قصص المرضى المترددين على مركز سترة الصحي كثيرة، ومنها قصتي التي بدأت ولم تنته حتى كتابة هذه الكلمات لأنشرها على الملأ عبر هذا المنبر الحر عسى أن تلاقي صدى لدى المسئولين المحترمين في وزارة الصحة أو يمكن أن تتحول إلى فكرة لمناقشتها في مجلس الوزراء.
سيدتي وزارة الصحة... لسنا نتصنع المرض أو "دلوعين" ولذلك لا يجوز منك ألا تتابعي مراكزك الصحية التي لا تعرف سوى تعطيل المرضى وتهميشهم وحتى نسيانهم لكي يناموا في سبات عميق مع عدم التقدير للمترددين على المركز.
تبدأ قصتي يا سيدتي وزارة الصحة بأنني اشتكيت من ألم في أسناني وعندما توجهت إلى مركز سترة الصحي في الفترة المسائية وبعد انتظار يقارب الساعتين ونصف الساعة دخلت على الطبيبة وعند معاينتها لي قالت وبعد 10 ثوان من الكشف: "علاجك لا يكون في الفترة المسائية يفضل أن تأتي صباحا!" فسألتها وما علاجي؟ قالت: تحتاج إلى حشوة تجميلية... "انتهى الفصل الأول".
تتواصل قصتي عندما تطور الألم وذهبت بعدها في الفترة الصباحية وبعد الكشف من الطبيبة المناوبة صباحا قالت لي: إن سنك ملتهب ويحتاج إلى مضاد حيوي لمدة خمسة أيام ثم ارجع سواء في الفترة الصباحية أو المسائية، فقلت لها: ولكني بحاجة أيضا إلى حشوة تجميلية وتنظيف للثة... قالت: في المرة المقبلة سأقوم بعمل اللازم وأقدم إليك العلاج المناسب... "انتهى الفصل الثاني".
وبعد انتهاء مهلة الخمسة أيام راجعت المركز في الفترة الصباحية وكنت في الانتظار أمام مكتب السجلات من الساعة السادسة وخمسين دقيقة إلى السابعة والربع وبعد ذلك أفاجأ بموظف السجلات يعلن انتهاء المواعيد وأن علينا مراجعة الطبيب! فذهبت إلى الطبيب ولكن بدلا منه تحدثت إلى فني الأسنان الذي بادرني بالقول إن المواعيد انتهت... فشرحت له بأن قصتي تبدأ بإعطائي موعدا لمراجعة الطبيب في هذا اليوم بعد أخذ المضاد الحيوي، فتعذر بأنه ليس بيديه شيء وأنه لا يستطيع أن يدخلني على الطبيبة، وأن علي أن آتي في الفترة المسائية، فسألته عن الحل، فقال: اشتك عند وزارة الصحة لكي تفتح عيادات أخرى للأسنان... "انتهى الفصل الثالث".
وهنا تبدأ مشكلة أخرى عندما رجعت في اليوم نفسه إلى المركز وفي الفترة المسائية وبعد أن دخلت على الطبيبة وقبل الكشف على أسناني سألتني مما أشكو فأجبتها بأني في حاجة إلى علاج عصب وحشوة تجميلية وتنظيف اللثة... فقالت: علاج العصب بحاجة إلى وقت، ولدي عدد كبير من المراجعين ولذلك فإني لن أتمكن من علاجك في الفترة المسائية وعليك أن تأتي في الفترة الصباحية! فسردت عليها قصتي التي بدأت ولم تنته... وذلك بتحويلي من قبل الطبيب في الفترة المسائية إلى الفترة الصباحية وطبيب الفترة الصباحية إلى الفترة المسائية! اذا ما الحل؟!... "انتهى الفصل الرابع".
مسرحيتي بدأت بمقدمة وعلى رغم استغراقها لأربعة فصول فإنه لم يكتب لي النجاح في نهايتها إلى حد الآن، إذ مازلت أتألم من أسناني، بينما الأطباء في المركز يتلاعبون بي! ولا أدري اين يكمن الخلل هل هو في العدد الكبير من المراجعين أم هناك عدم مبالاة من قبل المركز أم هناك عدم مبالاة من مسئولي وزارة الصحة بمتابعة ما يجري في المراكز الصحية؟!
أتعجب أن يكون هناك مسئولون متابعون، وأتساءل لو أن أحد المسئولين تعرض لما تعرضت له فماذا ستكون ردة فعله؟ وما الحل في نظرهم كونهم مسئولين في وزارة الصحة؟
إنني اكتب وكلي يقين من أن قصتي ستلقى في حاوية القمامة حالها حال أي شيء لا تحتاج إليه الوزارة وتود التخلص منه! ولكن شكواي أبثها إلى من لم يفارق الإحساس بالمواطنين ومشكلاتهم قلبه ومن ضمير الإنسانية أولى صفاته ورجائي بأن نجد مسئولين كبارا كانوا أو صغارا يقومون بزيارة المراكز الصحية باستمرار وخصوصا مركز سترة الصحي المهمل منذ القدم... فلا مسئولين ولا وزراء ولا أطباء ولا وكلاء يتابعون مشكلاتنا.
سأختم مسرحيتي بأنني قررت ألا أتردد على المركز ثانيا لكي لا أكون ضحية أطباء يتلاعبون بالناس وكأننا نشحذ منهم العلاج.
جعفر محمد
العدد 1083 - الثلثاء 23 أغسطس 2005م الموافق 18 رجب 1426هـ