دعا عدد من الجهات إلى تأسيس هيئة مستقلة لحقوق الإنسان، وأهم تلك الجهات هي اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب التي حثت الحكومة على ذلك الشهر الماضي. ولكن عندما توجهت "الوسط" بسؤال إلى أحد المسئولين عن هذا الموضوع، أجاب: "ان مثل هذه الهيئة مضيعة للوقت".
وربما انه على حق إذا كان وضعنا الحقوقي يستمر في إطار الشعارات والمبارزة بين الحكومة والمعارضة من دون أن ندفع باتجاه أجندة مجتمعية تستفيد بصورة فعلية من كل ما يتم طرحه محليا ودوليا في مجال حقوق الإنسان.
التجربة الفلسطينية
في العام الماضي، أصدر رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع قرارا أوضح فيه اختصاصات "هيئة حقوق الإنسان وشئون المنظمات الأهلية في مجال حقوق الإنسان"، والقرار يعتبر من أفضل النماذج المتوافرة في العالم العربي، فيما لو تم تطبيقه من دون تدخل حكومي أو معارض يحرف توجه العمل الحقوقي.
فقد جاء في القرار الرسمي الفلسطيني "بناء على الصلاحيات المخولة لنا قانونا وتنسيب هيئة حقوق الانسان وشئون المنظمات الأهلية و بناء على مقتضيات المصلحة العام "..."، فقد قرر مجلس الوزراء "الفلسطيني" في جلسته المنعقدة في 28 يونيو/ حزيران 2004 تحديد اختصاصات الهيئة في:
- تمثيل فلسطين في المؤتمرات والمنظمات الإقليمية والدولية.
- متابعة أنشطة وأعمال منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية العاملة في فلسطين.
- إعداد تقرير دوري عن أوضاع حقوق الإنسان ورفعه إلى مجلس الوزراء والمجلس التشريعي.
- متابعة قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالوضع الفلسطيني.
- الإشراف على برامج تعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان في فلسطين.
- إعداد التقارير الدورية عن أوضاع حقوق الإنسان وتقديمها إلى المنظمات الإقليمية والدولية.
- استقبال المقررين الخاصين من الأمم المتحدة بمجالات حقوق الإنسان.
- إعداد ما يلزم للاجتماعات الدورية للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
- إنشاء موقع متخصص على شبكة الانترنت.
- الترشيد والإشراف على برامج تدريب حقوق الإنسان للأجهزة الأمنية.
- تنظيم وترسيخ العلاقة مع المؤسسات الدولية والإقليمية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
- تقديم المشورة والمساعدة في مجالات حقوق الإنسان إلى الجهات الرسمية.
- تنظيم العمل لجمع و أرشفة المعلومات الخاصة بالانتهاكات الإسرائيلية وإعداد التقارير المختصة وتوزيعها ونشرها.
- تنظيم وعقد المؤتمرات الخاصة بحقوق الإنسان المحلية والدولية.
الشعارات البحرينية
مقارنة الوضع الفلسطيني بالوضع البحريني تبين المفارقة بين الجانبين. ففي الحال الفلسطيني تنشط مؤسسات حقوق الانسان بدعم من المؤسسات الدولية، وتستطيع أن توصل آراءها على رغم ظروف الاحتلال. ولكن المؤسسات الفلسطينية عانت كثيرا لكي تصل إلى هذا المستوى من العطاء، بينما انحصرت التجربة البحرينية في ترديد الشعارات من الجانبين الحكومي والمعارض، وبقي العمل الحقوقي أسيرا للشد والجذب السياسي. ولذلك، فقد فشلت الدعوات التي انطلقت لتأسيس هيئة مستقلة لحقوق الإنسان، على رغم أن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان حصلت على دعم للفكرة من خلال مؤتمرين عقدا مع وزارتي الخارجية والداخلية وعلى رغم التقدم بمقترح من مجلس البرلمان لتأسيس الهيئة وعلى رغم مطالبة لجنة حقوق الإنسان في جنيف الحكومة بتأسيس الهيئة.
ولكن الهيئة قد تكون فعلا "مضيعة للوقت" فيما لو قررت الحكومة تأسيس كيان صوري لترديد العبارات الحكومية في المحافل الدولية، وفيما لو أصرت المعارضة وبعض الجهات على استخدام موضوعات حقوق الإنسان منطلقا للصراع السياسي مع الحكومة
العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ