لم تعد التجاوزات التي تشهدها سواحل البحرين من تلويث ومصادرة، ودفان جائر مستغربة! ولم يعد مستغرباً ذلك العناء والمعاناة والمرارة التي يشعر بها المفتشون البلديون والناشطون في مجال حماية البيئة بسبب استمرار الانتهاك الذي يضرب بالقوانين عرض الحائط!
لكن يبدو أن هناك تقصداً للإساءة إلى سواحلنا! من جزئية صغيرة، قد يجدها البعض هينة، يمكن أن نسأل: «كيف ومن سيحمي سواحلنا؟»، تلك الجزئية تظهر من خلال هذه الصورة التي نستعرضها عبر الأسطر الآتية:
تحذير: «ممنوع رمي مخلفات البناء والانقاض»... هذه العبارة، تحملها لوحة خشبية، ويتم توزيع تلك اللوحات على السواحل كجزء من التنبيه بأن رمي المخلفات على السواحل يعد مخالفة قانونية يعاقب عليها قانون البلديات... الغريب في الأمر، أن المسئولين في بلدية المنطقة الشمالية اكتشفوا «سرقة» 50 لوحة تنبيه من على السواحل! ما يعني أن هناك سبق اصرار وترصد للتمهيد لإلقاء مخلفات في جنح الظلام.
كر وفر على السواحل
وتشهد السواحل «كر وفر» بين المفتشين البلديين ورجال الأمن وأولئك المجهولين الذين يتسللون في جنح الظلام في شاحنات مختلفة الأحجام محملة بمختلف أنواع المخلفات: أنقاض وبقايا بناء، إطارات، بقايا ذبائح، مخلفات صناعية، أثاث قديم وأخشاب، مخلفات زراعية، والكثير الكثير من الملوثات التي شوهت وجه سواحل البحرين.
في بلدية المنطقة الشمالية، يقول أحد المسئولين ان المخالفات مستمرة، وإن كان المفتشون يضبطون المخالفين ويقدمونهم إلى المساءلة القانونية بين فترة وأخرى، إلا ان العملية مستمرة دونما توقف.
ويضيف بالقول «ان بعض المخالفين يعمل لدى بعض مقاولي البناء والصنف الآخر عمال يتبعون بعض الشركات، وهناك المواطنون والمقيمون الذين يتخلص بعضهم من المخلفات بصفة شخصية».
صهاريج تحمل السموم
ضبط المفتشون بعض المخالفات التي تورط فيها بعض الآسيويين الذين يفرغون محتويات الصهاريج والتي هي في الغالب ما تكون مياه مجار على السواحل مسببين مشكلة بيئية خطيرة... ففي خليج توبلي وسواحل كثيرة في سترة والمحرق وساحل النادي البحري تسببت تلك المخالفات في تدمير خطير للحياة البحرية... بمخلفات المجاري السامة، تتغذى عليها الأسماك والكائنات البحرية الصغيرة ما يؤثر في السلسلة الغذائية وتصل إلى الإنسان الذي يتغذى على تلك الأسماك.
ويكشف مسئول في اللجنة الوطنية لحماية الثروة البحرية والحياة الفطرية والبيئة أن هناك مشكلة تكمن في تغييب العمل بالتشريعات الخاصة بحماية الشواطئ والحياة البحرية، فالمعضلة الكبرى تكمن في أن هناك تجاوزات مستمرة للقانون على رغم تشديد الرقابة التي لا يمكن - يعترف - أن تشمل كل المناطق البحرية والسواحل!
المسئولية الاعلامية
ولا تخفي الناشطة البيئية والاختصاصية في الاحياء البحرية ابتسام خلف أهمية ودور الاعلام والاعلاميين في المساهمة ودعم جهود الناشطين البيئيين في التصدي لهذه المظاهر الخطيرة المدمرة للبيئة.
وتتمنى أن يكون للإعلاميين دور أكبر في نشر التوعية وإيصال الصورة الحقيقية - وباستمرار - للرأي العام.
الأهالي... يشاركون!
ومن المهم الإشارة هنا إلى دور الأهالي الذين يسكنون في القرى القريبة من السواحل، فحين يشاهد مواطن مخالفة من هذا النوع يسارع إلى ابلاغ الجهات المعنية، فمحمد يوسف (من سكنة قرية المعامير)، يقول: ذات ليلة، شاهدت صهريجاً يتخلص من مياه المجاري على ساحل القرية، وقمت على الفور بإبلاغ الشرطة وتم عمل كمين إذ ألقي القبض على 2 من الآسيويين ارتكبا هذه المخالفة.
ويعتقد «محمد» أن هناك مسئولية دينية ووطنية للتصدي لمثل هؤلاء الذين دمروا سواحلنا تدميراً طوال سنوات، لكنه يتمنى توقيع عقوبات مشددة على المخالفين ليرتدعوا ويرتدع الآخرون.
مشاهد حية
ومن المشاهد التي أصبحت مألوفة، رؤية البعض يتخلص من الحيوانات النافقة بالقرب من السواحل أو في مياه البحر، وهناك أيضاً كميات من بقايا مصانع الالمنيوم التي تتخلص من كميات كبيرة من مادة الخبث ومواد كيماوية سائلة في جانب مصانع أخرى.
ويقترح الكثير من الناشطين البيئيين وأعضاء المجالس البلدية تنظيم حملات وطنية مستمرة لحماية السواحل وتكثيف الرسائل الاعلامية رغبة في وضع حد للممارسات الضارة بالسواحل والتي جعلتها شبيهة بمكب النفايات وحرمت المواطنين والمقيمين من الاستمتاع بقضاء وقت في رحاب البحر والساحل.ئ
العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ