أكدت رئيسة اللجنة الاجتماعية بجمعية الصداقة للمكفوفين صباح العمران، أن الكثير من الدول العربية شرعت في سن قوانين الفحص الطبي قبل الزواج للتخفيف مما ينتج عن زواج الأقارب من إعاقات، إلا أنه وللأسف هناك مجتمعات كثيرة تنظر إلى المعوقين بصورة دونية سلبية أدت إلى حرمان كثير منهم حق الزواج.
ونبهت العمران إلى أن «المعوق إنسان قبل كل شيء، ومن حقه على مجتمعه أن يساعده في عيش كريم وتكوين أسرة والمساهمة في الحياة الاجتماعية»، مضيفة «من الملاحظ أن قوانين الأحوال المدنية في أغلب الدول العربية أعطت مواطنيها حق الزواج، بصرف النظر عما إذا كانوا معوقين أم لا، بشرط أن يكونوا عاقلين، وهو ما يستثنى في حدود دنيا».
وشددت العمران على أن «قضية المعوقين مجتمعية يجب مواجهتها بالتكامل وتكافل الجهود الحكومية والبرلمانية، كما أنها قضية حيوية تمثل هاجسا إنسانيا واقتصاديا واجتماعيا للعالم أجمع، وبالتالي فإن الحقوق بحاجة إلى جهود دؤوبة لرفع الوعي بكرامة الإنسان وطبيعة الإعاقة».
جاء ذلك في افتتاح ندوة «الحقوق المؤسسية والاجتماعية للمعوق» صباح أمس في مقر جمعية المهندسين بمنطقة الجفير، بتنظيم من اللجنة الاجتماعية في جمعية الصداقة للمكفوفين، وبرعاية وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي التي أنابت وكيلة الوزارة حنان كمال للافتتاح.
وفي هذا السياق، أشارت رئيسة اللجنة الاجتماعية إلى أن «تشغيل المعوق يعتبر من أهم العوامل التي تحقق له فرص الاندماج في المجتمع وتحقيق الاستقلال الاقتصادي المناسب، والنجاح في تحقيق هذا الهدف يتطلب التوجيه والإعداد والتدريب المهني الذي يتفق مع ما يعانيه المعوق من قصور، والذي يستغل بأكبر قدر ممكن القدرات والمهارات التي يمتلكها أو يكتسبها من ممارسة من جهة، ومن جهة أخرى إجراء التعديلات والتسهيلات التي تمكن المعوق من مزاولة العمل،وإزالة جميع الحواجز من طريقه».
ورأت أنه «من الممكن لكثيرين من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتحولوا لطاقات هائلة، ويصبحون قادرين على استكشاف آفاق ريادية وإبداعية كما هو الحال في مجتمعنا من نماذج رائدة استطاعت بعزيمتها وقدراتها أن تحول إعاقتها إلى مواطن قوة وإبداع».
إلى ذلك ألقى رئيس جمعية الصداقة للمكفوفين حسين حيدر الحليبي كلمة قال فيها: «تدركون أهمية العمل الاجتماعي والجمعيات العاملة في هذا المجال، وما تمثله من منعطف مهم في حياة المجتمع يتمثل في توطيد وسائل الألفة، وتنمية القدرات، واستنهاض الروح الجماعية المتسمة بالروح الواعية لبناء الشخصية القيادية الناجحة».
وأردف الحليبي «تدركون كذلك أهمية دمج المعوق في جميع المواقع للوصول إلى حقوق هذه الشريحة المكافحة، فلا مناص من التسليم بأن للمعوق حقوق مشروعة نصت عليها الشرائع السماوية وأكدتها الأعراف المجتمعية والاتفاقيات الدولية، ولا مناص أيضا من الجزم بأن قوة المطالبة بهذه الحقوق تكمن بجلاء في مدى وعي ذويها بها وقيامهم بما تحتمه عليهم من التزامات، وهو واجب عقائدي ووطني وإنساني، كما تكمن في وعي المجتمع بها ومساندتها لها وسعيه الجاد لتنفيذها».
وتابع «لا شك أن العمل المؤسسي المنظم يكسب منتسبيه الوعي بالكثير من المهارات، كالتخطيط والعمل الجماعي وحب الخير والإيثار والارتواء من معين الفكر والثقافة، ما يسهم في بناء الشخصية القيادية القادرة على الأخذ بزمام المبادرة للوصول إلى الأهداف بروح تطوعية وثابتة، وإرادة غلابة ومسئولية جماعية يتحلى بها المعوقون وأحباؤهم المتطوعون لتحقيق ما نصبو إليه من مكانة تليق بإخواني المعوقين، ليتجلى ذلك في كل مناحي الحياة، من الدمج الواعي بدءا بالأسرة، فحلبات العلم وسوق العمل ومواقع صنع القرار».
من جهته، ذكر المحاضر عمار التراجنة أن «الكثير من الدول على الصعيد العالمي أو الإقليمي، أخذت تهتم بإرساء قوانين خاصة بالمعوق وإعادة تأهيله، في حين نظمت الجميعات الكثير من المؤتمرات والتجمعات لإرساء هذه القوانين التي أصبحت نافذة في مواجهة الدول الأعضاء والتي كانت بداية انطلاقه في إعلان الأمم المتحدة لحقوق المعوقين عقليا في العام 1971، وإعلان حقوق المعوقين في العام 1975، وخصصت عاما دوليا للمعوقين في العام 1981».
ولفت التراجنة إلى أن «الدول العربية اتجهت إلى حماية حقوق المعوق، ومن بينها المملكة العربية السعودية التي أصدرت نظام رعاية المعوقين بموجب مرسوم ملكي، اختص بوضع الآليات لدمج المعوق في المجتمع من خلال السماح له بالاستفادة من جميع المجالات، سواء كانت صحية أو تعليمية أوتربوية أو تدريبية أو تأهيلية، وحدد المرسوم إنشاء مجلس أعلى لشئون المعوقين يرتبط برئيس مجلس الوزراء».
وواصل حديثه «أما البحرين فلم تكن بعيدة عن التطور العالمي لحقوق الإنسان من خلال تجاوب المشرع البحريني مع هذا التطور العالمي، حيث تم إصدار المرسوم بقانون رقم (3) لسنة 1996 بالموافقة على الانضمام إلى الاتفاقية العربية رقم (17) لسنة 1993 بشأن تأهيل وتشغيل المعوقين، والتي جاءت ثمرة للجهود المبذولة من خلال مواصلة المجتمع البحريني بالرقي ورفعة المعاقين وأصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة».
وأوضح أن «المشرع البحريني تطور ولم يقف عند هذا الحد، فوضع قانون رقم (74) لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل المعوقين، وكان هذا القانون نص على ضرورة إدماج المعوق في المجتمع وتوفير جميع مستلزماته، ومن خلال مطالعتنا لهذا القانون نجد أنه حرص على اعتبار المعوق أو المعوقة مستثناة من القوانين وأحكامها المطبقة على الشخص الطبيعي».
وأضاف التراجنة «يتضح لنا من خلال قراءة هذه النصوص والتشريعات التي صدرت في مملكة البحرين، إنها أولت اهتماما بالغا بأهمية دور المعوق في المجتمع وضرورة إدماجه وإعادة تأهيله من خلال تكريس المبادئ القانونية والواجبات المفروضة على الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، والعقوبات التي تفرض على المخالفين لهذا القانون أو القوانين الأخرى الخاصة بإعادة تأهيل وتشغيل المعوق».
في المقابل، تكلم المحاضر وليد حمود من الجمهورية اللبنانية عن «المقصود بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع المحلي، وذلك عندما تكون مشاركتهم متاحة في جميع المجالات المتوافرة في المجتمع المحلي، كالمجالات الثقافية والتربوية والأدبية والفنية والترفيهية والرياضية، وذلك بحسب الحد الأقصى لحاجاتهم وقدراتهم، وفي هذا المجال الاجتماعي نعطي أهمية مميزة لتحقيق حاجات الطفل والمراهق، لأن بناء شخصيته يتأثر إيجابا أو سلبا بنظرة الطفل إلى نفسه والتي تكون سلبية أو إيجابية، بناء على نظرة المجتمع إليه ومدى تفاعله معه».
وأفاد حمود بأن «الاندماج الاجتماعي لا يتحقق بمجرد تطبيق تقنيات المشاركة وتأمين التجهيزات والخدمات، بل يتعداها إلى مدى تحقيق علاقة وجدانية وعاطفية مبنية على القيم الإنسانية والاجتماعية والحقوقية بين ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم، فالطفل غير المندمج في بيئته الاجتماعية يتطلب تدخلا لتكييف هذه البيئة ومجالاتها ومرافقها عموما، ولإحداث تغيير في نظرة المجتمع السلبية ومواقف أفراده خصوصا، لتصبح البيئة الاجتماعية أكثر تحقيقا لاندماج جميع الأطفال وأكثر تعزيزا لانتماء كل طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مجتمعه، والتي من دونها لا نرى إمكانية تحقيق التنمية الاجتماعية لمجتمعنا».
وأكد المحاضر أن «الدمج الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية، يوفر التطبيع والمشاركة الوظيفية التامة، ويعني مفهوم التطبيع أن حياة الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وظروفهم الحياتية تعكس المعايير والأنماط الثقافية للمجتمع عموما، ومن حقهم أن توفر لهم الفرص ليشاركوا في الحياة مشاركة وظيفية تامة، وهذا يعني أن يشاركوا في برامج تسهل اكتساب المهارات التي من شأنها تحسين أدائهم الوظيفي في البيئة العامة، وحين توظف برامج التفاعل المناسبة في المدرسة، يستطيع الطلاب جميعا تعلم التفاعل والتواصل، وتكوين الصداقات والعمل معا ومساعدة بعضهم بعضا، وهذا يساعدهم على تنمية الفهم، والاحترام والحساسية وتقبل الفروق الفردية بين الأفراد»
العدد 2417 - السبت 18 أبريل 2009م الموافق 22 ربيع الثاني 1430هـ