العدد 3079 - الأربعاء 09 فبراير 2011م الموافق 06 ربيع الاول 1432هـ

كاراباتيتش نجم كرة اليد مثال نادر في الرياضات الجماعية

قد يعتبر كثر أن لاعب منتخب فرنسا لكرة اليد نيكولا كاراباتيتش «يفلسف» الأمور حين يتحدث عن معنى المنافسة معتبرا إن المكافأة في نظره هي «عندما يمتزج العرق بدموع الفرح»، مؤكدا انه «يلعب من اجل ذلك بالدرجة الأولى».

كاراباتيتش الممرر والهداف والمحارب في صفوف منتخب بلاده، كانت له اليد الطولى في إحراز اللقب العالمي للمرة الرابعة أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي في مدينة مالمو السويدية (بعد أعوام 1995 و2001 و2009 )، معادلا انجاز السويد ورومانيا.

في مالمو، فاز المنتخب الفرنسي على نظيره الدنماركي 37 /35 بعد التمديد في المباراة النهائية (الوقت الأصلي 31/31). فحصد اللقب الرابع الكبير على التوالي بعد اولمبياد بكين 2008 ومونديال 2009 وبطولة أمم أوروبا 2010. وضمن بالتالي تأهلا مباشرا إلى اولمبياد لندن 2012 ومونديال 2013 في اسبانيا.

واختير كاراباتيتش (26 سنة) أفضل لاعب وأفضل ممرر في البطولة. وكان هداف المنتخب الفرنسي إذ سجل 41 هدفا منها 10 في المباراة النهائية، التي أخذها أحيانا على عاتقه. وبات رصيده 737 هدفا في 174 مباراة دولية.

كان كاراباتيتش (1.95م - 102 كلغ) على قدر المسئولية في كل مرة واجه فريقه صعوبة، فتمرر الكرة له ويتكفل بإيجاد منفذ مناسب. لذا، فقد حظي اختياره أفضل لاعب في مونديال اليد بترحيب حتى من المنافسين الدنماركيين.

ويستمتع كاراباتيتش بتولي المسؤولية الميدانية من منطلق وضع شهرته واعتباره أفضل لاعب في العالم «في خدمة كرة اليد». وقد أدى دورا محوريا ناجحا في مركزي الوسط والظهير الأيسر في غياب غييوم جيل ودانيال نارسيس، علما إن استعاد عافيته أخيرا بعد إصابة تعرض لها في مستهل الموسم.

وانجازات كاراباتيتش مع «زرق اليد» رفعت زوار صفحته على موقع التشبيك الاجتماعي «فيس بوك» إلى أكثر من 200 ألف زائر، وانهالت عليه أكثر من 300 رسالة في غضون ساعتين. وهو يجد متعة في قراءتها والرد عليها ومشاركة الآخرين فرحتهم»، خصوصا إذا كان ذلك يساهم في تطوير اللعبة وزيادة شعبيتها».

ويقارن بعضهم كاراباتيتش بنجم كرة القدم السابق زين الدين زيدان، فكلاهما قادر على حمل المسؤولية وقيادة الفريق إلى بر الأمان.

أصول كرواتية

يستمد كاراباتيتش من أصله الصربي-الكرواتي قيما كثيرة. في «حوض البلقان» ولد العام 1984 في نيش من والد كرواتي يدعى برانكو هو حارس مرمى دولي سابق، ووالدة صربية هي الطبيبة لالا.

بعد أربعة أعوام اندلعت حرب التقسيم في يوغوسلافيا السابقة، فانتقلت الأم وابنها قسرا إلى مدينة ستراسبورغ الفرنسية إذ كان الوالد يعمل مدربا. وفي «الوطن الجديد» انضم إلى الأسرة لوكا الذي يصغر شقيقه بخمسة أعوام ويلعب إلى جانبه حاليا في صفوف مونبلييه، بعدما إن شق دربه رياضيا في مغال كرة المضرب.

ومنذ سنوات المراهقة اتسمت شخصية نيكولا بالحياء واحترام الآخرين. واستمد روح الإصرار والتصميم من ثقافة «المواطن المهاجر»، الذي يتعين عليه العمل والكد لبلوغ مرداه وتأكيد جدارته والبرهان انه يستحق ما حققه. وهي «أسلحة مناسبة» لتعزيز ثقته بنفسه وحمايتها من «عالم شرير معاد».

هذان الاجتهاد والمثابرة جعلا كارابتيتش فتى لا يتقن الترفيه عن نفسه. وكان اصغر المختارين للانضمام إلى صفوف المنتخب وهو في سن الثامنة عشرة. ولم تغره لاحقا العروض الألمانية والاسبانية بعدما بزغ نجمه واكتسب الخبرة، وبالتالي يعتبر مغردا خارج سرب المحترفين عموما، إذ يعطي أولوية للقيم والمثل على الثروة. يتحدى ذاته ويطمح إلى موقع يصمد أبدا يبنيه مع المحيطين به، من هنا كان اختياره مونبلييه بعد التجربة الألمانية. فالانتماء بالنسبة إليه «أهم من الوظيفة كونه يلهم الآخرين. إنها علاقته القيادية الوطيدة مع ناديه إذ وجد بيئة حاضنة لأهدافه وهي «تأسيس فريق أوروبي كبير» سعيا إلى لقب قاري ثم عالمي، لكن من دون حرق للمراحل.

الدوري الألماني

احترف كارباتيتش في فريق كييل الألماني بين العامين 2005 و2009، فعاش فترة خصبة صقلت موهبته وشخصيته رياضيا وإنسانيا، على حد تعبيره. وعجلت مغادرة المدرب لوكا سارداروسيتش للفريق في عودته «إلى ربوع الوطن لأكون في جانب عائلتي وأؤدي واجبي».

قائد مونبلييه يكتفي بمهمة اللاعب المؤثر في المنتخب، لا يفرض نفسه معلما أو نجما أوحد، بل يذوب في توليفة المدرب كلود اونيستا، خدمة للأداء الجماعي كما حصل في نهائي مونديال السويد. هو يستطيع أن يخلق الفارق بمفرده وقيادة زملائه في تنظيم الخطوط وبناء الهجمات. يحترم الأكبر منه سنا مجسدا بالتالي الدور المثالي في فرق الرياضات الجماعية، وخصوصا كرة اليد الفرنسية التي تعيش عصرا ذهبيا، علما إن رواتب نجومها لا تقاس بما يدفع في الخارج ولا حتى بما ينفق في مغال كرة القدم المحلية. إذ يتقاضى كاراتيتش نحو 30 ألف يورو شهريا، ما يعتبر «قياسيا» مقارنة ببداياته الاحترافية وراتب لا يتجاوز الألف يورو شهريا. علما إن حتى مكافآت الفوز في المونديال الأخير متواضعة جدا، إذ لم تتعد الـ40 ألف يورو لكل لاعب.

العدد 3079 - الأربعاء 09 فبراير 2011م الموافق 06 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً