العدد 1224 - الأربعاء 11 يناير 2006م الموافق 11 ذي الحجة 1426هـ

ندوة الأنشطة الثقافية: صورة الثقافة في العام الماضي أفضل مما هي عليه الآن

خلال ندوة بالملتقى الثقافي الأهلي

اتفق المشاركون في ندوة «حصاد الأنشطة الثقافية» في مملكة البحرين للعام الواقع والطموح: «أن صورة الثقافة قي العام الماضي أفضل مما هي عليه الآن وهذا مؤشر خطير ومقلق، إذ إنه دليل على أننا في العد التنازلي وليس في العد التصاعدي». وأوضحوا أنه «في ظل غياب خطة شاملة للثقافة العربية في مملكة البحرين يظل النشاط الثقافي يراوح في القيام بأنشطة مبعثرة هنا وهناك وبحسب اجتهاد وتصورات كل مركز أو كل جهة تقوم بنشاط ثقافي».

جاء ذلك خلال الندوة التي عقدها الملتقى الثقافي الأهلي مساء الثلثاء يناير/ كانون الثاني الجاري والتي شارك فيها رئيس الملتقى الثقافي الأهلي الشاعر علي عبدالله خليفة والمستشار في وزارة الاعلام الكاتب حسن مدن والروائية فوزية رشيد.


نشاط متواصل

فمن جهته رأى خليفة أن النشاط الثقافي في البحرين تواصل خلال العام الماضي على مظلّة كل الفنون وكل الأعمال الابداعية. وأوضح أنه «في مجال التشكيل كانت جمعيات التشكيل تقيم أنشطة ومعارض فردية أو جماعية، وفي مجال الشعر استمرت الأمسيات الشعرية هنا وهناك، وفي مجال المحاضرات والندوات قامت أسرة الأدباء والكتاب ومركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث والملتقى الثقافي الأهلي ونادي العروبة وبعض المؤسسات كجمعية تاريخ وآثار البحرين ومؤسسات ثقافية أخرى».

وخلال الموسم الماضي اتخذت الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني جانب الندوات السياسية والمؤسسات الثقافية التي كانت تقيم الندوات المتعلقة بالسياسة تنازلت عن ندواتها السياسية وأعطت التخصص للجمعيات السياسية فركزت غالبية المؤسسات الثقافية المعروفة على الأنشطة الثقافية. لكن ظلّ هذا النشاط من دون رابط وانما كان مبعثرا وبحسب الاجتهاد. اذ كانت كل مؤسسة تقوم بما يمليه عليها فكرها وما هي بصدده.


مؤسسات قائمة

وأضاف «لكن ظلت هناك مؤسستان في البحرين تقومان بنشاط منتظم وهما مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث اذ ركزت رئيسة أمناء المركز الشيخة مي آل خليفة على استضافة مفكرين من خارج البحرين واستقطبت أسماء مهمة من المشرق والمغرب العربي. وظل الملتقى الثقافي الأهلي في نشاطه المعهود (لقاء الثلثاء) الاسبوع المكثف. اذ شمل هذا النشاط الأنشطة المختلفة بحسب رؤيته الشاملة للثقافة فهو يرى أن الثقافة ليست هي الأعمال الابداعية وانما الثقافة مظلة شاملة تشمل كل المعرفة. وذلك كان مأخذا على الملتقى الثقافي حين تساءل المهتمون: لماذا يقيم الملتقى الثقافي محاضرات عن الطب أو عن البيطرة وعن العلوم والمفروض أن يركز على الأنشطة الابداعية والثقافية أو السياسية ولكن الملتقى ظل على رغم هذا النقد الذي وجه اليه ظل سائرا في الخطة التي آمن بها وهي أن الثقافة مظلّة تشمل كل أنواع المعرفة وأنه لا بأس من الحديث في مجال عالم النفس والفلك والطب والعلوم الى جانب الأعمال الابداعية. اذ ظل ذلك موضوع حوار في الملتقى الثقافي الأهلي الى أن تركز وتأكد».


مقارنة

بينما قدّم مدن مقارنة بين الوضع الثقافي في العام الماضي وبين هذا العام حين قال: أذكر أنني في ندوة سابقة من العام الماضي عن «حصاد العام الثقافي» كنت قد أشرت الى التعددية في بعض الجوانب كتعددية المؤسسات الثقافية. ففي زمن سابق كانت هناك مؤسسة ثقافية واحدة تضطلع بالعبء الرئيسي للعمل الثقافي وهي أسرة الأدباء والكتاب ولكن في الأعوام القليلة الماضية نشأت لدينا مؤسسات ثقافية أخرى.

كما تحدثنا في العام الماضي عن تعدد الدوريات فأشرنا الى أن في البلد الآن مجموعة من الدوريات الثقافية الرصينة بعضها يصدر عن جامعة البحرين كمجلة أوان ومجلة ثقافات بالاضافة الى مجلة العلوم الانسانية وبعضها يصدر عن أسرة الأدباء والكتاب كمجلة كلمات. وذلك يدل على الحراك الثقافي أو الحيوية الثقافية في البلد. كما أشرت أيضا الى تعدد الملاحق الثقافية في صحفنا اليومية وهذا أيضا أمر مفيد.

ولكن للأسف الشديد فإن الناظر الى الوضع الثقافي منذ ذلك المساء قبل عام سيجد أن الصورة أسوأ مما كانت عليه، فهناك تراجع حتى على صعيد هذه المعطيات التي أشرت إليها واعتبرتها في حينه مؤشرات ايجابية. فاذا صرفنا النظر عن موضوع نشاط المؤسسات الثقافية التي أشرنا اليه نجد أن الحديث عندما يدور عن هذه الدوريات فإن إحدى هذه الدوريات وهي مجلة «أوان» قد توقفت نهائيا ومجلة كلمات الصادرة عن أسرة الأدباء والكتاب تمر بصعوبات فهي لم تصدر منذ فترة. والأمر نفسه يصح على مجلة البحرين الثقافية الصادرة عن قطاع الثقافة والتراث الوطني. إذ إنها هي الأخرى توقفت أكثر من مرة ولم تعد بالانتظام الذي كانت عليه.


صورة بائسة

وأضاف: «ان الصورة الراهنة عن وضع الصحافة الثقافية في البلد هي صورة بائسة ولا تليق بمكانة الثقافة. فاذا خرجنا عن اطار الصحافة الثقافية والدوريات وتوقفنا عند مجال ابداعي آخر وهو مجال الفنون التشكيلية فسنجد أنه ولأول مرة منذ أعوام طويلة لم يقام المعرض التشكيلي السنوي في البحرين وهذا أيضا أحد مظاهر الارتباك وسوء الأداء في حياتنا الثقافية. فكما أسمع من الفنانين التشكيليين فإن جانبا من الأمر له علاقة بتراجع مستوى الحركة التشكيلية في البلد والتي عرفت على الصعيد العربي في الفترات الماضية بحيويتها وبمستواها اللافت وكانت محط أنظار وتقدير كثير من النقاد التشكيليين العرب. وأنا عندما كنت خارج البحرين قرأت الكثير من المطالعات النقدية بشأن هذا الموضوع».

ولكي لا تكون الصورة غير موضوعية ومقتصرة فقط على زاوية السلبيات فيمكن أن نشير الى بعض المؤشرات الايجابية أو الباعثة على التفاعل منها حجم أو كمية الاصدارات فكمية الكتب التي صدرت في البحرين كثيرة وذلك أمر مهم إذ إنه كلما زاد حجم الاصدارات كلما كان هناك اشارة الى أن الناس تكتب.


نمط ثقافي

أما الروائية فوزية رشيد فقد طرحت رؤية ثقافية حين أشارت الى: «أن كل المجتمعات المتحضرة أو المتقدمة نجد فيها نمطا من تألق حضاري وثقافي ومعرفي على رغم اختلافاتنا مع سياسات الدول الخارجية ولكن هذه المجتمعات قائمة على عمق كبير يدهشنا إذ لم نفكر في اكتشاف العمق الذي أوصل هذه المجتمعات الى ما هي عليه».

فأنا أتصور أن الابداع هو حالة روحية وحالة وعي حضاري عميق يمس كل جوانب الانسان في توجهه نحو نفسه وعلاقته بما حوله مثل ما هو أيضا يمس ما يهذب هذه الروح ويهذب هذا الوعي لكي تصبح الحصيلة حصيلة وعي حضاري عميق وفي الوقت نفسه وعياً معرفياً وشمولياً عاماً. ينتشلنا من حال نحن فيها الى حال أرقى.

ومع أننا في مجتمع يدعي أنه اصلاحي الا أن الاصلاح يقوم على اهتمام حقيقي أو تنمية في كل جوانب المجتمع ضمن رؤية اصلاحية تحاول أن تجذّر سواء جانب التنمية الاقتصادية أو جانب التنمية الاجتماعية الشاملة في بناء المؤسسات الى جانب أن المركب القادر على حمل كل هذه الجوانب هو مقدار ما نحمله من وعي حضاري عميق

العدد 1224 - الأربعاء 11 يناير 2006م الموافق 11 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً