رواية «نزهة الدلافين» للكاتب السعودي يوسف المحيميد تعكس في ما تعكسه نفسا شعريا وقدرة على الوصف التفصيلي ممتعة احيانا وتكاد تكون سينمائية من حيث الحركة والتفاصيل... لكنها تجعل القارئ يغرق في بحر من الدلافين التي ارادها الكاتب رموزا طيبة تنقذ المشرفين على الغرق.
ومن خصائص هذه الرواية انها في موضوعها الذي ليس كبيرا متشعبا تتشكل من اعادات لحالات ومشاعر وحوادث كأنها لازمة تتكرر في غير تغير يذكر... وانها بينما تعكس رومانتيكية نفاذة وموحية حينا ترفق كل ذلك باتجاه مغرق في الواقعية يركز على ما قد يكون نقيضا للحالات الاولى بل تشويها لها دون اي مبرر فني.
الرواية وهي تاسع كتب المحيميد منذ العام صدرت عن دار «رياض الريس للكتب والنشر» في صفحة متوسطة القطع.
جاء في مقدمة الرواية نقلاً عن كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» للامام العالم زكريا القزويني «والدلفين حيوان مبارك اذا رأه اصحاب المراكب استبشروا وذلك انه اذا رأى غريقا في البحر ساقه نحو الساحل وربما دخل تحته وحمله وربما جعل ذنبه في يده ليمشي به الى الساحل وقيل له جناحان طويلان فاذا رأى المركب تسير بقلوعها رفع جناحيه تشبيها بالمركب وينادي... واذا رأى الغريق قصده».
إلا ان هذا الحيوان البحري النبيل المبهج والخفيف الظل سرعان ما يتحول عند المحيميد الى رمز او اكثر من رمز وأحد ابرزها الرمز الجنسي. المشكلة ليست في هذا التحول وقد قدمه المحيميد بصيغ ادبية حسنة انما في تكرار كلمات الدلفين مفردا ومثنى وجمعا وباستمرار يخلق في النفس شعورا بالضيق وبانطباق شيء على الصدر يذكر برهاب الاماكن المغلقة.
يدور هذا العمل القصصي في معظمه حول ثلاثة اشخاص من بلدان خليجية هم شابان وفتاة يلتقون في القاهرة. تدور احداث الرواية في اماكن عدة ينقلنا اليها السفر الفعلي أو تداعيات تستحضر اسفارا فعلية. السعودية والامارات ولبنان ومصر وبريطانيا وخصوصاً منطقة «ادجوار رود» اللندنية التي توصف بانها منطقة «عربية» في لندن.
في الخارج إذ التقى الثلاثة تقوم بين الرجلين والفتاة علاقة غير عادية تبدو من ناحية حبا ومن اخرى صداقة ومن ثالثة شهوة جنسية. محور معظم المشاعر والانفعالات هو خالد وهو شاعر من السعودية. انه العاشق والشك يتأكله في ما اذا كانت الفتاة المعشوقة تقيم علاقة ما غير ما يبدو من «ابوية» علاقتها مع صديقه احمد المثقف والناقد. ومن هنا البداية والنهاية وما بينهما من نقاط تتشابه. ويستمر ذلك الى النهاية إذ يبدو لنا ان ما تتكشف عنه الامور لا يشكل دعامة روائية لنص استطال بل بدت اقرب الى مشكلات مراهقة فيها الكثير من الحب والبراءة والخجل والشهوة والغيرة والمرح وامور اخرى. وفي كل ذلك تنزلق الدلافين في مناسبة او دون مناسبة. وما نستشهد به هو غيض من فيض
العدد 1224 - الأربعاء 11 يناير 2006م الموافق 11 ذي الحجة 1426هـ