة واعية لدور البحرين وأهميته في القرن الحادي والعشرين وأن هذا المشروع ذو نهج شامل ومتزن، وتوجه عصري قادر على التجاوب مع المبادئ والقيم الإنسانية، وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية ودور المجتمع المدني.
وتناول جلالة الملك خلال حديثه موضوعا اقتصاديا على قدر كبير من الأهمية وهو جهود الإصلاح الاقتصادي وإصلاح سوق العمل، حيث أثنى جلالته على دعمه للجهود التي يقوم بها ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة وفريق العمل المصاحب لسموه من تشخيص ومعالجات لأوضاع سوق العمل في البحرين، وهو ما يؤكد حرص جلالته واهتمامه ودعمه لكل الجهود المبذولة من أجل معالجة قضية البطالة وتوفير المزيد من فرص العمل أمام الشباب البحريني وصقل قدرات وطاقات هؤلاء الشباب ليكونوا من الكفاءات المدربة والمؤهلة للولوج إلى سوق العمل والمساهمة بفعالية في مسيرة التنمية الاقتصادية.
وفيما يتعلق بالتأكيد على مكتسبات المرأة البحرينية ومنجزاتها، فقد أشار جلالته في سياق حديثه إلى تولي سيدة ومواطنة بحرينية مؤخرا رئاسة إحدى جلسات مجلس الشورى، الأمر الذي يعتبر سابقة خليجية وعربية مثلت انجازا جديدا للمرأة البحرينية، ودشنت صورة جديدة للديمقراطية في البحرين التي تمنح للمرأة حقوقها السياسية وتعمل على زيادة مشاركتها الفعالة في المجتمع في ظل مساهمتها المتزايدة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومن جانب آخر فقد أكد جلالة الملك طي حديثه على مجموعة من المبادئ الوطنية الهامة ومنها وجود ثقافة التعايش والتسامح والانفتاح في البحرين منذ أقدم العصور، حيث أعرب جلالته عن ارتياحه لتولي مواطنة، من الشرائح الوطنية المشاركة في الانتماء الوطني، لإحدى جلسات مجلس الشورى، بما يؤكد مبدأ التعايش السمح في البحرين، كما يؤكد أن المملكة تمتلك نظاما ديمقراطيا متسامحا وتعدديا يتبنى ويكرس ثقافة التسامح والحق في الاختلاف الحر في إطار المصالح العليا للوطن، وفي الوقت ذاته فقد ميز جلالته بين مفهوم الرأي العام الوطني الذي هو محصلة توافق مؤسسات المجتمع المدني، وبين "رأي الشارع" مثنيا جلالته على الرأي الأول لأنه نتاج التحاور العقلاني الحر والهادئ، والإيمان بالممارسة الديمقراطية وحرية الاختلاف في الرأي، فيما أشار إلى أن "رأي الشارع" يمكن أن يهيجه أي منبر أو خطيب لا مسئول
العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ