سجل العراق رقماً قياسياً جديداً بكسره الرقم القياسي العالمي المسجل في الوقت المطلوب لتشكيل حكومة، فقد كان الرقم مسجلاً في العام 1977 باسم الأحزاب الهولندية، التي قضت 208 أيام لتشكيل حكومة جديدة.
فبعد ترشيح التحالف الوطني العراقي رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي لتشكيل الحكومة الجديدة، لا تبدو المفاوضات التي سيجريها التحالف لإقناع الكتل السياسية الأخرى بالدخول في الحكومة، أمراً سهلاً.
و يحتاج التحالف الوطني إلى جهود كبيرة لإقناع المعارضين من الكتل الأخرى حيث ينتظر الاتفاق على سلة واحدة لجميع المناصب السيادية (البرلمان والجمهورية والوزراء) قبل دعوة البرلمان للانعقاد لحسم عملية تشكيل الحكومة العراقية، إذ ستكون رئاسة الجمهورية للأكراد والبرلمان للعرب السنة. وبعد مفاوضات صعبة، اختير المالكي مرشحاً لتشكيل الحكومة العراقية لولاية ثانية تستمر أربع سنوات، بعد أن غاب عن جلسة الترشيح ممثلون عن الائتلاف الوطني العراقي، بزعامة عمار الحكيم وحزب الفضيلة الإسلامي.
يضم التحالف الوطني الذي تشكل في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات العراقية أواخر مارس الماضي، ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (89 مقعداً) والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم (70 مقعداً). كانت قائمة ائتلاف دولة القانون حلت ثانية خلف قائمة «العراقية» بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، التي حصدت الغالبية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس الماضي بـ (91 مقعداً) من إجمالي عدد مقاعد البرلمان البالغة 325 مقعداً.
وقد تعهد المالكي فور إعلان فوزه بالالتزام « بثوابت التحالف الوطني التي تتكامل مع الثوابت الوطنية للكتل السياسية في إطار برنامج حكومي شامل»، وأيضاً بـ « تجاوز التحديات والصعوبات والمشاكل واستكمال بناء دولة المؤسسات في عراق حر ديمقراطي تعددي اتحادي يحتكم إلى القانون والدستور وإجراء مراجعة نقدية للمرحلة السابقة وتقويم ماهو سلبي وتطوير ماهو إيجابي لخدمة الصالح العام». ودعا المالكي «الكتل الفائزة بالانتخابات البرلمانية إلى حوارات جادة ومسئولة وتجاوز الخلافات الجانبية والابتعاد عن المساجلات السياسية للإسراع بتشكيل حكومة شراكة وطنية تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي والوقوف صفاً واحداً لحماية العملية السياسية وتثبيت الأمن ولاستقرار وتحقيق المصالحة الوطنية».
ونجح فريق التفاوض في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي خلال المفاوضات الطويلة والشاقة من استمالة التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، إلى جانبه الذي يمتلك 40 مقعداً من أصل إجمالي مقاعد الائتلاف الوطني العراقي التي تبلغ 70 مقعداً، رغم المواقف المتشددة التي أبداها التيار خلال الأشهر الماضية لرفض ترشيح المالكي لولاية ثانية وبالتالي أصبح الطريق ممهداً لفوز المالكي على حساب منافسه عادل عبد المهدي الذي تلاشت حظوظه بشكل كبير بعد أن ابتعد التيار الصدري عن ترشيحه لرئاسة الحكومة، الأمر الذي أجبر المجلس الأعلى الإسلامي في العراقي على التغيب عن الاجتماعات والاقتصار على إرسال ممثل واحد هو زعيم منظمة بدر إحدى فصائل المجلس الأعلى الإسلامي، النائب هادي العامري لحضور اجتماعات التحالف. سيكون موقف التفاوض داخل التحالف الوطني مع الكتل الأخرى للأيام المقبلة أكثر قوة لأنه لأول مرة، سيتفاوض مع الكتل الأخرى باسم التحالف الوطني وليس كما جرى في الأشهر الماضية، حيث كانت الكتل الممثلة فيه تجري مفاوضات وحوارات بشكل منفرد وتمثل رأي كل مكون وليس باسم التحالف الوطني ككتلة كبيرة، فضلاً عن أن دائرة الحوار ستتركز على جوانب معينة مثل التشكيلة الوزارية والصلاحيات وجوانب أخرى تتضمن ضوابط تشكيل حكومة الشراكة الوطنية.
ولا تبدو أجواء الرفض التي أطلقتها قائمة «العراقية» بزعامة إياد علاوي لإعادة ترشيح المالكي ولا حال الوسطية التي اتخذها المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بشأن هذا الترشيح ستشكل عائقاً أمام الإسراع بتشكيل الحكومة المقبلة لأن الضغط الدولي والإقليمي يرفض عدم مشاركة العراقية في الحكم وتغييب شريحة واسعة من المجتمع العراقي في الحكومة المقبلة، وبالتالي فإنها سترضخ للمشاركة، فضلاً عن أن العراقية تضم مكونات مهمة تمثل أهل السنة وبالتالي ليس من السهل تكرار أخطاء الماضي ولابد من المشاركة في الحكومة المقبلة.
وقال عضو التحالف الوطني، النائب عدنان السراج «نحن في التحالف الوطني نعتبر العراقية مكوناً مهماً وجزءاً من العملية السياسية وإن إشراكها في العملية السياسية بمجملها هو نجاح للخطوات السياسية في البلاد من دون إقصاء أو تهميش». وأضاف السراج «الحكومة المقبلة ستضم الجميع ولن تهمش أية شريحة في التمثيل في الحكومة المقبلة».
من حانبه، قال عضو قائمة العراقية، النائب مشعان السعدي إن «العراقية أثبتت حتى الآن أنها قائمة متماسكة طوال الأشهر الماضية وموحدة تضم الأطياف العراقية، وإن ما جرى في التحالف الوطني بشأن ترشيح نوري المالكي لرئاسة الحكومة هو شأن داخلي لاعلاقة لنا به وأن العراقية فازت بالانتخابات البرلمانية ولديها مرشح واحد هو إياد علاوي وما زالت متمسكة بهذا المطلب».
أما المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم الذي لايزال متمسكاً بالتحالف الوطني، فقد رهن مشاركته في الحكومة الجديدة بموافقة جميع الشركاء السياسيين، وهذا أمر سيتحقق وإن أخذ وقتاً إضافياً من المفاوضات بين التحالف الوطني والتيارات الأخرى للإسراع بتشكيل الحكومة، فيما لم يبد التحالف الكردستاني أي اعتراض على ترشح المالكي وكذلك جبهة التوافق العراقي السنية والكتل الأخرى الصغيرة. من جهته أعلن عضو الائتلاف الوطني العراقي، النائب جمعة العطواني أن «المجلس الأعلى ليس لديه أية تحفظات على المالكي... فإذا استطاع تشكيل حكومة شراكة، فنحن معه وسنشارك فيها». وأضاف العطواني في تصريح لصحيفة «الصباح» يوم السبت «إن عدم حضورنا لجلسة ترشيح المالكي لايعني رفضنا المطلق أو القبول المطلق بل مشروط بموافقة الشركاء السياسيين». وأوضح «نحن نطالب بأن تكون هناك حكومة شراكة وفق تطبيق صحيح ومشاركة في القرارات الاستراتيجية وممارسة وتطبيق في حكومة الشراكة الوطنية». وأوضح «نبارك أية خطوة تقوم بها الكتل السياسية من شأنها أن تخرج العراق من المأزق السياسي وتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية».
العدد 2950 - الأحد 03 أكتوبر 2010م الموافق 24 شوال 1431هـ
عبد علي عباس البصري
بدى المشهد العراقي اليوم مختلفا تماما عن سابقته ، وذلك لضعف العنصريه الطائفيه والمذهبيه ، فأصدقاء الامس اعداءاليوم . والعكس صحيح . تحالفات مختلطه سنيه وشيعيه ، في البيت الشيعي وفي البيت السني . لقائات سنيه شيعيه في مقابل اخرى سنيه وشيعيه . المهم اليوم هي السياسه وليس المذهب كما كان الامس . لقائات بيت التيار الصدري والقائمه العراقيه لو كتب لها النجاح لشكلت على اثرها الحكومه برآسه علاوي . وفي السنين التاليه تكون العراق وطنا اسلاميا موحد انشاء الله.
عبدعلي عباس البصري
التجاذبات والتنافرات والبنيه التحتيه العراقيه والجيش العراقي و الامن العراقي ولم اللحمه العراقيه. كل هذه الملفات الصعبه تنتظر الحكومه العراقيه الجديده . واكثر من هذا ظهور فريق المعارضه في البيت الشيعي يعني الطريق امام الحكومه القادمه صعوبات ربما تأخر البنيه التحتيه العراقيه. وستبقى العراق بلاد ا لتنافرات والاهتزازات الضعف اذا استمر الامر على هذا المنوال .
عبد علي عباس البصري
تختلف الحكومه الآتيه عن مثيلاتها في السنين الماضيه بأنها اصبحت نضوج سياسي اكبر من ذي قبل ، الطائفيه تبددت نوعاما ، والتحالفات والقائات الثنائيه والحزبيه ، لم تحتكر على الطائفيه ، والحزبيه ، وأن اخفقت في خذه القاءات ، مثلا بين علاوي ومقتدى الصدر ، وبين المالكي والصدريين وشتى التحالفات الاخرى ، التقاطعات والتوازي في المسير ،ليس فيه خلاف مذهبي بأكبر مما كان فيه خلاف سياسي داخلي وخارجي . وهذه تعتبر خطوه في التآلف والتكاتف الوطني العراقي . فالاصدقاء بالامس اعداء اليوم والعكس صحيح .