العدد 1240 - الجمعة 27 يناير 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1426هـ

«البرلمان»... هل بمقدوره أن يعيد الخليج المسلوب؟ ترقب لتحديد خط الدفان و«خليج توبلي» على صفيح ساخن

بعد أن استولى متنفذون على سواحل خليج توبلي التي كانت في يوم من الأيام أحد أهم مصادر الرزق لأهالي القرى التي احتضنت الخليج... وبعد أن وصلت الأيادي الخفية إلى الأراضي التي تتنفس من ماء الخليج، وبعد أن تحولت أهم محميات القرم إلى مقبرة للطبيعة التي سلبت منها الحياة، يعود خليج توبلي مرة أخرى، وتعود القضية التي شغلت الناس وأصبحت حديث الساحة من جديد بعد أن حاولت أطراف مجهولة إخمادها، وهذه المرة تطرق قبة البرلمان عسى أن يكون هذا المسار الخطوة الأخيرة...

ويرى المراقبون أن مناقشة البرلمانيين قضية خليج توبلي هي فرصة كبيرة للبرلمانيين أنفسهم ليخرجوا بقرار يعيد إلى الخليج رونقه، ولكن إن فشل البرلمان في حسم المسألة فإنها ستدخل في دهاليز مظلمة وستكون حلقة سوداء تسجل في تاريخ مجلس النواب.

«الوسط» تعود مرة أخرى إلى طرق قضية الخليج الذي تقاسمته أيادي المتنفذين، ووزعته فيما بينها في وقت كان الناس يعيشون في سبات عميق حتى استفاقوا مرة أخرى، ولكن الاستفاقة جاءت متأخرة جداً فلم تتبق من الخليج سوى أجزاء بسيطة.

لجنة التحقيق

البرلمانية... ماذا حققت؟

في وقت وصلت فيه قضية خليج توبلي إلى ذروتها وباتت الشغل الشاغل والحديث المهيمن على كل مجلس، طرح مجلس النواب القضية وتداول النواب النقاش ورسوا في نهاية المطاف على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية، وكلفت اللجنة رفع تقرير مفصل عن تداعيات القضية والتجاوزات التي حدثت على ضفافه وداخل مياهه.

وبعد أن سلمت اللجنة تقريرها الذي يظل سرياً حتى يتم طرحه للنقاش تحت قبة البرلمان، يتساءل كثيرون عن محتويات هذا التقرير، وفيما إذا استطاعت اللجنة الضرب على الأوتار الحساسة وخصوصاً الأراضي التي وزعت على المتنفذين وتقاسموها حتى تقلص حجم الخليج ولم يبق منه إلا جزء بسيط... وماذا عن المعلومات التي ظلت محجوبة عن لجنة التحقيق بشأن مجموع الأراضي التي وزعت داخل المياه؟

وفي هذا الصدد يقول رئيس لجنة التحقيق البرلمانية النائب عبدالنبي سلمان: «بالنسبة إلى تقرير لجنة التحقيق سيتم الكشف عنه في الجلسة التي سيوضع على جدول أعمالها بعد أن قامت اللجنة بتسليم التقرير إلى المجلس».

وعن المعلومات التي تسربت عن محتويات التقرير، يشير سلمان إلى أنها مجرد معلومات مغلوطة، ولا تمت إلى التقرير بصلة.

من جهته، يؤكد عضو بلدي الوسطى عباس محفوظ الذي شارك لجنة التحقيق في عملها أن اللجنة لم تحصل على بعض المعلومات المهمة من بعض الجهات الرسيمة، وقال: «لا نعلم إن كانت الحكومة تعمدت إخفاء هذه المعلومات عن اللجنة أم لا».

وعما أثير بشأن حجب المعلومات عن الأراضي التي تمت هبتها للمتنفذين، يقول محفوظ: «هذه المعلومات صحيحة، إذ لم تحصل اللجنة على إحصاءات عن الأراضي التي أعطيت على شكل هبات لبعض المتنفذين، على رغم أن من حق النواب مساءلة الوزير المسئول عن أية معلومات مهمة، ولربما سيطرح النواب في طيّ تقريرهم هذا الجانب، ونأمل أن يحصلوا على كل المعلومات التي ستساعد على الحفاظ على ما تبقى من خليج توبلي».

ويكمل «ربما تكون هذه المعلومات سرية في السجل العقاري، ولكن نحن نتحدث عن مجلس النواب، فإذا كانت هذه المعلومات سرية على المجلس البلدي، فكيف يمكن حجبها عن أعلى جهة رقابية وتشريعية في الدولة؟».

استرجاع أراضي

الساحل المسلوبة!

ولعل من أهم القضايا الجدلية في خليج توبلي، قضية السواحل التي استولى عليها المتنفذون وأحاطوها بالطوب ومنعوا الناس من دخولها وبنوا على حدودها قصورهم... ويؤكد محفوظ أن جميع الأراضي الساحلية التي استولى عليها المتنفذون سترجع وسيحول الساحل إلى ساحل عام، ويقول: «إذا تم اعتماد خليج توبلي محميةً طبيعيةً وملكاً عاماً، فسيتم استرجاع السواحل، أو جعلهاممرات للتنقل إلى الجهات الأخرى على أقل تقدير، ولابد أن نشير إلى أن استملاك أية أجزاء على السواحل أمر مرفوض قطعاً لأن البحر ملك عام، ويجب أن تبقى السواحل ملكاً عاماً».

واستغرب محفوظ من تأخر مناقشة تقرير اللجنة البرلمانية المكلفة عمل التقرير في مجلس النواب، وكذا تأخر الشركة الاستشارية المكلفة عمل تقرير مفصل عن وضع خليج توبلي وخط الدفان ومخطط التطوير في تسليم تقريرها الثاني إلى المجالس البلدية.

ويتطرق محفوظ إلى بنود لجنة التحقيق البرلمانية، إذ يقول: «أكد التقرير إعادة تأهيل خليج توبلي وذلك بإزالة الرواسب الموجودة، وخصوصاً الرواسب الطينية والعفنة التي تكونت جراء المجاري، وزيادة حركة تيار المياه في داخل الخليج وخارجه».

ويواصل: «هذا، إلى جانب توسعة ممر المعامير وتحويله إلى جسر معلق، وتحويل الجسر الذي يربط جرداب ومدينة عيسى وسترة إلى جسر معلق، وإعادة الحياة إلى الخليج من خلال تطويره عبر الاستثمار البيئي، وهناك مخطط متكامل لتطوير الخليج يشمل إنشاء الجسور وإنشاء المطاعم العائمة».

هل شاركت «الأشغال»

في دفن خليج توبلي؟

من جانبه، ينوه عضو بلدي المنامة صادق رحمة إلى ضرورة طرح تجاوزات وزارة الأشغال التي تورطت - بحسب قوله - في دفن أجزاء من الخليج وتم ضبط هذه المخالفات.

ويقول: «أرجو من لجنة التحقيق البرلمانية أن تجيب على هذا السؤال؛ هل شاركت وزارة الأشغال في دفن الخليج؟ وإذا كانت قد شاركت، ما الإجراء الذي سيتخذ ضدها؟».

ويجيب رئيس لجنة التحقيق عبدالنبي سلمان على تساؤل رحمة: «في الحقيقة، اللجنة فتحت المجال لأعضاء المجالس المعنية لطرح رؤاهم، وحضر رئيس بلدي المنامة مرتضى بدر ولم يطرح هذا الجانب، ونحن إذ نؤكد أهمية التحقق من المعلومات نشيد بتعاون أعضاء المجالس البلدية، وندعو رحمة إلى طرح جميع المعلومات التي بجعبته، ونحن على أتم الاستعداد للتعاون».

ويشير رحمة إلى أن المجلس البلدي تسلم التقرير الأول من الشركة المكلفة دراسة الخليج، ولم تكن لدى المجلس أية مشكلات مع التقرير ووافق على خط الدفان المقترح، «ولكن هناك مشكلة الأراضي المغمورة بالمياه، والأراضي التي دفنت بمخالفة، وكذلك الأراضي التي اشتراها الناس العاديون ودفعوا فيها مبالغ كبيرة، ونحن في انتظار بقية تقرير الشركة».

وبالنسبة إلى التجاوزات في خليج توبلي والتي كانت تجري على قدم وساق، يقول محفوظ: «بعد وقف تراخيص البناء لم نشهد أية تجاوزات تذكر، ماعدا بعض العمليات التي كانت تنفذ عبر سيارات (البيك أب)، ولكن تمت السيطرة على جميع هذه العمليات».

وتبقى قضية الأراضي - التي وضع عليها المتنفذون أياديهم - موضع الجدل الذي لم ينتهِ بعد، ولربما لن ينتهي أبداً! ويظل أعضاء المجالس البلدية ينتظرون الرسم النهائي لخط الدفان، والتقرير الختامي للشركة الاستشارية. والأهم من ذلك كله، يبقى المهتمون بهذه القضية الوطنية ينتظرون مناقشتها تحت قبة مجلس النواب، وينتظرون أن يصدر قرار حاسم وحازم ضد كل من خالف أو نهب أو سلب أو دمر إحدى أهم بيئات نبات القرم في الخليج العربي.

ويظل البلديون يؤكدون ضرورة اعتماد خليج توبلي محمية طبيعية وملكاً عاماً... فمتى سيتحقق ذلك

العدد 1240 - الجمعة 27 يناير 2006م الموافق 27 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً