زينب، زوجة قد مر على زواجها عشر سنوات ولم يشأ قدرها أن ترزق بطفل، فقد كانت تقطن دارا واحدة تضمها مع ابن عمها "زوجها" الذي كان يحبها حبا شديدا، في بيت أهله. ولقد كان إصرار أمه على الزواج من أخرى، قد أتعب القلب الصبور - زينب - وكانت تشكو ذلك، وكان يطمئنها بأنه ما لم يطل مقامه على هذه الأرض لن تكون له زوجة غيرها، وعلى رغم أن زينب تعرف وكلاهما يعرف أن العلة تكمن في زوجها فإنها صبرت لأجل نسبهم. وبعد سنوات من الإنفاق على العلاج، لم يكن منهما إلا متابعته بإرادة وعزم قويين والتوسل بالله وهو المستعان قبل كل شيء. وفي زيارتهما الأخيرة التي كانت سرا بينهما عند سفرهما في الصيف الماضي، بشرهما الطبيب بأن العملية قد نجحت، وبارك لهما مقدم الطفل. سعد الأبوان لهذا الخبر الذي لم يصدقا بوجوده بعد كل هذه السنوات التي طالت من العلاج. وفي شهورها الأولى، لم تود إخبار أحد عن حملها خشية ألا يثبت أو أن يكون كاذبا، فتصبح أمر مما هي عليه. وبعد انقضاء ثلاثة أشهر من الحمل، شاء الله أن يختم أجل الزوج. وجلست زينب محزونة على زوجها في دارها دون أن تخبر عن الجنين الذي تحمله فهي تدرك أن عدتها تنتهي عند ولادتها، لكنهم لا يعلمون ذلك. وكانت في حزن عميق لا تدري لمن تبوح بأساها، فقد رحل من يسكن أوجاعها ويشفي غليل نار لظاها. وفي شهرها الخامس، وعندما بدأ بطنها بالظهور قد ظن بها الناس سوءا، وخصوصا أنه لم تنته عدتها المعروفة ولم يكن لها زواج من نوع آخر! فقد شاع بين الناس سوء سوأتها وتداولوا الأمر فيما بينهم حتى أنهم أخرجوها من الحي. ولم يكن منها أن تدافع عن نفسها، إذ إن أدبها وأخلاقها قد فرضا عليها عدم الرد على هؤلاء. عاشت مع صديقتها التي هي الأخرى قد ودعها زوجها بأولادها في حادث مؤلم، حاملة على عاتقها ثقل الحديد والسر الدفين. قد طاب حال الناس، ووجدوا لهم ما يطيب الحديث فيه ليعطروا به مجالسهم، ولكنهم لم يتأكدوا بعد من الأمر الذي به يتحدثون. ومازال السر مدفونا...!
العدد 1099 - الخميس 08 سبتمبر 2005م الموافق 04 شعبان 1426هـ