في الوقت الحاضر، اشتدت الازمة المالية العالمية، إذ تعرض العديد من الكيانات الاقتصادية بما فيها الصين للتأثيرات.
وشهدت الازمة المالية فى هذا الوقت من العام الماضي مرحلتها البدائية، لكنني اثق بأن الجميع لم يتوقع فى حينه، أن يصبح اقتصاد العالم في مثل هذه الدرجة من الفوضى والاضطرابات. وان هذه الازمة الاسوأ لم أواجها أنا بصفتي صاحب بنك منذ 25 سنة، وقد تعد اسوأ تدهور يشهده اقتصاد العالم منذ ثلاثينيات القرن السابق فى العالم. خلال هذه الازمة، هناك العديد من الدروس علينا أن نأخذها وعلى البنك، والهيئة المالية، والحكومة، وجهاز الرقابة والمستهلك أن يأخذ الدروس منها جميعا.
تلعب الصين دورا أهم في اقتصاد العالم. وخلال السنوات العديدة، عمل كثير منا جاهدين على تقديم المساهمات في تنمية اقتصاد الصين، ندرك جميعا أن الصين تعد ثالث كيان اقتصادي في العالم في الوقت الحاضر، وقد تصبح كيانا وحيدا في العالم من المتوقع أن يصل اجمالي ناتجه الوطني الى 8 في المئة في العام 2009.
ازدادت القوة التأثيرية الصينية في اقتصاد العالم يوما بعد يوم، وذلك يعني أن الاهمية العظيمة بالنسبة الى اي شخص منا والعالم كله، هى أن الصين ستتحول من خلال هذه الازمة المالية العالمية الى اقوى واذكى.
نرى بسرور وفرح أن الاجراءات التي تتخذها الحكومة الصينية لحفز نمو اقتصادها حققت فعاليات ايجابية على رغم مواجهة اقتصاد العالم فقدان الثقة.
وتركت الحكومة الصينية التي تتخذ اجراءات سريعة وحازمة انطباعات عميقة في اذهان الناس، لأنها نجحت في المحافظة على الثقة بالسوق، وضمنت نمو اقتصاد الصين على نحو مطرد. وفي الاشهر، حتى السنوات المقبلة، سيواصل الناس تحليل اسباب نشوب هذه الازمة والدروس منها، لكنني ارى أن هذه الازمة لن تغير الاتجاه الاساسي لاقتصاد العالم منذ اكثر من 20 سنة.
إن الاتجاه الذي اقصده هو أن مركز ثقل اقتصاد العالم ينتقل الآن الى الاسواق الناشئة وخاصة آسيا، أما الصين فهي دولة قوية في آسيا.
نرى من المستقبل البعيد أن انتقال مركز ثقل اقتصاد العالم سيحدث تأثيرا أعمق في الاسواق المالية العالمية. مع تعاظم الكيانات الاقتصادية فى آسيا والشرق الأوسط، سنرى أن الأسواق الاقليمية والمحلية تشهد تنمية متواصلة. وستبقى المزيد من الرساميل التي تخلقها الاسواق الناشئة سريعة النمو في بلدانها الخاصة، وذلك لا مفر منه، ويرغب فيه الناس ايضا. وهو شيء جيد بالنسبة الى الكيانات الاقتصادية المتطورة والكيانات الاقتصادية الناملية أيضا.
هذه الازمة مصدرها متشابك ومعقد، يجب أن تتعاون حكومات جميع البلدان، والاوساط التجارية، والاكاديمية يدا بيد في السعي الى البحث عن طرق تؤدي الى حلها. إن الاسواق المنفتحة واتصال بعضها بالبعض لاتزال قوة دافعة لحفز نمو الاقتصاد، ولاتزال اسلوبا خاصا لتخلص الملايين من الفقراء من الفقر. لذلك، علينا أن نواصل اصلاح السوق. وفي الوقت نفسه، علينا أن ننتبه الى التهديد الشديد الناتج من الحمائية. نحتاج إلى ترابط بعضنا بالبعض حتى ولو في الصين، وأوروبا، واليابان، والولايات المتحدة، لأن الاقتصاد المعاصر هو جسم موحد، ويعتمد بعضه على البعض الآخر انطلاقا من زاوية نمو الاقتصاد.
العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ