العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ

«مدخنة الرياش» تطلق أدخنة ملونة

في مدونته الشخصية الالكترونية (بلوغر)، التي أطلق اسم «مدخنة الرياش»، قال توفيق الرياش ما يأتي:

دخلت البحرين هذا الشهر عامها الخامس مع الاصلاحات السياسية لكن مازالت هناك آمال لم تتحقق بعد على مستوى طموح شريحة الشباب وهذه بعض من التعليقات:

كان يا ما كان انتفاضة في البحرين: في العام 1994 شهدت البحرين انتفاضة للحقوق والكرامة انطلقت من احساس بالذل والهوان الذي كان شعب البحرين يشعر به جراء المعاملة اللا إنسانية التي تقوم بها الحكومة تجاه السواد الأعظم من الشعب!

واستمرت هذه الارهاصات حتى مطلع العام 2000 عندما بدأت الاصلاحات السياسية في البلد، فتوقف العنف المضاد الذي يقوم به الشباب تجاه تجاوزات قوات الأمن (...) والتي تأخذ اوامرها من مسئوليها. واليوم تشهد البحرين الكثير من التراجعات في مستوى الحريات ولكن بغطاء قانوني تارة ومن دونه تارة اخرى... ولكن السؤال: كيف تكون ردة الفعل من جانب الشباب تجاه هذه التراجعات؟! لا اعتقد اسلوب التسعينات سيكون حلاً أنجع! إذن ما الاسلوب المطلوب؟ ساعدوني فقد اعيتني حيرتي!

محمد: موضوع مؤلم لما يحمل في طياته من يأس حقيقي من قبل الشباب لمؤسسات السلطة والمعارضة، فلا الحكومة احتوتهم ولا المعارضة الفاعلة في الساحة تبنتهم فهم حقيقة بلا مأوى سياسي وهذا هو لب الموضوع... انتفاضة التسعينات كانت تستند داخلياً إلى (أصحاب المبادرة) وخارجاً على حركة أحرار البحرين وهذا أمر لا لبس فيه وبالفعل كان التحرك السياسي لأصحاب المبادرة وتحرك الشارع من جهة والظروف السياسة الدولية والضغط الخارجي المرتكز على تحرك الحقوقيين وحركة أحرار البحرين في الخارج كان له الدور الأكبر نحو تحقيق الوفاق الوطني والخروج بالبلد من عنق الزجاجة وإرجاع المبعدين وإخراج المساجين السياسيين والتصويت على الميثاق واعتماد دستور للبلاد ...

فالوضع اليوم ليس كأمس والغطاء الشعبي والضغط الدولي غير موجودين والعمل السري غير مبرر. فإشعال الوضع حالياً غير مبرر. فمن قضية المطار الى بعض الحوادث المؤسفة التي تتحمل السلطة جزءاً من المسئولية فيها لكن يجب أن يتكلم صوت العقل ويقول للمخطئ قف انت مخطئ. فمن يثبت تورطه في أي عمل تخريبي سيكون مطالب قانونياً وسيقف أمام محاكم جنائية «ليست محاكم أمن دولة» فهل سيكون من المعقول أن نطالب السلطة بالتدخل لإخراجهم ووقف المحاكمة أو تلقين القضاة أحكاماً ميسرة! ألن يكون هذا طلباً رسمياً من الجهات الشعبية للسلطة التنفيذية للتدخل في السلطة القضائية! فيجب لما قبلنا باللعبة السياسية أن نلعب بأدواتها وقوانينها لا أن نكيل بمكيالين إذا تدخلت السلطة فيما لا نشتهي قلنا لهم تداخل بين السلطات وإذا أردنا منها التدخل نطالبها بذلك. هذا ونتمنى من الله ان يفرج عن إخواننا المعتقلين وأن يرجعوا إلى أهلهم معافين. ونتمنى من الشباب التأني ومحاولة الاندماج والانخراط ضمن العمل السياسي العلني ونطالب السلطة بأن تكف عن الممارسات التي تتسبب في ردة فعل كهذه التي حصلت.


تجربة عبد الشهيد الثور

في حقبة التسعينات

نشر عبدالشهيد الثور مذكراته في عدة مواقع، ومن بينها موقع دراز.نت. وجاء في الحلقة الاولى منها ما يأتي:

سهدت العيون وتوسدت الأجفان توائمها واستقرت بي الأحلام إلى حيث التحليق في آفاق العبور في روضة البقيع الوادعة. أخذتني لذة المنام شيئاً ما، شيئاً ما لم يطل حتى أرقت سمعي قعقعة أحذية قاسية تعبر الزقاق المجاور لمنزلنا. استيقظت أفرك جفني بأصابع مازالت متخدرة بسكرة المنام، خفضت أناملي ورفعت جسمي من فراشي معطياً عيني جهة الباب متحفزاً للإمساك بمقبض الباب.

خرجت في الظلام الحالك متسللاً للمطبخ المجاور لحجرتي، من دون أن أشعل الضوء، حملت جسدي حملاً متأنياً كي لا تصدر من خطواتي أية حركة تنم عن وجود متحرك، توجهت للنافذة الخشبية المطلة على الشارع الخارجي، كانت النافذة من النوع الخشبي القديم، كنا نسميها «دريشة» تتكون من خشب يتيح للضوء والهواء فرصة التسلل للداخل ولا تمكن الناظر من بعث نظراته إلى ما خلف «الدريشة».

هذا في الجانب السفلي من النافذة حيث يقف صفان من الخشب المائل، أما القسم العلوي من النافذة فتنفرج منه بوابتان صغيرتان ليبدو أمامهما صف من الأعمدة الحديد المطلية. كانت النافذة مغلقة ومن خلال البوابتين المقفلتين تسلل شعاع هادئ ينبئ عن وجود ضوء خلفهما، دسست عيني في ثقب صغير في البوابة اليمنى من النافذة مستجلياً خبر ما يجري في الخارج.

كلما قربت جسدي ورفعت رجلي لأتمكن من تسديد عيني في الثقب اتسع بؤاهما، أخيراً لاحت لي بعض الحركات السريعة في الزقاق، حشد من رجال الأمن المدجج بأسلحة مقاومة الشغب، لم تتمكن عيني من رصد وجه ما، فهناك حركة دائبة في الزقاق، كأنهم ينتظرون أحداً أو يحرسون أحداً آخر.

شعرت برجلين تتسحبان وتدخلان المطبخ، بلى هذا أخي (محمد) ينفتل من «المجلس» خاطبني هامساً: إنهم يملأون الشارع بالعشرات ولقد رصدتهم من خلال نافذة المجلس الحديد، لقد لاحظوني ونادوني طالبين مني فتح الباب لهم. كانوا يعتقدون أني سأخافهم وأبادر مهرولاً لفتح الباب، وكأني لم أسمع صراخهم علي... افتح الباب... أعطيتهم آذاناً صماء ووليت مدبراً عن النافذة. قلت في نفسي: اتعبوا على أنفسكم، كنت متيقناً من عدم استطاعتهم فتح الباب، باب البيت حديد محكم الإقفال.

سمعت صوت الرفسات المتتالية على الباب وأصوات صرخاتهم المتعالية في الخارج. اعتقدت للحظة أنهم سيملون من المحاولة ويعودون منصرفين، أخذت نفسي ودخلت إلى حجرتي متناسياً ما يدور خلفي من عويل الأحذية وأنين الباب.

طرحت جسدي فوق السرير وأقفلت جفناً على الآخر واسترسلت في الضغط على أفكاري للولوج إلى عالم السبات. غفت عيني لدقائق وجيزة واستلبني قرع خفيف على باب حجرتي من بين يدي ملكوت النوم.

هببت واقفاً ابحث عن سبب يدعو من يطرق على الباب في هذه اللحظات، طبعاً سيكون الطارق من أهل البيت مادامت الطرقات حنونة الوقع!

هل يكون الصخب الدائر في الزقاق الخارجي أيقظهم وشردهم من أسرتهم؟!... لا اعتقد هذا فتلك حال اعتدناها مع تتالي الحوادث في البلد، ولطالما أدرنا لها ظهراً وغرقنا في غطيط لا ينهيه إلا أذان الفجر. أدرت المفتاح ببطء يخامره هاجس الاستغراب، مكنت يدي من المقبض وأنزلته بسكينه... أخذت الباب إلى حيث بدا الضياء يقتحم الغرفة من بين الباب والإطار.

فتحت الباب على آخره، بدا وجه أبي مفزوعاً، رفع عينيه الممتلئتين بالدهشة في وجهي وقال: يبغونك... (يطلبونك). كما قالت السيدة زينب (ع) عندما لمست التأكيد على قتل اخوتها وسبيها: أيقنت أن البلاء قد وقع، أنا كذلك أدركت أن الرحيل قد حان، كانت تكفي تلك الكلمة «يبغونك» لتترجم كل الإجابات المتيقظة للتعبير عن غربة أسئلة حائرة. تلك الكلمة كانت أوضح من الصبح المسفر.

كان الوقت محملاً بالبرودة المشرعة على فصل الشتاء وكنت لابساً بيجامة من الصوف تلبس تحت اللباس عادة (الدكاك). أدرت وجهي للخلف، والتقت عيناي بعيني زوجتي الحائرة، قرأت في بحر عينيها قلقاً لا يجففه إلا عنفوان الصبر. أعدت رأسي للأمام أحمل معه نية الظهور من الحجرة... هبطت من العتبة المحاذية لباب حجرتي وعطفت عيني لساحة المنزل الضيقة فما راعني إلا اكتظاظها برجال الأمن... جيش بأكمله يتخم المنزل، أسلحة مستنفرة للهجوم بأقل من ربع أمر! أكل هؤلاء الجنود والأسلحة لاعتقال اعزل؟! بلى هم هكذا دائماً لا يثقون في مقدرتهم علينا...

أخيراً استطعت أن أميز إخوتي الثلاثة مقيدين في فناء المنزل. حين توسطت ساحة المنزل بادرني أحدهم وكان ملثماً وقال: أنت عبدالشهيد... أجبته بسكينة: نعم... انطلقت يده ذاهبة عائدة بإشارة إصبع قال: خذوه، ذكرتني كلمته بالآية الكريمة «خذوه فغلوه» (وما أبرد أخذهم وغلهم قياساً لأخذ الجبار وغله).

العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً