كانت صرخات الأم التي أصيبت بأشد صدمة حينما تعرض طفلها «آخر العنقود» لاعتداء جنسي من قبل ابن القرية المراهق عندما استدرجه إلى احد المنازل المهجورة بكل وحشية، ليطحن ذلك الطحن طحناً عنيفاً، ليخرجه من منزل مهجور هو أسوأ ما تكون في مخيلته من صور الى... مستشفى الأمراض النفسية.
وراء همس الشباب في تلك «المنطقة» الغيور ونقمة أهاليها بين منصدم ومستنكر وتكتم الجميع على ما أسموه «بالفضيحة» لحفظ ما تبقى من ماء وجهها... كان ذلك الهدوء والسكون الذي يتوقع أنه الذي يسبق العاصفة، خبر اكتشاف «عصابة اغتصاب الأطفال» بالمنطقة لم يكن مجرد حادث عرضي يمر بسلام، بل زج أهل المنطقة في صراع بين التكتم على الفضيحة خوفا على «سمعة المنطقة» وحل المشكلة داخليا بعيداً عن أعين الشرطة وبين الضرب بيد من حديد على مرتكبي تلك الجريمة ليكونوا عبرة لقرنائهم ليس في المنطقة فحسب وإنما المملكة بأسرها ولتكون صفعة لذويهم ليكونوا أكثر حرصا على أبنائهم خاصة وأبناء المنطقة عامة.
تدور تفاصيل القصة التي لم تبرد «نارها» منذ ساعة اكتشافها منذ يومين مضيا في احدى المناطق بالمملكة التي تمتاز بالتحفظ الشديد والتماسك الأشد رغم وجودها قرب أكثر مناطق البحرين انفتاحا وشهرة، قصتنا المعنية يرويها لنا أحد رموز تلك القرية المشهود له أخلاقيا ودينيا فضلا عن تميز حضوره الاجتماعي بكثير من الخجل لما وصفه بخارج عن «عادات القرية وتربيتها» تارة والنقمة تارة أخرى لدرجة أنه رفض التصريح للصحافة باسمه أو الحروف الأولى لها ليركز في حديثه على أن المشكلة ليست وليدة الساعة ولا بالقضية الطازجة، فملفات وزارة الداخلية تعج بمثل تلك القضايا ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لما تحدث تلك الممارسات المخلة بالأخلاق والدين والعرف؟ وعلى عاتق من تقع المسئولية؟ وأخيرا إلى متى سنكتب عنها في الصحف على أنها ضربات صحافية تزول بزوال مؤثرها؟، كلها أسئلة استهل بها «راوي القصة» حديثة آملا أن يكون هناك حل جذري لتلك الظاهرة التي تتفشى يوما بعد يوم بتعاون أهل «الديرة» الغيورين ووسائل الإعلام بالإضافة إلى الجهات الأمنية.
جاء متفاخراً... فوقع
ويواصل حديثه (ضاحكا بسخرية) مشيرا إلى ظروف اكتشاف العصابة مستشهدا بمثل شعبي يقول » لم يروهم يسرقون رأوهم يتحاسبون»، هذا ما حدث بالتحديد حينما جاء أحد أفراد العصابة التي تتكون من 8 مراهقين من المنطقة ذاتها تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 13 سنة في حد أقصى إلى ابن «راوي قصتنا» متفاخرا مزهوا بتسجيل مرئي وصوتي في هاتفه المحمول يجسد وضع مناف للأخلاق بين أحد المراهقين وطفل في المرحلة الابتدائية من نفس القرية يمارسون الفاحشة قائلا «شوف شنو نسوي»، الأمر الذي دفع بإبن محدثنا إلى إبلاغ والده والذي سارع إلى التأكد من صحة ما يقوله أبنه ليتربص للعصابة التي تتخذ إحدى «عتبات البرادات» بالمنطقة مقرا ترصد به عينها كل طفل يمر أمامها تنطبق عليه الشروط المطلوبة كبعد منزله عن أعين الناس، انشغال والدته وانغماس والده في عمله أو أنشطته الخيرية في المنطقة، الأمر الذي يجعل منه لقمة سائغة وصيدا ممتازا.
ومازال الحديث له مؤكدا كلام ابنه بما رآه بأم عينيه حينما رأى عدداً منهم يرقب بعينه أمام تلك العتبات طفلا بنظرات وصفها «بالغريبة وغير الطبيعية» ويطلق نظرات أخرى لزملائه ترمي إلى كون الطفل هو الضحية التالية التي تغرى ببعض مبالغ نقدية زهيدة أو بحيل طفولية من شأنها أن تستدرج الطفل ليكون «الفريسة».
أوكار في المنطقة
ولم ينقص العصابة المكان لتنفيذ أعمالهم المخلة، فمحدثنا يشير إلى أن العصابة اتخذت من المنازل قيد البناء أوكارا تتوارى فيها من أعين أهل المنطقة لتعمل بطريقة متقنة تاركة احد أفراد العصابة على بابها الخشبي يرقب الحركة خارجا ريثما ينتهي زملاؤه من «جريمتهم».
و لم يقتصر الأمر على كل ذلك فقد أتضح لمحدثنا من خلال تقصيه لتحركات العصابة أنها تتبادل في ما بينها أشرطة إباحية وأقراص خليعة اسماها ساخرا «بمنهج الدراسة الجديد» ليعقد العزم بعد مشاورة بعض وجوه المنطقة إلى إبلاغ الشرطة و«قطع عرق وتسييح دم» متجاوزا ذويهم لإيمانه بأن المشكلة أكبر من أن يحرم أفراد تلك العصابة من المصروف وفي أقصى عقاب ينالون صفعتين ويقطع عنهم خط الهاتف والإنترنت، وفعلاً أبلغ محدثنا مركز الشرطة التابع للمحافظة التي تقع المنطقة الفلانية فيها وبعثت الإحضاريات صباح أمس الأول لمنازلهم بعدما فحص أحد الأطفال الذي تم التعرف على تعرضه للاعتداء على طبيب شرعي لتكون النتيجة محبطة فقد تعرض للاعتداء ثلاث مرات متتالية، ويواصل شاكرا الله أن الأمر اقتصر على ممارسات بعيدة عن بنات المنطقة لتكون المصيبة «أعظم»، والقضية الأن بيد القضاء.
ما ذا يقول الأهالي؟
استكمالا لحلقات القصة كان لنا جولة في » المنطقة» لتقصي ردة فعل الأهالي والذي أبدى الكثير منهم جهله بها وتكتم الأكثر في حين نقم الجميع أولا وأخيرا على أهل مرتكبي هذا الفعل من جهة وأهل الضحايا من جهة أخرى كما قالت (ج.ح) والتي رأت أن الإهمال وتدني التربية أسباب كفيلة بانحدار المستوى الأخلاقي لهذه الفئة العمرية الحرجة فضلا عن الاتكال على الخادمات وانشغال الأمهات.
توقع تعرض هؤلاء المراهقين لمثل هذه الممارسات أبان طفولتهم أحد الأسباب التي رأت محدثتنا أنها كفيلة أن تقودهم لمثل هذه النهاية بالإضافة إلى غياب الرقيب أثناء انشغال الأبناء بمشاهدة التلفزيون واستعمال الانترنت ما يؤدي إلى تعرضهم لبعض اللقطات والمواقع التي يجب ألا يبصروها في مثل هذا السن الحرج ولم تغفل محدثتنا تأثير رفاق السوء وتشجيع الأهل لأبنائهم من خلال عدم قبول النقد، الأمر الذي يؤدي إلى تمادي البعض منهم وفقا للمثل القائل «من أمن العقاب أساء الأدب».
عبرة لمن لم يعتبر
في حين جاءت نبرة (ج.ث) حادة عندما طالبت بأن يعاقب هؤلاء المراهقين أشد عقاب من خلال إدراجهم في «إصلاحية الأحداث» فلا يقتصر الأمر على مجرد تعهد ليكونوا عبرة لمن لم يعتبر لا سيما بعد ما تفاقمت هذه المشكلة ليكون «القريب» هو المعتدي فاليوم «ابن الديرة» غدا نرى الأخ والخال وأبن العم يلعب هذا الدور ولا من رادع - وفق ما أشارت -.
وعلى الصعيد ذاته توافق (ع.ح) كل من سبقها في ضرورة التصدي لمثل هذه الممارسات من خلال عدة نقاط أولها نسيان فكرة أننا نحيا في مجتمع آمن بعيد عن ما نراه في التلفزيون والصحف والمجلات والتركيز على أهمية التربية والتواصل مع المدرسة والمسجد والنادي لتعميق الصلة بين الأهل ومؤسسات المجتمع لمصلحة الجيل الجديد.
ومازال الحديث لها مؤكدة على ضرورة إسقاط الخجل وتذويب الأفكار الجامدة والبالية حينما تحس الأم بوجود نوازع غير سوية لدى أبنها لتسرع به إلى العلاج النفسي إن استوجب الأمر لتفادي العواقب الوخيمة.
تربية سيئة.. هذه هي النتيجة؟!
ولم يكن رأي (أ.ن) بعيداً عن ما سبق فقد وصف القضية بأسلوب مجازي ليجسدها بالجمر تحت الرماد لسكوت الناس خوفا من الخزي والعار ليأتي الريح كاشفا ذلك الرماد لتشب النار التي يستوجب إطفاءها قبل أن تحرق الأخضر واليابس، داعيا إلى تجاوز التربية «السيئة» التي تعتمد على الشرب والأكل والملبس متجاهلة السلوك والتصرفات للخروج من هذه المشكلة واعتبارها صفحة سوداء استوجب الاستفادة منها مستقبلا وصفعة من شانها أن تصحي الآباء والأمهات من سباتهم العميق في أصول التربية «البالية»
العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ
..
هآ ايش القصه دي ؟ مني فاهمه حآأإجه