العدد 2944 - الإثنين 27 سبتمبر 2010م الموافق 18 شوال 1431هـ

دور تركيا كجسر بين الشرق والغرب يجب أن يبدأ من الجذور

سيغدوم أوستن - استاذ مساعد في دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة بجامعة غيدز في أزمير، والمقال ين 

27 سبتمبر 2010

أوجدت تركيا نفسها أثناء سنوات الحرب الباردة في موقف اقتصادي وسياسي يسمح لها بالوقوف إلى صف الغرب، رغم أنها بدأت فوراً بعد انتهاء الحرب الباردة بمباشرة علاقات مع الدول المجاورة، بما فيها دول الشرق الأوسط.

ولكن تركيا بذلت منذ تلك الأوقات جهوداً لإثبات أهليتها لأن تلعب دور الجسر السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي بين الثقافات المختلفة من الشرق والغرب، وكذلك الأنظمة السياسية والاجتماعية من خلال الانضمام إلى العديد من المنظمات الإقليمية، وفي الوقت نفسه ترسيخ إصلاحات محلية. وقد صوَّت الشعب التركي الأسبوع الماضي لصالح استفتاء سيعمل على تعديل دستور العام 1980 الذي وضع في عهد الانقلاب، وإعادة هيكلة النظام القضائي ودعم حقوق المرأة والطفل والمصابين بإعاقات من المواطنين. وتضم التغييرات كذلك إلغاء مادة في الدستور كانت تمنع قادة الانقلاب العسكري العام 1980 من مواجهة المحاكم أو العقوبات القانونية.

تبدو تركيا من خلال إرساء قواعد هذه الإصلاحات مستعدّة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو مركز سوف يساعدها بعد ذلك على كسب ثقة السكان في الدول ذات الغالبية المسلمة وثقتهم بالاتحاد الأوروبي، بينما تتحسن كذلك علاقاتهم مع دول الجوار في الشرق الأوسط. إلا أنه رغم جهود الحكومة المحلّية والإقليمية، لم يصبح الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي واقعاً بعد.

في الوقت الذي هيمنت فيه نظرية العالم السياسي الأميركي صامويل هنتنغتون حول صدام الحضارات على الجدل السياسي بعد العام 2001، قام رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان ورئيس الوزراء الإسباني خوزيه لويس رودريغز ثباتيرو بإنشاء منظمة تابعة للأمم المتحدة هي «حلف الحضارات»، والتي تهدف إلى جَسر الهوة بين الثقافات المختلفة وإنشاء شبكة من الشراكات لتيسير الحوار. ولدى تركيا دور حرج بشكل خاص تلعبه في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، واتحاد التعاون الاقتصادي للبحر الأسود ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

إلا أنه حتى تتسنى مساعدة تركيا على إدراك دورها كجسر ناجح بين الشرق والغرب، من الأساسي أن تعمل منظمات المجتمع المدني في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتركيا على تغيير وجهات النظر السلبية تجاه «الآخر»، وخاصة مع وجود مقاومة على المستوى العام وعلى الجانبين تجاه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وفي العام 2007، كشفت اليورو باروميتر، وهي سلسلة من الاستطلاعات التي أجرتها الهيئة الأوروبية أن 85 % من الأوروبيين يؤمنون أن الفروقات الثقافية بين تركيا وأوروبا أكثر أهمية من أن تسمح بانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. الرأي العام له أهميته إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا والنمسا قد أعلنوا أن انضمام تركيا سوف يخضع لتصويت مواطنيها.

خفّضت هذه التطورات من حماسة الأتراك للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفي العام 2009، أظهر اليورو باروميتر أن أقل من 50 % من السكان الأتراك ينظرون إلى انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي على أنه أمر إيجابي. بينما أظهرت دراسة أحدث أجرتها العام 2010 مؤسسة كومبانيا دي سان باولو الإيطالية وصندوق مارشال الألماني من الولايات المتحدة أن الدعم التركي العام للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي انخفض إلى 38 %.

تُظهِر هذه الاستطلاعات بوضوح أنه يوجد نقص في المعلومات في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول تركيا، وفي تركيا حول الاتحاد الأوروبي. لذا هناك حاجة للعمل على وجهات نظر المواطنين، الأمر الذي يمكن عمله بالدرجة الأولى من خلال جهود المجتمع المدني.

ساعد برنامج إيرازموس لتبادل الطلاب الذي أسّسه الاتحاد الأوروبي بين الجامعات التركية والأوروبية على إزالة الإجحافات، وبرامج التعاون عبر الحدود التي تستهدف منظمات المجتمع المدني على الحدود بين تركيا واليونان وبلغاريا التي تشجع الحفاظ على التراث الثقافي المشترك. وعلى المستوى البيئي، أوجدت المشاريع التي تجمع الجماعات البيئية اليونانية والتركية بيئة صديقة لسكان كلا البلدين للعمل جنباً إلى جنب نحو هدف مشترك بإيجاد تنمية مستدامة صديقة للبيئة في منطقة بحر إيجة.

من خلال هذه الطريقة يمكن تغيير وجهات نظر المواطنين الأوروبيين تجاه تركيا وبالتالي تجاه الإسلام، الأمر الذي يمهد الطريق أمام تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبالمقابل، سوف تزيد عضوية تركيا من مصداقية الاتحاد الأوروبي في دول العالم الإسلامي. وتملك هذه التطورات المترابطة القدرة الكامنة على زيادة الاستقرار الإقليمي والاستفادة من علاقات الجوار، وهو أمر سعت إليه كل من تركيا والاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة.

العدد 2944 - الإثنين 27 سبتمبر 2010م الموافق 18 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً