أكد رئيس مجلس بلدي الوسطى إبراهيم حسين إسماعيل أن "من أبرز الإشكالات الحقيقية التي تواجه مسيرة العمل البلدي في المجالس، هو غياب المذكرة التفسيرية لقانون البلديات، ومحاولة إيجاد ثغرات واضحة في اللائحة التنفيذية كان من الواجب ألا تكون، حتى أن اللائحة المذكورة كتبت في مقر الحكومة وأعطت الأجهزة التنفيذية فيها صلاحيات كبيرة جدا على حساب المجالس". ورفض الرئيس البلدي في لقاء صريح وشامل مع "الوسط"، إلصاق صفة التشريع بالبلديين، إذ تمسك بأن الأخيرين إداريون، والدستور يؤكد أن المجالس هيئات إدارية مستقلة وعليها أن تمارس الإدارة بصورة مباشرة. ورأى الرئيس البلدي أن مشروع جلالة الملك للبيوت الآيلة للسقوط "أوكل إلى مؤسسات وأجهزة ضعيفة بما فيها وزارة الإسكان التي فيها فريق عمل غير قادر حتى الآن على أن يدير المشروع بالأسلوب الذي يتطلع إليه بلدي الوسطى"، هذا إلى جانب مكاشفات أخرى أدلى بها حسين لـ "الوسط" في سياق الحديث الآتي: ما أبرز إنجازات المجلس خلال السنوات الثلاث الماضية؟ - المجالس البلدية بدأت وفق فلسفة جديدة قائمة على الشراكة الشعبية، وجاءت في إطار المنظومة الإصلاحية لجلالة الملك على اعتبار أن المجالس هي انطلاقة المشروع الإصلاحي، وهي أحد مؤسسات المجتمع المدني المبني على المؤسسات. في البداية كانت المجالس فكرة جديدة على الحكومة التي اعتمدت المركزية، وعلى الممثلين الذين يرون أن هذا أمر جديد عليهم، وعلى الناس الذين يتوقعون كل شيء من هذه المجالس. في السنة الأولى كان كل ما سعينا إليه هو الوقوف بوضوح على اختصاصات ومسئوليات وأدوار المجلس البلدي والأعضاء، وكانت فترة احتدم فيها الجدال والخلاف بين المجلس ووزارة البلديات ووزارات الدولة الأخرى، ولكن بعد ذلك دخل المحافظون ودخلت الوزارات، وكان هناك خلاف مع الأجهزة التنفيذية وآخر مع "البلديات"، ولكننا أخيرا وصلنا إلى قناعة معينة، وهي التعامل مع المتاح من الأمور والسعي نحو المزيد، ولم نحصل على كل ما أردنا ولكننا وفقنا في أن نشق طريقا متواضعا على الأقل في بداية الأمر. كانت السنة الأولى في هذا المخاض وفي هذا التباين والتداول، فترة لتشخيص الأدوار والمهمات والمسئوليات وما يعرف بالصلاحيات التي أقرها قانون البلديات رقم "35" لسنة 2001 وبدء التنسيق مع مختلف الوزارات. في السنة الثانية، حاولنا أن نقف على مطالب الناس بوضوح، وأن نشخص احتياجات ومتطلبات منطقتنا ومجتمعنا وأهالينا ودوائرنا، ولذلك - فالسنة الثانية - كان هدفها الأساسي هو الوقوف على احتياجات المنطقة وتشخيص متطلبات الدوائر والوقوف على المشكلات التي تعترض التنسيق بيننا وبين الوزارات وتنظيم آلية هذا التنسيق من خلال فرق العمل، وتشكيل لجان متخصصة. والسنة الثالثة كانت فترة إنجاز متواضع انتهينا منه. لم يكن الإنجاز بمستوى الطموح، ولكن على كل حال، كانت المراحل السابقة لابد منها، ومن الضرورة أن نقف على صلاحياتنا ومسئولياتنا وأدوارنا وإقناع الآخرين بها، ولابد من التعرف على المشكلة لدينا واحتياجات المنطقة. وأعتقد أن تعاون وزارة البلديات في الآونة الأخيرة كان أكثر إيجابية، كما أعتقد أن المراحل الثلاث في السنوات الثلاث الماضية، كانت مؤشرا إيجابيا على أن طريق المجالس البلدية ناجح وأن المقبل سيكون أكثر قوة، ولذلك فنحن حملنا في دور الانعقاد الرابع للمجلس في فصله الأول شعار التطوير الشامل للنظام الإداري وآلية التنسيق ولإدارة المشروعات بصنفيها الاستثماري والعام، والتي تدار من خلال أسلوب العلاقات بيننا وبين مؤسسات الدولة والمنظمات في الداخل والخارج. وأستطيع أن أقول إننا في مسألة الشوارع التجارية أقرينا أكثر من 110 شوارع تجارية، وصنفنا كثير من المناطق، وساعدنا على حل إشكالات السكن عندما حولنا الكثير منها من سكن "أ" إلى "ب"، وسمحنا بالشقق وعملنا على موضوع تحويل تأجير الشقق إلى تمليك الشقق عموما وتمليك الطبقات أو سكن المستويات، ودفعنا في اتجاه تخطيط المناطق التي لم يتم تخطيطها حتى الآن، ووسعنا نطاق امتدادات القرى في كل من توبلي والمعامير والنويدرات والعكر وسترة والمخطط الكبير في سلماباد، واستخدمنا أسلوب تنمية حركة الاستثمار إلى درجة أن المنطقة الوسطى الآن بها الكثير من العوامل الايجابية المشجعة، وهي تعتبر الآن منطقة تتمركز فيها جميع المؤسسات التعليمية الخاصة والجامعات، وبها مقرات أربع أو خمس صحف محلية، ومعظمها على شارع الاستقلال الذي يمكننا أن نطلق عليه شارع الصحافة. عمليا، هناك الكثير من الآفاق يمكن لملمتها في شكل إنجاز، لكن هل هذا الإنجاز ملحوظ؟ هل هو مقنع؟ هل يساوي الجهد ومستوى المعاناة؟ يبقى أن هذه جوانب أخرى، هذا التقييم سيترك للآخرين، وأعتقد أن التقارير التي أعددناها للسنوات الثلاث الماضية كانت كفيلة برصد إنجازاتنا، وأتمنى من الآخرين "المراقبين والقائمين على تقييم الأعمال" أن يقوموا بتقييمنا، ولكننا نقول إننا راضون عن أسلوبنا في الأداء وعملنا ينصب في أن نصنع شيء على أرض الواقع ونتطلع إلى ما هو أفضل وأحسن. مسألة الإنجاز تتوقف على المقيم وليس علينا، فربما ما نراه إنجازا يراه الآخرون خطوات اعتيادية، ولكننا عمليا مطمئنين لأسلوبنا في العمل، ونتطلع إلى ما هو أفضل. ما أهم العوائق التي تقف أمام إتمام مشروعاتكم وإنجاح مهمتكم البلدية؟ - العوائق تتمثل في النقطة الأولى وهي فهم دورنا، فوزارات الدولة والأجهزة الحكومية مازالت متمسكة بمسئوليات وأدوار ليست من اختصاصها بعد قدوم المجالس البلدية، في حين أنها لا تتعدى كونها أجهزة تنفيذية فقط، وقد ولى زمن التخطيط والتنفيذ المنفرد. وجانب من الإشكالات الحقيقية إصرار الأجهزة التنفيذية في وزارات الدولة على أن تتصدر وتقوم بمهمات وأدوار ومسئوليات ليست من اختصاصها، والبديل الحقيقي لها هو المجالس البلدية، وهذا جانب مهم جدا. الجانب الآخر يمثل أحد المحكات الطبيعية، وهو غياب المذكرة التفسيرية لقانون البلديات، ومحاولة إيجاد ثغرات وتفصيلات واضحة في اللائحة التنفيذية كان يجب ألا تكون، إلى درجة أن اللائحة المشار إليها كتبت في مقر الحكومة وأعطت الأجهزة التنفيذية صلاحيات كبيرة جدا، وكان ذلك على حساب المجالس والمساحة الواسعة التي من خلالها صدر قانون البلديات الذي حاول أن يدفع بترسيخ الشراكة الشعبية وفق المشروع الإصلاحي، في حين أن اللائحة التنفيذية جاءت منحازة بشكل كبير إلى الأجهزة التنفيذية. والجانب الثالث من العوائق الرئيسية هو تعجل الناس للإنجاز بسبب بقائهم فترة طويلة جدا أمام تراكمات وإشكالات وعوائق حقيقية وعقبات واضحة في سبيل الإنجاز، لدرجة أن مناطق واسعة وشاسعة من القرى والدوائر كانت مهملة ومركونة ولا يأتيها التطوير أو الخدمات، وعندما جاءت المجالس توقع هؤلاء الناس بأنها ستكون العصا السحرية التي ستفعل كل شيء دفعة واحدة، وكأنها ستحول المناطق المهملة إلى فردوس وجنة غير متوقعة، وهذا الأمر كان من بين الإشكالات. هذا، بالإضافة إلى خبرة الأعضاء الذين جاءوا وفق إرادة الناس ويعبرون عنها، ولكن ليسوا بالضرورة اختصاصيين وأصحاب دراية، فقلة الخبرة سواء أكانت من الحكومة أم من الأعضاء كانت مشكلة حقيقية، ومع ذلك فإن الواقع على رغم عوائقه يبدو في طريقه إلى التحسن الملحوظ، والرهان سيكون على التعاون وتضافر الجهود والتزام الجميع بمسئولياتهم، بعد فهم الالتباس وفك التداخل ما بين الصلاحيات والأدوار. ما الذي لم تتمكنوا من تحقيقه؟ - من المؤكد ذلك، فنحن مازلنا في بداية الطريق ومازالت طموحاتنا كبيرة جدا، ومازلنا في الانطلاقة الأولى، بل نحن نحتاج إلى الخبرة والدراية والاختصاص والتفاعل مع الآخرين والالتقاء والاطلاع على تجارب البلدان الأخرى، فنحن بحاجة إلى الكثير على مستوى التدريب والخبرة والنظام الإداري وإدارة وإقامة المشروعات وتطوير التنمية، وهو ما يستلزم وضع استراتيجية لخطط بعيدة المدى وتمكن من الدور والمسئولية وهي أبعاد لم نصل إليها بعد. ونطمع أن تكون الأيام المقبلة والجيل المقبل من البلديين قادرا على أن يبلور الأمور، فيكفينا أن نبدأ فترة التأسيس في الوقت الجاري ويسير الركب بالقادمين إلى ما هو أفضل. ما مدى تعاون الجهاز التنفيذي معكم وما هو تقييمكم لأدائه؟ - بحسب ما هو موجود ووفق المعطيات الحاضرة، نحن نعتبر الجهاز التنفيذي في بلديتنا الوسطى متعاونا، ولكن هناك لبسا بدأه الفريق الأول في وزارة البلديات عندما اعتبر أن الجهاز التنفيذي يتبع الوزير وتوجيهاته، كان هذا مشكلة حقيقية، لذلك تعامل الإخوة في الجهاز في عموم البلديات على أنهم شيء يستقل عن المجالس البلدية، وهذا خطأ جسيم يجب أن يوقف، لذلك نحن نتطلع إلى أنه مثلما جاء في قانون البلديات من أن البلدية كيان واحد وشخصية اعتبارية تتكون من جناحين "المجلس البلدي والجهاز التنفيذي"، الأول جاء ليصدر القرارات والأوامر والتوجيهات، والثاني ينفذ هذه القرارات. وبطبيعة الحال، أريد أن أقول إننا في المجالس إداريون، والدستور يؤكد على أن المجالس هيئات إدارية مستقلة، لسنا تشريعيين لذلك يجب أن نمارس مباشرة الإدارة، فأنا في موقعي هنا إداري، وأقوم بإدارة هذه المؤسسة، والأجهزة التنفيذية وجدت لكي تقوم بتنفيذ القرارات التي أصدرها مع إخوتي في المجلس، فضلا عن التوصيات والأوامر التي أقدمها وتوكل إليهم. ما رؤيتكم لتطوير العمل البلدي؟ - العمل البلدي وفق فلسفة المجالس قائم على الشراكة الشعبية، والبلديات المركزية كانت تعني في السابق الاهتمام بالشئون البلدية البحتة المتعلقة بتراخيص البناء والإعلان والحدائق والمنتزهات، ولكنها اليوم تشمل جميع خدمات البنية التحتية والمرافق المحلية والخدمات العامة والصحة والإسكان والأوقاف وما إلى ذلك. إذا، رؤية العمل البلدي الشاملة هي بداية تصور وتنضيج لما يفهم بالإدارة للمرافق
العدد 1160 - الثلثاء 08 نوفمبر 2005م الموافق 06 شوال 1426هـ