ثورة الحسين، أو فلنقل صرخة الحسين، ليست لها علاقة بالزمن أو بالمكان بل هي ثورة تتجدد منذ أن انبثقت في العاشر من محرم الحرام سنة 60 للجهرة، وهي انطلاقة لايزال هديرها يصم آذان الظالمين والمستبدين والطغاة في كل انحاء العالم.
وقف الحسين يوم العاشر من المحرم ليقول لاؤلئك اللصوص وقطاع الطرق الذين احاطوا به من كل جانب ليذكرهم ويوعظهم ولكنهم صموا آذانهم واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله، فوقف فيهم خطيبا: ايها الناس انسبوني من أنا وارجعوا إلى احسابكم ويحكم أهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون ولنا تقاتلون، أجل والله غدر فيكم قديم وشجت عليه اصولكم وتآزرت عليه فروعكم وتوارثته عروقكم وثبتت عليه قلوبكم وغشي صدوركم فكنتم أخبث ثمر شجيء للناظر وأكلة للغاصب، الا لعنة الله على الظالمين، الا لعنة الله على الكاذبين، الا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا، فانتم والله هم، الا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت وانوف حمية ونفوس ابيه من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، الا واني زاحف بهذه الأسرة، مع قلة العدد، وكثرة العدو، وخذلان الناصر. ثم تمثل بابيات فروة بن مسيك المرادي:
فان نهزم فهزامون قدما
وان نهزم فغير مهزمينا
وما ان طبنا جبن ولكن
منايانا ودولة آخرينا
كذاك الدهر دولته سجال
تكر صروفه حينا فحينا
اذا ما الموت زحزح عن اناس
كلا كله اناخ بآخرينا
فافنى ذلكم سروات قومي
كما افنى القرون الأولينا
فلو خلد الملوك إذا خلدنا
ولو بقي الملوك اذا بقينا
فقل للشامتين بنا افيقوا
سيلقى الشامتون كما لقينا
ثم قال: وايم الله لا تلبثون بعدها الا كريثما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى، وتقلق بكم قلق المحور، عهد عهده إلي ابي عن جدي رسول (ص)، ثم تلا قوله تعالى: «فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون» (يونس: 71)، «اني توكلت على الله ربي وربكم مامن دابة الا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم» (هود: 56). ثم رفع يديه نحو السماء قائلاً: اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسني يوسف وسلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبرة فانهم غرونا وكذبونا وخذلونا وانت ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا وإليك المصير.
ولقي الحسين ربه شهيداً صابراً بعد ان تقدم امامه اخوانه واولاده واصحابه يلبون نداء الحرية والفداء، وبقيت تلك الثورة شامخة ما بقي الدهر يشتد أوارها وترتفع مبادئها غضة طرية لاينال منها الزمن ولا توهنها الأيام.
فسلام على ابي الشهداء الحسين، يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث في الخالدين.
رجل أعمال كويتي
العدد 1253 - الخميس 09 فبراير 2006م الموافق 10 محرم 1427هـ