يعتقد أحمد علي أن مجرد وجود أعداد كبيرة من المتعاملين في البورصة السعودية مثله لا يترك مجالا للقلق خشية أن تنهار أكبر بورصة للأسهم في العالم العربي. وبعد ارتفاع متواصل على مدى اربع سنوات تزيد قيمة التداول في البورصة السعودية 60 مرة عن الارباح المجمعة للشركات في العام الماضي.
وتشير قيم الأسعار إلى ان الكثير من بورصات الخليج تنتظر كارثة. وقال بنك «كريدي سويس» في تقرير له الشهر الماضي انه بادراج مصر فان معدل السعر للارباح في المنطقة يبلغ ثلاثة أمثاله في البورصات التي يشملها مؤشر «ام. اس. سي. اي» للأسواق الناشئة.
وقال خلال زيارة للمنامة «هذا لن يحدث» وأضاف «هناك الكثيرون مثلي، فالحكومة لن تدع ذلك يحدث».
ويتفق معه الكثير من مراقبي السوق. فأي انهيار حاد في الاسعار سيسبب كارثة لعشرات الالوف من المستثمرين في مختلف ارجاء الخليج، راهنوا بمدخرات عمرهم على ارتفاع أسعار الأسهم المدعومة بارتفاع قياسي في ايرادات النفط.
وبالنسبة إلى ملايين اخرين اتاح هذا الارتفاع لهم أول مذاق للرفاهية في منطقة تخلو فعليا من الطبقة المتوسطة.
وقال المستثمر السعودي محمد أبو داوود في مؤتمر صحافي في دبي هذا الاسبوع ان ذلك حدث في أميركا في العشرينات من القرن الماضي وحدث عدة مرات بعد ذلك منها عندما ازدهرت اسهم التكنولوجيا فترك الناس وظائفهم للاستثمار في البورصة لكن السؤال هو متى ستنفجر الفقاعة وكيف يجري الاستعداد لهذا التصحيح.
ويتدفق المستثمرون الصغار على السوق متشجعين بنمو بلغ معدله 92 بالمئة العام الماضي. وفي السعودية يملك 9 ملايين شخص أي ما يعادل نصف سكان المملكة أسهما في البورصة. واضطرت قطر لنشر قوات مكافحة الشغب في يناير/ كانون الثاني لاقرار النظام في أكبر طرح اولي للأسهم في الخليج.
وقال أبو داوود ان جموع الناس تقبل بشدة على دخول السوق ولا يمكن تصور ما قد يحدث اذا قرروا الخروج من السوق في وقت واحد وأشار إلى انها مسألة سياسية للغاية موضحا انه لا يمكن تحمل انهيار السوق.
وأي انهيار أو حتى تصحيح كبير في الأسعار في أية بورصة كبيرة ستكون له عواقب وخيمة على الحكومات التي لا تتحمل أغلبها سوى قدر محدود للغاية من المعارضة السياسية وتقلق من تنامي المعارضة مع ارتفاع عدد السكان.
وستمتد المشكلات كذلك لتشمل المصارف التي تعتمد بدرجة كبيرة على الدخل من الاستثمار وسمحت بالتوسع في الاقتراض لشراء الأسهم منذ بدء موجة ارتفاع أسعار الأسهم.
وفي السعودية ارتفع الاقراض للقطاع الخاص لاغراض غير تمويل شراء العقارات والسيارات والمعدات لأكثر من 14 في المئة في الفترة من العام 2000 الى مطلع العام 2005. ويقدر كريدي سويس أن أغلب هذه الاموال وجهت الى شراء الأسهم.
وفي الكويت زاد الاقراض لتمويل شراء الاوراق المالية بنسبة 337 في المئة بين العامين 2000 و2005 ومثلت القروض المستحقة 6 في المئة من القيمة السوقية لاجمالي الأسهم التي يملكها مستثمرون محليون.
وتقول مؤسسة التصنيف الائتماني (ستاندارد اند بورز) ان انخفاض أسعار الأسهم يعتبر أكبر خطر منفرد في الاجل القصير يواجه مصارف الخليج.
وقال محلل من مصرف في المنامة «لا مجال لان تسمح الحكومات بأن تنهار المصارف» مشيرا الى انه يراهن على انخفاض تدريجي في الأسعار.
وهناك الكثير الذي يمكن ان تقوم به الحكومات في الخليج لمنع انهيار أسواق الأسهم ويقول المحللون ان المخاطر كبيرة بما يكفي لدفعها للتحرك.
وهيكل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي يجعل عملية التدخل سهلة. فقيمة الأسهم المتداولة بحرية في السوق تمثل نسبة ضئيلة من القيمة الاجمالية للأسهم المتداولة البالغة نحو تريليون دولار. وأغلب الأسهم تملكها حكومات أو عائلات مسيطرة من المستبعد أن تسعى إلى الفرار من السوق. وتملك صناديق الاستثمار الكبيرة نسبة كبيرة من الأسهم المتبقية.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «رسملة» الاماراتية علي الشهابي الذي يتوقع كذلك هبوطا تدريجيا للأسعار ان الحكومات لا يمكنها اجبار صناديق الاستثمار على الشراء لكن اتصالا هاتفيا اثناء التهافت على التخلص من الأسهم قد يمنعها من البيع.
ويمكن للحكومات كذلك تضييق الخناق على القروض الميسرة لتمويل شراء الأسهم ويمكنها خصخصة شركات ضخمة مملوكة للدولة وخصوصاً في قطاع الطاقة للمساعدة في الموازنة بين السيولة الكبيرة في السوق التي توجه لشراء عدد محدود نسبيا من الأسهم.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «جلف كابيتال» كريم الصلح انه يعلق آماله في هبوط تدريجي للأسعار على اصدارات جديدة ويضيف أن الحكومات تحتاج لتغيير القواعد المتعلقة بالطرح الاولي العام لزيادة هذه العمليات. وتابع أن من الضروري ألا تسمح الوزارات في المنطقة للبنوك بقبول اكتتابات أو تسعير الاصدارات العامة الاولية بما يقرب من القيمة العادلة.
فالاكتتابات التي طرحت في العامين 2004 و2005 زاد الاقبال عليها في المتوسط نحو 70 مرة عن المعروض وارتفعت أسعار الأسهم بنحو 300 في المئة عند بدء تداولها وهي نتيجة من شأنها اقالة مدير الاكتتاب في غالبية ارجاء العالم.
ويقول الصلح انه مع تطبيق قواعد جديدة في الكثير من الدول فان الاتجاه يتغير. وقدر ان تشهد منطقة الخليج 116 طرحا أوليا جديدا في العامين المقبلين بالمقارنة مع 25 في العام الماضي و12 في العام 2004.
ومن شأن هذه الاكتتابات استيعاب نحو 13,5 مليار دولار أي أكثر من ضعف الاجمالي في العام الماضي وبالمقارنة مع 1,5 مليار دولار في العام 2004.
وقال الصلح انه شخصيا يتوقع انخفاضا تدريجا في الأسعار للعاملين 2006 - 2007 وألا تشهد الأسواق الارتفاعات الهائلة التي شهدتها في 2004 - 2005
العدد 1275 - الجمعة 03 مارس 2006م الموافق 02 صفر 1427هـ