العدد 2927 - الجمعة 10 سبتمبر 2010م الموافق 01 شوال 1431هـ

اللبنانيون يراهنون على فشل جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط

ارتفعت أسعار الشقق السكنية وسط العاصمة اللبنانية بيروت بشكل مخيف، حيث يضطر من يرغب في شراء شقة من ثلاث غرف إلى دفع مبلغ من المال يفوق سعر الشقة السكنية بنفس المساحة وسط العاصمة الألمانية برلين، على سبيل المثال.

غير أن ارتفاع أسعار العقارات في لبنان، التي اعتادت الحروب التقليدية والأهلية، لا يعني بأي حال ارتفاع التوقعات بقدوم السلام بين اللبنانيين، بل على العكس، ففي الوقت الذي يختلف فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن شكل التسوية العادلة بين اليهود والعرب، يعد اللبنانيون أنفسهم «وجدانياً» لمواجهة عسكرية جديدة.

وأدى تبادل إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية خلال شهر أغسطس/ آب الماضي وحدوث اشتباكات طائفية بالأسلحة قبل أيام في بيروت إلى بعث المخاوف من جديد. إن من يقوم الآن باستثمار أمواله في بيروت يتحسب لخفض قيمة رصيده المصرفي بالعملة اللبنانية إذا ما كانت الكلمة للسلاح، في القريب العاجل.

يقول أنطوان زهرة، وهو نائب بالبرلمان اللبناني عن الحزب اليميني المسيحي القومي (حزب القوات اللبنانية): «نحن في وضع متأزم، يتوقع غالبية الشعب فيه العودة للعنف، سواء من خلال حرب بين إسرائيل وإيران، سيجر إليها لبنان أيضاً، أو من خلال مواجهة بين السنة والشيعة، ستتورط فيها أيضاً الأطراف الأخرى. يبتسم زهرة وهو يشعل سيجارته ثم يستطرد: «حين يقاتل اللبنانيون بعضهم بعضاً، فإن الثمن الذي يدفعه الشعب اللبناني يكون أعلى من الثمن الذي يدفعه في مواجهة مع إسرائيل».

غير أن السيناريو الآخر يثير الخوف أيضاً لدى العديد من اللبنانيين كذلك: فلو قامت إسرائيل بتدمير المنشآت النووية الإيرانية فإن حزب الله سيطلق صواريخه على إسرائيل تضامناً مع إيران، ومن ثم يمكن توقع قيام إسرائيل بالرد على ذلك بقصف أهداف لها في لبنان.

ويضيف زهرة في هذا السياق: «صرح الإيرانيون أنفسهم، بأن حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان هما خطا الدفاع الأول بالنسبة لهم». وكان حزب زهرة الذي يقوده سمير جعجع في الأصل إحدى الميليشيات المسلحة، وتلقى أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) دعماً من إسرائيل. ونادى سمير جعجع، قائد القوات اللبنانية في أغسطس الماضي، بأن يصبح حزب الله اللبناني الذي يتلقى المال والسلاح والدعم من إيران، وسورية جزءاً من الجيش النظامي للبلاد... ولو كان الأمر بيد جعجع، لقام بجمع أسلحة حزب الله من قذائف الدبابات والبنادق الآلية التي استخدمها جنود حزب الله ضد خصومهم السياسيين في شوارع بيروت من قبل.

ويعتبر تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء، سعد الحريري أن هذه الفكرة طيبة، حيث يقول أحد أعضاء الحكومة اللبنانية عن التيار: «نخشى أن تتخذ إسرائيل وجود 40 ألف صاروخ لدى حزب الله ذريعة لشن هجوم جديد على لبنان». ويضيف: «أما لو كانت هذه الصواريخ جزءاً من إستراتيجية الدفاع الخاصة بالجيش اللبناني، فإن هذه الحجة ستسقط، كما أنه سيصبح في مقدورنا أن نضع هذه الصواريخ إلى جنوب نهر الليطاني».

يمثل نهر الليطاني حالياً خط الحدود بين المنطقة منزوعة السلاح جنوب لبنان وبين الحدود الإسرائيلية وهي المنطقة التي تشرف عليها قوات الأمم المتحدة للسلام المعروفة بـ «اليونيفيل». إلا أن حزب الله لا يفكر مطلقاً في وضع ترسانة الأسلحة التي يملكها في خدمة الدولة، وإنما يحتفظ بها فقط حسب التصور الخاص به «لمقاومة العدو الصهيوني».

لحزب الله في مجلس النواب اللبناني الذي يضم ثلاثين نائباً، اثنان فقط. غير أن القوة العسكرية التي يتمتع بها حزب الله تضمن له عملياً حق النقض في أي قضية تطرح للنقاش، ويحسن حزب الله استغلال هذا الحق بدأب كبير. ويقول الجنرال السابق ميشيل عون الذي يعد حليفاً لحزب الله: «يصعب أن تدمج حركة مقاومة في جيش نظامي، فهذا ليس حلاً بالنسبة لنا».

ينتمي عون للمسيحيين الموارنة، ويرى نفسه مدافعاً عن حقوق المسيحيين الشرقيين، ويضيف في ذلك قائلا: «يتعرض المسيحيون لضغط كبير، سواء في العراق أو إسرائيل أو فلسطين». ولا يتفهم كثير من اللبنانيين مسعى عون للتحالف مع حزب الله من أجل الدفاع عن حقوق المسيحيين.

ولا يكترث عون بمفاوضات السلام الحالية التي ترعاها الولايات المتحدة، بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ونتنياهو في واشنطن، أولاً لأن اللبنانيين لا يصدقون أن عباس بوسعه أن يحصل على عرض من نتنياهو يمكن أن يقبله غالبية الفلسطينيين، وثانياً لأنهم لا يتوقعون أن تسمح إسرائيل بعودة اللاجئين الفلسطينيين وأولادهم إلى أرض آبائهم وأجدادهم.

يعارض المسيحيون اللبنانيون بصفة خاصة منذ 50 عاماً وبكل ما أوتوا من قوة، منح هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن 400 ألف فلسطيني على الأرض اللبنانية حقوق المواطنة في لبنان، لأنه لو تم دمج هؤلاء الفلسطينيين الذين ينتمي غالبيتهم إلى المذهب السني، فإن التقسيمة الدينية التي يقوم عليها النظام السياسي في لبنان ستتحول لغير صالح المسيحيين

العدد 2927 - الجمعة 10 سبتمبر 2010م الموافق 01 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً