فتحت العاصمة (المنامة) أحضانها مساء أمس (الأربعاء) لتعانق حشود المعزين الذين توافدوا لإحياء ليلة العاشر من المحرم من مختلف مناطق مملكة البحرين بالإضافة إلى المشاركين من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي والسياح، فيما قدرت الهيئة العامة للمواكب الحسينية حجم المشاركة هذا العام بما يتراوح بين 180 و200 ألف مُعَزٍّ.

ووفق الجدول الزمني المعد لمآتم المنامة، انتظمت المواكب العزائية في حلقاتها التي شهدت مشاركة حاشدة بقصائدها التي حملت مضامين النهضة الحسينية الخالدة، وسبقها الحضور اللافت للاستماع إلى محاضرات خطباء المنبر من داخل البحرين وخارجها والتي تنوعت بين القضايا العاشورائية الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما استقطبت فعاليات الخيام السنوية ضمن مشروع عاشوراء البحرين ومهرجان الإمام الحسين الفني والمرسم الحسيني الجماهير تماماً كما استقطبتها حملات التبرع بالدم والفعاليات الفنية والصحية التثقيفية التي شهدتها الليالي السابقة.

وتتميز مملكة البحرين على الكثير من الدول العربية والإسلامية في إحياء ذكرى عاشوراء، وتستنفر الأجهزة الحكومية والأهلية استعداداتها لإحياء هذه المناسبة وخصوصاً على مستوى تهيئة الظروف المناسبة لاستقبال المُعَزِّين.

في كلمة له بمناسبة العاشر من محرم... قاسم:

الإسلام ينتشل المجتمع من أحط الوهاد ليرتفع به ويبنيه شامخاً عزيزاً

المنامة - محرر الشئون المحلية

ألقى الشيخ عيسى قاسم كلمة بمناسبة العاشر من محرم مساء أمس أمام مسجد الخواجة بالمنامة قال فيها:

«هيهات منا الذلة» كلمة يفرضها الفكر التوحيدي، كلمة ليست سطحية، وليست أمراً عابراً في حياة الإنسان المسلم، وليست ملامستها لقلبه ملامسة خفيفة، كلمة يفرضه الفكر التوحيدي ومشاعر هذا الفكر، والأخلاقية النابت في ظله، والتربية القائمة عليه، والنفسية المهتدية بهداه، والإرادة الصلبة من صنعه، كل ذلك يفرض على المسلم فرضاً، بل هو ينبع من داخله، بكل رضا واطمئنان وعشق بأن يقول «هيهات منا الذلة».

ما هي الذلة التي تتنزه عنها ساحة الحسين عليه السلام وكلِّ أبي ٍعلى خط الحسين عليه السلام؟ كما سبق كان فقدُ الناصر، وكثرة العدو، وشراسة بطشه، وكان ما يتهدد سيد الشهداء من الهزيمة العسكرية المتيقنة حسب المعطيات الموضوعية القائمة يوم العاشر وفي لحظة القتال، يتهدده تعليق الرأس على قناة الرمح، إلى آخر الكوارث والمصائب التي كانت في انتظار البيت العلوي الشهم الكبير.

هل ننكر أن هناك ذلة مادية خارجية، فقد كان الحسين عليه السلام محاط بكل أسباب الذل الخارجي والمغلوبية على الأمر، أما نفس الحسين عليه السلام فكانت تزداد شعوراً بالعزة وبالكرامة والشموخ والاستعلاء كلما قرب حين لقائها بالله تبارك وتعالى.

فهناك ذلتان ذلة خارج وداخل، ذلة خارجية يمكن أن يفرضها الخارج عليك قهراً، وهناك ذلة داخلية تختارها أنت اختياراً، وذلة الخارج للشريعة فيها رأي كما سيأتي.

ذلة الخارج معروفة، وما هي ذلة النفس؟ أن تسترخص نفسك أمام أي رغبة أو رهبة، أن تتنازل عن قناعتك الإيمانية عن إنسانيتك أمام أي ظرف من الظروف، أن تسقط في نظرك؛ لأنك لم تعد تملك القوة المادية الكافية للإجهاز على مقاومك، من أتت عليه من لحظات الشدة، لحظة من لحظات الامتحان الصعب، وشعر بتفاهته، وفقد شعوره بالعزة فهو ذليل نفسه، وعزة الداخل التي تقابل هذه الذلة إذا تمت لامرئ لم تملك الدنيا أن تملكها عليه، أو تنال منها شيئاً في داخله، فهكذا كان أنبياء الله ورسله وأولياؤه الصادقون.

وللذلة قاعدة، وللعزة قاعدة أخرى. قاعدة الذلة الضعف، وقاعدة العزة القوة، وذلة الداخل لا تكون إلا عن ضعف في الداخل، وذلة الخارج لا تكون إلا عن ضعف في الخارج، والعزة الداخلية لا تتأتى لأحد أهمل أن يملك قوة الداخل، وهي لا تتيسر بأي حال من الأحوال لامرئ في الخارج، لأمة في الخارج تكون قد قصرت في طلب أسبابها.

يمكن أن تغلب أمم من غير أن تكون مقصرة، ولكن كثيراً ما تكون غلبة الأمم، وضعف الأمم، ثم ذلها بسبب من التقصير. وليس ما يبني أمة قوية صلبة شديدة متأبية على الانهيار والضعف كما هو الإسلام، الإسلام ينتشل المجتمع من أحط الوهاد بل من أسفل سافلين؛ ليرتفع به ويبنيه قوياً شامخاً عزيزاً كريماً. ولا طريق للعزة غيرُ القوة، قوة الداخل تطلب بالصلة بالله، وتربية النفس على منهجه، وبترويضها على الصعوبات، وبالتأمل والتفكر في قيمة الحياة وقيمة الآخرة، في قيمة الإنسان، في قيمة ما يملكه الإنسان، فإذا ترسخت النظرة الكريمة للمعبود الحق، وللهدف وكبرت النفس وعزت الآخرة، ونظر الإنسان إلى كرامته، فهذه كلها مناشئ الشعور بالعزة، والغنى والعزة والكرامة، هذه عزة الداخل. وذلته طريقها هو الطريق لهذا المعاكس لهذا الطريق، سيأتي أن هناك من يكون في أعلى درجات العزة الظاهرية، لكنه فاقدٌ لعزة الداخل، وهناك من يكون بين يدي عدوه لا يملك من أمر خارجه شيئاً حتى أن ينظر في هذا الاتجاه بعينه، أو ذلك الاتجاه، لكنه كله فخرٌ واعتزاز، وشعورٌ بالعزة والكرامة، ويرى في جلاده وسجّانه الشيء الوضيع الدنيء، هذا يكون وذاك يكون.

وعند انفصال الخيار بين ذلة الداخل وذلة الخارج ماذا يقول الشرع؟ هذا الاضطرار يفرض عليك شرعاً أن تتنازل عن عزة الخارج وتقبل ذلة الخارج، وتحتفظ بعزة الداخل.

تستطيع أن تعيش مقرباً من الحكم، بعد غضبة منه عليك أي حكم جائر؟ وأن تحتل مكاناً لا تحلم بها الملايين عنده، بفقد دينه وفقد ذاتك وقطع صلتك بربك. وبين أن تحفظ بالعلاقة بالله وموقعك الإنسان، وألا تقبل السجود لغيره، لكنك هنا عليك أن تخسر حياتك، أن تعيش أسيراً ذليلاً بين يدي سجّان وجلاد، عليك أن تختار ذلة الخارج.

والمؤمن كل داخله يقول «هيهات منا الذلة»، «هيهات منا الذلة» شعار يواجه به المؤمن نفسه قبل أن يواجه به الخارج، وهو يستمد قوة شعاره الخارجي من قوة صموده أمام الداخل، هناك مسئوليات ضخمة تتحملها الأنظمة الرسمية في سلب الأمة عزتها، وفي إيقاع في الضعف والذلة.

نقاط مختصرة تمثل جريمة من الأنظمة الرسمية وهي كثيرة والأنظمة الرسمية التي تمارسها ما أكثرها:

1. فصل الأمة عن إسلامها يقتل في روح العزة الحقيقة والكرامة، العزة الداخلية ولو حصلت ومعها الوعي؛ لتحتم حصول الخارجية بطلب أسبابها، في القضاء على منابت العزة الداخلية وفصل النفس الضعيفة التي لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولا حياةً عن مصدر القوة الحقيقي، وعن مصدر العطاء الذي لا مصدر غيره، لابد أن يركز الشعور بالضعف في الداخل، وهو أرضية الذل الخسيسة في المحيط نفسه وعلى الصعيد نفسه، فالذين يعملون لفصل الأمة عن إسلامها بإعلامهم ومشاريعهم وسياساتهم من خلال كل الوزارات، إنما يستهدفون فيما يستهدفونه القضاء على الشعور بالعزة والكرامة في الأمة، حتى إذا فقدت عزتها استجابة لكل ما يريدون ولكل ما يخططون، لم تعد قادرة على أن توجه كلمة إنكار لظالم.

2. مما تتحمله الأنظمة الرسمية في هذا المجال ومما يسبب الذل والهوان: سياسيةُ القمع والإرهاب للأمة وشعوبها، بحيثُ لا يرتفعُ صوت إلا وأصاب ظهر صاحبه سوط، العدة في الحكم السجون والتعذيب والمحاكمات وما ماثل، هذا اللون من السياسية الإرهابية عامل إذلال للأمة، حتى يتحصل لنخب في الأمة أن تتربى على العزة والكرامة من خلال إسلامها فتتغير الأحوال.

3. المصادرة للكلمة الحرة الإصلاحية بشتى الوسائل، والوسائل لا تنحصر في السوط والسجن والمحاكمة، بل أيضاً بوأد الكلمة الحرة المستهدفة للإصلاح لتوعية الأمة، الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر فيه قضاء على عزة الأمة.

4. التلاعب بثروات الأمة إضعاف لها وفتح لباب الذل عليها، فالأمة الفقيرة، الأمة المنهوبة لابد أن يفرض عليها ظرف الفقر لوناً آخر من الذلة.

5. أما التبعية للأجنبي ليس لهوان الأنظمة فحسب، إنما هو إعلان عن هوان الأمة بكاملها، وما أكبرها جريمة ترتكبها الأنظمة الرسمية في هذا المجال.

6. الاعتماد على الأجنبي في الغذاء، فكل الأمم قادرة أن تتقدم صناعياً وزراعياً وعلمياً وسياسياً إلا هذه الأمة، ألم تعرف الأمة نفسها معطاءة، علمية، مبدعة، محلِّقة، قوية، رائدة، سباقة لكل الأمم في يوم من الأيام؟! ألا إن الأمة لن تنسى تاريخها، تاريخ المجد والقوة والكرامة الذي كان على يد رسول الله (ص) والذي كانت ثورة الإمام الحسين (ع) من أجل استعادته. الاعتماد على الأجنبي في الغذاء والسلاح والدواء واقع مذل، أنت عبدُ مَنْ احتجت إليه، والأمة لابد أن تعيش حالة من العبودية لغذائها ودوائها.

«العاصمة» تفتح أحضانها لتعانق حشود المعزين في ليلة عاشوراء

المنامة - محرر الشئون المحلية

فتحت العاصمة (المنامة) أحضانها مساء أمس (الأربعاء) لتعانق حشود المعزين الذين توافدوا لإحياء ليلة العاشر من المحرم من مختلف مناطق البلاد، بالإضافة إلى المشاركين من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي والسواح، فيما قدرت الهيئة العامة للمواكب الحسينية حجم المشاركة هذا العام بما يتراوح بين180 الى 200 ألف معز.

ووفق الجدول الزمني المعد لمآتم المنامة، انتظمت المواكب العزائية في حلقاتها التي شهدت مشاركة حاشدة بقصائدها التي حملت مضامين النهضة الحسينية الخالدة، وسبقها الحضور اللافت للاستماع الى محاضرات خطباء المنبر من داخل البحرين وخارجها والتي تنوعت بين القضايا العاشورائية الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما استقطبت فعاليات الخيام السنوية ضمن مشروع عاشوراء البحرين ومهرجان الإمام الحسين الفني والمرسم الحسيني الجماهير تماماً كما استقطبتها حملات التبرع بالدم والفعاليات الفنية والصحية التثقيفية التي شهدتها الليالي السابقة.

وتتميز مملكة البحرين على الكثير من الدول العربية والإسلامية في إحياء ذكرى عاشوراء، وتستنفر الأجهزة الحكومية والأهلية استعداداتها لإحياء هذه المناسبة وخصوصاً على مستوى تهيئة الظروف المناسبة لاستقبال المعزين، وفي هذا الصدد، أفاد رئيس الهيئة العامة للمواكب الحسينية عيسى بن رجب إلى اكتمال كافة الاستعدادات التنظيمية والفنية، فيما تتشرف العاصمة بوجود 100 مضيف يتطوع فيها حوالي 1000 متطوع لخدمة المعزين.

وبالإضافة الى مواكب العزاء المركزية التي شهدتها مناطق مختلفة من البلاد كمدينة حمد، وقرى شارع البديع ومدينة المحرق، ينطلق العزاء المركزي يوم غد الجمعة الحادي عشر من المحرق في قرية الديه، وسط عمل مكثف للأجهزة الخدمية الحكومية والأهلية لتغطية متطلبات الإحياء. وتتفق الكثير من المصادر التاريخية، على أن أهل البحرين بدأوا في إحياء مجالس العزاء منذ استشهاد الإمام الحسين (ع) في العام 61 للهجرة (669 ميلادية) في المساجد والبساتين والبيوت الى عهد ظهور الحسينيات، ووفقاً للمؤرخ البحريني جاسم آل عباس مدير موقع (سنوات الجريش التاريخي التراثي) فإن الحسينية كمؤسسة أهلية قائمة بذاتها كبناء له كيان مستقل لم يعرفه المجتمع البحريني إلا في العصر الحديث وربما منذ حوالي أربعمئة سنة، وهنا يجدر التنويه الى أن كلمة المأتم تعني التعزية أما المبنى المستقل الذي تقام فيه التعزية فالاسم الصحيح له هو حسينية، وأقدم مأتم من هذا النوع هو المأتم الذي يشتمل عليه ضريح العلامة الشيخ حسين البحراني (قدس سره) والذي توفي منذ حوالي 235 سنة والموجود في قرية الشاخورة.

تدشين كتاب «الحاج عباس... مشي النور»

في ليلة السابع من محرم، حيث ليلة نور أبوالفضل العباس، دشَن موكب مأتم الحاج عباس، كتاب «الحاج عباس... مشي النور». وكأن القائمين على الكتاب رأوا أن يصلوا نور العباس الذي بذل مهجته في سبيل أخيه الإمام الحسين، بنور مشي الحاج عباس فضل (1932-2009) الذي كرَس حياته في خدمة الإمام الحسين (ع)، وارتبط اسمه واسم جده بمأتم الحاج عباس.

«فقدنا مشيتك كأنها النور أمام موكبنا الذي يرى بك، ويعتز، فقدنا مشيتك المتواضعة الفرحة التي لا تمل التفاؤل»، بهذه الكلمات تعبر إدارة موكب عزاء حجي عباس، عن فقدها الروحي للحاج عباس فضل، خصوصاً في موسم عاشوراء حيث حرصه الشديد على السير مع الموكب حتى مع اعتلال ركبتيه التي عبثاً كانت تحاول ثنيه عن الاستمرار في المشي. يذكر أن الحاج عباس الذي كان يعمل أستاذ بناء في الأصل، هو من قام مع أصدقائه بإعادة بناء مأتم الحاج عباس في خمسينيات القرن الماضي، ويُعتبر المؤسس الرمزي له، فيما يُعتبر جده الحاج عباس الكبير هو المؤسس الذي حمل المأتم اسمه، وظل محفورا في ذاكرة الناس حتى اليوم. لقد بقت جمعية إدارة المأتم والموكب (جمعية ذو الفقار) في تصرفه ما يقارب 45 عاماً، وقد تأسست هذه الجمعية في 1946 باقتراح من عبدالرسول التاجر.

جاء تدشين الكتاب في مرسم الفنان عباس الموسوي بالقرب من مأتم بن سلوم بالمنامة، وشهد حضوراً لفيفاً من أهل الحاج عباس وأصدقائه ومعارفه ومحبيه، كما شهد حضور أعداد من معزي الإمام الحسين الذين تقاطروا للمشاركة في هذه الفعالية. الكتاب يحوي قبسات من سيرة خادم الإمام الحسين (ع) الحاج عباس منصور فضل، عبر شهادات بعض أصدقائه وأقاربه وأهل بيته والمقربين إليه، ممن شهدوا محطات حياته عن قرب، وعاصروها عن كثب. كما يحوي شهادة الحاج عباس نفسه التي ضمنها كتيباً خاصاً في حياته حول تاريخ جمعية ذي الفقار لـ (فريق الحمام)، يروي فيها بدء مسيرة تشكل موكب مأتم الحاج عباس والمراحل الانتقالية التي مر بها موثقاً إياها بالأدلة والصور التي استغرق منه الحصول عليها ما يقارب العامين.

موكب العلماء انطلق من «الصفافير» واختتم في «الخواجة»

الوسط - محرر الشئون المحلية

انطلق مساء أمس في العاصمة المنامة من مأتم الصفافير موكب علماء الدين بمناسبة استشهاد الإمام الحسين بن علي (ع) يتقدمهم السيد جواد الوداعي والشيخ عيسى أحمد قاسم, واختتم الموكب في مسجد الخواجة.

يشار إلى أن موكب العلماء أسسه عالم الدين البارز السيد جواد الوداعي، وكان الموكب ينطلق من مأتم رأس الرمان وتم نقله إلى داخل المنامة في السنوات الأخيرة تجنباً للازدحام ولضيق الوقت.

كيف تكون شاباً كمثله

لـم تـرَ عيـنٌ نظـرت مِثله

من محتفٍ يَمشي ومن ناعِلِ

ترى من هو ذاك الفتى العشريني الذي يتحدث عنه مطلع القصيدة؟

ولد فتانا في بيت يتمتع بالحضور الكامل للإيمان والتقوى. بيت رحب الفكر واسع المعرفة مزدحم بالصالحين والطاهرين والذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، الذين لا يفتأون يحرصون على صيانة مبادئ رسالتهم، ويتمسكون بحرفيتها، ويرفعون ألوية العقيدة عالياً. بيت هو العقيدة بذاتها.

نشأ فتانا وترعرع وهو ملء العين، فتخطى الزمن وتجاوز الأيام، مضى يقضي أياماً زاهرة وليالي مباركة، وأشهراً وسنيناً خالدات، متسلقاً الدهر، يعلو فوق هامة التاريخ شخصاً فريداً في مجمل خصوصياته، وشاباً خلاّقاً في ربيع حياته، فرجلاً بطلاً ينفرد في مميزات جمة وجليلة سامية.. إذ نال من التربية ما يصعب على الكثيرين حصوله ونيله.

فتانا من قال عنه معاوية ذات مرة في لحظة اعتراف ذاتي في مجلس خاص «بأن أولى النّاس بهذا الأمر - ويقصد الخلافة - هو علي».

هذا كان مقدمة المشهد ولكن لنعد بالسيناريو فلاش باك إلى عام 61 للهجرة النبوية الشريفة ونحن معكم نتتبع نهضة الحسين (ع) وحضوره كربلاء.

لنلاحظ أن معظم المشاركين مع الحسين من أهل بيته وأصحابه من فئة الشباب وفي هذا تأكيد على دور الشباب الريادي في سوح الحياة والصراع بين الحق والباطل وليس في التسكع على الطرقات والتلهي بملذات الحياة الفانية دون ترك مثل طيب أو تقديم خدمة جليلة للدين وللمجتمع.

هنا أعطي الحسين أهم الأمثلة بتقديم فلذة كبده على درب الشهادة لحماية الدين والذود عنه ضد الأعداء والمنافقين وأهل البدع والضلالة من المارقين والقاسطين والمنحرفين إلا عن مصالحهم وملذاتهم؟

أما سيناريو العصر الحاضر فيقول...

يجب علينا تربية شبابنا وتوعيتهم لدورهم الحقيقي منذ سن اليفاع حتى المشاركة في الحياة السياسية وفي القضايا الحساسة والمهمة في الوطن..

ولكن يجب الحذر في كيفية إقناع الشباب بالقضايا التي تجيير إمكاناتهم وطاقاتهم لأجلها والتي سيضحون ربما من أجلها بحيث نصل إلى هدفنا من ذلك دون ضغط أو إكراه.

والاهم هو إعطاء الشباب الحرية في إبداء الرأي والتعليق على الأمور لأنه لا يمكن الجمع بين حالة متوهجة للشباب وبين القيود والضوابط الكثيرة.

ولربط السيناريو بين الحاضر والماضي لنقرأ هذا البيت من الشعر:

لا يؤثر الدنيا علـى دينه ولا يبيع الحق بالباطلِ

ذاك هو الشاب المناضل على درب الحق علي الأكبر بن الحسين بن علي عليهم السلام.

وهو بهذا البيت من وصف الشاعر له إذ يؤكد عقائدية هذهِ الشخصية وصرامتها بحيث لا قيمة للحياة ولا فائدة من التعامل بالباطل، بل لا معنى للحياة بحضور الباطل، أنه لا يؤثر الدنيا، كما لا يستعيض عن الحق والحقيقة بالأثمان القليلة الرخيصة لأنه ليس من عشاق الحياة الدنيا، إنه صاحب قضية وصاحب موقف لا يغيره لأنه رائد من رواد الحق.

وقد كان أهل المدينة إبان حياة علي الأكبر بها ينطلقون في أشواقهم لرؤية النبي بلقاء هذا الفتى الهاشمي لشبهه بجده، ولكن كان معظمهم يفعل ذلك من باب العواطف والذكرى فحسب، لا من باب تجديد عهد بالنبي (ص) أو تأكيد الولاء، بدلالة موقفهم من الثورة الحسينية المتمثل بالإحجام والتهرب وعدم الإسهام، إلاّ من عصم ربك من المؤمنين حقاً (وهم قليل) «وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ».

وعندما نزل الحسين بأرض كربلاء.. و أخذ الرجال ينصبون الخيام، بانت أطناب الخيام وظهرت مواقعها بأهلها المرابطين على الحق ورابط علي الأكبر في بطحاء كربلاء، منذ اليوم الثاني حتى العاشر من شهر محرم.

إن استطعنا الإقرار بأن علي الأكبر هو سيد شباب أهل الدنيا لجعلنا من موقفه يوم كربلاء يوماً للشباب المسلم بحق. ولكن ماذا نقول وقد طغت كل أيام ومناسبات الغرب علينا في عقر دار الإسلام؟

سيد شباب أهل الدنيا كما والده سيد شباب أهل الجنة، كيف لا وعلي الأكبر أشبه الناس خَلقا وخُلقا ومنطقا برسول الله (ص) وهذا لعمري يمثل قيمة نوعية ليس لكل شاب في مثل عمر الأكبر وهو في الخامسة والعشرين على أكثر الروايات يوم الطف، بل لكل الشباب المسلم. كما أن الدور الذي لعبه على أرض كربلاء منذ وطأها مع والده يوم الثاني من محرم حتى يوم العاشر منه هو قمة التفاني وبذل المزيد من التضحية في سبيل الدفاع عن الحق والمبدأ والعقيدة وإن كلف ذلك حياته وقصر عمر طموحاته الشخصية ورغباته في الحياة.

وهو قد أعطى أروع المُثل لوقوف الشباب مع الكبار في أحلك الأزمات بقامة الرجال الكبار الأوفياء للعهد.

وفّى بالعهد وترك الناس في حسرة وهم يندبون...

وهل من شباب بعد شبه محمد...

يا كوكباً ما كان أقصر عمره وكذا تكون كواكب الأسحار

السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين على أصحاب الحسين.... وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

محمد حميد السلمان

«سترة واديان الحسينية» تصدر «سنابل الطف»

صدر العدد الثاني من المجلة الدورية «سنابل الطف» عن جمعية سترة واديان الحسينية، في 42 صفحة بمناسبة عاشوراء، وتضمن العدد مواضيع تتعلق بعاشوراء، من بينها «قصيدة الموكب الحسينية بين آفات التقليد وطموحات الإبداع»، للناقد حبيب آل حيدر؛ وعرضاً لكتاب «الخصائص الحسينية» لمؤلفه الشيخ جعفر التستري، لقاسم بداح؛ وفقه وثقافة عاشوراء، وفضل زيارة عاشوراء. كما تناول أحد المواضيع خط سير رحلة الإمام الحسين (ع) من مكة إلى كربلاء، وأنصار خالدون، وكربلاء في إحصاءات.

31 شابة يشاركن بفعاليات «المرسم الحسيني» في الموسم

فنانات البحرين يخاطبن الإمام الحسين (ع) بلوحات تبكي «مصيبة عاشوراء»

الوسط - فرح العوض

لم ينته عطاء الإمام الحسين بن علي (ع) منذ محرم من العام 61 للهجرة إلى الآن، بل واستطاع أن يتميز بميزات كثيرة انتشر صيتها في شتى بقاع الأرض، عندما توجه إلى خوض معركة الطف أمام طغاة زمانه.

ومن بين تلك الميزات الخالدة له (ع) أنه استطاع أن يجمع من لا يعرفون بعضهم ببعض، وتلك الميزة استمرت منذ محرم من العام 61 هجرية وامتدت حتى اليوم وإلى يوم القيامة.

ذلك هو المشهد الذي وجدناه في جمعية «المرسم الحسيني» بعدما ضم 45 شابة وفنانة من مختلف مناطق البحرين، توجهن إلى التعبير عما يجوب خواطرهن وأفكارهن تجاه واقعة الطف المفجعة.

وفي هذا الجانب استطاعت الجمعية وخلال مشوار عمرها أن تضم نخبة من فناني وفنانات البحرين وموهوبي الرسوم التشكيلية، لنجد أن ذلك التجمع النسائي يتوحد في موسم محرم من كل عام، بل ويضم إلى قافلته عضوات جديدات.

خيل الحسين خالٍ... ورأسه في حضن رقية

الفنانة فاطمة دهنيم كانت إحدى العضوات اللاتي تحدثت «الوسط» معها بشأن مشاركتها في موسم محرم للعام الهجري 1431؛ إذ قالت «إنني خريجة تخصص الفنون التربوية بجامعة البحرين، وتخرجت منذ عامين إلا أنني ماأزال عاطلة عن العمل».

وأضافت أن «البطالة التي أعيشها لم تمنعني بأي شكل من الأشكال من ممارسة الرسم الذي أحبه، وخصوصا إذا ما توجهت إلى المرسم الحسيني»، مضيفة أنها المشاركة الأولى لها في «المرسم» في موسم محرم الجاري منذ إشهاره.

ونوهت إلى أنها كانت تطمح منذ مدة طويلة إلى الانضمام إلى صفوف منتسبات الجمعية إلى أن تحقق لها ما تمنته.

وفي ردها على سؤال بشأن اللوحات التي رسمتها أفادت أنها رسمت مقطعين من واقعة الطف، الأول يحكي مقطع رجوع خيل الإمام الحسين (ع) خاليا من دونه، والسيدة زينب بنت الإمام علي (ع) تبكي إلى جانبه، وهو مقطع من مسرحية تتحدث عن واقعة الطف، مشيرة إلى أن «اللوحة الثانية تتحدث عن بكاء السيدة رقية بنت الإمام الحسين (ع) في خربة الشام ورأس الإمام الحسين بين يدها، بعد قطعه من قبل الأعداء في واقعة الطف».

وذكرت أنها انتهت من اللوحة الأولى، وستنتهي من الثانية اليوم كحد أقصى.

وأكدت دهنيم «أمضيت أعواماً وأنا ارسم في الجامعة، إلا أنني لم أشعر بالروح الخفيفة والراقية إلا هنا في الجمعية مع زميلاتي، وخصوصا أننا نرسم واقعة الطف التي عبرت عن الظلم والمظلومية بكل ما للكلمة من معنى»، مفيدة أن «ما يشجعنا على الرسم والتفنن فيما نرسم عملنا وسط أصوات العزاء، وزيارة شخصيات مهمة ومحترمة إلى المرسم»، متمنية التوفيق لجميع زميلاتها.

وصف الحال بعد حرق الخيام

ومن جانبها قالت الهاوية مريم جميل إنها انضمت إلى الجمعية منذ العام الماضي، وشاركت في فعاليات مختلفة، مؤكدة أنها انضمت إلى فعاليات تدريبية عدة نظمتها الجمعية، ما أدى إلى تطور موهبتها بصورة ملحوظة.

وعرجت جميل على اللوحة «العاشورية» التي ترسمها حاليا مشيرة إلى أن أنها تمثل لحظة حرق خيام الإمام الحسين (ع) وحال النساء من بعد مقتله.

وتابعت قائلة: «جميع اللوحات ينبغي أن توضع في المرسم من أجل عرضها أمام الناس لتعريف الجميع بالرسائل التي ينبغي أن تصل لهم».

الأنصار مستعدون لنصرة الحسين (ع)

أما فاطمة العلوي، البالغة من العمر 17 عاما، أكدت أنها انضمت إلى جمعية المرسم الحسيني خلال العام الجاري، موضحة «إنني أرسم الرسوم التشكيلية وبدأت تنفيذ لوحتي لموسم محرم الجاري قبل ثلاثة أيام».

وفي وصفها للوحة التي ترسمها قالت إنها تحكي مقطع الحرب في اليوم العاشر من شهر محرم من العام 61 هجرية، وموقف قتال الإمام الحسين (ع) ومعه أنصاره، بينما من خلفهم وجوه مختلفة لجنود مسلمين من دول عدة يسيرون باتجاه الحرب لنصرة الإمام الحسين (ع)، مضيفة أن «الهدف من اللوحة هو القول بأن أنصار الإمام الحسين (ع) مستعدون لنصرته حتى يومنا هذا، وأيضا للتأكيد على أن الإمام حارب وضحى من أجل جميع المسلمين».

وأشادت العلوي بالحضور وزوار المعرض وأعدادهم، لافتة إلى أنها ستهدي الجمعية لوحتها لتبقى فيها، ولتتذكر ذكرياتها مع زميلاتها اللائي حققن إنجازا رائعا من خلال وجودهن لخدمة الإمام الحسين (ع).

31 من أصل 45 شاركن في الموسم

وفي تعليق له على مشاركة الشابات قال رئيس جمعية المرسم الحسيني عبدالنبي الحمر إن «عدد الشابات العضوات في الجمعية بلغ 45 شابة، شاركت منهن 31 عضواً خلال الليالي الماضية، إلى جانب مشاركة شابات من خارج الجمعية».

وفي توضيح له عن المشاركات وعدد اللوحات التي تشارك بها كل فنانة قال الحمر إن باب المشاركة مفتوح لرسم أي عدد من اللوحات، شرط ألا يخرج عنوان اللوحة عن شعار الجمعية للعام الجاري وهو «الحسين وفاء وعطاء»، مشيدا بمشاركة الشابات في إنجاح المعرض.

واختتم الحمر حديثه بالتأكيد أن «16 مشاركة تعتبرن من المتميزات جدا اللائي يتقن الرسم التشكيلي»، متمنيا التوفيق للجميع وللموهوبات بالرسم.

منهم 148 امرأة في اليوم الأول...

850 متبرعاً بالدم في حملة «الإمام الحسين» في «النعيم الصحي»

النعيم - حسن المدحوب

قال عضو حملة الإمام الحسين للتبرع بالدم لـ «الوسط» أن «عدد المتبرعين بالدم في الحملة التي نظمت في مركز النعيم الصحي للعام 12 على التوالي، فاق 850 متبرعاً ومتبرعة في يومي الثامن والتاسع من المحرم، أمس وأمس الأول».

وذكر النشيط أن يوم الثامن من المحرم «الثلثاء» تم تخصيصه للنساء فقط، وقد بلغ عدد المتبرعات فيه 148 امرأة، فيما زاد عدد المتبرعين من الرجال في يوم التاسع أمس «الأربعاء» عن 700 متبرع».

ولفت إلى أن عدداً من الوزراء حضروا إلى الحملة وتبرعوا بالدم ومنهم وزير الصحة فيصل الحمر، ووزير العمل مجيد العلوي، ووزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة، بالإضافة إلى رؤساء عددٍ من الجمعيات السياسية، كالأمين العام لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن، والأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان، وعددٌ من النواب وأعضاء المجالس البلدية».

وأشار إلى أن عدداً لافتاً من المواطنين والمقيمين حضر للتبرع بالدم أمس، ومن بينهم عددٌ من المسيحيين الذين تقدمهم قسٌ أميركي بالإضافة إلى حشدٍ من أبناء الجالية الآسيوية، مقدماً شكر اللجنة لهم على حضورهم وتفاعلهم مع هذا الحدث السنوي الإنساني العابر للطوائف والأديان.

وأشاد النشيط بتعاون مجموعةٍ من الجهات على إنجاح هذه الفعالية السنوية، ومنها وزارة الصحة والصندوق الخيري وعدد من الجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى مجموعة من الشخصيات الفاعلة.

بحسب الموقع الإلكتروني الذي دشنته حملة الدم المذكورة، فقد «تأسست حملة الإمام الحسين عليه السلام للتبرع بالدم في التاسع من المحرم من العام 1421هجرية، الموافق 15 أبريل/ نيسان العام 2000 م، عبر تظافر جهود لافتة بين أهالي منطقة النعيم انطلاقاً من صندوقها الخيري ووزارة الصحة من أجل دعم مخزون بنك الدم المركزي».

وقال المنظمون إن «الحملة اتخذت من نهضة الإمام الحسين، نبراساً مضيئاً في دروس البذل والعطاء الإنساني، فكان «الحسين شمعة لا تنطفئ» شعارها الذي دشّنت به حملتها الأولى بمركز النعيم الصحي، محققة نجاحاً باهراً بوّأها لأن تكون أكبر حملة للتبرع بالدم تنظم في تاريخ البحرين، بحضور مئات المتطوعين من مختلف الفئات الاجتماعية والشخصيات الرسمية والأهلية، إذ بلغ عدد المتبرعين فعلياً بالدم نحو 286 متبرعاً غالبيتهم من الذكور».

وأشاروا إلى أنه «توالت حملات التبرع بالدم من قبل الصناديق الخيرية والجمعيات الأهلية لتصل إلى 21 حملة تنظم في مختلف محافظات البحرين على مدار العام، مقتفية تجربة النعيم الريادية في حسن الإعداد والتنظيم، وفي العام 2005، قامت اللجنة العليا لحملة الإمام الحسين عليه السلام للتبرع بالدم، بتخصيص يوم الثامن من المحرم للنساء، محققة بذلك إنجازاً فريداً من نوعه لم يسبقها فيه أي جمعية أهلية أو رسمية إلى يومنا هذا». وأوضحوا أنه «تم إضافة العديد من الفعاليات على هامش الحملة في عملية تثقيفية وتوعوية حول أهمية التبرع التطوعي بالدم لصالح المرضى دون النظر إلى هوياتهم أو انتماءاتهم، محققة أهدافاً نبيلة في تجسيد الروابط الإنسانية والتلاحم الوطني على أرض مملكتنا البحرين الحبيبة».