بعد مرور ثلاث سنوات على عملية غزو العراق التي كان الهدف منها إزالة خطر أسلحة الدمار الشامل، وإقامة الديمقراطية مكان دكتاتورية البعث والمحافظة على مصادر الطاقة وفي مقدمتها النفط الذي يزخر به هذا البلد، لم يتحقق أي من هذه الأهداف الثلاثة، إذ إن حكاية الأسلحة المحرمة دوليا تبين أنها أكذوبة كبرى، وتطبيق الديمقراطية تعثر كثيرا ومازال الفرقاء العراقيون منقسمين بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية. أما إمدادات النفط فهي الأخرى متضررة بهجمات المسلحين وسرقات شركات الاحتلال. لقد تغيرت طبيعة الصراع في العراق تدريجيا ماوضع الاستراتيجية الاميركية التي كانت تستهدف «التمرد» أمام تحدي اندلاع حرب أهلية. بمعنى كانت هناك استراتيجية لمواجهة المقاومة المسلحة، لكن حتى الآن لا تبدو أن هناك استراتيجية لمجابهة حرب أهلية،اللهم الا إذا استطاع القادة السياسيون تجاوز خلافاتهم وشكلوا حكومة ائتلافية والتي وفقا للدستور ستستمر أربع سنوات. ولكن لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيئول إليه الحال خلال أربعة أشهر ناهيك عن أربع سنوات. فانسحاب القوات الاميركية هو أحد الأمور المجهولة وهو سبب أساسي في تصاعد غالبية أعمال العنف رغم أن وجودها في الفترة الأخيرة كان ضروريا لتفادي عنف أشد سوءا.واعتقد أن الخروج من الأزمات العراقية لا يتحقق الا بتضافر جهود إقليمية ودولية وتقديم بعض التنازلات من جميع الأطراف. ففكرة عقد مؤتمر للوفاق الوطني التي رعتها الجامعة العربية يجب أن تفعّل ويعجّل بالمؤتمر الذي كان قد أرجيء حتى يونيو/حزيران المقبل. كما أن الخطة الهادفة الى تأهيل الجيش العراقي يجب أن تستكمل في أسرع وقت على أن يستوعب جميع المليشيات التي أججت الوضع عقب تدمير مرقد الإمامين في سامراء. وأخيرا وليس آخرا يتحتم على دول الجوار مساعدة العراق بدلا من التفرج على أخباره أو التدخل في شئونه من دون رضا أهله لان استقرار هذا البلد جزء من استقرارها وهو جزء من هذه الامة التي إذا اشتكى منها عضو ينبغي أن يتداعى له سائرها بالسهر والحمى.

عزوز مقدم