تجددت المعارك العنيفة أمس في شرق تشاد بعد خمسة أيام على دخول متمردين تشاديين قادمين من السودان في هجوم يستهدف أنجمينا، فيما توالت في الخارج الإدانات لهذا الهجوم.
وأعلن المتمردون والحكومة أن «معارك عنيفة» برية تدور بين اتحاد قوى المقاومة (تحالف تسعة فصائل متمردة) والقوات الحكومية «منذ ساعات الصباح الأولى» قرب أم دم (أكثر من مئة كلم جنوب ابيشي).
وابيشي كبرى مدن شرق البلاد وهي مدينة إستراتيجية تؤوي مقرات المنظمات غير الحكومية ومطارا عسكريا يستخدمه الجيشان الفرنسي والتشادي والقيادة العسكرية التشادية لشرق البلاد. وهي تقع على مسافة 600 كلم تقريبا من العاصمة.
وأكدت سلطات أنجمينا عبر التلفزيون العام أنها «سيطرت» على ستين آلية للمتمردين في منطقة هويش، فيما أفاد المتمردون عن سقوط «عشرات القتلى والجرحى» وأسر العديد من عناصر القوات الحكومية، في بيان تلقته وكالة فرانس برس في ليبرفيل.
كذلك أفاد المتمردون عن تدمير عدة دبابات و «آليات مسلحة وآليات تموين» للجيش، من دون ذكر حصيلة بالقتلى والجرحى. ولم يكن من الممكن الاتصال بأي مصدر في اتحاد قوى المقاومة للحصول على المزيد من التفاصيل.
ودارت معارك عنيفة الخميس بين المتمردين والقوات الحكومية في بلدة أم دروسة القريبة من أم دم شاركت فيها قوات جوية وبرية، بحسب ما أفاد الطرفان اللذان أعلن كل منهما تفوقه على الآخر.
وأفادت قيادة أركان الجيش عن سقوط 247 قتيلا بينهم من المتمردين و22 من العسكريين، فيما لم تصدر أية حصيلة عن اتحاد قوى المقاومة.
كما ذكر الجيش إصابة 30 عسكريا بجروح وأسر 152 شخصا وتدمير وضبط آليات للمتمردين الذين تتهم تشاد السودان بدعمهم.
وأكدت الحكومة أنها حرصت على تجنيب المدنيين آثار الحرب إذ جرت المعارك «خارج المدينة».
ويؤوي شرق تشاد نحو 450 ألف لاجئ من دارفور وإفريقيا الوسطى ونازحين تشاديين، وقامت بعض الوكالات من باب الحيطة بنقل غالبية موظفيها من المنطقة والحد من نشاطاتها فيها.
و يؤكد المتمردون الذين دخلوا شرق تشاد في الرابع من مايو/ أيار الجاري قادمين من السودان المجاور، أن «هدفهم الأخير» هو العاصمة نجامينا التي سبق أن دخلها في فبراير/ شباط 2008 ائتلاف سابق من المتمردين كاد يطيح الرئيس إدريس ديبي.
من جهتها، تؤكد الحكومة أنها اتخذت كل التدابير لصدهم.
ومن المفترض أن يعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة اجتماعا يخصص لمناقشة الوضع في تشاد على ضوء هذا الهجوم الذي دانته الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي.
ودان الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا «بحزم» أمس الهجوم الذي يشنه المتمردون في تشاد و»أعمال العنف» التي يرتكبونها، ودعاهم للتفاوض مع حكومة أنجمينا.
وأعلنت واشنطن الخميس دعمها «لأمن تشاد واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها» داعية المتمردين إلى «وضع حد لكل عملياتهم الهجومية» و «التفاوض مع أنجمينا». كذلك أعربت باريس عن «قلقها لهذا الانتهاك لوحدة أراضي تشاد وسيادتها» من قبل تشاديين «مدعومين» من السودان، ما يشكل بنظر باريس «انتهاكا للاتفاقات» الموقعة بين البلدين الجارين، وفي طليعتها الاتفاق الموقع في الرابع من مايو في قطر.
ووقعت أنجمينا والخرطوم اللتين تتهم كل منهما الأخرى بالسعي لزعزعة استقرارها من خلال دعم مجموعات مسلحة متمردة، عددا من الاتفاقات الرامية إلى تسوية الخلافات بينهما، غير أنها بقيت حتى الآن حبرا على ورق.
على صعيد آخر نفت السلطات التشادية أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تجنيد جنود أطفال على أراضيها معتبرة الأمر «خرافة»، وذلك ردا على التقرير الذي أصدره المجلس في جنيف مساء الخميس بشأن الوضع في هذا البلد. وقال الوفد التشادي إن «الحكومة يمكنها أن تؤكد أنه داخل الحدود التشادية لا يوجد تجنيد للأطفال حاليا وأن ظاهرة الأطفال الجنود التي يحظرها القانون هي خرافة». وأضاف المصدر «منذ العام 2004، توقفت عملية تجنيد أطفال جنود كليا».
وأوضح أن «الوضع هو نفسه في مخيمات النازحين». ويترأس الوفد التشادي إلى مجلس حقوق الإنسان عبد الرحمن جاسنباي. ورفضت تشاد هكذا توصيات إسبانيا وسلوفينيا إذ طلبتا منها تحديد سن الـ 18 عاما كحد أدنى لتجنيد أطفال جنود ومنع تجنيد القاصرين في مخيمات اللاجئين.
وحسب عدد من المنظمات الدولية ومن بينها الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان «يوجد داخل الجيش التشادي أطفال جنود تقل أعمارهم عن 18 سنة».
ومن جهة أخرى، وافقت تشاد على عدد من التوصيات التي رفعها عدد من الدول الغربية وكذلك ماليزيا وأذربيجان وتركيا تتعلق بتسريح الأطفال الجنود ووضع آليات تمنع هذه الظاهرة.
العدد 2437 - الجمعة 08 مايو 2009م الموافق 13 جمادى الأولى 1430هـ