نقول هل ما حدث خارج دائرة تصوراتنا كأمة؟ بكل تأكيد أن ما حصل في اعتقادي كان متوقعا ومنذ زمن بعيد والأمر غير المتوقع أن الأمة الإسلامية لم تضع في أدبياتها واستراتيجياتها التصدي لمثل هؤلاء ولم تحدد آليات الردع، لتفهم كل دول العالم أننا غيارى على ديننا الحنيف ولا نقبل من أحد - مهما كان ذلك الأحد - التعدي على القرآن الكريم الدستور الخالد ولا على مقام رسولنا الكريم (ص) الذي حمل راية الخير لكل البشرية، ولهذا لا مجال للأمة إلا أن تقف صفا واحدا خلف رسولها بكل أطيافها ومذاهبها وتياراتها وأيديولوجياتها في وجه هذه الهجمة الشرسة التي تجاوزت كل الخطوط الأخلاقية والإنسانية بكل قوة وبالطرق القانونية والسلمية التي لا تتجاوز حدود القضية، لنفهم العالم بأسره أن النبي محمد (ص) أسس حضارة إنسانية راقية لتشمل كل إنسان إلى يوم القيامة، ولنبين لهم أن مفهوم الحرية التي يتشدقون بها، عند العقلاء لا تعني الإساءة والشتم والسخرية والاستخفاف برواد القيم الفاضلة... الحرية لابد أن تقف عندما تلتطم مع حرية الآخرين أو عند تعرضها بالإساءة، ومن يحولها إلى تهريج لابد من إيقافه عند حده وإلا أصبحنا عرضة لكل ساقط ولاقط، والوقوف الصلب ضد كل من سولت له نفسه المريضة الاعتداء على مقدساتنا التي أوجب الله علينا الدفاع عنها ومحاسبة بعض السلوكيات التي مارسها ويمارسها البعض من أبناء الأمة، واستغلها بعض الحاقدين والمشبعين بالهوى الصهيوني والذين نذروا أنفسهم للتصدي للإسلام كلما سنحت لهم الفرصة، ولا يستبعد أبدا أن ما حدث مدفوع الأجر.
ونقول إن هذا التجرؤ لم يأت من بنات أفكار هذا الرسام الساقط إنسانيا أو ذاك وإنما أوحي إليه من الدوائر الصهيونية العالمية التي لها ثأر مع الرسول الأكرم (ص) من يوم خيبر، والمصيبة الكبرى أن الأعداء يخططون ضدنا في غرفهم المغلقة ونحن في عالمنا الإسلامي نلهث وراء التوافه من الأشياء ونجهد أنفسنا في التخطيط لننال من بعضنا بعضا، وبكل صراحة الذي ساعد هؤلاء على التجرؤ الشنيع على القيم الإسلامية وممارسات ذلك النفر القليل من الأمة الذين ينسبون جرائمهم زورا وبهتانا للإسلام من خلال رفع شعار الإسلام وراء كل جريمة يرتكبونها ضد الإنسانية، ألم نشاهد الأعمال الإجرامية التي نفذت على أرض العراق والتي عرضت في مواقع الانترنت وعلى شاشات التلفزيونات وتناقلها الأطفال عبر هواتفهم النقالة، ألم تقطع الرؤوس باسم الإسلام؟ وألم تختطف النساء ويعتدى على أعراضهم باسم الإسلام؟ ألم تفخخ السيارات بالمتفجرات المدمرة وتفجر في أوساط الناس الأبرياء مخلفة الضحايا بالمئات من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ؟ ألم نشاهد ذلك الرجل الذي ألقي القبض عليه قبل أن يفجر نفسه في أحد الأسواق وهو ينادي أتركوني لأتعشى مع الرسول؟! أليست هذه الأفعال الشنيعة تشويها لديننا الحنيف وتشويها لرسول الإسلام في أعين جهلة العالم، الذين يتعاملون مع القضايا بسطحية ويعتبرون سكوت علماء الأمة رضا؟!
نقول كفانا ظلما للإسلام فلنرفع أصواتنا عالية لتدوي في الآفاق ولتصل إلى أذن كل إنسان في هذا العالم الفسيح لنقول له بكل صراحة ووضوح إن الإسلام هو النقاء والسلام والأمن والعدل والمساواة والوفاء والعفة والكرامة والحرية والعزة. إن تلك الأعمال الإجرامية بمثابة الحرب على الإسلام من الداخل وليس لها صلة لا من قريب ولا من بعيد بقيم الإسلام العظيم، فلتبين الأمة رأي الإسلام بكل صراحة ووضوح في تلك الأفعال التي يندى لها جبين الإنسانية وعلماء الأمة الإسلامية يتحملون المسئولية كاملة في هذه المسألة التي استغلها الأعداء لضرب الإسلام والمسلمين... فلنرفع أصواتنا عالية في وجه كل من يريد المساس بقدسية نبينا محمد (ص) وهذا أضعف الإيمان ولا أحد منصف في العالم يلومنا في ذلك، وكلنا سمعنا عن إزالة رسومات بعد أن قدمت رسالة شديدة اللهجة من الحكومتين الأميركية والبريطانية إلى القائمين على أحد المعارض الفنية الذي أقيم حديثا في بريطانيا لأن تلك الرسومات فيها إساءة إلى شخص الرئيس الأميركي ورئيس وزراء بريطانيا ولم يعتبر ذلك الاحتجاج خرقا وانتهاكا للحرية، وفي الوقت نفسه تعتبر الإساءة لأقدس إنسان على وجه الأرض من الأولين والآخرين حرية ولا يجوز محاسبة فاعليها! أليست هذه مفارقة غريبة تدل على ازدواجية التفكير الغربي؟ أقول للأمة الإسلامية: السكوت عن الإساءة جرم لا يغتفر وستحاسب عليه يوم القيامة، وستذل في هذه الدنيا على أيدي أحقر البشر ولن تقوم لهم قائمة، فلتقف كل الاتفاقات الاقتصادية التي تستغل لضرب عمق الدين وعموده الفقري، فلتعلق العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي انتهكت أقدس موقع في إسلامنا العظيم، فلترفع القضايا ضد من أرتكب الجرم الكبير في محاكمهم من أجل أن نبين لهم أننا لا نساوم ولا نهادن في إسلامنا، فلنضع لنا ثوابت في كل علاقتنا مع الدول الغربية بأن استمرار تبادل المصالح بيننا وبينهم احترامهم لديننا الحنيف.
أعتقد أن هذه الخطوات تتناغم مع العقل والمنطق ويصدق عليها القانون، وها هم يتعاملون مع الدول التي تشتهي أميركا وحلفاؤها الغربيون معاقبتها فأمروا مجلس الأمن بإصدار قرار يقضي بمقاطعة هذه الدولة أو تلك اقتصاديا للضغط عليها لتنصاع لما يريدون، وليس عيبا أن تتعامل الدول الإسلامية مع الجهة التي أساءت للنبي (ص) بالأسلوب نفسه الذي باركوا له دوليا في مواقع كثيرة وضد دول مختلفة.
سلمان سالم
قبل بعضة أيام كنت ذاهباً إلى أحد المصارف من أجل تخليص إحدى المعاملات.
جلست على كرسي الانتظار، منتظراً دوري، إذ كان يسبقني 4 أشخاص، ومع مرور بعض الوقت صرت أسبق ثلاثة أشخاص.
وما شدني وجعل في عيني برج تأمل، هو حال التذمر بين المراجعين، سواء من كانوا أمامي أو من هم خلفي، وكل ذلك بسبب بطء تخليص معاملاتهم، إذ الوقت عصراً، ولا غير موظفة واحدة فقط، وعيناي المتأملتان لم تقفا على حال التذمر تلك «فهو يكاد يكون وضعاً اعتيادياً يشهده أي طابور يتكدس فيه الناس».
بل على تلك الابتسامة التي كانت تزين شفاه كل من ينهي معاملته ويغادر المكان، وكأنها ابتسامة ملؤها عين الرضا، فما السر يا ترى وكيف انقلب الوضع من كلمات متناثرة ملؤها التأفف والتذمر إلى تلك الابتسامة الجميلة.
بحثت عن الجواب، ولم أجد له تفسيراً الا عندما حان دوري وجلست قبال تلك الموظفة، نعم فالجواب وتفسيرة يكمن فيها، في بشاشتها، في محياها، يكمن في ابتسامتها المؤدبة التي تستقبل بها كل زبون وفي اسلوبها اللطيف، وفي معاملتها مع الزبائن.
تمتاز بطريقة ذكية في تلطيف الجو واستدراج الزبون إلى أريحية الأعصاب، وإن حق القول فهي نموذج لعملات نادرة تفتقدها مؤسسات مجتمعنا:
وجلَّ ما نتمنى أن يتدارك مسئولو المصرف هذا الوضع غير المتفق وريادة هذا المصرف الكبير، عبر علاج هذا النقص الملفت في هذا الفرع. كذلك لا نخفي رغبتنا في أن نشاهد علاج هذا النقص بما يتوافق مع مواصفات هذه الموظفة القديرة.
وصدق من قال «إن طريق الوصول إلى قلوب الناس صعب، بغير كلمة طيبة وابتسامة بيضاء».
محمد جعفر كمال
يحلو للبعض أن يردد بعض الكلمات آناء الليل وأطراف النهار. كلمات ربما تركت في نفس محدثها آثارا سيئة للغاية وساهمت في جعله ناقما مشمئزا منفرا للناس.
البعض يهوى تلك الكلمات. والبعض يعيش ويقتات عليها، لأنها ببساطة اتخذت لها مكانا في مساماته وعروقه. فهو لا يفتأ يردد بين لحظة وأخرى «يا لها من تعيسة هذه الحياة»، «إن الموت والانتقال إلى رحاب الله أفضل من هذه الحياة التعيسة». أو يقول «لا شيء في هذه الدنيا يستحق الحياة إلا وجهه سبحانه».
سبحان الله. أليست الحياة هي الطريق إلى رضوانه سبحانه وتعالى؟ وإلا فلماذا خلقنا الله فيها ولماذا وضع لنا فيها آلات القبض والبسط؟ ولماذا خلق لنا السمع والبصر والفؤاد؟! ولماذا جعل في أجسامنا الشهوات؟! أليس من أجل أن نعي أن الحياة شيء ثمين. وأن المسكين وحده من يفرط فيها.
أقول هذه الكلمات وأنا أهز رأسي عجبا لأناس يحتقرون الحياة مع أنها سبيلهم إلى الله. ولست أعني هنا أولئك الذين اتخذوها لهوا ولعبا. فهؤلاء هم الجديرون بالنظر إلى الحياة نظرة منكرة، إذ من البديهي أن لحظات الحاجة هي لحظات تنتظر من يشبعها لتعاود من جديد الظمأ والرغبة في إطفائها. فما حال إنسان جعل الغريزة نقطة ارتكازه؟... فهو لا يبرح حتى يشبعها من دون كلل أو تعب. أتجدون هذا الشخص قادرا على الإحساس بلذة ما؟! هذا الشخص غير جائع ومع ذلك لا يكل عن الأكل، فهل يشعر بلذة الأكل؟! هذا الشخص غير ظامئ ومع ذلك لا يكل عن الشرب، فهل يشعر بلذة لما يشربه؟! تلك فتاة بحاجة إلى لباس، ولا تغادر السوق ففي كل يوم لباس جديد، فهل تشعر بحلاوة ما تلبس؟!
هؤلاء هم الجديرون بالنظر إلى الحياة نظرة منكرة لأنهم لا يشعرون بقسوة الحاجة ومن ثم لذة إشباعها. وليس أولئك الذين يتوجهون إلى ربهم سبحانه.
سيد جعفر سيد علي
سلام عليك يا سيد الشهداء وسيد شباب الجنة... سلام عليك يا أبا عبد الله يا حسين ابن علي ابن أبي طالب... عليك وعلى جدك وأبيك وأمك وأخيك وأبنائك الأئمة الهادين المهديين ألف تحية وسلام ما بقيت وبقي الليل والنهار.
سيدي أبا عبدالله... وأي عبدالله... هذا الرضيع الذي قتل وهو على يديك ينشد وتنشد الماء له من القوم الظالمين، بل الكافرين برحم جدك ووصيته بودكم وبركم أهل البيت.
هذا هو يومك يا أبا عبدالله الذي أصبح هو كل أيامنا نستزيد منه كل يوم مزيدا من الصبر والإباء، مزيدا من العمل والتضحية بالغالي والنفيس فداء للقيم والمبادئ التي استشهدت من أجلها وعلى طريقها.
سيدي أبا عبد الله أي عين لا تدمع في هذا اليوم وأي عين لا تبكي؟! وهل بعد ما جرى تصمد الدموع، بل وهل تصمد العقول أو تفهم ما جرى؟!
أية رزية تلك التي كان رأسك الشريف موضع فرجة وتشفي؟! وممن؟ من أمتك وأمة نبيك؟!... أوهكذا يفترض؟
هل حقا قتلت بسيوف مسلمة؟! وهل حرقت خيامك وشردت نساؤك وأطفالك بنار مسلمة؟! هل تم رض جسدك الشريف وأجساد الشهداء بجياد يركبها فرسان مسلمون؟!
هل حز نحرك الشريف وحمل رأسك الشريف على القنا ينقل من حارة إلى أخرى ومن إمارة إلى أخرى حتى استقر بمجلس يزيد المسلم؟!
أية فاجعة فاجعتك يا حسين؟! وأية مصيبة نحن أمامها يا شهيد الطف؟... أيعقل ما جرى وهل هناك عقل يستوعب ما جرى؟!
سيدي أبا عبدالله... أصبحت نهلا وملهما لكل حر وأبي في كل العصور والدهور حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
سيدي... لقد جسدت الخير كله في هذا اليوم وجسد أعداؤك وشانئوك الشر كله... سيدي من فيض دمك ترتوي الأجيال وعلى مبادئك تعيش وتنهل... سيدي أصبحت قبلة الأحرار وأصبح ضريحك قبلة الزوار ومشعلا للعلم والأنوار.
فسلام عليك يوم ولدت ويوم خرجت ثائرا ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا... سائلينه جلت قدرته أن يرزقنا زيارتك في الدنيا وشفاعتك في الآخرة يا حسين.
زكريا العشيري
أفق من سكرة واهجر هوى الوسن
أفق وانظر لشبل المجتبى الحسن
أفق واسمع حكايا الطف عن بطل
أبى الإذلال لم يخش يد الفتن
هنا شبل تبسم للردى وله
تبسمت المنية في الوغى الوهن
عتي عصفه في القوم قتَّال
فتي حيث مرعى المجد يأسرني
ربيع بسمة الدنيا بطلعته
هو المقدام ضد الشرك والوثن
شباب كابد الأرزاء في صغر
فسل عنه البواتر سل ربى المحن
وسل عنه القساوس والأشاوس إن
بدا في لامة الهيجاء بالكفن
بريق غازل الجوزاء صارمه
وأهداها دماء دونما ثمن
ونجع حول قرص الشمس كلله
بليط أحمر ينساب كالمزن
حرون في الوغى صعب مقادته
ببأس الحمزة من سالف السنن
إذا مرت نسيمات بصارمه
تحيل الجو طوفاناً من الإحن
يفر الجيش إن صال الهمام ترى
رؤوساً طائرات دونما بدن
طبول الحرب دوت في مسامعه
وغنت مشرفيات بممتحن
ونافخ صور إسرافيل في يده
ونادى الموت حوباه إلى الجنن
خيول الأعوجيات ارتقت صعداً
على صدر ابن طه طاهر اللبن
تناست حجلها من نجع أضحية
معفرة بسيف يأبى للدرن
بكته فاطم والمرتضى وله
بكى المسموم حزناً ناح بالشجن
سيدمرتضى الساكن
العدد 1260 - الخميس 16 فبراير 2006م الموافق 17 محرم 1427هـ