قال الرئيس الأفغاني، حامد قرضاي أمس (الجمعة) إن القس الأميركي «يجب ألا يفكر حتى» في إحراق المصاحف الذي يعتزم القيام به في ذكرى هجمات 11 سبتمبر/ أيلول ضد الولايات المتحدة، بينما حذر الرئيس الأندونيسي، سوسيلو بامبانغ يوديونو من أن ذلك يهدد السلم العالمي.
وفي بداية مضطربة لعيد الفطر الذي يحتفل به المسلمون في أنحاء العالم، هدد القس الأميركي تيري جونز أمس الأول (الخميس) بـ «الرجوع» عن قراره بعدم إحراق المصاحف، والمضي قدماً في تلك الخطوة التي كان يقرر القيام بها في ذكرى 11 سبتمبر 2001.
وقال الرئيس الأفغاني «سمعنا أن قساً في الولايات المتحدة قرر إهانة القرآن. وعلى رغم أننا سمعنا أنهم عدلوا عن ذلك، فإننا نقول لهم إنهم يجب أن لا يفكروا حتى في ذلك». وأضاف في رسالة بمناسبة العيد إن «حرق القرآن لن يضر به. القرآن في قلوب وعقول مليار ونصف مليار شخص. ولكن إهانة القرآن هي إهانة للشعوب». وكان قائد القوات الأميركية في أفغانستان، ديفيد بترايوس وبعثة الأمم المتحدة في أفغانستان وعدد من منظمات الإغاثة البارزة حذروا من أن إحراق القرآن يهدد حياة الأفغان والأجانب. وأعلن القس جونز أمس أنه علق خطته إحراق نسخ من القرآن وقد يلغيها إذا تم نقل المركز الثقافي الإسلامي المقرر بناؤه قرب موقع هجوم سبتمبر 2001.
والجمعة تظاهر آلاف الأفغان أمام معسكر صغير لحلف شمال الأطلسي رشقوه بالحجارة في بلدة نائية احتجاجاً على خطط إحراق القران. وقال نائب مدير شرطة ولاية بدخشان، سيد حسن جعفري إن المتظاهرين تجمعوا في فايز آباد عاصمة الولاية وقد «بلغ عددهم بضعة آلاف، إنه حشد كبير». والخميس تظاهر آلاف الأفغان في بلدة صغيرة شمال شرق كابول وهتفوا بشعارات معادية للولايات المتحدة وللمسيحية.
وجرت احتجاجات كذلك في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، والتي عانت من سنوات من عنف المتطرفين.
وحذر رئيس إندونيسيا في خطاب متلفز بمناسبة عيد الفطر أن خطط إحراق القرآن «تهدد الأمن والسلام في العالم. أنه عمل يمكن أن يسيء للوفاق بين الأديان». وقال «لقد علمت بإلغاء العمل المشين الذي كان تيري جونز يعتزم القيام به. إلا أن أحداً منا لن يهدأ إلا بعد إلغاء هذه الفكرة الخسيسة تماماً».
وأضاف «وعليه فإنني أحث مجدداً حكومة الولايات المتحدة وشعبها على منع تنفيذ مثل هذا العمل غير المفهوم وغير العقلاني واللا أخلاقي». وكان القس وهو رئيس كنيسة بروتستانتية متطرفة معادية للإسلام تدعى «دوف وورلد اوتريتش سنتر» في غينسفيل (فلوريدا) أوضح أنه تراجع عن إحراق المصاحف لقاء تعهد بنقل موقع مسجد نيويورك. وأكد أنه حصل على تأكيد من محمد المصري وهو إمام في اورلاندو يقوم بدور الوسيط، إن الإمام فيصل عبدالرؤوف الذي يقف وراء مشروع المسجد في مانهاتن مستعد للاتفاق وأنه سيلتقي جونز السبت في نيويورك للتباحث في المسألة.
وأثار تراجعه الأول ارتياح السلطات الأميركية التي تخشى من عواقب إحراق المصاحف خصوصاً بالنسبة إلى الجنود الأميركيين في أفغانستان. إلا أن المسئولين عن مشروع المسجد سارعوا إلى النفي ورفض أي «مساومة» مع القس.
وبعد أن علم بالنفي، قال القس جونز «إننا نعلق الأمور في الوقت الراهن لأننا فعلاً محبطون ومصدومون وإذا كان (موقف الإمام عبدالرؤوف) صحيحاً فيكون (المصري) قد كذب علينا بكل وضوح». وفي وقت لاحق قال جونز انه وكنيسته «يعتزمان عدم تنفيذ خطة» إحراق نسخ من القران.
في هذه الأثناء، حذر المرجع الديني السيد علي السيستاني أمس من احتمال حدوث «تداعيات خطيرة وعواقب غير محمودة» في حال أقدم جونز على إحراق نسخ من المصحف. ودعا في بيان «الجهات المعنية في الولايات المتحدة إلى منع وقوع هذا العمل الفظيع الذي لو وقع فستكون له عواقب غير محمودة وربما تداعيات خطيرة».
كذلك ندد إمام مكة المكرمة صالح بن حميد أمس بالدعوة التي وجهها جونز، معتبراً أنها «صورة من صور الإرهاب». وقال بن حميد الذي يترأس مجلس القضاء الأعلى في السعودية في خطبة عيد الفطر أن الدعوة إلى إحراق المصاحف هي «صورة من صور الإرهاب والتشجيع عليه وتهيئة أجوائه».
إلى ذلك وصف رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية جونز بأنه «أفاك معتوه»، مؤكداً أن حكومة «حماس» سترد عليه «بتخريج أربعين ألف حافظ للقرآن». وقال هنية في خطبة عيد الفطر في شمال قطاع غزة «نحمل رسالة إلى ذلك القس المعتوه اليوم حيث يخرج الناس ألوف مؤلفة ليقولو قرآننا دستورنا».
من جانبه انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أمس الأول مخطط إحراق المصاحف. وأفاد بيان لمكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء دعا إلى «عدم تنفيذ هذه الأعمال غير المسئولة»، مؤكداً أن «إحراق كتب دينية ليس أمراً جيداً وينسف التسامح الديني والسلام».
أعطى القس الأميركي تيري جونز، الذي هدد بإحراق مصاحف اليوم (السبت)، إمام مسجد نيويورك مهلة ساعتين لإعطائه جواباً بشأن طلبه نقل مكان بناء المسجد بعيداً من الموقع السابق لمركز التجارة العالمي.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقده أمام كنيسته، «لدينا تحد نعرضه على الإمام في نيويورك»، وذلك في الوقت الذي يسود فيه الغموض موقفه لجهة ما إذا كان يريد المضي قدماً في إحراق مصاحف السبت في الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول أم أنه تراجع عن هذه الخطوة.
وقال رفيق القس جونز الانجيلي، كي إيه بول خلال المؤتمر الصحافي «هناك التباس في الأمر لذا نريد توضيح هذا الالتباس. بالنسبة إلى الإمام فيصل التحدي واضح وضوح الشمس (...) هل هو موافق على لقاء القس تيري (جونز)؟».
قال الإمام الذي يقف وراء جهود لإنشاء مركز ثقافي إسلامي ومسجد قرب موقع مركز التجارة العالمي الجمعة إنه لا يوجد اجتماع مزمع بينه وبين راعي كنيسة في فلوريدا هدد بحرق المصحف.
وقال الإمام فيصل عبد الرؤوف في بيان أصدره المتحدث الإعلامي باسمه «إنني على استعداد لدراسة الاجتماع مع أي شخص ملتزم بجدية بالسعي نحو السلام. ليس لدينا مثل هذا الاجتماع في هذا الوقت. خططنا لإنشاء مركز للطائفة لم تتغير».
وأكد المتحدث الإعلامي أنه لا توجد خطط للاجتماع مع الراعي المغمور تيري جونز الذي يتزعم كنيسة مركز الحمائم للتواصل العالمي في جينسفيل بولاية فلوريدا.
اعتبرت ابنة القس الأميركي، تيري جونز الذي يخطط لحرق نسخ من القرآن أباها رجلاً «مجنوناً». وقالت إيما جونز ابنة القس في لقاء مع الموقع الإلكتروني لمجلة «دير شبيغل» «شبيغل أون لاين» إنها أرسلت إلى أبيها رسالة إلكترونية دعته فيها إلى التخلي عن شروعه في إحراق نسخ من القرآن . وأكدت إيما قائلة: «كتبت له «بابا ، دعك من هذا» إلا أنه لم يجب على رسالتي». وأعربت إيما عن شعورها «بالصدمة» لما أعلنه والدها من عزمه على إحراق نسخ من القرآن. وأضافت إيما «أتمنى حقيقة أن يعود إلى رشده فأنا لا أعلم ما يدور برأسه، وأعتقد أنه صار مجنوناً». وذكرت إيما أنها تعتقد في أن معدن أبيها طيب: «لكنه محتاج للمساعدة»
العدد 2927 - الجمعة 10 سبتمبر 2010م الموافق 01 شوال 1431هـ