العدد 1089 - الإثنين 29 أغسطس 2005م الموافق 24 رجب 1426هـ

"العودة إلى المدارس" على الأبواب والأهالي يقتحمون الأسواق

عوائل بحرينية ذهبت للتسوق في دول الخليج وعادت أدراجها!

سباق محموم، وتهافت منقطع النظير تعيشه المجمعات التجارية في البحرين هذه الأيام، آباء وأمهات. .. أبناء وبنات يتجولون من مجمع إلى آخر، ومن سوق إلى أخرى استعدادا لعام دراسي جديد بات على الأبواب، فالعطلة الطويلة نسبيا شارفت على الانتهاء، لتبدأ مرحلة جديدة للطلبة والطالبات في ماراثون العودة إلى مقاعد الدراسة مرة أخرى. "الوسط" تجولت في الأسواق والمجمعات التجارية لترصد رأي العائلات البحرينية واستعداداتها للعودة إلى المدارس. كانت البداية من السوق القديم في المنامة، إذ تهم الأسر ذات الدخل المتوسط ومن دون المتوسط لشراء احتياجات أبنائها من ملابس وأدوات بين دهاليز هذه السوق الشعبية، إذ التفاوض على الأسعار ارتفاعا وهبوطا، إلا ان المفاجأة كانت هي خلو السوق هذا العام إلا من قلة قليلة من العوائل فقط.

فمحلات بيع الأزياء المدرسية ومثلها المكتبات والقرطاسيات بدأت تشكو لنا من بوار في السلع على رغم أنها حاولت جلب آخر صيحات المستلزمات الدراسية من حقائب وكراسات وألوان، ولكن من دون إقبال حقيقي من جانب الأسر التي تعودت الشراء في هذا الوقت من كل عام.

مهرجان الإحسان

وعند الخروج من السوق سترى منصة كبيرة يحيطها عدد كبير من الشباب المتطوعين لجمع المستلزمات الدراسية في مهرجان الإحسان الثالث الذي تقيمه جمعية سيدالشهداء الخيرية.

ويتبارى الشباب هنا في تنافس شريف لجمع أكبر عدد من المساعدات المالية والعينية للطلبة والطالبات المعوزين في لمسة إنسانية جميلة. وحتى خروجنا من موقع المهرجان يؤكد عبدالرضا علي "أحد القائمين عليه" على النجاح الكبير الذي حققته هذه التظاهرة الاجتماعية السنوية لمساعدة شريحة مهمة وواسعة من طلبتنا.

ومن المنامة انتقلنا إلى أحد أكبر المجمعات التجارية في البحرين، إذ تقصده مجموعة من العائلات لشراء متطلبات المدارس الكثيرة!

وكانت البداية من المواطن فيصل عبدالله الذي سألناه عن استعداداته للموسم الدراسي المقبل الذي بات على الأبواب فقال: "في الحقيقة لقد بدأنا استعداداتنا للموسم الدراسي المقبل بدءا من الأيام الماضية، وذهبنا إلى الكثير من المجمعات "..." ورصدنا 250 دينارا لشراء جميع المستلزمات من أدوات وزي مدرسي لابني وابنتي".

محمد مهدي "موظف حكومي" يقول "من النادر أن تجد طالبا في المدارس الحكومية متمكن من اللغة الإنجليزية، وهذا السبب دفعني إلى أن أرسل أبنائي إلى مدارس خاصة بـ 300 دينار على حساب موازنتي، خصوصا في ظل ضعف الرواتب، على رغم أن زوجتي تعمل في إحدى رياض الأطفال أيضا". مشيرا إلى أن المدارس الخاصة تطلب أنواعا محددة من الملابس والأدوات بخلاف المدارس الحكومية التي تتيح اختيار أنواع المستلزمات للطلبة وعوائلهم.

البعض سافر إلى الخليج

ويبدو أن حمى العودة إلى المدارس جعلت قسما كبيرا من العوائل البحرينية تفكر في السفر السريع إلى الدول الخليجية المجاورة للاستفادة من فارق الأسعار كما يعتقدون.

لكن أسرة المواطن محمد حسين التي عادت للتو من المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية روت لـ "الوسط" تجربتها: "لم نكن نتوقع ونحن نذهب إلى المنطقة الشرقية بحثا عن الأسعار الرخيصة أن نواجه مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن الفارق في أسعار المستلزمات الدراسية كان ضئيلا ولربما معدوما في الكثير من السلع".

فيما تبدأ زوجته حديثها لنا بهذه الآية الكريمة "لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا" "الكهف: 62"، وعلى رغم أن الكثير من العوائل تدرك أن لا فارق كبير في الأسعار بين البحرين والسعودية، لسبب بسيط وهو أن غالبية المحلات التجارية الكبرى في المنطقة الشرقية افتتحت لها فروعا في مختلف مناطق البحرين، فإن أسواق المنطقة الشرقية تعج بالعوائل البحرينية الباحثة عن فرق متوقع!

ولا يختلف الحال كثيرا عند عائلة علي الحداد "موظف حكومي" الذي قال: "ذهبنا إلى السعودية للتسوق ورجعنا للبحرين، وبدأنا رحلة الاستعداد للعودة إلى المدارس منذ أسبوعين، ونتمنى أن ننتهي قريبا إن شاء الله".

استعدادات المنازل

أما المواطن فيصل حسين "موظف في شركة خاصة" وهو والد لثلاثة أبناء يقول: "بدأنا رحلة التسوق من أجل العودة إلى المدارس قبل أسبوع من الآن، لكن الشركة التي أعمل فيها توفر كعادتها سنويا الحقائب المدرسية بجميع محتوياتها عدا الملابس التي نحن نتحمل كلفة شرائها، مع ملاحظة أن عددا كبيرا من الشركات الكبيرة بدأت تسلك المنحى ذاته في تخفيف أعباء مستلزمات المدارس عن موظفيها، وهي عادة حسنة نتمنى أن تنتشر في كل مؤسسات القطاع الخاصة من أجل تكريس التكافل الاجتماعي" منوها بأنه رصد أكثر من مئة دينار كموازنة لشراء الملابس وما تبقى من مستلزمات.

في حين أن أسماء مصطفى "ربة منزل" ترى أن استعداداتها هي مشابهة لاستعدادات أي منزل مقبل على العودة إلى المدارس، وبدأنا فعلا في شراء غالبية المستلزمات الدراسية.

وعن المبلغ المرصود لهذه الحملة تبتسم أسماء لتؤكد أن المبلغ لن يقل عن 300 دينار لأبنائها الأربعة.

وخلال تجوالنا في أحد المجمعات الكبيرة لبيع المستلزمات الدراسية أجرينا مقابلة مع السفير السوداني المعتمد حديثا في مملكة البحرين بشرى الشيخ دفع الله الذي كان موجودا لشراء المستلزمات الدراسية لأبنائه.

والسفراء يستعدون أيضا!

ويقول السفير السوداني الذي ذهب للتسوق مع بناته: "في الحقيقة إنني سفير جديد في هذا البلد الطيب والمعطاء "البحرين"، وأنا الآن كأي ضيف على هذه البلاد يستعد إلى موسم العودة إلى المدارس من خلال شراء كل المستلزمات المطلوبة من حقائب وملابس وأدوات وغيرها، والحمد لله فإن كل الأغراض متوافرة تحت سقف واحد وهو ما يسهل العملية كثيرا". ويوضح السفير أنه وأعضاء طاقم السفارة قاموا بشراء المستلزمات الدراسية لأبنائهم من هذا المجمع.

إلى ذلك يتحدث المواطن راشد عبدالله "موظف" قائلا: "الحمد لله تقريبا انتهينا من شراء الأغراض كافة، ولم يتبق علينا إلا القليل فقط وخصوصا أن هناك متسعا من الوقت تبقى ريثما تفتح المدارس أبوابها "..." خصصت 200 دينارا، وهذا المبلغ مرشح للزيادة بالتأكيد".

والسؤال هنا: ماذا تفعل الأسرة أمام الإغراءات المتواصلة من قبل التجار مع بداية كل عام دراسي، إذ يحرص التجار على التفنن في جذب الزبائن، في اعتبار أن الطفل هو المحرك الرئيسي لمؤشرات العرض والطلب، وهو أكبر وسائل الضغط على الوالدين، ومن هذا المنطلق يتعمد التجار إلى إلقاء كل الإغراءات الممكنة حوله ليقع في الفخ المنصوب.

وأمام أحد أبواب محلات القرطاسية في المحرق همت طفلة بالبكاء، لأنها تريد أن تمارس عملية الاختيار الحر المباشر لمستلزماتها الدراسية من دون إكراه أو حتى توجيه.

ويقول والد الطفلة الذي بدا مبتسما أمام هذا المنظر إن هذه هي حال كل أطفال اليوم الذين يريدون فرض إرادتهم منذ الصغر، بخلاف أبناء الجيل السابق "إذ كان والدنا يشتري الكراسات "الدفاتر" ذات اللون الأحمر، ولم نكن نملك خيارا غير القبول بالأمر الواقع".

وتقول فاطمة الزاير "موظفة": "أحرص في كل عام أن أبدأ الجولة الشرائية للمدارس مبكرا حتى لا أدخل في دوامة الازدحام، ولكنني أؤجل شراء الحقائب المدرسية لأن أولادي يعشقون شراء أحدث الصيحات، ولذلك ننتظر حتى تعرض كل المحلات حقائبها، ثم نذهب لشراء الأفضل من وجهة نظر الأولاد".

والقرطاسية أقل حظا

محلات القرطاسية كانت الأقل حظا هذا العام على ما يبدو بفعل رغبة الكثير من العوائل في التسوق في المجمعات التجارية الكبرى، من محلات الخياطة والسبب كما قال باسم عبدالله: "إن الناس لا يقبلون هذه الفترة إلا على شراء الحقائب المدرسية أما فيما يختص ببقية أدوات القرطاسية فهذا يصاحب الأسبوع الأول من بداية العام الدراسي، عادة ومع الأيام الأولى من بدء الدراسة تنهال علينا أعداد كبيرة من الطلبة، وأولياء الأمور لشراء أدوات القرطاسية، وفي كل عام تتطور أدوات القرطاسية وتعرض أشكال جديدة تجذب الأطفال، وغالبا يجذب الطفل الشكل، في الوقت الذي يهتم الطالب في المرحلة الإعدادية والثانوية بالجودة.

من جانبه ينوه سلمان جاسم "مشرف" أنه سيخصص ما يقارب من 250 دينارا للإيفاء بمتطلبات العودة إلى المدارس لأبنائه الذين تتيح لهم اختيار ما يشاءون من أنواع السلع والمستلزمات في حدود المعقول طبعا، ومن المفترض أن ننتهي اليوم من هذه العملية".

ماذا عن محلات الخياطة؟

وفي محلات الخياطة التقينا بالخياط أحمد صديق الذي علق قائلا: "في هذه الأعوام تأتي الأمهات لتفصيل الزي المدرسي لبناتهن مبكرا، فهن يعملن حسابا لسفرهن أو الازدحام الذي يكون عادة قبل افتتاح المدرسة، ونحن نتفرغ لخياطة الزي المدرسي ونؤجل الملابس الأخرى حتى تنتهي فترة الذروة بعدها نعود لنمارس عملنا بشكل طبيعي، يتراوح سعر خياطة "المريول" بين ثلاثة دنانير ونصف الدينار ونتسلم الموديل المطلوب من الزبائن وفقا لما تحدده المدارس".

الصناديق الخيرية في البحرين هي الأخرى بدأت منذ وقت مبكر في العمل على مشروعات الحقيبة المدرسية والمساعدات المالية التي تقدم للطلبة المحتاجين، أسوة بالجمعيات الخيرية والشركات التي خطت هذه الخطوة قبل ذلك، في حين أقامت بعض الصناديق والمؤسسات الخيرية معارض للقرطاسية بأسعار مخفضة، ووزعت بعضها كوبونات بمبالغ تصل إلى عشرين دينارا على الطلبة المحتاجين لشراء المستلزمات المدرسية.

وختاما

وكانت محطة الختام مع كل من إسماعيل باقر والسيدهاشم جعفر اللذين فضلا التسوق من دون صحبة أبنائها "لإنهاء عملية الشراء من دون تعطيل" لكنهما يؤكدان أيضا أن الأدوات المدرسية يجب أن تلبي رغبات أبنائهما.

وبعد هذه الجولة في الأسواق والمجمعات في رحاب ماراثون العودة إلى المدارس بقي أن نقول: "عام دراسي موفق لكل طلبتنا وطالباتنا"

العدد 1089 - الإثنين 29 أغسطس 2005م الموافق 24 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً