العدد 1281 - الخميس 09 مارس 2006م الموافق 08 صفر 1427هـ

الحل بيد العراقيين أنفسهم

تخوفت صحف أميركية وأخرى بريطانية من حرب أهلية في العراق وشنت إحداها حملة قوية على الميليشيات العراقية وخصوصاً الشيعية التي تسيطر على المراكز الأمنية، زاعمة أنها وراء تخريب السلم الأهلي وإثارة الحساسيات المذهبية. فيما رسم آخر أكثر السيناريوهات تشاؤماً في المنطقة على خلفية الأجواء العراقية التي تفيد بتفاقم النزاعات الطائفية وخصوصاً بين السنة والشيعة وهناك ترجيح بألا تقوى قوات الاحتلال على السيطرة وأن تضطر إلى الاستعانة بالأمم المتحدة.

الحرب الأهلية وفساد الميليشيات

فقد أكد مات شيرمان وهو مستشار أميركي سابق في وزارة الداخلية العراقية، في «نيويورك تايمز» أنه إذا اندلعت حرب أهلية في العراق فسيكون الدافع الرئيسي لها فساد الميليشيات المسلحة التي تعمل على تخريب السلم الأهلي وإثارة الحساسيات المذهبية. وأخطر ما في الأمر أن هذه الميليشيات التي يعتبر ولاؤها لطوائفها أقوى بكثير من ولائها للدولة، أصبحت جزءاً من وزارة الداخلية وقواها الأمنية. زاعماً أن «منظمة بدر» الشيعية استولت على الداخلية في حين أحكم أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر قبضتهم على المراكز القيادية في شرطة الجنوب. وحذر من أن هذه الميليشيات ستصبح أكثر نفوذاً من الجيش وقوات الشرطة إذا لم يتم لجمها. لكنه لفت إلى استحالة نزع سلاحها أو إلغائها ومن الصعب مطالبتها بالتخلي عن روابطها المذهبية والعشائرية، لذلك طرح شيرمان حلاً وصفه بأنه موضوعي، إذ دعا إلى إجبار العناصر التي تريد الانتظام في الأجهزة، على الإفصاح عن ولاءاتها، وبذلك تتمكن الحكومة ومستشاروها من إدراك حجم النفوذ الميليشياوي داخل المؤسسات والوزارات وتحديد المواقع الأكثر خضوعاً لتأثيرها. وبناء عليه، تباشر الحكومة عملية توزيع مدروسة تمنع السيطرة الفئوية على المواقع الأمنية. كما اقترح أن يخضع هؤلاء العناصر إلى برامج تأهيل مهني. وأوصى بإعادة إحياء شرطة المقامات الدينية مثلما كانت إبان الحكم السابق حين كانت مسئولة عن حمايات المواقع الدينية لتفادي أية اعتداءات تثير المزيد من الحساسيات المذهبية. إلاّ انه أكد انه إذا لم يبادر المسئولون إلى إعلاء المصلحة الوطنية ووضع مصالحهم جانباً، فإنه من المستحيل التخفيف من نفوذ الميليشيات. وختم مؤكداً أن الحل هو بيد العراقيين أنفسهم.

مخاوف الحرب الأهلية ومحادثات الحكومة

استعرض برونوين مادوكس في «تايمز» في مقال تحت عنوان: «ماذا لو اندلعت حرب أهلية في العراق؟» التداعيات المحتملة لهكذا صراع محلي على المنطقة. واستهل بالإشارة إلى أن الزعماء العراقيين يحاولون تفادي الفتنة الطائفية غير أن الواقع يفيد منذ تفجير سامراء ان المخاوف تضاعفت من أن تأخذ الأمور منحى سيئاً يقود إلى حرب أهلية لا تحمد عقباها. غير أنه أمل أن يتجنب الزعماء السنّة والشيعة هذه الحرب فينضم السنّة إلى محادثات تشكيل الحكومة ويظهر الشيعة مزيداً من الرغبة في إنجاح هذه المحادثات. لكن إذا أفلتت الأمور من أيدي الأميركيين والعراقيين، فإن السيناريو الأسوأ هو أن ينتشر العنف المذهبي في جميع أنحاء العراق، إذ يجبر السنّة الشيعة على الخروج من بغداد ويضطر السنّة في الجنوب إلى الهرب نحو الشمال. وتوقع أن تؤدي حرب أهلية إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق: كردية في الشمال وسنّية في الوسط وشيعية في الجنوب. لكن الكابوس الذي يخشى الجميع أن يتحقق، هو أن يؤدي فشل محادثات الحكومة إلى انقسام البلد إلى عشرات المناطق تخضع كل واحدة منها لسلطة ميليشيا محلية. وفي هذه الحال، حذر من ان المعارك الأكثر ضراوة ستدور بين الشيعة أنفسهم وخصوصاً بين المجموعات الشيعية الثلاث المتنافسة على السلطة. هذا على الصعيد الداخلي، أما جيران العراق، فاعتبر أن أي نزاع طائفي يشهده هذا البلد سيدفع بالأقليات الشيعية في المحيط إلى التمرد بينما سيتعزز نفوذ التنظيمات السنية المتشددة وعلى رأسها «القاعدة». وأمل أن يلعب جيران العراق دوراً أكبر في الحفاظ على الاستقرار. أما تركيا، فرجح أن تصغي إلى الدول الأوروبية التي تدعوها إلى التزام الحياد على رغم خشيتها من ولادة دولة كردية. ومن جهة إيران، فأكد ألا مصلحة لها في نشوب حرب قد لا تنجح في التحكم فيها والسيطرة عليها على رغم أنها تشعر بالرضا لأن الأميركيين يلقون هزيمة في العراق. لذلك رجح أن تسعى طهران إلى تجنب الحرب وأن تحض الشيعة على بذل جهود حثيثة للحفاظ على وحدتهم، وأن تواصل في الوقت نفسه توطيد علاقاتها بسورية وحزب الله لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط. وبالنسبة إلى دول التحالف التي تقودها أميركا فإنها، بحسب مادوكس، ستطلب المساعدة من الأمم المتحدة، في حال نشوب نزاع طائفي

العدد 1281 - الخميس 09 مارس 2006م الموافق 08 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً