أثار الإعلان عن فوز رئيس روسيا البيضاء الكساندر لوكاشينكو بأكثر من 82 في المئة من الأصوات اثر انتخابات رئاسية نددت بها المعارضة، موجة جدل وردود فعل دولية متباينة. فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن انتخابات روسيا البيضاء احترمت جميع «المعايير المعترف بها»،
معتبرة انه «لا يوجد أدنى شك في شرعيتها». وجاء في بيان الوزارة «كل شيء يشير إلى أن الانتخابات جرت وفقا للمعايير المعترف بها، وانه لا شك أبدا في شرعية هذه النتائج». وفي المقابل، قال مراقبون دوليون إن الانتخابات دون المعايير المقبولة كما لم تكن حرة ولا نزيهة. وقال السي هاستنجز منسق بعثة مراقبة الأمن والتعاون في أوروبا التي ضمت 500 مراقب «انتخابات التاسع عشر من مارس/ آذار الرئاسية لا تفي بالمعايير الدولية المطلوبة للانتخابات الحرة والنزيهة». وأضاف «النتائج تدعمها الكثير من الأدلة التجريبية... الديمقراطية في روسيا البيضاء مازالت في طفولتها».
كما اعتبرت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو - فالدنر أن فرض عقوبات جديدة على روسيا البيضاء أمر «محتمل جدا». وقالت في مؤتمر صحافي «نظرا لما شاهدناه، رأيي هو التالي: أن التحرك (باتجاه فرض عقوبات) الآن محتمل جدا». لكنها أضافت أن وزراء الخارجية الأوروبيين لم يتخذوا على الأرجح قرارا بهذا الشأن خلال اجتماعهم أمس في بروكسل. وكانت وزيرة الخارجية النمسوية اورسولا بلاسنيك التي تتولى بلادها رئاسة الاتحاد، تحدثت لدى وصولها إلى بروكسل عن «جو ترهيب» إلى المعارضة بشكل «مثير للقلق» خلال الانتخابات في روسيا البيضاء. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي سيبحث في «تبعات» هذا الوضع.
وكان لوكاشينكو أعلن إعادة فوزه في الانتخابات وقال إن ثورة موالية للغرب فشلت في بلاده. وأضاف «دعوني أقول إن الثورة التي تحدث عنها الكثير من الناس وكان البعض يعد لها فشلت ولم يكن من الممكن أن يحدث خلاف ذلك». وقال في إشارة إلى الدعم الغربي للمعارضة السياسية «رغم الضغوط والأوامر من الخارج لم يتمكنوا من تحطيمنا». ورفض زعماء المعارضة في روسيا البيضاء إعادة انتخاب لوكاشينكو زعيما شرعيا للبلاد ودعوا الشعب إلى الخروج لدعم الاحتجاجات المعادية. وقال مرشح المعارضة الرئيسي الكشندر ميلينكفيتش في مؤتمر صحافي «نعتبر انه سيكون هناك رئيس غير شرعي في السلطة... والوسيلة الوحيدة للتحدث مع تلك السلطات هي من الشارع. يجب أن نخرج إلى الشوارع». وحصل ميلينكفيتش على 6 في المئة فقط من مجموع أصوات الناخبين في الانتخابات التي بلغت نسبة الإقبال فيها 92,6 في المئة حسبما ذكرت اللجنة المركزية للانتخابات.
ومن جهتها، صرحت رئيسة لجنة الانتخابات المركزية في روسيا البيضاء ليديا يرموشينا بأن اللجنة لم تتلق أي شكوى متعلقة بفرز الأصوات. واتخذ لوكاشينكو المولع بالرياضة والذي يتبنى موقفا معارضا لـ «الحياة الغربية المتفسخة» قبل أعوام قرارا بأنه لا يجدر بمواطني بلاده اختيار قادتهم مثلما يختارون السلع الاستهلاكية وإنما من خلال الانعكاس الواقعي لبرنامج كل مرشح عبر ساعتي بث تلفزيوني على شاشة التلفزيون الوطني. وتساوي المرشحين كافة في هذا الصدد إذ حصل لوكاشينكو على ساعتين مثله مثل أي مرشح آخر.
موسكو - أ ف ب
اتهمت موسكو واشنطن أمس بأنها «تفرض» الديمقراطية على دول أخرى لخدمة مصالحها السياسية الخاصة، وذلك ردا على «استراتيجية الأمن القومي» التي نشرها البيت الأبيض الأسبوع الفائت. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية أن هذه «الاستراتيجية الجديدة، توحي بدور فاعل للولايات المتحدة في تحويل الدول المجاورة لروسيا إلى أنظمة ديمقراطية، فيما تحاول إقناع «العالم» بان التطور الديمقراطي المفروض من الخارج على الدول المجاورة هو مناسب لشعوبها». وأضافت الخارجية الروسية «لدينا انطباع واضح بان واشنطن تستخدم الشعارات الشعبوية للدفاع عن مصالحها الخاصة». وقالت «لا احد يستطيع احتكار تفسير «مصطلح» الديمقراطية. يمكننا أن نساهم في سير «بلد» في اتجاه الديمقراطية، لكن كل دولة تسلك طريقا خاصا بها نحو الديمقراطية، كما فعلت وتفعل الولايات المتحدة». وفي وثيقة الأمن القومي، تعهدت واشنطن بتشجيع موسكو على احترام قيم الحرية والديمقراطية في البلاد وعلى عدم التصدي لهذه القيم في الشرق الأوسط وآسيا. وتدافع روسيا عن «نهج مغاير قائم على البراغماتية وعلى تعددية العلاقات «على مستوى الدول» والدفاع عن المصالح الوطنية، من دون الانزلاق إلى مواجهة». وفي الأشهر الأخيرة، عبرت الولايات المتحدة عن قلق متزايد من انزلاق روسيا ما يسميه البعض بـ «التوتاليتارية» في ظل حكم فلاديمير بوتين. وانتقد التقرير الأميركي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في العالم لسنة 2005 روسيا «لاستمرار تمركز السلطة في قبضة السلطة التنفيذية» و«تقييد حرية الصحافة» و«مضايقة المنظمات غير الحكومية». كما أعرب عن القلق بشأن الوضع في الشيشان.
العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ