العدد 1264 - الإثنين 20 فبراير 2006م الموافق 21 محرم 1427هـ

«ضحايا التعذيب» تطالب بلجنة حكومية - أهلية لحسم الملف

«الوسط» تفتح ملف تعويض ضحايا الانتهاكات في حقبة «أمن الدولة» (8)

طالبت اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب بإنشاء لجنة حكومية - أهلية مستقلة «تتكون من أعضاء أهل للثقة بين الجانبين الحكومي والأهلي» مشددة على ضرورة عدم الرجوع إلى الخلف والاستفادة من تجربة اللجنة الموجودة اليوم، ومن كل العمل الأهلي.

وقال رئيس اللجنة إبراهيم حسن في تعليقه على سلسلة «الوسط» المتواصلة بشأن حل قضية الشهداء وضحايا التعذيب: «لقد تابعنا ما نشر من تصريحات للكثير من المسئولين الحكوميين وغير الحكوميين في موضوع حل مشكلة ضحايا العنف والتعذيب، وهذه المشكلة شكلت احدى أكبر أزمات البلاد في غضون 30 سنة الماضية - أي منذ حل المجلس التشريعي في السبعينات - وهذا الملف الذي كان الأجدر به أن يحل منذ بداية عملية الإصلاح وذلك لأن أكثر المتضررين من وجود أجهزة أمن الدولة كانت هذه الشريحة»، مضيفا «أن الكل شاهد وعاش وتعايش وتألم مع الضحايا، فكان الأجدر بصناع القرار السياسي أن يبادروا جميعاً إلى حل هذه الأزمة، ولكن للأسف الشديد لم يتقدم أحد إلى ذلك، وإن بدأت بعض المحاولات الخجولة».

وانتقدت اللجنة عدم اهتمام البرلمان بهذه القضية، وقالت: «ما يؤسف له أن البرلمان المنتخب، وفي قمة اللامبالاة بحق هؤلاء أقدم على تثبيت قانون (56) للعام 2002 لحماية من كانوا في أجهزة أمن الدولة، وكأن البرلمان من أهدافه «نشر الخوف بدلا من نشر العدل والطمأنينة».

وأكدت اللجنة أن من بين أهم أهدافها «إيصال صوت هؤلاء إلى المسئولين والمعنيين بالأمر، ولكن الحال نفسها ظلت مهيمنة على التعامل مع اللجنة الوطنية وهي اللامبالاة من أجهزة الدولة الرسمية والمعنيين بالأمر، إلا من محاولات خجولة قام بها البعض من حسن نية أو من محاولة لجر المشكلة إلى أنفاق مظلمة، واللجنة عمدت منذ البداية إلى محاولة تعويض الضحايا، مع أن اللجنة لم تدع يوما أنها أولى من أولياء الدم، لكنها عملت على إنشاء وعي مهم جدا، وهذا الوعي يتركز على إنصاف الضحايا، سواء كانوا شهداء أو عوائل شهداء، سواء كانوا من المعذبين أو السجناء أو المشردين».

وذكرت اللجنة أن «هذا الوعي الذي تشكل في ظل السنتين الماضيتين يتلخص في نقطتين محوريتين هما: تعويض الضحايا وإدانة المجرمين، ومن دون أن تتحمل الدولة هاتين المسئوليتين فإنه لا يمكن حل قضية ضحايا التعذيب لا عقلاً ولا عملاً، ولكن اللجنة تدرك بعد هاتين النقطتين وأهمية أن تصل إلى حل مناسب. لذلك، فإن لجنة الضحايا تشد على أيدي جميع الذين بادروا بحسن نية لحل هذا الملف، ومازالوا يحاولون أن يصلوا بنا إلى بر الأمان».

وشددت اللجنة على مجموعة من العناصر قالت إنها تشكل أرضية لحل هذا الملف: أن يتم تعويض الضحايا ماليا ومعنويا من دون قيد أو شرط، أن تضع جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية في اعتبارها أن الضحايا ليسوا فقط ضحايا حقبة التسعينات فحسب، لأن مسلسل الضحايا بدأ منذ وقف العمل بالدستور واستمر حتى إصلاحات ميثاق العمل الوطني.

ورأت اللجنة أن «قضية التعويضات وإعادة التأهيل قد تمس أطرافا كثيرة، فالضحية قد يكون وقع عليها ظلم واحد، لكن بعض العوائل تضررت مرات كثيرة وليس لجناية سوى انها تحمل اسم وعنوان أو هوية الضحية، فيجب أن تدرس كل حال على حدة، وأن تكون هناك درجات في التعويض، فهناك من عذب وبقي محروماً من عمله لسنوات، وهناك من عذب وسجن ومن ثم هجّر، وكل هذه الحالات تتطلب أن ننظر إليها على إنها قضية في ذاتها».

ودعت اللجنة إلى دعم اللجان الأهلية العاملة في هذا المجال، وإنشاء لجنة حكومية - أهلية مستقلة ومن أعضاء أهل للثقة بين الجانبين الحكومي والأهلي، وعدم الرجوع إلى الخلف والاستفادة من تجربة اللجنة الموجودة اليوم، ومن كل العمل الأهلي.

على مسار مواز قال نائب الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي إن الجمعية كانت ولاتزال تطالب بتطبيق العدالة الانتقالية وتشكيل هيئة لتسلم الملف، ويكون أعضاؤها ممن عرفوا بالنزاهة والصدقية ويحظون باحترام جميع الأطراف، وان تكون لهم خبرة في العمل الحقوقي من المحامين والناشطين الحقوقيين، لأنك عندما تشكل هيئة من هذا النوع فيجب أن تكسب ثقة الناس وخصوصاً الضحايا الذين مورست عليهم هذه الانتهاكات، وبالتالي عندما يثقون بالأشخاص ستسهل عملية التحقيقات في مجريات الملفات».

وأكد الدرازي أن من الضروري أن «تكون لهذه الهيئة صلاحيات كبيرة تستطيع من خلالها أن تحقق مع الأشخاص الذين مارسوا الانتهاكات سابقاً، وان تكون أروقة الوزارات والملفات مفتوحة لأعضاء اللجنة وتكون لديهم الصلاحية باستدعاء أي شخص يرونه عنصراً مفيداً في التحقيقات التي يجرونها».

وذكر الدرازي أن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك يحتاج إلى دفعات قوية، ومن هذه الدفعات استعادة القوة الحقيقية التي بدا بها المشروع، وقد حان الوقت للبحث في هذه الملفات العالقة وإغلاقها نهائيا، لان من حق الضحايا جبر خواطرهم وتعويضهم معنويا وماديا، والجمعية لها رؤية واضحة بهذا الشأن، ووضعت خطة وطنية وعقدت ورشة عمل بالتعاون مع وزارة الخارجية في العام 2004 عن حقوق الإنسان، وأيضا عقدت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي ورشة عمل أخرى عن «العدالة الانتقالية» بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان وبدعم من وزارة الخارجية ومكتب الأمم المتحدة الإنمائي، إذ شارك فيها معظم مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات السياسية المعنية بهذا الملف، والمهم بالنسبة إلينا أن تحل هذه المعضلة للأبد».

وعن الانتقادات التي توجه إلى مركز الكرامة بأنه لا يستطيع معالجة العدد الكبير من الضحايا، أجاب الدرازي: «نعم لا ندعي أن المركز يستوعب جميع الضحايا، لكننا نبذل أقصى ما نستطيع من جهود لخدمة ضحايا التعذيب، فلدينا 12 طبيباً اختصاصياً متطوعاً في مختلف التخصصات، في العظام والعيون والأنف والحنجرة واستشاريون نفسيون واستشاريو أطباء عائلة وممرضات نفسانيات، وهؤلاء استقبلوا أكثر من 70 حالة في المركز، وهذه الحالات حولت إلى وزارة الصحة، وحتى أن بعض الأطباء استخدموا عياداتهم الخاصة لعلاج بعض الضحايا، والتجربة هي المحك، ونحن نشجع الضحايا على المجيء إلى مركز الكرامة لتلقي العلاج»، موضحاً أن «الجمعية لها قنواتها الخاصة للتعاون مع المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب ومقرها في الدنمارك وشبكة أمان لمراكز ضحايا التعذيب العربية في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعقدت الجمعية في شهر ديسمبر الماضي بالتعاون مع شبكة أمان ورشة عمل بشأن علاج ضحايا التعذيب حضرها أكثر من ثلاثين طبيباً نفسياً من مختلف بلدان الوطن العربي من لبنان وفلسطين والمغرب والجزائر والسودان ومصر لتبادل التجارب والخبرات والتعاون، ومن خلال التوصيات أبدوا استعداداً لاستقبال حالات من ضحايا البحرين إذا كان العلاج ليس متوافراً في المملكة».

وأردف الدرازي قائلا: «نحن نطمح إلى أن يكون مركز الكرامة اكبر ويضم أطباء متخصصين، وتصريح وكيل وزارة الخارجية حديثاً بشأن ملف العدالة الانتقالية أشاد بدور مركز الكرامة، فوزارة الصحة متعاونة دائما معنا عندما تحول حالات من المركز، ونحن نطمح إلى أن يتوسع المركز لأن الأجهزة والكادر الطبي يحتاجان إلى دعم مالي كبير، وهذا من مسئولية الدولة، لان هذا جزء من حل الملفات».

وشدد الدرازي على ان قانون (56)/2002 «يقف عقبة أمام التطبيق الحقيقي والفعلي للعدالة الانتقالية، وإلغاء هذا القانون سيعزز الثقة ويعطي اللجنة صدقية كبيرة وعملاً حراً في الاستدعاء والتحقيق مع المنتهكين السابقين» (...) «ما يهمنا هو إنصاف الضحايا وإعادة تأهيلهم نفسيا وجسديا، فالآثار الجسدية تختفي ولكن الآثار النفسية هي التي تبقى».


علي قمبر: والدي توفي بعد معاناة من طلقة نارية

توفي قبل أسبوعين الشيخ جاسم قمبر الذي أصيب بطلقة نارية في رجله اليمنى في العام 1965.

وقال ولده علي قمبر في حوار مع «الوسط» إن أسرته كانت ولاتزال تتعرض لضغوط مختلفة، وروى علي قصة والده قائلا: «لقد تعرض الوالد لرصاص حي في اليوم نفسه الذي استشهد فيه عبدالله مرهون وعبدالنبي سرحان، كما اعتقل في العام 1980 على خلفية الحوادث السياسية، وبعد خروجه كان مطاردا من قبل جهاز الأمن لعدة سنوات، وهرب إلى إيران والعراق وسورية، وبعد رجوعه البحرين في العام 1984 خضع لاستدعاء وتحقيق من جهاز الأمن، وبعد المضايقات خرج إلى الهند، وعاش فيها أربع سنوات تقريباً، وتزوج في الهند ولديه ابنتان، وعندما عاد إلى البحرين خضع لمراقبة مرة أخرى. وأذكر أنه حدادا على وفاة أحد المراجع الدينية أقام الوالد مجلس عزاء في مسجد الشيخ خلف، وبعدها استدعي إلى القلعة بشكل يومي فضلاً عن تفتيش البيت.

وأضاف علي «كان والدي محروماً من الوظيفة في الدولة على رغم أن لديه مؤهلات أكاديمية عليا، إذ حاز درجة أكاديمية، وكنا نطالب بعودة اختي من الهند، لأن والدي رفض الاعتذار، وعملت على الملف وذهبت إلى السفارة البحرينية في الهند 5 مرات في الأعوام 2001 - 3002 من دون أي نتيجة. والتقيت وزير الداخلية السابق، واستدعانا سكرتير الوزير ومن دون أية نتيجة أيضاً».

ومضى علي قائلاً: «جميع أفراد الأسرة تضرروا من معاناة الوالد وهجرته، ولم يكن لدينا معيل لسنوات طويلة، ونحن تهجّرنا وذهبنا إلى الهند وبسبب الظروف الصعبة رجعنا إلى البحرين، وأثناء اعتقاله في العام 1980 فصل من عمله مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية في مدرسة سترة للبنين من دون أي حقوق، وعندما حصل على شهادة الدكتوراه في العام 1992 كرم من وزارة التربية، وطالبنا بحقوقه كمعاش تقاعدي، وهذا حق من حقوقنا».

لقد عاش والدي هذه المعاناة والظلم في البحرين، والسبب الرئيسي للوفاة يعود إلى التعذيب أثناء اعتقاله عدة مرات بالإضافة إلى ممارسة ضغوط نفسية أخرى مورست عليه، وأصيب بالسرطان، وذهبنا لمعالجته في الخارج على نفقتنا، ولكن بعد صراع حاد مع المر

العدد 1264 - الإثنين 20 فبراير 2006م الموافق 21 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً