كشفت دراسة بحرينية حديثة ان مصروفات موسم عاشوراء في المملكة لهذا العام ستصل إلى مليون و100 ألف دينار (4 ملايين دولار). وقالت الدراسة التي أعدها الباحث الاقتصادي حسين المهدي ان الأرقام الرسمية تفيد بان إجمالي عدد المآتم المرخصة رسمياً بلغ 571 موزعة بين الرجال والنساء، بنسبة 53 في المئة للرجال و47 للنساء.
وقامت الدراسة بتوزيع المآتم على المحافظات الخمس، واستحوذت المحافظة الشمالية على نصف مآتم الرجال، و43 في المئة من مآتم النساء.
وجاءت المحافظة الوسطى في المرتبة الثانية من حيث استحواذها على 24 في المئة من مآتم الرجال، و21 في المئة من مآتم النساء، وحلت محافظة العاصمة ثالثاً، إذ استحوذت على 17 في المئة من مآتم الرجال و24 في المئة من مآتم النساء التي تفوق عدد مآتم الرجال في العاصمة بخلاف المحافظة الوسطى.
أما في محافظة المحرق فلم تتعد نسبة المآتم 9 في المئة، قياساً إلى إجمالي عدد مآتم الرجال، وحققت مآتم النساء 12 في المئة فقط، في حين لم ترصد الدراسة في المحافظة الجنوبية أية مآتم للجنسين.
ومن جهة، أخرى تطرقت نتائج الدراسة إلى الجوانب الاقتصادية والمالية، بناء على تقديرات أولية استندت إلى الأرقام المنشورة لموسم عاشوراء العام الماضي، من ناحية الصرف على المناسبة من خلال المكرمة الملكية أو عبر الصرف على الولائم والموائد عبر الاعتماد على أرقام لواحد من أكبر المطابخ المحلية، وأما فيما يتعلق بمصروفات الخطباء فتم اعتماد مؤشرات نشرت في المقابلات في الصحافة المحلية.
وقالت الدراسة إن تقديرات الصرف من خلال المكرمة الملكية من أغنام وأرز بلغت 53 ألف دينار، استفاد منها أكثر من 600 مأتم، وكانت النسبة متساوية تقريباً بين المآتم الرجالية والنسائية، (51 في المئة لمآتم الرجال، و49 في المئة لمآتم النساء).
المؤشرات الأولية للدراسة أفادت بزيادة الصرف على هذه الفعاليات بمعدل 10 في المئة سنوياً، ففي العام 2004 بلغت 900 ألف دينار، ارتفعت إلى نحو مليون دينار في العام ،2005 ومن المتوقع أن تبلغ مليون ومئة ألف دينار لعشرة أيام فقط خلال هذا الموسم، أما مصروفات الخطباء فبلغت نحو 360 ألف دينار بحريني وذلك بمتوسط 1000 دينار للخطيب في مأتم الرجال و200 دينار لمآتم النساء(على رغم شحة المعلومات عن المآتم النسائية).
إلى ذلك كشفت الدراسة بأن المصروفات العامة وتشمل الطباعة والمنشورات والخدمات العامة والاعلانات والخدمة وغيرها بلغت زهاء 290 ألف دينار.
ونوهت الدراسة إلى أن المفاجأة تكمن في أن هناك مبالغة جداً في ما يشاع بان الموسم يكلف الكثير، إذ لم تتعد كلفة الموسم وما قبله وبعده أقل من مليوني دينار، «ويبدو ذلك المبلغ زهيداً جداً إذا ما احتسب كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من ناحية، ومن حيث المصروفات للفرد الواحد من ناحية أخرى، ففي حين لم تتعد مصروفات الموسم أقل من 0,05 من الناتج المحلي الإجمالي والبالغ زهاء 4 مليارات دينار بحريني بحسب الأرقام المتوافرة».
أما من حيث المصروفات للفرد الواحد، والتي قدرت بزهاء دينارين و 800 و20 فلساً فقط من خلال تقسيم إجمالي مصروفات الموسم على عدد سكان البحرين في العام الواحد 70 (70 فلساً للفرد في الموسم فقط)، وهذا يعني أن المناسبة لا تكلّف إلا النزر البسيط من الموازنة العامة على رغم ما يعتقده غالبية الناس، لأن غالبية هذه الأعمال تطوعية.
وفي تعليقه على النتائج قال معد الدراسة المهدي: «إن موسم عاشوراء يعتبر موسماً مهماً من حيث معانيه وآثاره الحالية والمستقبلية من نواح عدة، يأتي على رأسها ما قامت به ثورة كربلاء من حفظ الإسلام ومبادئه، ومن ضمنها معان كثيرة كالمحافظة على حقوق الإنسان، والدفاع عن الفقراء والمحرومين، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل المبادئ الإنسانية السامية».
ولفت المهدي إلى ضرورة الانتباه إلى النواحي المالية والاقتصادية لهذه المناسبة، فلو أخذنا في الاعتبار بعض الملاحظات الداعمة والمؤسسة لهذه الذكرى لرأينا أن الحسينيات الموزعة تعتبر مورداً لا ينضب والتي تفرض علينا الوقوف معه وتعزيزه وتحسين أدائه بصورة مؤسسية وعلمية حديثة، وذلك من خلال مجموعة من الخطط الإدارية التي يمكن أن تكون في متناول الجميع، ترجمةً لأساسات علم الإدارة الحديثة والمعتمد على التخطيط والتنظيم والتوظيف والتوجيه والمتابعة والمراقبة.
ويضيف المهدي: «لو أخذنا خطة بسيطة جداً لتوزيع أوقات الخطابة في منطقة ما، بحيث يستفيد أكبر عدد ممكن من الحضور بدلاً من الخطابة في وقت واحد، ما يضيع على الجمهور الكثير من فرص الاستفادة، وهذا على سبيل المثال ولا الحصر في حال القراءة. ولو انتقلنا إلى مهمة تنظيم الموارد البشرية والمالية والنقدية، يجب مشاركة أكبر عدد ممكن من أبناء المجتمع في إدارة وإحياء هذه الذكرى بصفة عامة، وبين الناشئة والشباب بصفة خاصة».
وتدعو الدراسة إلى ضرورة وجود تنظيم مالي دقيق للاستفادة العظمى من موارد البذل والعطاء لإحياء الذكرى، مع لحاظ أهمية عدم الإسراف وهدر الموارد المالية، ويمكن ذلك من خلال جدولة الموائد بين مآتم المنطقة الواحدة، وهناك إمكان الشراء الموحد للمواد الغذائية والتموينية، والتفكير في إنشاء مؤسسة موحدة تدعم المطابخ القائمة حالياً في تقديم الطعام وإيصاله للمستمعين بصورة حضارية راقية ومنظمة تعود بالنفع على الجميع.
وبخصوص إبراز هذه المناسبة الجليلة بصورة راقية، يأتي في المقدمة الخطاب الحسيني لما له من أهمية قصوى في التوعية والإعلام والتوجيه لأمور كثيرة، تهدف إلى تشجيع الشباب على العطاء وحب العمل والتعليم والتدريب والالتزام بأنظمة العمل والإنتاج، كما يمكن استثمار هذا الموسم للتعريف بمبادرات تهدف إلى خدمة الشباب مثل المشروع الوطني للتوظيف
العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ