قال المتحدث باسم الكتلة الإسلامية النائب محمد آل الشيخ: "أعتقد أنه سيكون للكتلة حضور بارز ذو تأثير في الاستحقاقات المقبلة، وهذا الأمر نوكله الى المواطنين الذين سيراهنون دائما على الأصلح والشخصيات التي تستطيع تحمل أمانة وضمير ونضالات شعب البحرين"، مضيفا في لقاء له مع "الوسط" أنه "مع الاسف فإن التشكيلة الحالية للمجلس محافظة، وهاجسنا يتمثل في ألا تكون هناك مراهنات خاسرة، بل يجب أن تكون لصالح تحقيق مكتسبات جديدة، ودائما ما يكون عملنا الحقيقي في المجلس هو ثني بعض الكتل عن اعتناق بعض المبادئ والتحرر من عقيدة التبعية والكف عن النظر إلى المصالح الفئوية.
ونحن نستغرب من بعض الكتل أنها تتبنى مواقف في المجلس ثم تخالفها 180 درجة، إذ تبدو وكأنها تتبنى قناعات متعاكسة ومواقف مهزوزة، ولذلك يجب أن يبتعد المجلس عن التأثير والتأثر ويتبنى المواقف الداعمة لمصالح المواطنين".
الثقة في الحكومة
وأكد آل الشيخ "أن على المجلس أن يمنح الحكومة الثقة فور تشكيلها، لأن من صلاحياته عزل الوزراء وسحب الثقة منهم، ويجب أن يكون للمجلس رأي وموقف يؤخذ به، لأن السلطتين التنفيذية والتشريعية لا تعملان بمعزل عن بعضهما لرعاية مصالح المواطنين، بل يعملان في قالب واحد ومع السلطة القضائية أيضا، فالمجلس بقدر ما له من قدرة على سحب الثقة ويجب أن تكون له القدرة نفسها على منح الثقة، وذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه". وعن السبب في ذلك نوه بأنه حينئذ ستكون هناك يد للمجلس في تنصيب الوزراء الذين سيتعاون معهم، وذلك ما قد يرتبط بالشعار الذي يرفعه المجلس من أن الحكومة لا تتعاون معه، وبالتالي سيفكر المرشح للحقيبة الوزارية ألف مرة في معطيات العمل النيابي في المجلس في كل أروقته وفي التعامل مع المقترحات والرغبات والأسئلة وفي تبادل الأدوار مع الحكومة والوزراء تحديدا، وبالتالي ستكون هناك مسئولية مضاعفة للوزير. ولكن السؤال المطروح: كيف يتعامل المجلس مع وزراء لا يؤمن بأن هناك قواسم مشتركة معهم؟ ولذلك حان الوقت كي تتحرك سياسات جديدة من منطلق هاجس وطني في العمل النيابي المتعلق بالسلطة التنفيذية.
ملف التعديلات الدستورية
وأشار آل الشيخ إلى "أن الكتلة تبذل قصارى جهدها من أجل المضي في الإصلاح وفقا للصلاحيات الممنوحة لنا والعمل على تطوير ورفع سقفها، كما أننا نؤمن بأن المشروع الإصلاحي ليس له سقف معين، وأنه لن يتوقف عند حدود معينة، بل سيمضي مع طموح وإرادة الشعب. وبشأن أولويات الملفات الحالية بالنسبة إلينا فهي تتمثل في ملف التعديلات الدستورية، ولدينا موقف تجاه هذا الملف وهو العمل على رفعه بحيث تكون له أولوية لدى بقية النواب من مختلف الأطياف النيابية. كما أن لنا وجهة نظر في الملف، الأولى تتناول الوصول إلى توافق بشأن المادة 92 من الدستور كونها تعوق التشريع وتعطله. فالدستور عموما منح صلاحيات وسلب أخرى في الوقت نفسه، أي أن الدستور عطل نفسه بنفسه. ونرى في الكتلة أنه لو تم التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبقية القوى الفاعلة في الوصول إلى صيغة توافقية لكان ذلك في صالح المزيد من الصلاحيات التشريعية". وأكد أن المادة 92 يفترض التعامل معها في إطار التعاون بين السلطات، وإلا لما كانت هناك مشكلة، وذلك مهم من أجل تفعيل شعار التعاون وتوثيق عرى الوفاق بين السلطتين، إذ هناك حاجة إلى أفعال أكثر من شعارات مرفوعة، لأن المجلس أيضا محاسب أمام الناس ولديه التزام أخلاقي، شعبي، وجماهيري. وحينما يتم الوصول إلى توافق بشأن تعديل المادة سيكون هناك تعاون فعلي وليس على مستوى الشعارات.
وعن بطء التحرك بشأن ملف التعديلات الدستورية، قال: "نحن نعمل بحسب صلاحياتنا وداخل منظومة المجلس التي بها آراء متباينة. نعم، لم ينجح الملف في أن يكون أولوية في المجلس وهذا يعود إلى التيار المحافظ فيه، لكننا تقدمنا برؤى ونعتقد أن الولوج في هذا الملف بحاجة إلى المزيد من الحوارات، ونعتبر الإصرار على النهوض بالملف إلزاما من منطلق هاجس أن نكون مخلصين لأبعد حد ممكن لبرامجنا الانتخابية".
إصلاح سوق العمل
وبالنسبة إلى مشروع سمو ولي العهد لإصلاح سوق العمل، قال آل الشيخ: "إننا في الكتلة شاركنا في ورش العمل كافة التي أقيمت للتمهيد له واجتمعنا مع القائمين عليه ولدينا رؤية بأن إصلاح سوق العمل مشروع سياسي تحديثي في البحرين، ونحن ندعم توجهات ولي العهد، ونعتقد أن الإصلاح لا يمكن أن يتم بمعزل عن إصلاح نظام التعليم والتدريب، لذلك نحن نشاركه هواجسه في إصلاحهما لأن برامج التعليم والتدريب المعمول بها حاليا تفتقر إلى قدرة المواطن على استثمارها والأخذ بالمفاهيم العلمية والعملية في التطبيقات الحياتية، وذلك ما أوجد فراغا في سوق العمل وأطلق يد الأجانب في هذا الأمر".
وعلى صعيد متصل، أكد أن الكتلة لديها توجه واضح لدعم القطاع الخاص، فمنذ البداية تبنت موقفا يتم من خلاله اعتماد مبلغ عشرة ملايين دينار كـ "بونس" أو "معونة" أو "مكافأة" والمجلس صوت بالموافقة على ذلك، ورئيس المجلس أقنع المجلس بعدم التصويت واعتبرنا ذلك مخالفة، ورفعنا طعنا بقرار المجلس وأحيل إلى اللجنة التشريعية، والنتيجة أن اللجنة تبنت رأي مقدمي المقترح وأوصت بإعادته إلى المجلس لدراسته، لأن المال العام ليس لموظفي القطاع العام كونه ثروة وطنية.
وأضاف آل الشيخ "أن الكتلة الإسلامية منفتحة ومتجاوبة مع المقترحات كافة المقدمة في المجلس، مثل موقفها في قضية التقاعد والتأمينات الاجتماعية وتشكيل لجان التحقيق والتي تقف معها موقفا داعما ومتفاعلا وإيجابيا تشهد به الجلسات والمداخلات في المجلس كما حدث في قضية الاستجوابات". مضيفا أن الكتلة بجهودها دعمت جهود كتل أخرى ساندت بقوة اقتراحا بقانون لتجريم فعل التمييز، وتبنت مقترحا بقانون لتجريم التمييز في تولي الوظائف العامة والقيادية الذي دار حوله لغط كبير، وأخيرا وافقت اللجنة التشريعية على جواز النظر فيه واعتبرته سليما من الناحية الدستورية والقانونية.
وعن أهم مواقف الكتلة، نوه إلى معارضتها للكثير من الرغبات كتربية اللحية والنقاب والفصل بين الجنسين باعتبارها غير عملية أو غير واقعية وتمس الحريات الشخصية للمواطنين وتنطلق من مبدأ صعب تحقيقه. كما ذكر أنه كان للكتلة مواقف دقيقة، منها: تقديمها مقترحا برغبة بصفة مستعجلة لوقف تسريح 800 عامل من بتلكو ونجحت في الدور الأول، وموقف تجاه قضية قانون الجمعيات وقانون مكافحة الارهاب الذي لا يمكن أن يمرر من دون التوافق بشأنه والواؤم مع مرئيات مؤسسات المجتمع المدني وبما ينسجم مع إرادة الشعب.
المقترحات والمداخلات
وقال: "إن الوحدة الوطنية لا تتحقق بالشعارات أو التمني، بل تتحقق من خلال تفعيل القانون وسن تشريعات ملزمة بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، لكن هذا النوع من التهم جاهزه ومعلب ويعبر عن ثقافة من يروج له وينم عن ضعفه وعدم قدرته على تقديم الحقائق. فنحن تقدمنا بمقترح قانون لتدريس التربية الدينية وفق المذاهب الخمسة، وهذا ما تنادي به الاتفاقات الدولية الداعمة لحرية الأديان، فالبعض وقف ضد المقترح لأسباب يدركها الجميع، والبعض الآخر يريد تجميل مظهره الخارجي أمام جهات معينة، ولكننا نقول للطرفين إن الشعب يقيم هذه المواقف ولن تمر مرور الكرام في الذاكرة الوطنية. كما أن بعض النواب أجروا اتصالات يبررون موقفهم الخجول أمام ناخبيهم وأخذوا يستجدون عدم كشف المزيد من الحقائق. كما كان للكتلة موقف في تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وخصوصا موضوع استجواب الوزراء داخل المجلس، وهذا بخلاف مواقف بعض الكتل المترددة والمهتزة لأسباب ومصالح فئوية وغير وطنية. وهذا الموقف جاء بناء على قناعتنا في الكتلة بأهمية حق المواطن في الاطلاع على ما يجري في الاستجواب لكي تكون الحقائق والوقائع كافة تحت بصيرة الشعب، وأي موقف خلاف ذلك يحتاج الى تفسير من أصحابه".
وأضاف "مقترحاتنا كلها وطنية تلامس تطلعات المواطنين، ونحن عملنا بما هو معمول به، فالدولة مثلا صدقت على اتفاق دولي لتجريم التمييز، وهي تشريعات ملزمة بها الدولة أمام الشرعية الدولية، فمن باب أولى أن تتماشى تشريعاتنا الوطنية مع الالتزامات الدولية فنحن عبرنا عن هذا الالتزام، وتم طرح قانون للتمييز الطائفي في التوظيف ليرفع من شأن الدولة ويعزز مكانتها، إذ الدستور قضى بصراحة على هذا الأمر حينما أكد أن المواطنين سواسية ولا تمييز بينهم".
ومن الطبيعي أن نعبر عن قناعاتنا داخل المجلس مثلما تعبر بقية الكتل عن قناعاتها، وهي قناعات أحيانا تتعارض مع قناعات الآخرين، فما نراه نحن يمثل مصالح الشعب قد تراه كتلة أخرى لا يمثلها والعكس صحيح. وبهذا المعنى نحن نؤمن بأنه إذا كان هناك طرح غير جيد أو غير نافع فهذه وجهة نظرنا وهذه هي الديمقراطية. كما أننا نشجع الآخرين على طرح رؤاهم ومرئياتهم. فالأصل في سن التشريعات مبدأ حيازة الغالبية، ونحن لم نتقدم بمقترحات تراعي فئة جماعة معينة بل مصالح الوطن، فنحن ممثلون للشعب بأسره. وقد تتعدد الرؤى لكننا نؤمن بالحوار ونتقبل النقد، وأحيانا نقف موقفا ثم نتراجع عنه والعكس صحيح، فعموما العمل السياسي لا يسير في اتجاه واحد مستقيم بل ضمن مجموعات بشرط أن تمرر المصالح بشكل لا يتعارض مع مصالح ورؤى الآخرين.
وبالنسبة إلى التقول بوجود نفس طائفي حتى في المداخلات، أوضح "في تصوري أن النائب يقدم رؤاه، نحن أحيانا نحل قضايا خارج المجلس بالحوار وعبر لقاءات بعيدا عن أروقة المجلس، وهذا دليل على أننا نعمل دائما على تغليب المصلحة العامة، وهناك قضايا حساسة كنا دائما نعالجها بعقلانية وفق روح الأسرة الواحدة والحوار المثمر، إذ إن هاجسنا هو تعزيز العمل الوطني والمضي في الإصلاح". وختم قائلا: "الشجر المثمر هو الذي يقذف بالحجارة".
من جانب آخر، يعتبر العمل النيابي عملا جماعيا داخل المجلس ويمكن أن يكون عملا فرديا للنائب بحسب رؤيته وتوجهاته. ونحن ديمقراطيون في عملنا في الكتلة ونتبنى الآراء والمواقف بغالبية الأصوات، إذا أتحدث عن كتلة أو مجموعة تمثل كيانا يجتمع ويبحث قضايا مطروحة على جدول أعماله ويناقشها ويتخذ فيها القرار الملائم. وبالتالي فإن الكتلة بوصفها عملا جماعيا داخل المجلس تعد متكاملة ومتناسقة بدليل نجاحها في دعم الكثير من الملفات. فالكتلة هي كيان فاعل ومؤثر وله قواعده الشعبية، فيما قد تكون هناك مواقف فردية للنواب، وهذا شأن للنواب ونحترمه. وفيما يقال سابقا من احتمال من تفكك الكتلة نتيجة التباين في فعالية أعضائها ذكر أن ذلك كلام غير دقيق، ولا أعتقد وجود مثل هذه المقولات ولو كانت موجودة لتحققت، إنما من الطبيعي أن نرى ضمن الكيان شخصا له رأي بارز أكثر من آخر، لكن ذلك لا يعني أن البقية غير فاعلة بل لها دور في الكتلة من خلال حضور اجتماعاتها وإثرائها بالآراء. وأضاف "أعضاء الكتلة يتفاوتون في طرح الأسئلة، ولكن لدينا أعضاء يطرحون في كل دور سؤالا ولو كانت هناك صلاحية لطرح أكثر لفعلوا".
المرحلة المقبلة
وعن تطلعات الكتلة تجاه المرحلة المقبلة، قال آل الشيخ: "لدينا الآن خبرة برلمانية، ونعمل على تعزيز الخبرات لخدمة القضايا الوطنية، ونعتقد أنه سيكون للكتلة حضور بارز في الاستحقاقات المقبلة، وهذا الأمر نوكله للمواطنين الذين سيراهنون دائما على الأصلح والشخصيات التي تستطيع تحمل أمانة وضمير ونضالات شعب البحرين". وأضاف في هذا الصدد أنه "مع الأسف فإن التشكيلة الحالية للمجلس محافظة، بمعنى أن هناك تحفظات كثيرة كون التجربة جديدة. وهاجسنا يتمثل في ألا تكون هناك مراهنات خاسرة، بل يجب أن تكون لصالح تحقيق مكتسبات جديدة ودائما يكون عملنا الحقيقي في المجلس ثني بعض الكتل عن اعتناق بعض المبادئ والتحرر من عقيدة التبعية والكف عن النظر إلى المصالح الفئوية. ونحن نستغرب من بعض الكتل أنها تتبنى مواقف في المجلس ثم تخالفها 180 درجة، إذ تبدو وكأنها تتبنى قناعات متعاكسة ومواقف مهزوزة، ولذلك يجب أن يبتعد المجلس عن التأثير والتأثر ويتبنى المواقف الداعمة لمصالح المواطنين"
العدد 1028 - الأربعاء 29 يونيو 2005م الموافق 22 جمادى الأولى 1426هـ