مازال التهكم على الفرنسيين اشبه بهواية وطنية واسعة الانتشار في الولايات المتحدة بعد سنتين ونصف السنة على توتر العلاقات بين باريس وواشنطن اثر معارضة فرنسا الحرب على العراق. وقد اختارت سلسلة "سابواي" للماكولات السريعة شعارا مثيرا للجدل لحملة دعائية تروج فيها لسندويتش جديد ويقول الشعار "فرنسا والدجاجة شيئان متناسبان بطريقة أو بأخرى". وقد أرفق الشعار بصورة لدجاجة تلبس زيا يشبه ملابس نابليون بونابرت. وبالنسبة إلى الأميركيين، تعني كلمة "دجاجة" أيضا "إنسان جبان". لذلك أثارت هذه الدعاية غيظ الجالية الفرنسية في الولايات المتحدة التي نددت بالطابع العنصري للحملة. وقد سحبت الالواح الدعائية من السوق بسرعة علما بأن الحملة كان يفترض أن تستمر شهرا كاملا. وقال الناطق باسم سلسلة "سابواي" التي تملك عدة مطاعم في فرنسا لوكالة "فرانس برس" ان الحملة ليس فيها أي أبعاد عنصرية وأكد أن الشعار يدافع بالواقع عن المطبخ الفرنسي. وقال الناطق بريدنبايكر "أردنا ان نروج لفكرة التناسق التام بين المطبخ الفرنسي وسندويتشاتنا الجديدة "..."، لكننا عندما وجدنا أن الحملة صدمت عددا من الناس سارعنا إلى سحب الالواح الإعلانية من جميع مطاعمنا". لكن لا يمكن أن نعتبر أن الخلاف الأميركي الفرنسي هو بالواقع مبني على سوء تفاهم كتفسير "سابواي" للمشكلة التي طرحتها حملتها الإعلانية الجديدة. فمازال التهكم على الفرنسيين مقبولا في بلاد العم سام وما حملة "سابواي" الا تجسيد لتلك الممارسة المقبولة بالنسبة إلى عدد كبير من الأميركيين. وعلى رغم انفراج العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الأميركية وعودة تسمية "فرنش فرايز" "بطاطا مقلية فرنسية" للبطاطا المقلية بعدما كان يسميها بعض التطرفين "فريدوم فرايز" "بطاطا الحرية"، مازالت المشاعر المعادية لفرنسا منتشرة بشكل كبير في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، يقول الفرنسي دوني شازيل الذي يقيم في واشنطن منذ سنوات كثيرة واطلق في مارس/ آذار موقعا على شبكة الإنترنت يهدف إلى تغيير نظرة الأميركيين إلى فرنسا وسكانها، ان "وصف الفرنسيين بانهم قذرون وجبناء لا أحد يحتج عليه وكأننا نقول إن الظهر هو منتصف النهار". وأضاف شازيل "أعتقد أن ظاهرة التهكم على الفرنسيين هي أسوأ حاليا مما كانت عليه منذ سنتين لأن المجتمع بات يتقبلها وأصبحت جزءا من الممارسات الطبيعية في المجتمع". واعتبر شازيل أنه لو استهدفت حملة "سابواي" مكسيكيين أو إسرائيليين أو إيطاليين لكانت الشركة أصبحت مهددة بالمقاطعة وكانت اجبرت على طرد عدد من المسئولين فيها على الارجح. وأضاف "لكن الهدف هم الفرنسيون وبالتالي لا أحد يأبه بهم "..." فيمكن للناس هنا أن يشهروا بكراهيتهم لفرنسا من دون أية مشكلة". وانشأ مارك سانت اوبين دوكورمييه وهو فرنسي آخر مقيم في الولايات المتحدة، موقعا آخر على شبكة الإنترنت لرصد الحوادث المعادية للفرنسيين في أميركا الشمالية. وقال لـ "فرانس برس": "هناك مشاعر معادية لفرنسا مترسخة في الثقافة الأميركية". وذكر دوكورمييه بتعليقات المذيعين التلفزيونيين لدى مرور إعصار كاترينا في جنوب الولايات المتحدة. وقد ركزت هذه التعليقات كثيرا على التهكم على المساعدة التي قدمتها فرنسا لضحايا الإعصار. وعشية اعتداءات لندن في السابع من يوليو/ تموز، سخر مقدم تلفزيوني من باريس التي لم تخترها اللجنة الأولمبية لتنظيم ألعاب .2012 وقال "لقد فوتت اللجنة الأولمبية فرصة ذهبية لأنها لو اختارت فرنسا لكان الإرهابيون فجروا باريس، ومن يأبه لذلك؟"
العدد 1128 - الجمعة 07 أكتوبر 2005م الموافق 04 رمضان 1426هـ