من مدونة حسن الخزاعي على الإنترنت «زرنوق بحراني» هذا المقال: طيلة الأسبوع الفائت كنت أتمتع بوضعية شبه خاصة، وأنا أسير بسيارتي من دون لوحة أرقام، الطريق كانت تفسح لي من دون أدنى اعتراض وبدا السائقون أكثر رزانة واحتراما فلا أبواق سيارات مزعجة تستعجلك عند الإشارات ولا حركات بغيضة بالأيدي والأصابع تستفزك إن أنت أبطأت السير. ثلاثة أيام من رفاهية القيادة أقنعتني أن أنسى تثبيت تلك اللوحة لولا أنني ذات نهار يوم أغبر خرجت فلحقتني سيارة شرطة أشعلت كل مصابيحها دفعة واحدة موعزة إليّ بالتوقف الفوري... ما إن أدركت أنها الشرطة حتى توقفت وانخرطت في بحث مضن داخل السيارة عن وردة قد تكون هنا أو هناك، تويج ربما يكون تحت الكرسي، بتلة عند الباب أو حتى سبلة مختبئة في مكان ما، أي شيء كان سيجدي حتى لو كان بقايا وردة، إلا أني لم أجد في درج السيارة غير كيس «مينو» ماركة «نسمة» كنت أخطط أن أحي به سهرة ماجنة ذلك المساء أمام التلفاز، وهذا لا أستطيع التبرع به لأحد.

ترجلت من السيارة والابتسامة تكاد تصيب عضلات وجهي بالتمزق علّ شرطي المرور يتساهل معي قليلاً ويرحمني من ثقل مخالفة أخرى لا طاقة لموازنتي الكسيحة عليها، إلا أن الرجل ولسبب ما أجهله، ظل مغضباً مكفهر الوجه طيلة ذلك اللقاء وأصر على أن يحرر لي مخالفة، فجادلته وأثناء جدالي معه ضربت ورقة المخالفة تلك جهة شعار المملكة من دون قصد، فما كان من الرجل إلا أن أصيب بتقلصات غريبة في وجهه وأرعش لي حاجبيه وحرك أذنيه ونضنض لسانه حتى أني ظننته سيعطس فتراجعت خطوتين إلى الوراء، إلا أنه صرخ في وجهي فجأة بلهجة غريبة، متهماً إياي بالتطاول على هيبة الدولة وإهانة شعارها!

رجوت الرجل أن يقف عند حد المخالفة المرورية وأن يرجمني باثنتين أو ثلاث منها شريطة أن ينسى التطاول على هيبة الدولة ولو لم أفعل ذلك أحسبه كان سيتهمني بمحاولة قلب نظام الحكم وتهديد السلم الأهلي فأنا، والمشتكى لله، أحمل أجندة تجزيئية في ملامح وجهي ولي توجهات صفوية لعينة يستدل عليها من خلال اسمي ولهجتي وحدها كفيلة بكشف نواياي الخبيثة كلها. حمدت الله وأثنيت عليه بأن الأمر انتهى عند المخالفة المرورية وحمدته ثانية بأني لم أجد وردة فلربما كنت اتهمت بأني أقود ثورة أخرى كثورة الورد التي أطاحت بالنظام في جورجيا