العدد 1077 - الأربعاء 17 أغسطس 2005م الموافق 12 رجب 1426هـ

المغرب يدرس "مشروع أصيلة كبير" مع الإمارات

بعد إشادته بملتقى البحرين... بن عيسى لـ "الوسط":

أعلن وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى - في حوار أجرته معه "الوسط" على هامش فعاليات موسم أصيلة الثقافي في دورته الـ 27 - أن بلاده تدرس مع الإمارات إنشاء مشروع كبير لـ "أصيلة" سواء في المغرب أو في الإمارات، وذلك في إطار امتدادات الموسم الخارجية.

إلى ذلك، أشار بن عيسى إلى أن "أصيلة" ومنذ إنشائه أرسى دعائم التعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية العربية والدولية، مشيدا في ذلك بملتقى البحرين - أصيلة الذي دعا اليه عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة العام الماضي. وأوضح أن جمعية الإسكافي البحرينية، التي يمثلها في هذا الموسم السيدضياء الموسوي، بدأت تكرار بعض النشاطات التي شملها الملتقى الأول وخصوصا رسم الجداريات.

ومن جهة أخرى، ألمح الوزير إلى أن الأفارقة العرب يشعرون برغبة في تفعيل التعاون العربي الإفريقي عن طريق القمة الافرو- عربية التي عقدت مرة واحدة في العام ،1977 إلا أنه أشار إلى أن هناك عراقيل تحول دون ذلك، ومن أبرزها "الجمهورية الصحراوية" العضو في الاتحاد الإفريقي.

#وزير الخارجية المغربي في لقاء مع "الوسط":

التفجيرات شوهت صورة الإسلام والمسلمين في العالم#

أصيلة - المصطفى العسري

في لقاء مطول وجامع تناول الهموم السياسية والثقافية والدينية والتنموية، تطرق وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى - في لقاء خص به "الوسط" على هامش فعاليات موسم أصيلة الثقافي في دورته 27 - إلى عدد من الموضوعات من قبيل مستقبل القارة الإفريقية وتأثير وجود كيان "الجمهورية الصحراوية" ضمن الاتحاد الإفريقي في عقد قمة عربية إفريقية، بالإضافة إلى موضوعات تخص موسم أصيلة الثقافية وامتداداته في العالم العربي وخصوصا ملتقى أصيلة البحرين والموضوعات المقترحة خلال المقبل من السنوات وتعاون مؤسسته مع عدد من بلدان دول الخليج العربية.

وفيما يأتي نص اللقاء وهو الثاني من نوعه بعد ذلك الذي أجريناه صيف السنة الماضية.

ما الذي تحقق لأصيلة بعد اختتام الدورة الـ 27 من موسمها الثقافي؟

- في الحقيقة، أصيلة تتجدد كل عام، من خلال أولا الهياكل الارتكازية، هناك توسع عمراني، هناك كذلك إقبال على أصيلة من قبل الوافدين عليها وعلى موسمها الثقافي، وخصوصا نوعية الوافدين التي تتغير عاما بعد آخر، بالإضافة إلى ذلك هناك حركة اقتصادية كبيرة يستفيد منها سكان المدينة، فسكان أصيلة عادة لا يتجاوز 35 ألف نسمة من المقيمين، إلا أنه في الصيف يرتفع عدد المقيمين إلى 150 ألف نسمة، ناهيك عن الارتفاع الذي باتت تشهده المدينة بعد افتتاح الطريق السيار "الاوستراد" بين طنجة والرباط إذ بات عدد كبير من الزوار يحج إلى المدينة خلال فترة النهار ليغادرها ليلا.

هناك الآن مشروعات في طور الإنجاز، فهناك طلبات لإقامة فنادق في المدينة، وهناك مشروع "مارينا" الذي ستتولاه مؤسسة عقارية عربية، ويبنى الآن في أصيلة 600 شقة سكنية بتمويل صندوق أبو ظبي للتنمية، و400 شقة بتمويل من هبة لسمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بالإضافة إلى عدد من المشروعات الأخرى، والمقبل سيكون واعدا.

أثار انتباهي أثناء تجوالي في معرض مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية مجسم المعرض المفتوح للفن المعاصر، في أي وقت سيرى النور؟

- هذا مشروع يضاف إلى قائمة المشروعات الثقافية التي رأت النور قبل سنوات، بداية بمركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية الذي موله سلطان عمان جلالة السلطان قابوس بن سعيد، وكذلك مكتبة الأمير بندر بن سلطان التي مولها سمو الأمير بندر بن سلطان "سفير السعودية السابق لدى واشنطن"، وكذلك قصر الثقافة التاريخي الذي تم ترميمه وتوسيعه بفضل أريحية الأمير بندر بن سلطان، الآن نسعى لكي نجد التمويل لإقامة متحف يضم عشرات الأعمال التي أنتجها فنانون من مختلف أنحاء العالم في أصيلة في مشاغل الحفر وصوغ الجبصية والنحت وغيرها من أشكال الفنون التشكيلية، أملنا إن شاء الله أن نضع حجر الأساس لهذا المتحف خلال العام .2006

ألا يدخل هذا المتحف ضمن الدعوة التي وجهتموها خلال ندوة الإسلام في منظور الآخرين، بإقامة متاحف باعتبار أن محتضنات الفنون تقدم الوجه المثالي إلى الأمم والدول أكثر مما تمثله السياسة؟

- ليس بهذه الحدة، أعتقد أن للسياسة مستحقاتها وتأثيرها في إبراز الدول والشعوب، والثقافة والفن لهما دورهما، وأعتقد أنهما يتكاملان، ولكن ما قلته في الندوة التي كان موضوعها الموسيقى في عالم الإسلام، هو أنه يجب أن نعنى بأرشيف الموسيقى في عالم الإسلام، وبالبحث في هذا الميدان، واقترحت أن تقيم أصيلة معهدا أو مركزا لتوثيق كل ما يهم الموسيقى في العالم الإسلامي، وقد قبل هذا الاقتراح ، ونأمل إن شاء الله أن نضع له التصور الثابت في المؤتمر المزمع تنظيمه صيف العام 2007 الذي سيكون المؤتمر الأول الذي يعنى بالموسيقى في عالم الإسلام، قبل ذلك عقد مؤتمر دولي في القاهرة العام 1932 وقد خصص هذا المؤتمر لموضوع الموسيقى في العالم العربي وليس في العالم الإسلامي كما هو مقرر في ندوة العام .2007

من الندوات التي لاقت اهتمام المتتبعين ندوة مستقبل إفريقيا، هل تعتقدون أن الوقت ملائم لمثل هذه الندوة؟

- بكل تأكيد، الوضع في إفريقيا والتحديات التي تعرفها القارة الإفريقية في كل الميادين والمعاناة التي تعاني منها الشعوب الإفريقية، خصوصا شعوب إفريقيا جنوب الصحراء، كلها فتحت أعين العالم وليس فقط العالم العربي والإسلامي على خطورة هذه الأوضاع وعلى تداعياتها أمنيا واقتصاديا وحضاريا على العالم، وتتذكرون أن قمة الثماني المصنعة في اسكتلندا خصصت حيزا كبيرا من جدول أعمالها لموضوع المديونية في إفريقيا وقررت إعفاء عدد من الدول من هذه المديونية.

نحن في الندوة التي نظمت هنا وحضرها عدد مهم من وزراء الخارجية الأفارقة، وكذا بعض الوزراء الأوربيين والآسيويين وطبعا من العالم العربي ركزنا على الاهتمام بمستقبل إفريقيا، اهتممنا بالغد الذي ينتظر إفريقيا، وأية إفريقيا تنتظر هذا الغد. فكانت هناك حقيقة جيدة وبناءة ونعمل حاليا على تبليغ مضمون هذه الندوة من خلال البيان الختامي الذي صدر عنها لمختلف المؤسسات سواء الإقليمية منها أو الدولية. وأعتقد أن هناك شعورا قويا خصوصا لدى العرب بأن أمنهم الاقتصادي والأمني والثقافي الحضاري ينطلق من إفريقيا.

ألا تعتقدون معي معالي الوزير أنه في الوقت الذي نتحدث فيه عن مستقبل القارة الإفريقية نجد أن هناك بعض المظاهر التي تعود إلى حقبة الستينات والسبعينات كالانقلابات العسكرية التي كان آخرها في موريتانيا، تعود بنا إلى الوراء؟

- بعيدا عن هذه الحوادث المعزولة نحن نتحدث عن القضايا المزمنة في إفريقيا، وليست الحوادث العابرة، فالشعوب في حركية مستمرة، والأنظمة السياسية هي الأخرى في حركة مستمرة ليس في إفريقيا لوحدها بل في مختلف أنحاء العالم.

الآن مرض الإيدز أصبح مرضا مزمنا يعاني منه ملايين الناس في إفريقيا، كذلك الفقر والمواصلات والفتن والحروب التي أصبحت في بعض المناطق حروبا مزمنة في وسط إفريقيا والبحيرات الكبرى والكونغو، بالإضافة إلى ما يحدث الآن في الكوت ديفوار، قضايا مزمنة من قبيل قضية الصحراء المغربية التي تتسبب في عرقلة تفعيل اتحاد المغرب العربي والكل يشهد بذلك، ناهيك، بالمناسبة، عن الوضع في السودان وهو وضع خطير إذ الوحدة والسيادة للسودان الشقيق مهددة، هذه الأوضاع جزء كبير منها مفتعل بفعل الاحتكارات وروح الهيمنة وتطاول البعض على حرية الآخر وسيادة الآخر على أراضيه، وما لم نتخلص من هذه القضايا فإننا سنبقى لا قدر الله على طريق الغياب الكامل عن التطور الذي يعرفه العالم، والقفزة الحضارية التكنولوجية والاقتصادية التي يعرفها العالم في كل مكان. لذلك، فنحن نعتقد بأنه من الضروري على الدول العربية أن تساهم بشكل كبير في دعم مشروعات التنمية في إفريقيا، إذ ان المملكة المغربية وبتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس وبتفعيل شخصي منه في الزيارات المتوالية التي يقوم بها عادة إلى عدد من الدول الإفريقية تعمل جاهدة على أن تشارك أشقاءها في القارة في عدد من المشروعات سواء المرتبطة بتدبير المياه أو الصحة أو التعليم والزراعة والمواصلات، وكذلك دول عربية أخرى، إذ ان مجلس التعاون الخليجي يبذل مجهودا كبيرا في مساعدة الدول الإفريقية.

أنا أعتقد أنه آن الأوان لكي تكون لنا خطة استراتيجية واسعة متكاملة تصبح مسارا لتفعيل شراكة حقيقية بين القارة الإفريقية وبين المجموعة العربية وخصوصا في المشرق، باعتبار أن الغالبية من الساكنة العرب يعيشون في إفريقيا.

هذا يدفعنا معالي الوزير إلى التحدث عن القمة الأفرو -عربية التي عقدت مرة واحدة العام 1977 ولم تتكرر منذ ذلك الوقت؟

- هناك رغبة ملحة لدى الأفارقة العرب لتفعيل هذا التعاون، إلا أن هناك عراقيل تحول دون ذلك، وأبرز هذه العراقيل هي الكيان المصطنع "الجمهورية الصحراوية المعلنة من جانب واحد" العضو في الاتحاد الإفريقي، المغرب وباقي الدول العربية الأخرى - باستثناء الجزائر - لا يمكنهم على الإطلاق أن تقبل بالجلوس مع ما يسمي نفسه دولة من دون سيادة من دون اعتراف دولي كدولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة، لأن كل الدول التي تدخل المنظمات الإقليمية يشترط قبل ذلك قبولها في عضوية الأمم المتحدة، وضع هذا الكيان الوهمي الذي يسمي نفسه جمهورية صحراوية داخل الاتحاد الإفريقي هو وضع شاذ، والمملكة المغربية احتراما للشرعية واحتراما أيضا للاتحاد الإفريقي والأفارقة لا ترغب في أن تكرس لسابقة خطيرة عبر إحداث كيان وهمي يصبح كامل العضوية والسيادة في منظمة تضم دولا هي أعضاء في الأمم المتحدة ذات سيادة حقيقية.

على أي حال الاتحاد الأوروبي كان سباقا إلى رفض حضور ما يسمى بالجمهورية الصحراوية خلال القمة الأورو - إفريقية التي عقدت في القاهرة؟

- تماما، رفض الأوروبيون أن يجلسوا مع أي كيان ليس عضوا في الأمم المتحدة، وقد حضرها جلالة الملك إلى جانب القادة الأوروبيين والقادة الأفارقة.

مركز الأبحاث الافريقية الذي دعوتم إلى إنشائه أكثر مرة، إلى أين وصل هذا المشروع؟

- حقيقة هذا الأمر يتعلق حاليا بالموارد المالية، نحن نسعى لكي تتوافر لنا الموارد لإقامة هذا المركز، فالبنية التحتية موجودة، ولكن المركز يحتاج إلى أطر، وإلى مسيرين، وإلى خدمات، وهذا يحتاج إلى مال. أرجو أن هذا الوعي الذي أصبح الآن لدى جميع القيادات ولدى جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين وكذلك الفاعلين في قطاع الثقافة حول إفريقيا ربما سيقدمون مساعداتهم للحصول على الموارد الضرورية لإقامة هذا المركز قريبا إن شاء الله في أصيلة.

فيما يخص الندوة الثانية "منظور المسلمين للإسلام، ومنظور الآخرين له" البعض اعتبرها رد فعل أتى بعد التفجيرات التي ضربت لندن، ما ردكم على هذا التعليق؟

- نحن في مدينة أصيلة عقدنا عدة ندوات في الماضي، ففي 20 سنة الأخيرة نظمنا الكثير من الندوات عن إفريقيا وعن الإسلام.

عن إفريقيا في مطلع الثمانينات وتحديدا العام 1982 تأسس المنتدى العربي الإفريقي برئاسة الرئيس السنغالي الراحل الشاعر ليبولد سيدار سانغور وصاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي.

فيما يتعلق بالإسلام، نظمنا عدة ندوات تتعلق بقضايا الإسلام والمسلمين، لذلك، فهذه الندوة لم تأت رد فعل على حوادث 11 من سبتمبر / أيلول ولا حوادث 7 يوليو / تموز ولا تفجيرات مدريد والدار البيضاء أو شرم الشيخ، لكن الواقع أيضا يجعلنا نعترف بأن وضع الإسلام أو مفهوم الإسلام لدى الآخر وصورة المسلمين لدى الآخر قد شوهت وأصبحت لا تعكس حقيقة لا الإسلام ولا المسلمين، لذلك كان لا بد أن نطرح مثل هذه الموضوعات، لأنها تنير الطريق لدى الأجيال الصاعدة عبر تدارس ما قام به غيرنا ولم يكن لا في صالح الإسلام ولا المسلمين بما فيها الإرهاب، وكان الحديث طويلا خلال هذه الندوة عن العنف والعمليات الإرهابية التي تقام تحت ذريعة الدفاع عن الإسلام أو المسلمين أو القضايا الإسلامية، وشهد الجميع بما في ذلك الجمهور أن حصيلة كل هذه الأعمال تصب في سياق العمل الذي يقوم به الخصوم ضد المسلمين والإسلام، يعني تنفد حقيقة كل ما يريد خصوم الإسلام ضد الإسلام والمسلمين.

تزامنت هذه الندوات والدعوات التي صدرت خلالها مع دعوة رئيس وزراء اسبانيا خوسي لويس رودريغيز ثباتيرو إلى حوار للحضارات والديانات بين الشمال الجنوب، هل في إمكان هذه التحركات أن تنعش الآمال في عالم يجتاحه السلام؟

- كل تلاقي وكل حوار بين النخبة المفكرة "السياسية والفكرية والفنية والاقتصادية" دائما تكون نتائجه مجدية، وبالتالي سواء أسميناه حوار حضارات أو حوار الثقافات أو حوار الشمال مع الجنوب، فهذه الأمور بالمناسبة ليست جديدة، فموضة الحوارات بدأت في السبعينات، الحوار الأوروبي، حوار الشمال مع الجنوب، أخيرا حوار دول أميركا اللاتينية مع الدول العربية، وهو أمر حقيقة مستحب، إنما اعتقد أن الأوضاع الدولية الآن باعتراف الجميع تعرف هوة كبيرة في الحجم المعرفي لدى الطرف الواحد عن الآخر، فالصورة الهشة التي لا تعكس حقيقة مميزات الحضارة التي ينتمي إليها الإنسان، والبيئة الإنسانية التي ينتمي إليها المجتمع، ولا تساعد في إقامة الاستقرار والأمن والسلام والدفع بعجلة الشراكة والتعاون بين الشعوب والدول، فالحملة القائمة الآن في بعض الدول الغربية هي دول أقلية كالولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، وأقول أقلية لأنه لا يمكننا تعميم ذلك على باقي الشعوب، على رغم ذلك فتداعيات ذلك هي خطيرة، خطيرة على مستقبلنا وخطيرة على أمننا، وخطيرة أيضا على 60 مليون مسلم يقيمون في الغرب "أوروبا والأميركيتين" وبالتالي لابد لنا أن نتحرك، نحن الآن نتحرك بمستوى الامكانات التي في متناولنا، وهي أن نتحاور مع الآخر، ونحاول أن نقنع الآخر بحقيقتنا نحن، والآخر أيضا يجب أن نصنع له المنظار الذي من خلاله يشاهدنا ويرانا، وأن نعرف من ماذا يعاني منا إذا كانت هناك معاناة، واعتقد أنه في ضوء ذلك أي عبر الإعلام والتواصل وانتقالاتنا المتعددة، ربما سنصل إلى مصوغة تسوقنا إلى تحسين صورتنا وأيضا استيعاب خطورة ما يجري علينا وعليهم، فالخطورة ليست على العالم العربي وحده أو العالم الإسلامي وحده، هي خطورة على الآخر متمثلا في الغرب والشرق الذي لا يجب أن ننساه، فشمس الغد ستشرق من آسيا، من الصين والهند واليابان ومن كوريا والنمور.

في ختام موسم أصيلة للسنة الماضية قررتم تخصيص الموسم الجاري لإفريقيا، في ختام ندوة الإسلام بمنظور الآخرين لمحت من كلامكم الدعوة إلى لقاء يجمع رؤساء التحرير في كبريات وسائل الإعلام الغربية ونظرائهم العرب، هل فعلا ستخصص دورة أصيلة 2006 لهذا الموضوع؟

- أنا قلت ذلك لأننا ننسى أحيانا البعد الإعلامي في معادلة التواصل، واعتقد أنه آن الآوان لكي تكون هناك لقاءات دورية وليس لقاء واحدا بين رؤساء التحرير في كبريات وسائل الإعلام في الغرب وفي الشرق وخصوصا في المشرق العربي وباقي الدول الإسلامية، هؤلاء الذين يهتمون بمفهوم الخبر ولكن طريقة عرضه تختلف وفق رؤى وأحيانا وفق مصالح، وأحيانا وفق توجيهات من لهم المصلحة في تعتيم هذه الصورة أو تحطيم الذات العربية أو تفكيكها والعكس أيضا صحيح، أي ما ينشر عن الغرب في صحفنا وفي فضائياتنا أحيانا، يكون مشوها بطريقة تذكي فينا أيضا الحقد والكراهية ورفض الآخر، فالعملية مزدوجة ويجب أن يكون الحوار المستمر بين صناع الرأي في العالمين.

فما يجري من صراعات على أرض الواقع، غالبيتها يتم قبل ذلك عبر شاشات التلفزيون والصحافة، إذ قال أحدهم "إننا نعيش الآن حربا عالمية ثالثة بأسلوب آخر"، صحيح أن هناك حربا في العراق، وصراعا عربيا إسرائيليا "خصوصا الإسرائيلي الفلسطيني"، وهناك حالة من عدم الاستقرار في أفغانستان وغيرها، لكن الهجمة تطول كل المسلمين، وتطول الإسلام في ذاتيته في حضاراته في كيانه، ونقرأ في الصحف مقالات مشوهة خصوصا بعد العمليات الانتحارية التي كان آخرها في لندن وقبلها في مدريد ونيويورك وواشنطن... بحيث يجب أن يطول هذا الحوار بالدرجة الأولى صناع الرأي وصناع الصورة ومسوقي الأخبار والآراء.

نعود إلى فعاليات موسم أصيلة، السنة الماضية عرفت تنظيم الملتقى الأول لسينما جنوب - جنوب، ماذا عن الملتقى الثاني؟

- أنتم تعلمون أن الذي أدار الملتقى الأول لسينما جنوب -جنوب هو المرحوم غسان عبد الخالق، الذي نكرمه اليوم بلقاء يحضره عدد من أصدقائه وقرينته وأبنائه، بعد وفاته شعرنا حقيقة بنكسة، لأن غسان رحمه الله كان هو الدينامو وكان هو المحور أساسا، ونحن الآن مع زوجته ندرس إمكان تنظيم الملتقى الثاني العام المقبل.

ملتقى أصيلة لسينما جنوب - جنوب هو أول ملتقى من نوعه، أحدهم أسماه بملتقى سينما الفقراء باعتباره يجمع سينما دول الجنوب من أميركا اللاتينية مرورا بإفريقيا والعالم العربي إلى جنوب آسيا، ونأمل إن شاء الله أن تتوافر لنا السبل وأن تكون لدينا القدرات التنظيمية لتنظيم الملتقى الثاني الموسم المقبل صيف .2006 فمع غسان عبد الخالق كنا اتفقنا وخلصنا بعد نجاح الملتقى الأول أن ننظم هذا الملتقى كل سنتين، فهذا هو المأمول وسنرى.

ماذا عن امتدادات أصيلة الخارجية، قبل سنة كان هناك ملتقى أصيلة البحرين، هذه السنة تم توقيع اتفاق للتعاون بين منتدى أصيلة والمجلس الأعلى للثقافة في دولة الكويت؟

- أصيلة ومنذ إنشائه أرسى دعائم للتعاون مع عدد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية العربية والدولية، فأصيلة لها شراكة توأمة مع دار الثقافات في باريس منذ أكثر من 15 سنة ولنا تعاون مع مؤسسات في اسبانيا وفي بلجيكا وفي فرنسا، الآن دول شقيقة في دول مجلس التعاون تسعى كذلك إلى إقامة جسور جديدة ثقافية وحضارية بين مشرق العالم العربي ومغربه عبر أصيلة.

العام الماضي، وبمبادرة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبدعم من جلالة الملك محمد السادس، وفي نطاق التعاون القائم بين الدولتين الصديقتين، أقمنا معا الملتقى الأول لملتقى البحرين - أصيلة، ونأمل إن شاء الله أن تكون هناك ملتقيات أخرى في المستقبل، وقد بدأت الآن مؤسسة في البحرين هي جمعية الإسكافي وحضر أحد أفرادها هذا الموسم هو السيدضياء الموسوي في تكرار بعض النشاطات التي بدأتها في أصيلة من قبيل الصباغة على الجداريات والاعتناء بالبيئة.

مع دولة الكويت الشقيقة نبدأ مرحلة جديدة من دعم هذا التواصل من خلال النخبة في الكويت والمملكة المغربية، وقد شهدتم عدد الكويتيين الذين حضروا ندوات هذا العام، نأمل أن شاء الله أن يتكرر ذلك مع المملكة العربية السعودية مع دولة قطر مع سلطنة عمان، هناك أيضا مشروع كبير ندرسه مع دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة وكانت لي علاقات متعددة مع "وزير الإعلام الإماراتي" سمو الشيخ عبدالله بن زايد الذي زارنا في أصيلة، ونحن الآن بصدد التخمين إذا صح هذا التعبير في فكرة نشاط معين نتعاون من خلاله سواء هنا في أصيلة أو هناك في الإمارات العربية المتحدة إذ سنختار موقعا مناسبا لذلك.

أخيرا، ما الذي تخبئه لأصيلة خلال المقبل من السنوات؟

- يجب التذكير بأني لست الوحيد الذي يشرف على فعاليات موسم أصيلة بل هي مؤسسة منتدى أصيلة وشركاؤها عبر العالم، إذ نتشاور ونتحاور ثم نستقرئ اهتمامات النخبة من خلال حضورها ونقاشاتها في الندوة لنتصور الموضوعات العام المقبل.

بكل تأكيد الاهتمام بإفريقيا سيبقى قائما، لأن إفريقيا الآن مصدر قلق كبير خصوصا بالنسبة إلينا نحن في منطقة المغرب العربي، والمملكة المغربية بالذات لها اهتمام خاص بالقارة، وهو ما تترجمه زيارات وتصريحات جلالة الملك محمد السادس المهتم بتعاون جنوب -جنوب وخصوصا الشراكة مع إفريقيا.

إلى جانب ذلك سنعمل على التفكير في ميدان الإعلام والاتصال، هناك أيضا الاهتمام بقضايا المرأة، إذ مر زمن طويل من دون أن ننظم ملتقى للمرأة، آخر هذه الملتقيات كان قبل سبع أو ثماني سنوات، بعد أن كان الملتقى الأول في بداية الثمانينات والذي حضرته الكاتبة المصرية نوال السعداوي وسيدات يمثلن مختلف بلدان العالم العربي.

حتى الآن لم تختمر الفكرة في ذهني ولكن وبتفاهم مع زملائي في المؤسسة يجب أن نباشر أيضا موضوع المرأة العربية والإفريقية والمسلمة، لأن المرأة الآن أصبح لها دور كبير، فنحن في المملكة المغربية لدينا 35 سيدة نائب في البرلمان، وهناك وزيرات وناشطات وقيادات نسائية في كل المجالات بالعالم العربي، وأعتقد أنه يجب أن تتاح لهن الفرصة للتحاور، وأنا لست من دعاة أن تكون مثل هذه اللقاءات نسائية - نسائية، بل يجب أن تكون نسائية - رجالية، لأن اللقاءات المغلقة إما جنسا أو عرقا أو ثقافة أو دينا تبقى حوارات غير مجدية باعتباره يدخل في إطار حوار "المتفقين سلفا"، بل إن جمالية الحوار تكون عادة بين الناس المختلفين، فنحن لسنا حزبا أو اتحادا عماليا، لذلك فالندوات التي تقام في أصيلة تتسم كما يشهد بذلك الجميع بحرية الكلمة، فالكل يقول ما يفكر فيه وما يعتقده وبما يجول في خاطره، كما أن هذه الندوات تتم بين أناس لهم وجهات نظر مختلفة ومن مشارب متعددة ومن تيارات مختلفة بحيث يكون الحوار ثريا وأيضا مثيرا لخلق أفكار أخرى، هذه إذا هي جدوى الحوارات

العدد 1077 - الأربعاء 17 أغسطس 2005م الموافق 12 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً