من المفترض أن الأميركيين والأوروبيين يخوضون معاً ما يسمى «الحرب على الإرهاب»، لكن كيف يمكنهم التغلب على عدوهم المشترك عندما تكون لديهم تفسيرات متناقضة لحجم الخطر الذي يمثله الإرهاب؟
منذ وقوع اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، نظرت إدارة بوش إلى الصراع مع الطالبان و«القاعدة» على أنه حرب يمكن الفوز بها في جبال هندو كوش وصحارى المثلث السني، وبقي الأوروبيون غير مرتاحين لكلمة «الحرب على الإرهاب».
أحد كبار المسئولين الأوروبيين، قال: «إننا لا نشارك (الأميركيين) في وجهة نظرهم». وتعتبر إدارة بوش والكثير من الأميركيين، أن بلادهم «في حالة حرب» مع الإرهاب، ويشددون على أن قواتهم في العراق تشكل جزءاً من هذه الجهود، ولا يسود مثل هذا الشعور في أوروبا. وفيما ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الإرهاب من خلال مؤشرات الماضي، تنظر الولايات المتحدة إليه على أنه خطر جديد». من هنا فالمرجح أن تتخذ أميركا تدابير أكثر جذرية لحماية شعبها، حتى لو أدت إلى انتهاك بعض الحريات المدنية مثل الحرية الشخصية، وحرية الرأي والمحاكمات العادلة.
ووزير الداخلية الألماني السابق غيرهارد بوم قال إن الولايات المتحدة «عبّرت الحدود بين القانون الجنائي وبين قانون الحرب، ما أدى إلى إجازة استعمال التعذيب والاغتيالات. ويجب أن تتوافق الحرب على الإرهاب مع حقوق الإنسان، لكن من الواضح أن المسألة اليوم ليست كذلك».
لعل الدعوات التي أطلقها حلفاء أوروبيون تقليديون للولايات المتحدة مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني إلى الولايات المتحدة لإغلاق معتقل غوانتنامو تعكس مدى الانقسام القائم بين واشنطن والعواصم الأوروبية. والخلاف العميق الآخر الذي يباعد بين طرفي الأطلسي يتمثل في تقدير الخطر الذي يمثله تنظيم القاعدة والتنظيمات الموالية له.
وتعتقد إدارة بوش أن بن لادن تجب مقارنته بهتلر أو ستالين، وأن «القاعدة» تشكل خطراً على ديمقراطيات الأسواق الحرة اليوم، يماثل الخطر الذي مثلته النازية في الثلاثينات من القرن الماضي.
ولا يشكك الأوروبيون في خطر «القاعدة»، فقد وقع الكثير من الضحايا في مدريد ولندن واسطنبول، ولكن هناك نسبة متزايدة من الرأي العام تعتبر أن الخطر الحقيقي هو ما تشكله التنظيمات التي نشأت كفروع للقاعدة. وبينما تنظر الإدارة الأميركية إلى الإرهاب كخطر خارجي ينشأ من دول مارقة ومجموعات جهادية وأنظمة إسلامية في الشرق الأوسط، تنظر الحكومات الأوروبية إلى الخطر على أنه داخلي بشكل كبير، وينشأ عن المتطرفين داخل الجاليات الإسلامية. فقاتل المخرج الهولندي فان غوغ مواطن مهاجر يتكلم الهولندية وانخرط في المجتمع الهولندي بشكل جيد.
وقال خبير أوروبي في شئون الإرهاب: «لدينا انطباع بأنهم يستعدون للقدوم ومهاجمتنا، لكن الواقع عكس ذلك، فأوروبا تصدر الجهاديين إلى الشرق الأوسط، إذ انضم ألمان ويابانيون إلى الجهاد في فلسطين أكثر من الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين إلى أوروبا».
غاريث هاردنغ
صحافي في وكالة الأنباء العالمية
العدد 1281 - الخميس 09 مارس 2006م الموافق 08 صفر 1427هـ