العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ

كويتيون يطالبون بفرض مقاطعة رياضية وآخرون يقولون لا بديل عن القيمر الدنماركي

خرج الإسلاميون الكويتيون إلى الشوارع ووقفوا أمام السفارة الدنماركية وطالبوا بمقاطعة المنتجات الدنماركية ورفعها من الأسواق والجمعيات التعاونية اثر نشر صور تسيء للرسول (ع) من قبل إحدى الصحف الدنماركية، ما دفع رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية التي تسيطر على 42 جمعية تعاونية إلى رفع المنتجات الدنماركية من رفوف هذه الجمعيات.

كما طالب رئيس مجلس إدارة نادي الكويت الرياضي مرزوق الغانم اللجنة الأولمبية الكويتية باتخاذ موقف صارم وواضح تجاه الرياضيين الدنماركيين وإعلان انسحاب المنتخبات الكويتية أو اللاعبين أمام الفرق أو اللاعبين الدنماركيين مثلما يحدث مع «اسرائيل» حتى ولو قوبل ذلك بعقوبة مالية أو شطب من قبل التنظيمات الدولية وإعلان سبب الانسحاب علانية حتى يعرف العالم أجمع مدى حبنا وتقديرنا وتعظيمنا للرسول العظيم بعد الإساءة المتعمدة التي صدرت بحق النبي (ص).

وأعلن رئيس النادي الرياضي الغانم وهو نجل رئيس غرفة التجارة والصناعة الكويت موقفها من مقاطعة المنتخبات والفرق الدنماركية وكذلك الحكام وعدم استضافة أي منها وعدم ملاقاة فرق أو لاعبين من هذه الدولة في البطولات الدولية.

«المتخلفون الإسلاميون»

إلا أن الليبراليين في الكويت كانت لهم وجهة نظر أخرى فيما حدث في الدنمارك. يقول الكاتب الصحافي في صحيفة «القبس» الكويتية عبداللطيف الدعيج: عندما سوى المتطرفون الإسلاميون برجي التجارة في نيويورك بالأرض وقتلوا الآلاف، تصدت المنظمات والشخوص الإسلامية للحادث، باعتبار:

أولا، أن ذلك رد على سياسة الولايات المتحدة وعلى الدعم الغربي بشكل عام لـ «إسرائيل» ضد العرب والمسلمين.

ثانيا، أن من قام به هم فئة مارقة لا تمت للإسلام بصلة... هناك أعذار، وهناك تبريرات، وهناك تبرئة للفعل وحصره في «فئة صغيرة ضالة».

إلا أن الكاتب الليبرالي الدعيج يتساءل «لماذا لا نجد التبرير ذاته لما حدث في الدنمارك؟ صحيفة واحدة ارتكبت ما اعتبر عملا ضد الإسلام، مع هذا قامت قيامة قوى التخلف الديني وحكوماتها - وعلى رأسهم حكومتنا طبعاً - يقصد الحكومة الكويتية ولم تقعد حتى الآن. لماذا لا تكون هذه الصحيفة هي فئة دنماركية ضالة كحال ربعنا؟ ولماذا بالأساس لا يكون عملها رد فعل وتبرير لتفجيرات مدريد ولندن وقبلها نيويورك؟!

«تاريخ إرهابي للإسلاميين»

ويتساءل الكاتب عبداللطيف الدعيج الذي يعتبره الإسلاميون في الكويت يعادي التيار الديني «لماذا نحظى نحن بالتبرير وبالحق في أن نرد «الصاع صاعين» بينما نستنكر على الآخرين ذلك؟ صحيفة واحدة شاذة أقامت الدنيا ولم تقعدها. هنا لدينا «حماس» في الضفة، وحزب الدعوة وحزب الله في كل مكان، ولدينا القاعدة وأبومصعب، ولدينا في الكويت حزب الأمة ونوابها والحركة الدستورية ممن لهم تاريخ إرهابي حافل ومتواصل، وكل هؤلاء لهم مواقف إرهابية معلنة وغير مشكوك فيها ضد الآخرين، وعبروا عنها بالقنابل وبجز الرؤوس، ومع هذا نستنكر نحن إن رد الآخرون علينا أو ثأروا لأنفسهم!

لكن ليس هذا ما يثير في هذا الأمر. إذ يبقى الأساس أن أحدا لا يعلم بالضبط ما الذي تطرقت إليه الصحيفة؟ لم اقرأ ولم أشاهد الرسومات الكاريكاتيرية المزعومة، لكن إحدى صحفنا المتحمسة أشارت إلى أن الرسام رسم الرسول وعلى رأسه عمامة مربوطة عليها قنبلة! لا اعلم قصد الرسام ونواياه، ولكنني على ثقة أن القصد كان تصوير الإرهاب الديني المرتبط بالإسلام هذه الأيام وليس تصوير الرسول، وربما هذا يفسر هذه الغضبة المتخلفة، فهي انتصار للتخلف والإرهاب، وليست انتصارا للإسلام كما يدعي القائمون بها».

«الكويت ليست ملكاً للمسلمين»

وفي نهاية مقاله يقول الكاتب «ويبقى في النهاية أن الكويت دولة ديمقراطية ليست ملكا لمسلمين ولا لغيرهم، دينها الإسلام صحيح، لكن الصحيح أيضا أنها دولة تحترم مشاعر وحقوق بقية المتدينين، وغير المتدينين أيضا. لهذا نحن نسأل وزارة الشئون وقبلها الحكومة: بأي حق يمنع اتحاد الجمعيات التعاونية بيع المنتجات الدنماركية في الأسواق «العامة»؟ هذه أسواق عامة ملك لي مثل ما هي ملك وليد طبطبائي (النائب في البرلمان)، وهي ملك المواطن المسيحي مثل ما هي ملك متخلفي حزب الأمة والحركة الدستورية (حزبين إسلاميين)، فلماذا امنع من تناول زبدة «لورباك» وأنا لم انشأ إلا عليها؟ ولماذا احرم من القيمر الدنماركي وأنا الذي لم أجد أفضل منه بعد»؟!

«الإسلاميون افتخروا بجرائمهم»

أما المحامي ووزير النفط السابق الذي يحمل أفكارا ليبرالية علي البغلي فقد كتب مقالا قال فيه: «نشجب، وندين، ونحتج بكل ما أوتينا من عزم وقوة على تطاول الصحيفة الدنماركية على خير الخلق رسولنا الكريم... وهو تطاول غير مبرر ولا يدخل حتما في خانة حرية التعبير التي تتمرس وراءها الحكومة الدنماركية في عدم تدخلها في الأمر، حتى تفاقم إلى الحد الذي وصل إليه، فحرية التعبير تقف حين تُمس ثوابت الآخرين الأساسية وعقائدهم. نحن لا نحتج حين يتهم المسلمون أو العرب بالإرهاب لأن هذا الأمر حقيقة واقعة، فالإرهاب الدموي الوحشي الذي لف العالم من أقصاه إلى أقصاه - من منهاتن الاميركية غرباً إلى جزر بالي في اندونيسيا شرقا - والذي افتخر عرب ومسلمون بضلوعهم فيه... هو إرهاب لا دخل لرسولنا الأكرم به، ولا ناقة له فيه ولا جمل، وبالتالي يحق لنا الثورة والاحتجاج إذا ما وصمت هذه الشخصية عالية المقام بالإرهاب».

ويضيف قائلا في زاويته «جرة قلم»: السادة الذين احتجوا بالمهرجانات الخطابية التي دعا إليها أعضاء مجلس الأمة ورموز الأصولية الخطابية، وكذلك المظاهرة التي نظمت أمام السفارة الدنماركية، ومن نادى بمقاطعة البضائع الدنماركية... وغيرهم، كلهم نتمنى لهم الأجر والثواب بقدر نيتهم في الذود والدفاع عن أكبر رمز إسلامي وإنساني عرفته البشرية نبينا محمد(ع)... ولكن هل ستصل تلك الاحتجاجات إلى المجرم الحقيقي، أو من قام بهذا الفعل المنكر؟ أم أنها أصابت بعض الأبرياء ومن لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع؟ لا بل إنها أصابت بعض المسلمين المحتجين أيضا على فعل الصحيفة المنكر بخسارة مادية ومعنوية فادحة! اتحاد الجمعيات التعاونية طلب من الجمعيات أعضاء الاتحاد جمع البضائع الدنماركية وإرجاعها للوكلاء، وفي ذلك خطأ فادح غير مبرر، فالبضائع هذه ليست ملك الشركة الدنماركية وإنما ملك الشركة أو التاجر الكويتي الذي يؤمن بعدم المساس برسوله ومعتقداته... كالإخوة المحتجين وأكثر، فما المبرر لتعريض تجارنا وشركاتنا للخسارة؟ بالإضافة إلى أن بعض الإخوة أعضاء مجلس الأمة الذين اشتهروا بالصراخ، بمناسبة وغير مناسبة، وضعوا أسماء لشركات كويتية وسعودية مئة في المئة مطالبين بمقاطعة منتجاتها، وهو دليل جهل وخفة واستهتار بمصالح الآخرين!».

وطالب المحامي الغاضبين من الإسلاميين باتباع إجراءات سلمية قائلا: «لماذا لم يلتجئ أولئك الزاعقون إلى حلول عملية ناجحة تؤدي الغرض، مثل:

1- نشر عنوان البريد الالكتروني أو فاكس الصحيفة المجرمة وطلب إرسال احتجاجات من قبل كل من رمتهم تلك الصحيفة في صميم عقيدتهم، وسنجد عشرات الآلاف من الرسائل الاحتجاجية التي ستصل لرئيس تحرير تلك الصحيفة لتصيبه بصدمة، لن يكرر بعدها ذلك الفعل الآثم.

2- احد رجال الأعمال السعوديين الخيرين الصامتين، واظن ان اسمه احمد المهدي تبرع بكل تكاليف القضية المرفوعة ضد الصحيفة في الدنمارك والمنظورة أمام محكمة الاستئناف، إذ ان محكمة أول درجة رفضتها تحت حجة حرية التعبير.

فلماذا لم يفكر محترفو الزعيق والصراخ والتصرفات غير المبررة، في مثل ذلك الحل، ويساهموا بأموالهم المكتنزة في نفقات الدفاع عن خير الخلق؟!

نحن نتمنى من كل المخلصين المحبين لله ورسوله إعادة التفكير والتصرف بطريقة حضارية ناجحة، لا تلحق بنا وبسمعتنا الضرر، بل تلحق الضرر فقط بمرتكب الجرم المؤثم... لأنه «لا تزر وازرة وزر أخرى»

أين كانوا؟

أما الكاتب أحمد الصراف الذي يعد من الكتاب الليبراليين فقد كتب في زاويته «الكويت تستنكر وتستدعي سفير كوبنهاغن»:

«اتحاد الطلبة ينظم اعتصاما»... «الطبطبائي: مؤتمر للدفاع عن الإسلام»، «الحركة الدستورية تدين تطاول مؤسسات إعلامية على مقام النبوة»، «... نواب يطالبون الحكومة الدنماركية بتقديم الاعتذار»، «... منظمة المؤتمر الإسلامي تشن حملة واسعة للتصدي للإساءة»، «الراشد: تصرف مناف للقيم»... «بيان من مجموعة من النواب يستنكرون الإساءة»! «اتحاد التعاونيات: وقف التعامل مع 330 سلعة دنماركية»...، «المهري يحرم شراء البضائع الدنماركية»... «جمعيات النفع العام تطالب بتجميد العلاقات».

بشأن حادثة الإساءة لمقام النبوة الذي تم عن طريق نشر رسوم كاريكاتيرية في صحيفة دنماركية في 30/9/2005، وأعيد نشرها قبل أسابيع في صحيفة نرويجية... من الصعب، في هذا المناخ المتشنج، الحديث بعقلانية والتصرف برشد في مثل هذا الموضوع. فالهيجان الذي يلف المجتمع بكاملة تقريبا أعمى ابصارنا عن حقائق بالغة الأهمية.

فالصور محل الإهانة سبق أن نشرت قبل اربعة اشهر! فأين كانت قوى الرفض والاحتجاج هذه كل هذا الوقت؟ كما يمكن القول ان غالبية أولئك الذين قاموا بالاحتجاج على تصرف الصحيفة الدنماركية الأخرق لم يطلعوا أصلا على تلك الرسومات المسيئة، وليس لدى غالبيتهم، ان لم يكن جميعهم، أدنى فكرة عن طبيعة أو ماهية تلك الرسوم أو نوعية الإساءة التي وردت بها.

ومن الواضح أيضا أننا، حكومة وشعبا، قمنا بتحركنا الاحتجاجي بعد ان وردت ردود فعل السلطات الدينية السعودية على هذه الإهانات.لقد عانينا كشعب من جرائم العقاب الجماعي التي اتبعها صدام معنا ابان احتلاله وطننا. كما كنا، كشعب وحكومة، من المعارضين الجادين لسياسات العقاب الجماعي أينما وجدت. فكيف نأتي الآن ونطالب بتوقيع عقوبة جماعية على شعب كامل بسبب قيام صحيفة نكرة بنشر صور مسيئة لمقام النبوة، وبعد مرور أربعة اشهر كاملة على نشرها؟ وما هو ذ

العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً