تجري الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية اليوم )أمس( مفاوضات شاقة للتوصل الى اتفاق ادنى بشأن خفض الدعم للصادرات الزراعية في العالم وخطة لمساعدة الدول الشديدة الفقر لتفادي الفشل في اجتماعها من أجل تجارة اكثر عدلاً. وتجري هذه المفاوضات في هونغ كونغ وسط معارضة كبيرة. فقد ادت تظاهرة لمعارضي العولمة في المدينة الى مواجهات مع الشرطة، لكنها لم تبلغ مستوى العنف الذي سجل في الاجتماعات السابقة للمنظمة. واستخدم نحو 400 من عناصر شرطة مكافحة الشغب مواد تسبب العمى الموقت لإبعاد عشرات المحتجين الذين كانوا يحاولون اقتحام المنطقة الامنية التي اقيمت حول المبنى. وعشية اختتام المؤتمر الوزاري سلم مدير المؤسسة باسكال لامي الدول الـ 149 الأعضاء نص تسوية، بعد مشاورات استمرت 4 أيام. وستناقش الدول الاعضاء هذه الوثيقة طوال الليل لرفضها أو الموافقة عليها، والتي يجب ان تكون باجماع وفي موعد اقصاه اليوم (الاحد). وقد رأى المفوض الأوروبي للتجارة بيتر ماندلسون ان الاتحاد الاوروبي يواجه »عدداً من المشكلات« مع مشروع البيان الوزاري، وأنه »ليس النص الذي كنا نأمل فيه«، مضيفا »نأمل ان يتم تحسينه«. إلا أن المفاوض الاوروبي، أكد أنه »سنواصل المفاوضات لأننا جئنا للتوصل الى نتيجة«. وتوقع ماندلسون »التعرض لضغوط« في القمة ليقبل الاتحاد الاوروبي بتحديد موعد لإلغاء الدعم عن الصادرات الزراعية. وقال في بيان: »نتوقع ان نتعرض لضغوط هذا المساء بشأن دعم الصادرات، وسندافع عن مصالحنا«. لكن لا شي يضمن ان المنظمة ستنجح في تجنب تكرار ما حدث في مؤتمرها السابق في كانكون في المكسيك في 2003، والذي مني بالفشل وسط تبادل الاتهامات بين الشمال والجنوب. وقال وزير الخارجية البرازيلي سيلسو اموريم الذي يتحدث باسم الدول الناشئة »لم نتفق على شيء«. إلا أن مشروع التسوية يحاول تحقيق مطالب الدول الفقيرة التي تندد بالمساعدات التي تدفعها الدول المتطورة لمزارعيها، وخصوصاً الدعم الاميركي المالي لصادرات القطن الذي أصبح رمزاً لعدم عدالة النظام التجاري العالمي. وهددت الدول الافريقية، التي يؤثر دعم الدول الغنية لصادراتها الزراعية، على انتاجها بشكل سلبي في الاشهر الاخيرة بافشال المؤتمر اذا لم تتم تلبية مطالبها. وفي مبادرة حيال افريقيا، ينص مشروع لامي على إلغاء دعم صادرات القطن العام المقبل. لكن افريقيا التي كانت تطالب بتطبيق هذه الخطوة اعتبارا من نهاية 2005 لم تحصل على برنامج زمني محدد لإلغاء كل اشكال الدعم للقطن. وقال رئيس رابطة منتجي القطن الافارقة فرنسوا تراوري: »لسنا راضين وهذا ليس ما طلبناه«، بينما ذكرت منظمة اوكسفام ان دعم الصادرات الاميركية لا يمثل سوى 10 مليارات دولار تدفع سنوياً الى المزارعين الاميركيين. ولم تحصل الدول الاقل تقدماً أيضاً (السبت) على التزام ملموس من الدول الغنية بشأن دخول منتجاتها من دون رسوم جمركية ومن دون نظام حصص الى اسواق هذه البلدان، إذ إن عدة دول متطورة تحاول الحصول على استثناءات لبعض المواد. وقال وزير التجارة الزامبي ديباك باتيل: »نريد أرقاماً«. واعتبرت الدول الرئيسية الاربع المنتجة للقطن في غرب افريقيا أن الاقتراحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة »غير كافية«. واقترحت الولايات المتحدة إلغاء دعمها لصادرات القطن وإلغاء الرسوم الجمركية على المواد الاولية المستوردة من غرب افريقيا. واذا كانت الولايات المتحدة مستهدفة بشأن القطن فإن العملاق التجاري الثاني (الاتحاد الأوروبي)، مستهدف لمجمل الملف الزراعي، اذ حصل شركاؤه في نص لامي على موعد محدد لإلغاء كل اشكال الدعم المقدم للتصدير. ويقضي النص باختيار واحدة من صيغتين: اما تحقيق ذلك في 2010 أو »خلال خمس سنوات اعتبارا من بدء تطبيق« الاتفاق التجاري المتعدد الاطراف المقبل. وهذا الخيار الثاني يمدد المهلة الى 2013، اي الموعد الذي لن تعود السياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الاوروبي في منأى عن اصلاح جديد على كل حال. لكن المنظمات الزراعية للاتحاد الاوروبي وصفت مشروع التسوية بأنه »تراجع غير مقبول« ودعت الى »الحزم«.واعتبرت المفوضة العليا السابقة لحقوق الانسان في الامم المتحدة ماري روبنسون ان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي »تتحملان مسئولية مشتركة« عن فشل المفاوضات بشأن انفتاح التجارة العالمية على حساب الدول النامية. وقالت روبنسون التي تتولى حاليا رئاسة الشرف لحركة »اوكسفام« التي تدافع عن حقوق الفقراء: »على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ان يتحملا تلك المسئولية المشتركة، وأن قيادة دورة التنمية يجب ان تنبع ممن افادوا من التنمية في بلدانهم«
العدد 1199 - السبت 17 ديسمبر 2005م الموافق 16 ذي القعدة 1426هـ