العدد 2425 - الأحد 26 أبريل 2009م الموافق 01 جمادى الأولى 1430هـ

«السنابس»... أرض النواخذة والطواويش التي ابتعد عنها البحر

هي كـ«السنا» أو الضــوء الساطع... كرما وجمالا...

إذا لم تكن تعرف أهل السنابس عن كثب، فما عليك سوى القيام بجولة ولو قصيرة، فلا بأس من أن تكون غريبا عن القرية، فالزائر بالنسبة لهم هو ضيف لقرية ساطع ضوؤها بالكرم والجمال. الجمال فيها يكاد يتقلص شيئا فشيئا، ونعني بذلك جمال النخيل وأشجار اللوز والهواء العليل الذي كان يهب من مرزوان ومني، لكن الجمال الحقيقي الباقي على الدوام هو جمال نفوس أهلها الطيبين.

تعالوا نجلس قليلا في دكان الحاج أحمد إبراهيم الخباز... هو دكان يعود بك إلى تاريخ القرية المميز بانتمائها للبحرين وعراقتها، فلا يزال هذا الدكان العتيق الذي يحب بعض كبار السن من أهل القرية الجلوس فيه فهو مجلس يتجاذبون فيه أطراف الحديث... بل قل الأحاديث المتنوعة الجميلة التي كلها طيبة، لكن بعد جلسة قصيرة جميلة، كان أحدهم يقول: هذا بيت الحاج أحمد الخباز، قديم متهالك، وحبذا لو أبلغتم المسئولين عن ضرورة إدراجه ضمن المنازل الآيلة للسقوط لإعادة إنشائه.. وهذا الطلب نرفعه الى المسئولين بالمجلس البلدي، ليبقى هذا البيت، وإن تم تجديده، يضم في دكانه الوجوه الطيبة من الآباء والأجداد.


مشاريع تطوير القرية

وفي الحديث عن مشاريع القرية، نبدأ الجولة بالتعرف على برنامج العمل لتطوير القرية، فممثل الدائرة الرابعة بمجلس بلدي العاصمة حميد البصري يشير إلى أن هناك تركيزا في هذه الفترة على تحديث البنية التحتية للقرية، حيث وضع المجلس قرية السنابس على قائمة القرى التي كان من المفترض أن يبدأ تطويرها في العام 2008 الماضي، وكما تعلم، هناك اتفاق بين المجالس البلدية ووزارة الأشغال ووزارة شئون البلديات والزراعة بأن يتم الشروع في تنفيذ مشاريع البنية التحتية من طرقات وشبكة تصريف مياه الأمطار، أضف الى ذلك، أننا ننتظر البدء في تطوير «التقاطع» المتفرع من شارع البديع أمام نادي الشباب، وهو تقاطع ينتظر التنفيذ منذ زمن طويل لكي يفتح وتتم توسعته وتنظيمه بتركيب إشارات ضويعة، وكانت فكرة المشروع مطروحة منذ العام 2005، وبعد دخولي المجلس تابعت ملفه، وفي العام الماضي اكتملت التصاميم، إلا أنه هناك حاجة لموافقة هيئة الكهرباء والماء على تغيير الكوابل ذات الجهد العالي، وتوفير الموازنة المطلوبة.

وكذلك، بالنسبة لنادي الشباب، هناك متابعة لتكملة بقية المرافق والخدمات وخصوصا أن العنصر النسائي لديه طلب لأن يخصص لهن ممشى، ونبحث مع إدارة النادي إنشاء مضمار المشي.

وكذلك هناك مشروع المرفأ والساحل، وكما تعلم، فإن السنابس كانت سابقا منطقة ساحلية، لكن اليوم، أصبح البحر بعيدا عنها، وتحول إلى أملاك خاصة، بل حتى القناة التي كانت متاحة للقوارب وكانت مفتوحة للمواطنين اغلقت، ونسعى حاليا بالتنسيق مع وزارة شئون البلديات والزراعة وإدارة الثروة البحرية لفتح مرفأ للقوارب، وتخصيص جزء من الساحل للأهالي.


بين عين «الكافوري» و«الفسلة»

جميل أن تعيش لحظات في عبق تاريخ قريتك، ولهذا، خصص موقع «قرية السنابس» على شبكة الإنترنت، معلومات تتعلق بالقرية، يصفها بأنه من القرى الساحلية التي يحدها البحر من جهة الشمال، الأمر الذي جعل أهل القرية منذ القدم ينصرفون نحو البحر، ويعمل غالبيتهم في صيد الأسماك، واستخراج اللؤلؤ، فمن أشهر طواويش السنابس: حجي أحمد بن خميس وحجي يوسف بن رستم، ومن نواخدة الغوص في المنطقة: حجي ناصر بن عبدالحي، حجي محمد بن طريف، حجي علي بن ناصر الموت، وأحمد بن سيد علي الشرخات.

ومنطقة السنابس منطقة زراعية خضراء، تكثر فيها المزارع كمزرعة الخابوري، ومزرعة عبدالكريم، ومزرعة الشرخات، وكانت تشتهر بعيون الماء ومن أشهرها عين العريض الواقعة في وسط المنطقة المحصورة بين المأتم الجديد والمقبرة، وعين الكافوري وهي عبارة عن بئر ارتوازية بها ساقية، وكانت تستخدم للأغراض المنزلية، وكذلك عين الفسلة وتقع في جنوب السنابس، كان (العريس) يستحم فيها مع أصحابه قبل الزواج، وسميت (بعين الفسلة) لكثرة ما زرع حولها من فسائل النخيل.


أصل تسمية القرية

توجد عدة روايات تحكي أصل كلمة سنابس، أولها - حسب رأي محمد الزامل وهو أحد المعلمين الأفاضل بالقرية - أن السنابس مكونة من شقين، (سنا) و(بس)، ويكون معنى سنابس: سنا على الدابة وبَسَّها، أي استقر على الدابة وزجرها ودعاها للسير، والسنابس كانت تشتهر بوجود قطعان هائلة من الإبل والغنم، فسميت بسنابس نسبة لذلك. ويذكر بعض كبار السن بالقرية أن السنابس كانت من أحسن القرى حيوية وجمالا، حتى أضحت شهرتها كـ (السنا) أي كالضوء الساطع، وكان ساكن القرية عندما يسأل عن قريته يقول: (السنا وبس)، أي (ضوء وكفى)، ثم حرفت التسمية تدريجيا وصارت سنابس بحذف الواو.

أما الباحث علي أكبر بوشهري، فيرى أن التسمية فارسية الأصل، وسنابس مكونة من قسمين (سنار) و(بست) وسنار يعني: المكان قليل العمق، يغوص قاع السفينة في طينه، فلا تستطيع الحركة. وبست: الأرض الوعرة المقفلة، ومع مرور الزمن حرفت (سنار بست) إلي (سنابس). ويرى أن قلة العمق والانغلاق خاصية رئيسة من خصائص السنابس، فالسنابس قرية ساحلية أحجارها مرجانية، ما يصعب الملاحة فيها.

وهناك رواية أخري تقول ـ حسب السيد عبدالله السيد حسين الساري ـ بأنها ترجع إلي قبيلة (بني سنبس) التي كانت تسكن المملكة العربية السعودية في منطقة الخبر، وقد فرت هذه القبيلة بسبب الاعتداء الذي تعرضت له في إحدي الليالي إلى البحرين، وسكنت هذه المنطقة وسميت باسمها إلى أن حرفت إلى سنابس، أما باقي أفراد القبيلة فقد اختاروا منطقة (تاروت) بالشرقية، وكذلك سميت المنطقة التي سكنوها سنابس وهي قرية موجودة إلى يومنا هذا وتحمل الاسم ذاته.


التوت الأسود. تذكار «مروزان»

هل تعرفون منطقة «مروزان» الزراعية في السنابس، كانت قطعة من الجمال البهيج، لكنها اليوم عبارة عن أرض قاحلة معدة للبناء... ربما يكون مسجد مروزان ومقبرته الصغيرة هي الشاهد على كان يا ما كان هنا، لكن، يعرف أهل القرية «مروزانهم»... حتى الأطفال، فهنا، بالقرب من شجرة التوت الأسود اللذيذ، قضى الأصدقاء الثلاثة يونس وقاسم وعلاء وقتا في التلذذ بالتهام ما تيسر من ثمر التوت.. طبعا بعد الاستئذان من صاحب البيت الذي تتدلى منه الشجرة.. ولا بأس إن رأيت كفوفهم وقد تلونت باللون الأسود.


التوثيق الإحصائي للقرية

من المهام المميزة في القرية، ما قام بها رئيس لجنة الإحصاء رائد منصور البصري، بتخصيص تقرير يوثق أحداث القرية على مدى 25 عاما، وهذا التقرير يجري مقارنة بين غياب المشاريع الحكومية الخدمية، والنشاط الاستثماري والتجاري على مساحة كبيرة منها، ويقول البصري إن فكرة تسجيل الأحداث التي تمر بها قريته هو عمل اهتم به منذ أن كان يبلغ من العمر 14 عاما، وكان ذلك في العام 1989، وجاءت بعد وفاة أحد شباب القرية من أصدقائه، وبدأ العمل بالتدوين من خلال دكان الجد (البصري) لموقعه في وسط القرية، ما أتاح سهولة استقبال الأخبار، حيث يقع شمال المحل إسكان القرية وغربه مأتم بن خميس وعلى يمينه السنابس الشرقية جنوبه مقبرة السنابس.

ويشير البصري إلى إن عمل لجنة الإحصاء هو عبارة عن توثيق المعلومات والأخبار والأحداث بشكل يومي، ومن ثم إعدادها في قوالب شهرية وإصدارها كتقرير سنوي في نهاية كل عام ميلادي، موضحا أن الأمر المثير في ذلك هو الترقب الذي يسبق نشر الإحصائية من خلال المآتم أو الموقع الإلكتروني للقرية أو الصحف الرسمية، ويشتمل التقرير السنوي على حالات الزواج والوفيات بالإضافة إلى أهم الأحداث شهدتها القرية.

ويقول إنه قبل الإعلان عن الأحداث التي مرت بها قريته من مناسبات وغيرها كان يسبقها بمقدمة قصيرة تقول: «التاريخ مليء بالشخصيات والأحداث والمنعطفات... فماذا في التاريخ من ذكريات... في يومنا هذا بالذات من أناس... اليوم أحياء وغدا في عداد الأموات... فدعونا نفتش ما فات تحسبا لما هو آت... فهيا بنا إلى مائدة التاريخ نلتقي ومن ينابيعه نستقي».

وقد اتضح من خلال تقرير البصري، أن قرية السنابس قد مرت بنقلة نوعية كبيرة، فقد كانت قرية ساحلية، ومن يزورها اليوم يلاحظ للوهلة الأولى أن هناك ما يسمى بالهجمة الاستثمارية الشرسة على أراضيها المتمثلة في المجمعات التجارية والشركات الاستثمارية، في حين غابت عنها المشاريع الخدمية والحكومية إلى ما يقارب عقدين ونصف من الزمن، إذ لم تنفذ الوعود بإنشاء مرفأ للصيادين والمركز الاجتماعي، بالإضافة إلى حاجة القرية الماسة لمدرسة إعدادية للبنين وابتدائية للبنات، وتعتبر مدرسة السنابس الإعدادية للبنات آخر مشروع خدمي حكومي منذ العام 1984، لكن في الوقت ذاته، هناك تفاؤل بمشروع مكتبة السنابس العامة التي تم وضع حجر الأساس لها نهاية العام 2008، وهي أول مشروع خدمي حكومي قادم للقرية.


قرية المؤسسات

بامتياز

ومن بين الأمور التي حرص البصري على تدوينها، هي أن القرية تضم العديد من المؤسسات الاجتماعية، وهي في تزايد مطرد، وقد انطلقت بجهود أهالي القرية، ومن بينها صندوق السنابس الخيري ودوره البارز في دعم الأسر الفقيرة، ومركز الهدى للدراسات الإسلامية والمآتم الحسينية ودورها في إحياء الشعائر الحسينية وجمعية الإسكافي لتزيين البحرين ولجنة السجاد للأعمال الخيرية، بالإضافة الى مركز السنابس الثقافي، أما مسرح قرية السنابس فله دور لافت ويعتبر من أنشط المسارح مقارنة بالقرى الأخرى.

ويؤكد على أن كل تلك الإنجازات قد تمت من خلال أهالي السنابس الطيبين والمعروف عنهم حبهم للعمل التطوعي، معتبرا السنابس أرض خصبة لنشر الأفكار وترويجها مقارنة بالقرى الأخرى متحدية الحملات الإعلامية التي تقوم ضدها، ولكن أبناء السنابس ما زالوا سباقين لأي عمل خير يعود بالنفع على بلدهم وقريتهم.


موقع استراتيجي وثقل انتخابي

ويبين البصري أن السنابس بحكم وقعها غرب العاصمة المنامة، وتعتبر خاصرتها الجنوبية وهي في الدائرة الرابعة من محافظة العاصمة، تجمع كل من السنابس وكرباباد والسيف، وتبلغ مساحة القرية ما يقارب 9 كيلومترات ويبلغ تعداد القرية حسب آخر الإحصائيات 18000 ألف نسمة، وتبلغ الكتلة الانتخابية للقرية 4800 صوت وتشكل ما نسبته 77 في المئة من إجمالي الكتلة الانتخابية للدائرة الرابعة الذي يبلغ 7500 صوتا.


الموقع

تعداد السكان

يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة.

مجمعاتها

تشمل ستة مجمعات سكنية وهي كالتالي (402) منطقة (مني) (404) وسط السنابس ومجمع (406) والتي تشمل مروزان والجمة، ومجمع (408) وهي منطقة الإسكان الجديدة، أما مجمع (410) فيشمل المنطقة التجارية.

مرافقها

في قرية السنابس تعقد بين فترة وأخري اجتماعات المجلس التنسيقي والمكون من 7 مؤسسات اجتماعية تشمل أربعة مآتم حسينية إضافة إلى الصندوق الخيري والجمعية التعاونية ومركز السنابس الثقافي حيث تناقش هذه المؤسسات القضايا المتعلقة بتحسين وتطوير المنطقة وذلك من خلال اجتماعاتها الدورية التي تبحث كل ما يهم أهالي القرية، وهناك أيضا جمعية الإسكافي لتجميل البحرين.

أشهر مساجد القرية

مسجد الخضر، مسجد آل عبدالحي، ومسجد سيد فلاح، ومن المآتم الحسينية مأتم بن خميس، ومأتم السنابس الجديد ومأتم مروزان ومأتم مني ومأتم ملا عيسى.

العدد 2425 - الأحد 26 أبريل 2009م الموافق 01 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً