أكد قيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن فرح وابتهاج شعبنا الفلسطيني برحيل الاحتلال الاسرائيلي، لا يعني نسيان بقية الأرض الفلسطينية.
وقال عضو القيادة السياسية لحركة حماس الشيخ سعيد صيام في قول له: إن عدم خروج الأسرى من قطاع غزة تحديدا ليس تحريرا لقطاع غزة، وبقاء الاحتلال في المعبر وفي البحر وتقييد حريتنا أيضا نعتبره شبعا موجودة في غزة مثل شبعا في الجنوب اللبناني، أما إذا كان القطاع نظيفا فسنحترم ذلك، وسنعده تحريرا لجزء من الأراضي الفلسطينية، ولكن ليس على حساب الكل الفلسطيني.
وأكد صيام أن الانسحاب الإسرائيلي المرتقب ثمرة مقاومة وتضحيات الشعب الفلسطيني، وليس نتيجة مفاوضات واتصالات سياسية، مشددا على حق الشعب الفلسطيني في الفرح والابتهاج برحيل الاحتلال، لافتا الانتباه إلى أن الفرح لا يعني نسيان بقية الأرض الفلسطينية.
وقال: نحن نرى أن العد التنازلي لدولة "إسرائيل" قد بدأ، لأن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، وأحلام اليوم هي حقائق الغد بإذن الله، ونسأل الله أن يعجل ذلك في حياتنا، ونؤكد أن الهروب من قطاع غزة ليس نهاية المطاف، ولا يعني هذا أن غزة أصبحت محررة، ولا يمكن لنا ولا يجوز لنا لا أخلاقيا ولا دينيا ولا وطنيا أن نترك إخواننا وشعبنا في الضفة الغربية تحت طائلة الاحتلال، ولكن هذا الوضع تحتاج المقاومة فيه إلى تكييف يتناسب مع الواقع الجديد، كيف؟، لكل حادثة حديث والحاجة أم الاختراع كما يقولون.
وأشار الشيخ سعيد صيام إلى أن هناك من يريد أن يصور الانسحاب الإسرائيلي على أنه ثمرة اتصالات وترتيبات، أو أن جهة بعينها هي التي قامت بالتحرير، نحن نقول أن هذا ثمرة صمود أبناء شعبنا، وإن كنا لا نخجل أن نقول إن حركتنا قدمت أغلى ما تملك وأكثر من غيرها، هذه حقيقة، نحن لا نبتغي بها إلا إذا كان هناك من يريد أن يغمطنا حقنا أو أن يتجاوز تضحياتنا، أما في الحقيقة نحن نؤكد أن شعبنا كله دفع ثمنا لهذا الانجاز.
وشدد على ضرورة الحفاظ على سلاح المقاومة عقب الاندحار الإسرائيلي عن قطاع غزة، وقال: إن المقاومة التي أحرزت هذا النصر يجب أن يحافظ عليها، وليس لـ "إسرائيل" عهد أو ضمانة بعدم الرجوع إلى غزة أو بعدم ارتكاب مجزرة أو اغتيال، وبالتالي من حق شعبنا ومقاومته أن تحتفظ بأسلحتها الطاهرة النظيفة التي استخدمت في دحر هذا الاحتلال، أسلحتنا ليست للأعراس ولا للمشكلات العائلية ولا للمفاخر في الشوارع، وإذا ما استعرض به في مهرجان أو عرس تحريري إنما ذلك لنؤكد على المقاومة ونغيظ أعداءنا.
وذكر أيضا أن حركة حماس عرضت على السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" أكثر من مرة منذ أشهر أن يتم استقبال الانسحاب الإسرائيلي بموقف موحد، غير أن عرضها قوبل بالتسويف حتى الساعات الأخيرة، إذ وافق الرئيس محمود عباس خلال الاجتماع الأخير مع الحركة على مطلبها، ومضى يقول "هناك حدث تاريخي، والعالم ينظر إلينا ماذا سنفعل؟".
وأضاف قائلا: نحن لا نريد سلطة، وهذه اللجنة التي نتحدث عنها ليست بديلة عن السلطة ولا عن وزاراتها، ولا جهة تنفيذية، وإنما جهة تشرف وتطلع وتطمئن؛ لأن لنا تجربة مريرة، ومطلوب من هذه اللجنة أن تطمئن على آلة التصرف في هذا الملف لصالح شعبنا، وأن تكون جهة رقابية، لكن كان هناك تسويف في الرد والحديث عن وحدانية السلطة حتى أصبحنا في الساعات الأخيرة، مشيرا إلى أن حركة حماس كررت العرض خلال الاجتماع الأخير مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفي حركة فتح، إذ وافق الرئيس عباس عليه.
وقال الشيخ سعيد صيام إن الاحتلال يفكر بالرحيل وعلى رأس حكومته أبوالاستيطان وأبو المشروع الصهيوني "إسرائيل" الكبرى، إذا هناك شيء، هذا الشيء يقول إن الاحتلال لم يعد يحتمل الثمن الباهظ الذي يدفعه في هذه المناطق وخصوصا قطاع غزة، هناك من يقول إن شارون في رأسه حاجة يريد أن ينفذها، وأنه لا يريد قطاع غزة ويريد تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وأن الانسحاب خطة لمصلحة "إسرائيل"، نحن لا نشك في أن شارون مجرم لعين ولديه خطة، ولكن أيضا هل هروبه من قطاع غزة جاء وهو مرتاح؟! هل جاء بالمفاوضات؟
واعتبر صيام أن رحيل الاحتلال عن قطاع غزة، بغض النظر عن النوايا الإسرائيلية من وراءه، هو انجاز لشعبنا، وثمرة من ثمرات صموده ومقاومته، وأن من يقول غير ذلك، يتنكب لتضحيات الشعب ويلتف على دماء الشهداء والجرحى والأسرى ومعاناة أهلنا وبيوتنا وشجرنا، وبالتالي يجانب الصواب ويجانب الحقيقة، مضيفا نحن لانشكك في أن العدو الإسرائيلي لديه خطة، ولكن من العيب أن نبخس تضحيات شعبنا، فبعد هذه التضحيات نستخسر بأنفسنا حتى الفرحة يراد أن تسرق منا.
وقال: من حق شعبنا أن يفرح، هذا الفرح لا يعني تخلينا عن بقية الأرض، نحن نطالب أن تكون هناك احتفالات مشتركة جماهيرية وطنية مع الكل، وأيضا لا يمنع أن تحتفل الفصائل احتفالاتها الخاصة، خصوصا الذي له رمزيته الذي اقتحم مستوطنات والذي دمر موقع الجيش الاسرائيلي على مفترق المطاحن، معربا عن أمله بأن يكون تحرير قطاع غزة مقدمة لتحرير بقية الأراضي الفلسطينية.
ونوه بأن الذي استطاع أن يسترد شبرا يستطيع أن يسترد ذراعا وباعا ودونما بعد ذلك، مشيرا إلى أن المقاومة ليست شوكة في حلق الاحتلال فقط، وإنما شوكة في حلق بعض المنتفعين أيضا، الذين ينظرون إلى مصالحهم، والذين آثروا ثراء فاحشا على حساب شعبنا ومعاناته.
وأكد أن حركة حماس لا تهول الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وأنها لا تريد أن ترى إسرائيليا فيه بعد الانسحاب. واستعرض حيثيات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، مبينا أن ما وصل إليه الشعب الفلسطيني اليوم لم يكن قفزة في الهواء أو جاء في لمح البصر، موضحا أن الصراع مع "إسرائيل" على أرض فلسطين صراع بين أصحاب الأرض الحقيقيين وبين عدو يزعم أنه صاحب الأرض، وليس كما يحدث في العراق أو أفغانستان أو أي بلد احتلت أرضه، إذ لا يختلف اثنان أنه احتلال ويجب أن يرحل في أية لحظة من اللحظات. وأشار إلى مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتقزيم الصراع على أرض فلسطين، وقصره على الصراع مع الفلسطينيين فقط، ومضى يقول: أكدت انتفاضة الأقصى صدق توجه حركة حماس ببرنامجها بأنهم لا يعرفون إلا لغة واحدة هي لغة القوة، ثم لو أردنا أن ندرس التاريخ، هل رأيتم أن حقا أعطي لأهله على طبق من ذهب؟، هل الحقوق توهب أو تستجدى؟، الحقوق كما أثبتت الشعوب أنها تنتزع انتزاعا وتؤخذ بالقوة، فما بالكم إذا كانت هذه الحقوق هي أرض فلسطين أرض الإسراء والمعراج، أرض المسجد الأقصى التي خلدها القرآن في آياته.
وأوضح أن حركة حماس عملت على بث الصحوة الإسلامية، وإحياء روح الجهاد والمقاومة في صفوف الشعب الفلسطيني، وفعلت البعد الديني والعقدي للصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، مضيفا أن الصراع مع الاحتلال طويل، صراع بين حضارتين، يحتاج إلى أجيال، لذلك يجب أن نعد العدة للنفس الطويل، وليس لنزوة طارئة فقط، ومن هنا حينما دخلت الحركة على معادلة الصراع الفعلي الميداني بعد أن أعدت العدة، خرجت آلاف الأجيال، ووضعت القواعد الصلبة للتحرك وجد العدو نفسه أمام جيل متميز مغاير لم يعرفه من قبل، جيل يبحث عن الموت بحثا، جيل يتسابق على الشهادة في سبيل الله.
وأكد صيام أن "إسرائيل" فشلت في حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني على رغم استخدامها ما بجعبتها العسكرية، إذ استخدمت خلال انتفاضة الأقصى ما لم تستخدمه ضد الجيوش العربية، وقال: إن قادة حركة حماس لم يتخلفوا عن تقديم التضحيات، بل تقدموا الصفوف، وفي مقدمتهم الشيخ الإمام أحمد ياسين، فنحن لسنا ممن يدفع الناس أو يشجعهم ثم يتأخر عنهم.
وأوضح أن تحرير فلسطين مهمة الأجيال العربية والإسلامية، وليس مهمة الأجيال الفلسطينية فقط، وأن مهمة حركة حماس إبقاء جذوة المقاومة مشتعلة، وقال: نحن مطالبون أن نعمل أما النتائج فهي بيد الله عز وجل، نحن نفخر ونعتز أننا صبغنا المواجهة مع الاحتلال بالصبغة الإسلامية وأدخلنا على الصراع البعد الديني الذي لم يكن موجودا من قبل، الآن اقترب الناس من مربع الإسلام ومربع الدين، فأصبحت البيانات تصدر بالبسملة والآيات القرآنية.
ولفت الانتباه إلى بشاعة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني، غير أن الشعب الفلسطيني المقاوم كلف الاحتلال الإسرائيلي خسائر تفوق خسائره في الحروب العربية، نتيجة إبداع المقاومة الفلسطينية وتطوير أدواتها، على رغم أن البعض كان يملأ جيوبه على حساب معاناة الناس ويطعن في المقاومة. وبينا أن ضربات الاحتلال ضد حركة حماس لم تضعفها بل زادتها قوة والتفافا جماهيريا، مستعرضا المحاولات الدولية والإسرائيلية والفلسطينية لإضعاف حركة حماس، إذ لجأ الاتحاد الأوروبي إلى وضع الحركة على قائمة المنظمات الإرهابية، وبدأت ملاحقة المؤسسات والجمعيات في أوروبا والدول العربية ضمن سياسة تجفيف المنابع، وتم اعتقال بعض قادة الحركة من قبل السلطة وفرض الإقامة الجبرية على الشيخ أحمد ياسين.
وقال القيادي بحركة حماس إن مشروعات التسوية هي التي مزقت الصف الفلسطيني وشرذمته، وقد جاءت المقاومة فوحدت الشعب والتحمت قواه وأصبحت هناك عمليات مشتركة، وعلى رغم التضييق والملاحقة ظلت الحركة توجه ضربات موجعة للاحتلال الإسرائيلي
العدد 1079 - الجمعة 19 أغسطس 2005م الموافق 14 رجب 1426هـ