طالبت الجمعيات السياسية والحقوقية البحرينية الحكومة بالسماح لمؤسسات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة.
وتأتي هذه المطالبات بعد تصريح وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة ردا على سؤال نيابي بأن «القانون لا يسمح بمراقبة الجمعيات الأهلية على الانتخابات».
وقال خبراء قانونيون ان «من الناحية القانونية ليس هناك نص صريح في القانون يمنع مراقبة الانتخابات من الجهات الأهلية، وليس هناك أيضا ما يسمح لهم بمراقبة الانتخابات». وقال الامين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان: «اذا لم تكن هناك نية في تزوير الانتخابات فمن مصلحة القائم على تنفيذ الانتخابات أن يسمح بوجود الرقابة المحلية والرقابة الدولية، لأنها ستمنحه شهادة نزاهة الانتخابات». بينما طالب نائب رئيس جمعية الوسط العربي الاسلامي ابراهيم جمعان الدولة بعدم وضع العراقيل أمام المؤسسات الأهلية لضمان ثقة الناس في الانتخابات.
الوسط - حيدر محمد
طالبت الجمعيات السياسية والحقوقية البحرينية الحكومة بالسماح لمؤسسات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة.
وتأتي هذه المطالبات بعد تصريح وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ورئيس الجهاز المركزي للاحصاء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة رداً على سؤال نيابي بأن «القانون لا يسمح بمراقبة الجمعيات الاهلية على الانتخابات».
وقال خبراء قانونيون «من الناحية القانونية ليس هناك نص صريح في القانون يمنع مراقبة الانتخابات من الجهات الاهلية، وليس هناك ايضاً ما يسمح لهم بمراقبة الانتخابات(...) فالقانون ساكت عن ذلك، كما هو ساكت عن حق الصحافة ووسائل الاعلام لتغطية الانتخابات».
وأوضح هؤلاء الخبراء أنه طالما ليس هناك قانون يعارض، كما ان هناك سابقة في ذلك، إذ ان جمعيتي الشفافية وحقوق الانسان قامتا بمراقبة الانتخابات الماضية - ولو حتى على مستوى المشاهدة - واصدرتا تقريراً تم تداوله في جميع المستويات الرسمية والاهلية فضلاً عن مراقبة بعض الدبلوماسيين لتلك الانتخابات ايضاً.
واكد الخبراء ايضاً ان القانون منح الحق لكل مترشح في تمثيل اربعة وكلاء عنه على مراقبة العملية الانتخابية، فاذا كان المترشح يراقب والصحافي يراقب والدبلوماسي يراقب والحكومة تراقب فاين دور الشعب؟ مشيرين إلى ان السماح للمراقبة الاهلية ليس من باب الطعن في نزاهة القضاة او تشكيك في الحكومة وانما الديمقراطية تعني ان الشعب مصدر السلطات، وبالتالي فان من حق الشعب ان يناشد جلالة الملك بالسماح للمنظمات الاجتماعية المحايدة بمراقبة الانتخابات، خصوصاً وان جلالة الملك قد دعا بوضوح خلال خطابه السامي في اليوم الوطني إلى تفعيل المبادرات الشعبية.
وتؤكد المنظمات الدولية المعنية بتعزيز الديمقراطية ان الهدف الاول من اية عملية مستقلة لمراقبة الانتخابات هو ضمان نزاهة العملية الانتخابية، كما ان الدعاية المحيطة بتكوين عملية المراقبة، بالاضافة إلى انشطة المراقبين قبل الانتخابات وحضورهم إلى مراكز الاقتراع يوم الانتخاب ترفع درجة الثقة الجماهيرية وتشجع مشاركة المواطنين في العملية، وحضور المراقبين في مراكز الاقتراع يحول دون اعمال الغش والفوضى او حتى وقوع الاخطاء الادارية العفوية.
هناك اربع فئات من المجموعات المحلية تشترك في مراقبة الانتخابات ولكل منها ادوار ومسئوليات متباينة، ويقوم المراقبون الدوليون بتكملة جهود هذه المجموعات التي تشمل:
موظفو الانتخابات: وتشمل هذه الفئة - مديرو الانتخابات العامة ومسئولو عملية الانتخابات المناطقية، وموظفو فرز الاصوات. ووجود موظفي انتخابات محايدين ومدربين جيداً في جميع المستويات الادارية يقلل عادة من الحاجة لوضع عملية مراقبة محكمة.
السلطة القضائية: ينص قانون الانتخابات البحريني على وضع لجنة للاشراف على الانتخابات برئاسة قاضي في كل مركز اقتراع.
الجمعيات السياسية: حتى في البلاد ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، يتوزع ممثلو الحزب السياسي في جميع مراكز الاقتراع في يوم الانتخابات، وليس من الواضح حتى الان إن كانت الدولة ستسمح برقابة الجمعيات السياسية على الانتخابات ام لا؟
وسائل الاعلام المحلية: تقوم وسائل الإعلام المحلية المختلفة بمراقبة الانتخابات هي الاخرى، فبالاضافة إلى تقديم التقارير عن الحملات الانتخابية وعن النتائج النهائية تحقق وسائل الاعلام في الادعاءات القائلة بحدوث انتهاكات، وتجري استطلاعات قبل الانتخابات.وسمحت الدولة لوسائل الإعلام العربية والعالمية بتغطية الانتخابات النيابية الماضية.
منظمات المجتمع المدني: مثل الجمعية البحرينية للشفافية والجمعية البحرينية لحقوق الانسان. وكان عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد وجه بأن يكون لمنظمتين غير حكوميتين، هما الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وجمعية الشفافية دوراً إشرافياً ورقابياً على الانتخابات في العام 2002.
الناشط السياسي عبدالعزيز ابل شدد على ضرورة اخضاع الانتخابات للرقابة الشعبية المستقلة والرقابة الدولية.
ولفت ابل إلى ان الكثير من المنظمات الدولية يمكنها مراقبة الانتخابات مثل مكتب الامين العام للأمم المتحدة المساعد للشئون السياسية يقوم بالمراقبة، وقد قاموا بمراقبة الانتخابات اللبنانية العام الماضي، ولكن هذه الجهة لا تأتي إلا بدعوة من الجهة التي تقوم بتنظيم عملية الانتخاب، وهناك مركز كارتر الذي يقوم بالاشراف على الانتخابات في دول العالم الثالث لضمان نزاهتها وحياديتها، واستضافت رسول الجشي للاشراف على الانتخابات اليمنية، كما شارك علي صالح في الاشراف على الانتخابات المغربية.
واوضح ابل ان هناك الكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية الاخرى التي تقوم بمراقبة الانتخابات ايضا مثل: الفيدرالية الدولية للانظمة الانتخابية، تشرف على الانتخابات و مقرها في الولايات المتحدة وسبق وان حضرت للاشراف على انتخابات العام 2002 بدعوة من وزارة الخارجية، وقدمت تقريراً عن نزاهة الانتخابات، لكن الدولة لم تقبل بتقريرها ولم تشجعه على البقاء في البحرين على رغم نيتها في فتح مكتب دائم، وهناك ايضا جمعية اصلاح العملية الانتخابية ومقرها في بريطانيا ومن الممكن دعوتها للاشراف على الانتخابات» مضيفاً «نحن نعبر عن القلق بشكل واضح لرفض الحكومة لاي اشراف شعبي، ويجب ان تكون العملية الانتخابية خاضعة للرقابة الشعبية ويفترض الا تكون الحكومة طرفا في الانتخابات وبالتالي لا يجب ان تخشى من شيء».
واضاف: «يجب ان يكون القائمون على مراقبة العمليات الانتخابية من القضاة فقط وليس من المستشارين القانونيين الذين يعملون لدى وزارت الدولة، لان هؤلاء ليسوا من السلك القضائي».
وابدى ابل اعتراضاً شديداً على استخدام نظام التصويت الالكتروني المقترح حالياً من قبل الدولة «لان هذا النظام عليه الكثير من الانتقادات وليس مستخدماً حتى في الديمقراطيات العريقة، ومن الواضح ان هذه الطريقة تتيح مجالاً للتلاعب وتشكك في النزاهة العامة، بالاضافة إلى ان البحرين ليست عريقة في إدارة الانتخابات ونزاهتها لكي تستخدم احدث الاساليب التي يدور حولها جدل كبير».
نائب رئيس جمعية الوسط العربي الاسلامي ابراهيم جمعان علّق على مشاركة الجهات الاهلية في الرقابة على الانتخابات قائلاً: «فيما يتعلق بالانتخابات من خلال التجربة الاولى وجدنا معايير واضحة فيما يتعلق بنزاهة الانتخابات التي تمت في العام 2002، وتأكيداً على هذه المسألة يأتي موقف الجمعية من اهمية وجود رقابة أهلية داخلية لتعزيز قضيتين مهمتين: الاولى هي تأكيد دور التنظيمات الداخلية ومشاركتها الفعلية في جميع المفاصل المرتبطة بمشاركة الشعب في قراره الداخلي الابرز وهو اختيار ممثليه في النيابي والبلدي، وبالتالي تعزيز هذه المؤسسات مثل الشفافية ومنظمات حقوق الانسان، ومن ناحية أخرى يجب ان يكون القرار الشعبي الداخلي متاحاً للجميع وان تكون الشفافية التي يطرحها الجهاز التنفيذي قائمة على مشاركة فعلية، وبالتالي نطالب السلطة التنفيذية من الان بالإعلان عن احقية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في الاشراف على استحقاقات 2006».
وعن موقف جمعيته من الرقابة الدولية على الانتخابات اشار جمعان إلى ان الرقابة الدولية في انتخابات 2002 كانت ضرورية، باعتبارها كانت كتجربة اولى، فكان المطلوب وجود رأي دولي حول الانتقال من مرحلة قانون امن الدولة إلى النهج الاصلاحي، وبالتالي وجود المشاركة الاجنبية كانت ضرورة لاصدار شهادة شفافية وصدقية للتجربة الاولى، ولكن بالنسبة لانتخابات 2006 نحن لا نرفض المشاركة الدولية ولكن نعتقد ان مؤسساتنا الداخلية اكتسبت من الخبرة والعلاقات والاحترام الداخلي والخارجي ما يؤهلها لان تقوم بهذا الدور خير قيام».
وطالب جمعان الحكومة بعدم وضع عراقيل امام هذه المؤسسات لضمان ثقة الناس في الانتخابات «خصوصاً ونحن نحتاج لخلق جسور الثقة بين المواطن ومؤسساته، وهذه الثقة لن تكتمل الا من خلال وجود ممثلين في كل المراحل التي تمر بها الانتخابات».
واضاف جمعان: «نعتقد ان ما يزعم من عدم وجود صلاحيات لمؤسسات الشفافية للاشراف على الانتخابات لا معنى لها، لأن هذه المؤسسات من حقها ان تزور السجون وتعد تقارير دورية عن حقوق الانسان لذلك فإن من الطبيعي جدا ان يكون لها دور ورأي في أهم استحقاق ديمقراطي وهو الانتخابات»
الامين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية الشيخ علي سلمان تساءل قائلا: «هل هناك نية لتزوير الانتخابات البلدية والنيابية، واذا لم تكن هذه النية موجودة فمن مصلحة القائم على تنفيذ الانتخابات ان يسمح بوجود الرقابة المحلية والرقابة الدولية، لأن هذه الرقابة لن تفضي إلا إلى اعطاء شهادة لنزاهة الانتخابات مادامت لا توجد نية لتزويرها، فلا معنى للاعتراض على وجود مراقبة محلية ودولية».
وأكد سلمان «ان هذه الرقابة اصبحت جزءاً من النزاهة الانتخابية في اي بلد، ونحن شهدنا في الفترة الاخيرة انتخابات في ثلاث بلدان اساسية حضرها المراقبون المحليون والدوليون، وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية المصرية والانتخابات العراقية والفلسطينية» مؤكداً ان المطلب الاساسي للعملية الانتخابية هو ان تتشكل لجنة عليا للاشراف على الانتخابات يتم اختيارها من قبل مجلس النواب.
ورداً على سؤال عن رؤية «الوفاق» للتصويت الالكتروني قال سلمان: «في البحرين ليس هناك حاجة للتصويت الالكتروني لأن اعداد الكتلة الانتخابية في البحرين قليلة جداً، والتصويت الالكتروني لا يشكل حاجة فعلية في كل الانتخابات المقبلة بسبب محدودية عدد السكان، بالاضافة إلى ما يشوب عملية التصويت الالكتروني من اخطاء تقع حتى في افضل الدول المتقدمة تقنياً، بالاضافة إلى وجود المخاوف الجدية من الكثير من القوى السياسية في البحرين والتي تشترك الوفاق معها في هذه المخاوف في ان يكون التصويت الالكتروني مدخلا للتلاعب في نتائج الانتخابات».
من جانبه اكد مصدر مسئول في جمعية الشفافية البحرينية «ان القانون لم يشر إلى الرقابة» وعلى هذا الاساس لا نقرأ من القانون انه يمانع هذه الرقابة، ولذلك قامت اللجنة الاهلية بموافقة رسمية أتت بتوجيهات من جلالة الملك وبدعم اللجنة المسئولة عن إدارة الانتخابات بدور رقابي للمساعدة في الوصول للهدف النهائي لاي لجنة انتخابات هو تحقيق اهدافها في ان تكون الانتخابات حرة وديمقراطية، وتعكس نتائجها قرار من يحق لهم الاقتراع في انتخاب ممثليهم في المجالس المنتخبة». وأوضح «ان التجربة السابقة تجعلنا متفائلين جداً بأن دور الداعم (الرقابي) الذي يمكن ان تقوم به مؤسسات المجتمع المدني سيستمر في الانتخابات المقبلة ترجمة لدعوة جلالة الملك في خطاباته الكثيرة على اهمية دور مؤسسات المجتمع المدني ودور المواطنين في تقديم مالديهم من اقتراحات ودعم إلى مشروع الملك الاصلاحي، وبالتالي نتوقع ان يتكرر الامر في الانتخابات المقبلة (...) والرقابة ليست معنية فيها فقط مؤسسات المجتمع ولكن المواطن معني بها ايضاً من خلال متابعته لسير العملية الانتخابية، وهو من خلال المتابعة يقوم بدوره الرقابي كمواطن في مجتمع ديمقراطي، كما يساهم الاعلاميون ايضاً من خلال تغطيتهم لسير عملية الانتخابات بدور رقابي ايضاً (عشرات وسائل الإعلام المحلية والدولية راقبت الانتخابات، وغالبيتهم اتوا للبحرين بدعوة رسمية)».
وقال ان احدى الخطوات الايجابية التي قامت بها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات هي توفير معلومات للمواطنين عبر تثبيت كاميرات على بعض مراكز الاقتراع وكانت تنقل وقائع الانتخابات على الانترنيت مباشرة، ونتمنى ونحن في طور التنفيذ الكامل للحكومة الالكترونية ان يتم التوسع في النقل المباشر لوقائع العملية الانتخابية اثناء عمليتي الاقتراع والفرز
العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ