في القديم لم تكن توجد مبان خاصة للحسينيات في الكويت، وكانت المجالس الحسينية تقام في مجالس (ديوانيات) بعض الأسر الكويتية . ومع تزايد عدد روادها وعدم اتساعها لاستيعابهم أصبحت الحاجة ملحة لبناء الحسينية، وهكذا تأسست أول حسينية في الكويت العام 1885، في فريج «البحارنة» في منطقة الميدان في الشرق، وبقيت حتى دخلت ضمن التثمين، وأسست بدلاً منها حسينية في منطقة «بنيد القار»، ومن ثم نقلت إلى منطقة الدسمة ولاتزال قائمة إلى الآن، وتعرف باسم حسينية سيدعمران نسبة إلى اسم المشرف عليها.
وبعدها أنشئت حسينية معرفي الشرقية وأسسها المرحوم الحاج حسين بن نصرالله معرفي العام 1905، ولايزال مبناها قائماً حتى اليوم بشكله القديم المكون من الحرم الداخلي والصحن وغرف الخدمات والليوان والمطبخ، وتعد الحسينية الوحيدة الباقية في موقعها الحالي منذ بدء تأسيسها في منطقة السوق مركز النشاط التجاري، وتعتبر بطرازها القديم تحفة معمارية فنية، فصنفت في بلدية الكويت كمبنى أثري لا يسمح بهدمه ولا ترميمه، إلاّ بعد موافقة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهو مدرج ضمن المباني التاريخية بالكويت.
الحسينية الخزعلية
ثم أنشئت الحسينية الخزعلية، نسبة إلى حاكم المحمرة الشيخ خزعل بن مرداد، إذ كان كثير التردد على الكويت، وكان يحرص على حضور المجلس الحسيني في العشر الأولى من المحرم في مسجد المزيدي، إذا صادف وجوده في الكويت، وكانت هناك غرفة كبيرة تابعة للمسجد يقام فيها العزاء والقراءة، واقترح الشيخ خزعل بناء حسينية منفصلة، فأخبروه بعدم توافر الأموال لمحدودية القدرة المادية لغالبية الناس، الذين لا يستطيعون تحمل نفقات بناء حسينية جديدة، فوعدهم بالمساعدة في دفع معظم التكاليف وعليهم إيجاد الأرض، فتبرع الحاج عبدالكريم معرفي بالبيت الذي خصصه سكناً للمرجع الديني آنذاك المرحوم السيدمهدي القزويني، وتم شراء بيوت أخرى محيطة، كما تبرع الشيخ مبارك الصباح بمنزل مجاور يملكه، ليتم هدمها جميعاً ولتصبح مقراً للحسينية في فريج الفرج العام 1913.
وعند اقتراب اكتمال بنائها تبين عدم تخصيص مكان للطبخ والغسيل وحوض ماء للطهارة، فاتصل الأهالي بالشيخ جابر المبارك وأخبروه بأن هناك منزلاً مجاوراً للحسينية في الناحية الشمالية يعود للشيخة موضي بنت الشيخ دعيج الصباح، وانهم يرغبون بإدخاله في الحسينية، فتنازلت الشيخة موضي عن البيت للحسينية، وعوّضها الشيخ جابر المبارك بثلاثة دكاكين في السوق الداخلي، وتم هدم البيت وإلحاقه بالحسينية وبناء مطبخ وسرداب ودورات مياه، واكتمل بناء الحسينية العام 1917.
أول مكبر صوت
أما مكبر الصوت (السماعة) فقد تم استخدامه لأول مرة العام 1948م، وكان الخطيب في ذلك العام المرحوم ملا إبراهيم بن ملا محمد البصري.
وكان للحسينية أيوان علوي مسقوف يحيط بالقاعدة الرئيسية وله شبابيك تحجب النظر إلى داخل الايوان المخصص للنساء، وكانت كل عائلة تحجز لها شباكاً خاصاً بها لجلوس النساء فيه. وتم تجديد وتوسعة الحسينية العام 1952 بعد ضم بيتين مجاورين إليها، تبرع باحدهما المرحوم يوسف شيرين بهبهاني وتم شراء البيت الآخر. وكانت التوسعة بمبادرة من المرحوم الشيخ صباح الناصر الصباح الذي تبرع بمبلغ 30,000 روبية، كما تبرع المرحوم الشيخ عبد الله السالم الصباح بمبالغ مالية لتوسعة الحسينية.
تخصيص مكاسب الحدادة للمأتم
وتعد حسينية الياسين رابع حسينية تؤسس في الكويت، العام 1919، ولكن آل حداد مؤسسي الحسينية يشيرون إلى ان بدايتها الحقيقية كانت قبل ذلك بعشرة أعوام، في ديوان الحاج ياسين الحداد في حي الصوابر بمنطقة شرق. وكان أفراد العائلة من الحدادين يدخرون كل ما يكسبونه في يوم الاثنين وقفاً للصرف على المجالس في هذا اليوم.
ولعبت حسينية الياسين درواً كبيراً في ذلك الوقت، اذ بني فيها حوض (بركة) لتجميع مياه الشرب، يستخدمها الأهالي إذا شح الماء في بيوتهم. كما كانت الحسينية محطة للقوافل المتجهة لزيارة المشاهد المقدسة إلى العراق وإيران من المناطق المجاورة والذين يمرون على الكويت، إذ تتم استضافتهم في الحسينية لمدة يومين أو ثلاثة للتزود بالماء والزاد.
وشيد المبنى الحالي للحسينية من دون معوقات، وافتتحت في مناسبة «عيد الغدير» برعاية المرجع الديني الحاج ميرزا الحائري الاحقاقي العام 1969، إذ أمّ الجماعة لصلاة المغرب فيها، وخطا فيها الحاج علي الياسين الحداد (ره) وهو فاقد البصر أول خطوة قائلاً: «اللهم اجعل فيها الخير والبركة». ومنذ ذلك الحين أصبحت القراءة فيها بشكل يومي في كل ليلة على مدار السنة.
وحسينية آل ياسين هي أول حسينية في الكويت اعتمدت على التنظيم الإداري في تسيير أمورها، فشكلت اللجان المختلفة وفروعها. وأول خطيب عرفته الحسينية هو الملا حسن الموسى الذي تتلمذ على يده الخطيب الثاني للحسينية الأستاذ عبدالرازق البصير الهلالي. وفي الوقت الحالي يتناوب على القراءة على منبرها الكثير من الخطباء أهمهم سيدجواد شبر، فاضل المالكي، الشيخ عبدالحميد المهاجر، وغيرهم الكثير.
إطلاق نار على الحسينية
وتعرضت حسينية الياسين لحادثة اعتداء اعتبرت الأولى من نوعها في الكويت، ففي الساعة الثانية من فجر يوم 11 أبريل/ نيسان للعام 2000، أقدم شخص مجهول على إطلاق 25 طلقة من رشاش كلاشنكوف على الحسينية، أسفر عن إتلاف في واجهتها التي يغلب عليها الزجاج، بالإضافة إلى بعض النوافذ. كما استقرت بعض الطلقات في الباب الرئيسي ولم يصب أحد في الحادثة نظراً إلى خلوها من الرواد في هذا الوقت. واستنكرت الحكومة هذا الفعل المشين، وقام وفد من مجلس الأمة والداخلية وعلى رأسهم وزير الداخلية بزيارتها والتأكيد على استنكار هذا الحادث المشين. وقررت الأجهزة الأمنية المختصة تكثيف الحراسة على الحسينيات. كما استنكر الكثير من مثقفي الكويت الحادث الذي يراد منه زرع الشقاق والطائفية، وكتبت معصومة المبارك في صحيفة «السياسة» ان «الكويت البلد الذي عرف بتسامحه الديني والاجتماعي، ويشهد تاريخه على ذلك، ولكن نفراً قليلاً أزعجهم هذا فأخذوا يرشقون المجالس الحسينية بالرصاص وينثرون حولهم الحقد في محاولة فاشلة لنشر الفتنة في هذا المجتمع الذي يأبى إلاّ أن يكون الحضن الذي يضم الجميع في تسامح وتآخ».
سرداب أيام الغزو
وفي هذه الفترة أيضاً أسست الحسينية الجعفرية، (فريج الفرج) العام 1912، وموقعها الأصلي يرجع إلى مجموعة من البيوت التي تبرع بها أصحابها وقفاً للإمام الحسين (ع)، ثم قام العلامة ميرزا الحائري ببنائها وأطلق عليها «الحسينية الجعفرية». وأخضعت للتثمين في 1981، وعوضتهم الحكومة مبلغ 6000 ألف دينار، وتبرع العلامة ميرزا حسن الحائري بمبلغ 250,000 دينار لاستكمال البناء. وعند قرب الانتهاء أمر ميرزا حسن أن يجتمع ممثل عن كل عائلة لها مساهمات في بنائها والتي بلغ عددها 86 عائلة، لتشكيل مجلس إدارتها، وتحت رعايته وبحضوره الشخصي تم انتخاب الإدارة بعدد الأئمة المعصومين (ع). وهي من أكبر الحسينيات مساحة في الكويت، وأصبح سردابها ملجأ عاماً لأهل الكويت أثناء الغزو العراقي الغاشم.
ويذكر أن الحسينية الجعفرية تتبع «هيئة المساجد والخدمات الدينية العامة»، التي تشرف على مشروعات العلامة ميرزا حسن رحمه الله داخل الكويت وخارجها، وهناك 10 حسينيات بالكويت تشرف عليها الهيئة إشرافاً أدبياً.
والحسينية الجعفرية منذ نشأتها وإلى اليوم والقراءة الحسينية مستمرة فيها يومياً صباحاً ومساء، في كل 10 أيام خطيب.
أما أول حسينية نسائية في الكويت أسستها فاطمة الموسوي زوجة سيدسليمان سيدربيع الموسوي بالشيوخ، ثم أنشئت حسينية نسائية أخرى في بيت آل عيدي وموقعها حالياً في البورصة. ثم قامت السيدة سكينة الموسوي بتأسيس حسينية نسائية في منطقة بنيد القار، لاتزال قائمة وتعرف اليوم باسم ابنتها (بيبي رباب). وأشهر الحسينيات النسائية في الكويت هي حسينية خديجة كرم بالرميثية، وحسينية أم حنان بالمنصورية.
ويشير منصور الهاجري في صحيفة «الرأي العام» إلى أن عدد الحسينيات في الكويت بلغت الآن 110 حسينيات للرجال، و 31 مجلساً خاصاً بالنساء، بينما جاء في صحيفة «الوطن» تحت «عنوان عاشوراء في الكويت» ان «في الكويت أكثر من 500 حسينية في جميع مناطق الكويت للرجال والنساء».
وعندما سألنا أصحاب «مكتبة جنان الغدير» التي تتولى إصدار نشرة سنوية بها أسماء الحسينيات وخطبائها، اتضح أنهم يسجلون أسماء كل من يقيم مجالس حسينية، سواء في حسينيات رسمية أو المساجد أو في دواوين خاصة، ويقارب عدد الذين يسجلون أسماء حسينياتهم نحو 100 حسينية
العدد 1252 - الأربعاء 08 فبراير 2006م الموافق 09 محرم 1427هـ