قرر المشاركون في المؤتمر العالمي لنصرة النبي الذي اختتم أعماله في فندق الشيراتون بالمنامة أمس المنعقد إنشاء المنظمة العالمية لنصرة النبي (ص) لتكون الإطار الجامع والمنظم لاستمرار المؤتمر وتواصل أعماله، إلى جانب إنشاء أربعة مكاتب مساندة للمنظمة تتولى الشئون القانونية والاقتصادية والإعلامية، والاتصال بين الجمعيات والمؤسسات ذات العلاقة، بالإضافة إلى صندوق عالمي لنصرة خاتم المرسلين.
وأعلن المؤتمرون في الجلسة الختامية التي عقدت مساء أمس بمشاركة أكثر 300 عالم وداعية من أنحاء العالم، إنشاء مركز النصرة الاقتصادية ليتولى شئون المعلومات والدراسات الاقتصادية، وليكون مرجعية موثوقة لأعمال النصرة الاقتصادية التابعة للمنظمة، والمقاطعة الاقتصادية خصوصاً، كما قرروا إنشاء مكتب النصرة القانونية، ليتولى المتابعة القانونية والقضائية لكل ما يسيء إلى الإسلام وكتابه العظيم ونصرة رسوله الكريم (ص)، وتجريم مرتكبيها، وليكون المكتب القانوني مرجعية موثقة لأعمال النصرة القانونية التابعة للمنظمة.
وقال عضو اللجنة العليا المنظمة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة لـ «الوسط»: «إن المؤتمر العالمي لنصرة النبي أكد مواصلة المقاطعة للمنتجات الدنماركية احتجاجا على نشر إحدى الصحف هناك لرسوم مسيئة للرسول الكريم في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي»... لكنه قال أيضاً «إن المؤتمر أوصى برفع المقاطعة عن الشركة الدنماركية التي تقدمت باعتذار وتبرأت من الرسوم المهينة»، داعيا الشركات الأخرى حدو المسار نفسه لكي يرفع المسلمون المقاطعة عنها.
من جانب آخر، قرر المؤتمرون أيضاً إنشاء الصندوق العالمي لنصرة الرسول (ص)، ليتبع للمنظمة العالمية، ويمول مشروعاتها و أنشطتها، معتبرين التبرعات التي وردت إلى المؤتمر اللبنة الأولى في تأسيس الصندوق. كما اتفقوا على إنشاء مكتب التنسيق والاتصال، للقيام بمهمة التواصل والحوار مع غير المسلمين، مشيدين بالوقفة الشجاعة للأمة المسلمة دفاعاً عن النبي (ص) موصين المسلمين بالاستمرار والثبات، وتوسيع النصرة عبر تفعيل الوسائل السلمية الأخرى».
واستنكر المؤتمر الإساءة للنبي (ص) عموماً بأية صورة من أية جهة وفي أي بلد، مطالباً باعتذار ثقافي يتم بموجبه نشر الصورة الصحيحة للإسلام ورسوله الكريم، وإبراز دوره العظيم في صناعة الحضارة الإنسانية.
ووجه المؤتمر في ختام توصيات شكره لكل الحكومات والهيئات والشخصيات العالمية التي تفاعلت مع الحوادث ووقفت موقفاً كريماً، برفض نشر الصور، أو التي عاقبت من نشرها، أو اعتذرت عن نشرها احتراماً وتقديراً لمكانة الرسول الأعظم.
وأكد المؤتمر أن العلاقة بين المسلمين والغرب يجب أن تكون قائمة على التعايش السلمي القائم على العدل والاحترام المتبادل وحفظ الحقوق واحترام المقدسات، إلى جانب الدعوة إلى فتح الحوار الإيجابي.
وأدان المؤتمر في توصياته الختامية ردود الفعل التخريبية التي تمثلت في حرق بعض دور العبادة والمنشآت وإتلاف بعض الممتلكات، وذلك لخروجها عن هدي الإسلام، محذراً ومشدداً على تحريم أي عمل إفسادي يستهدف التجمعات والمجتمعات تحت أية ذريعة بما فيها التجمعات الرياضية أو غيرها، موصياً المسلمين في الوقت ذاته، باعتماد ضوابط النصرة الصادرة عن المؤتمر، والابتعاد عن ردود الفعل غير المنضبطة التي يحرمها الإسلام.
وأيد المؤتمر استمرار ما بدأت به الدول الإسلامية التي تقدمت بمشروع قانون إلى الأمم المتحدة ينص على حظر ازدراء الأديان والمقدسات، مطالباً العمل على استصدار تشريعات وقوانين دولية تحرم وتجرم الإساءة للأنبياء والمرسلين والمقدسات.
وأكد المؤتمرون في كلمتهم التي ألقاها عضو مجلس الشورى السعودي وعضو اللجنة التحضيرية في المؤتمر الشريف حاتم العوني على المقاطعة الاقتصادية، معتبرينها أسلوباً حضارياً في الاحتجاج لما لها من دور فعال في النصرة، وضرورة الالتزام بوثيقة المقاطعة الاقتصادية، ووثيقة ضوابط النصرة التي صدرت عن المؤتمر، وموصين في السياق ذاته دول العالم الإسلامي على تنويع مصادر واردتها مع تأكيد دعم الاقتصاد المحلي والعمل على الاكتفاء الذاتي في الموارد الأساسية وتشجيع التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية.
وأوصى المؤتمر وزارات التربية والتعليم في العالم الإسلامي بوضع منهج للسيرة النبوية الشريفة يدرس في مراحل التعليم المختلفة، كما أوصى المؤتمرون بتمويل كراسي الدراسات الإسلامية في الغرب ودعمها، وناشدوا وزارات الإعلام والمؤسسات الإعلامية بالقيام بواجبها في خدمة الإسلام والدفاع عنه والتعريف بنبيه (ص).
وقال الشريف حاتم العوني، إن المؤتمر يذكر الحكومات العربية والإسلامية بدورها ومسئوليتها أمام الله ثم أمام شعوبها تجاه نصرة الرسول (ص) موصياً المسلمين أفراداً ومؤسسات ودولاً باستثمار الحدث في التغيير والإصلاح من خلال العودة إلى كتاب الله وسنة نبيه (ص).
وأكدت التوصيات اعتماد استراتيجية المبادرة لا المدافعة، وحث جميع الحكومات والمؤسسات الإسلامية على تبني مشروعات عملية وعلمية في الدعوة إلى الإسلام والتعريف بنبيه.
ودعا المؤتمرون جميع المسلمين إلى الاستمرار في دورهم الحضاري والإيجابي والمشاركة في بناء المجتمعات مؤسساتها، والاعتراض الحضاري والراقي على الاعتداءات والنأي عن جميع الأفكار المخالفة للقوانين واحترام البلدان وأنظمتها بما يحث عليه الإسلام «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» (المائدة: 1).
وشكر الشريف حاتم العوني في ختام كلمته التي ألقاها نيابة عن اللجنة التحضيرية البحرين على استضافتها المؤتمر والمنظمات التي دعت إلى المؤتمر.
إمام المدرسة الخالصية في بغداد الشيخ جواد الخالصي: «لاشك في أن هذا المؤتمر يعتبر خطوة عملية لتحشيد وترشيد موقف الأمة في قضية النصرة، ونحن نتوقع ونأمل أن يتحول هذا الموضوع من مفاصل الأضرار التي أراد المسيئون فرضها على الأمة إلى مقاصد خيرة تجمع كلمة الأمة وتسمح لهم بمسيرة موحدة لنصرة الإسلام من خلال إحياء أمر الدين وجمع كلمة المسلمين».
أستاذ الدراسات العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محمد بن علي الهرفي: اعتقد أن هذا المؤتمر حقق بعض المصالح بالنسبة إلى نصرة النبي (ص)، ولعلي اذكر منها أنه جمع عدداً كبيراً من علماء المسلمين من شتى أنحاء العالم ومن مختلف المذاهب الإسلامية، وكل هؤلاء تجمعوا لمناقشة مسالة كيفية مناصرة الرسول (ص)، فالمؤتمر خرج ببعض النتائج منها: أن العمل الإعلامي بكل وسائل الإعلام المختلفة أمر مهم للتعريف بالرسول (ص) والتعريف بالإسلام ذاته على أنه دين رحمة وهداية وسلام ومحبة لكل الشعوب على اختلاف أديانهم.
وانه ليس كما يشاع عنه على أنه دين إرهاب ودين لا يحقق العدالة للناس، وبحثوا كذلك عن أهم الوسائل التي تحقق هذا الهدف بصورة عملية، فكانت النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية كلها محاور مهمة في التعريف بالإسلام، إذ إن الأمة الإسلامية لو كانت قوية في اقتصادها وثقافتها ومتوحدة لما تجرأ عليه الدنماركيون وغيرهم.
إن الأمة الضعيفة هي التي تعطي عدوها كل الفرص للنيل منها وبشتى الوسائل، وناحية أخرى مهمة في هذا السياق وهي أن على الأمة أن تتوحد بكل أطيافها وعليها كذلك أن تعمل لتكون شعوب الأمة وحكامها يدا واحدة في مناصرة قضايا الإسلام كلها.
هذه التوصيات لو طبقت بصورة عملية وقد بحث المؤتمر بعض الصور العملية لهذا التطبيق فإننا سنطمئن بأن امتنا ستكون بخير وسيبقى لها وجودها الحقيقي بين الأمم الأخرى.
مدير المنتدى الإسلامي في ألمانيا بنيامين إدريس (من أصل مقدوني) قال: «هذا المؤتمر أحسبه من أنجح المؤتمرات، لأنه جمع كل هذه الشخصيات البارزة على مستوى العالم، ولذلك فإن مشاركة ممثلي الدول الغربية تكتسب أهمية خاصة.
وعن تعامل الإعلام الألماني مع الرسوم المسيئة للرسول قال إدريس: «إن الصحافة الألمانية لا تؤيد هذه الرسوم، وكثير من كبريات الصحف الألمانية الواسعة الانتشار رفضت نشر هذه الرسوم، وهذا أمر ايجابي، لان الصحافة تحترم ميثاق الشرف الإعلامي وتحترم حقوق الإنسان ومبادئ التعددية في ألمانيا التي يعيش فيها 3 ملايين مسلم».
الشيخ محمد حمدي يوسف سبي بامج (إمام عام منطقة بلغراد وعضو الجماعة الإسلامية في صربيا) قال: «لقد سمعت في هذا المؤتمر من يقول إنه جاء ردة فعل، وهذا أمر صحيح، ولكن نتمنى أن تمسك توصياته زمام المبادرة في نشر الصورة الناصعة للدين، وأعتقد أن اجتماع هذا الكم الكبير من الأئمة في المنامة اليوم علامة واضحة بأن الرسوم المسيئة نفعت من حيث أضرت»!
في بهو فندق الشيراتون في المنامة يتكدس عشرات الصحافيين من مختلف وسائل الإعلام العربية والدولية لتغطية المؤتمر العالمي للنصرة، وكان المؤتمر منذ افتتاحه عرضة لوميض الكاميرات أو ساحة خصبة بالنسبة إلى الكثير من الإعلاميين للالتقاء بشخصيات دينية وأخرى سياسية من الوزن الثقيل، ولكن يا ترى ماذا يقول الإعلاميون عن هذا المؤتمر؟
مندوب صحيفة «الوطن» السعودية حامد الشهري رأى أن اهتمام الحكومة الدنماركية بالمؤتمر دليل على نجاحه: أعتقد أن هذا المؤتمر يجسد حب المسلمين للقدوة النبي محمد(ص)، ويبين ما تعرض له النبي من إساءة بالغة تعد هزة للمسلمين عموما بجميع أطيافهم. وقد أكد هذا المؤتمر الذي حضره وفد دنماركي أنه لقي اهتماما من الحكومة الدنماركية بغض النظر عن تصرف الصحيفة، وكان اهتمام الحكومة الدنماركية بالمؤتمر دلالة على أنهم تعرضوا لضغط اقتصادي كبير فأحبوا أن يقدموا اعتذارا مبطنا أو على استحياء للمسلمين عبر حضورهم. مؤكداً أن «التوصيات المقرة تمثل وجهة نظر كل مسلم».
عبدالله آدم مساعد مدير التحرير لـ «لجزيرة نت»: «فيما يتعلق بالجزيرة نت، بما أنني مندوب عنها فهي تشارك في التغطية مع الجزيرة الفضائية والوقوف على ما تم في هذا المؤتمر لنصرة النبي (ص)، ونحن نعتبر أن المؤتمر ناجح جدا من عدة معطيات منها: المشاركة الواسعة والرفيعة المستوى وإحساس المنظمين والتجهيزات التقنية والفنية التي تناسبت مع حجم المؤتمر والتغطية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها، وكما لاحظت هنالك اجماعا قلما شهدناه في المؤتمرات التي تتناول القضايا الإسلامية».
مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية للمؤتمر لمياء راضي:
المؤتمر كان فرصة جيدة لإظهار الصوت العقلاني. المؤتمر كان فرصة جيدة لإظهار الصوت العقلاني للأمة الإسلامية وخصوصا أن بعض المظاهر التي تخللت ردود الفعل أعطت انطباعا سلبيا وخاطئا بأن الأمة الإسلامية لا تعرف غير لغة العنف. ولقد انطلقت دعوة مهمة من المؤتمر الإسلامي توضح أن المسلمين يمدون يد التعاون والصداقة للشعوب الأخرى (...) نتمنى أن يساهم المؤتمر في إبعاد الجاليات المسلمة في الغرب عن الاتهامات وسوء المعاملة التي قد يتعرضون لها بسبب الفهم الخاطئ وهذا أهم ما ينبغي أن يصل إليه المؤتمر وخصوصا أن المسلمين في أوروبا هم من اكبر الجاليات الفاعلة في هذه المجتمعات».
وكالات - الوسط
انتقد رئيس الوزراء الدنماركي أندرس فوغ راسموسن مجموعة شركات «آرلا فودز» الدنماركية السويدية لإطلاقها حملة في وسائل الإعلام العربية أعربت فيها عن احترامها وتعاطفها مع ملايين المستهلكين المسلمين الذين شعروا بالاستياء من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى النبي (ص). وقال راسموسن في مؤتمر صحافي: «لا أريد التدخل في الطريقة التي ترغب فيها شركة خاصة في التعبير عن وجهة نظرها لكنني لا أوافق على أسلوب آرلا فودز».
وكانت شركة آرلا فودز ناشدت لعلماء المشاركين في «المؤتمر العالمي لنصرة النبي» تغيير موقف العالم الإسلامي من استمرار مقاطعة منتجاتها، والنظر بعين الإنصاف إلى مستثمري وموظفي الشركة.
السفير الألماني في المملكة كان من أوائل من تجشم عناء الحضور مبكراً للجلسات المسائية للمؤتمر، وهو معروف في الوسط الدبلوماسي بأنه من أكثر السفراء حضوراً اجتماعياً في المجالس والمناسبات الاجتماعية. وفي حوار باسم مع «الوسط» يقول السفير: «صحيح أنني لا أعرف العربية، لكنني أود أن أسجّل موقفاً في التضامن الإنساني وتفعيل مبدأ التعددية والتنوع الثقافي في عالمنا الكبير».
رصدت «الوسط» 3 أطفال ونحو 10 شخصيات كانت نائمة في جلسات المؤتمر بعد دمج الجلستين الثالثة والرابعة وسط مناشدات من بعض الحضور للاختصار في إلقاء الكلمات وهو ما حدث فعلاً.
خرج خمسة من علماء إحدى الدول الخليجية الى صالون الحلاقة في المؤتمر وتغيبوا عن جلسة كاملة، بينما شوهد مرافقون آخرون للعلماء تركوا فعاليات المؤتمر ليشاهدوا إحدى المباريات على شاشة التلفاز في بهو الفندق، فيما تاه بعض الإعلاميين الخليجيين في سوق المنامة
العدد 1295 - الخميس 23 مارس 2006م الموافق 22 صفر 1427هـ