تناولت الصحف الأميركية والبريطانية الملف العراقي الذي يدور سجال أميركي عن أسلوب مقاربته وهناك من رد على اقتراح البعض بالانسحاب السريع للقوات الأميركية قبل الدخول في دوامة الحرب الأهلية. فناشدت افتتاحية الإدارة الأميركية بأن لا تخذل الغالبية الشيعية التي تعتقد ان الوجود الأميركي هو لخير العراق. لكن هناك من ناشد العراقيين «بعدم الإيمان بما بأقاويل القادة» البريطانيون والأميركيون بشأن تحقيق الديمقراطية في العراق، فبعد 3 سنوات من إسقاط صدام حسين تحول العراق إلى فوضى دموية. وهكذا رأت أخرى ان الحكومة العراقية لم تعد تتمتع بالأهلية المعنوية لمحاكمة صدام. فعلى رغم ان العدالة ستتحقق لضحايا الدجيل إلا أنه لا يمكن تجاهل المدنيين الذين يسقطون يومياً في العراق الحالي.
الأنسحاب «خيانة» للعراقيين
وانتقدت «واشنطن تايمز» في افتتاحيتها الأفكار التي طرحها المرشح الأميركي السابق إلى رئاسة الجمهورية جون كيري لإخراج الأميركيين من المأزق في العراق بالتلويح بالانسحاب العسكري في حال فشل القادة العراقيين في تشكيل حكومة ائتلافية. وإذ أعربت عن رفضها للانسحاب المتهور الذي اعتبرته مغامرة غير محمودة العواقب، زعمت ان غالبية العراقيين وخصوصا الشيعة على قناعة من ان خروج الأميركيين وفق اقتراح كيري هو أمر كارثي، فهؤلاء لن يغامروا بخسارة الدور والجهد الأميركي لإعادة بناء العراق من جهة، والحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد ما وصفته بالفاشية الإسلامية، من جهة أخرى. وأكدت في الختام ان على الأميركيين أن يدركوا انهم إذا قرروا الانسحاب الآن فسيعتبر ذلك بمثابة «خيانة» للعراقيين الشيعة الذين يعتبرون ان الوجود العسكري الأميركي هو لخير العراق والعراقيين.
العراق لن يصمد طويلاً
وعلى خلفية التفجير الانتحاري الذي استهدف حسينية في بغداد وخلف 79 قتيلاً، دعا باتريك كوكبيرن في «الإندبندنت» البريطانية العراقيين إلى عدم الإيمان بأقاويل الزعماء البريطانيين والأميركيين عن تحقيق الديمقراطية في العراق. فبعد 3 سنوات من إسقاط صدام حسين تحول العراق إلى فوضى دموية. ولاحظ في مستهل تقريره من العراق، ان حرباً أهلية دموية وقاسية اشتعلت في هذا البلد الذي وعد الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أن يحرراه من الخوف ويرسيا فيه دعائم الديمقراطية. مؤكدا انه بالنظر إلى التطورات الميدانية يمكن القول إن هذا البلد لن يصمد طويلا. ورجح أن تتبع الهجوم الأخير على حسينية في بغداد ردات ثأرية تطال السنة ما سيؤدي إلى المزيد من الانجرار نحو حرب أهلية شاملة بين الشيعة والسنة في العراق.
تحبط عندما تسمع كلام بوش وبلير
ولفت كوكبيرن إلى ان الوضع في هذا البلد اليوم يشبه إلى حد بعيد الوضع في لبنان الذي شهد قبل العام 1975 جرائم قتل على خلفيات مذهبية وطائفية. ولاحظ المراسل البريطاني ان هذا الهجوم الذي يعد الأسوأ من نوعه منذ أشهر جاء بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الثالثة للإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في التاسع من إبريل / نيسان العام 2003. وذكر بأن البريطانيين والأميركيين ادعوا ان الحرب ستحرر العراقيين من الخوف، غير ان الواقع الآن ان ما لا يقل عن 100 شخص يقتلون يوميا في بغداد وحدها. مشيراً إلى انه يشعر بالإحباط لدى سماع بوش وبلير يزعمان بأن الأمن مستتب في معظم مناطق العراق.محاكمة
صدام و«فرق الموت»
وتعليقاً على الجلسة الأخيرة لمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، اعتبرت «واشنطن بوست» في افتتاحيتها ان الجلسة حققت إنجازا بالغ الأهمية تمثل باعتراف صدام بأنه أمر بإعدام 148 مدنياً في بلدة الدجيل بعد محاولة اغتياله في العام 1982 (كان الرئيس المخلوع قد قال إنه طبق القانون عبر تصديقيه على أحكام الإعدام التي صدرت بحق المتهمين في محاولة اغتياله في الدجيل). لكن الصحيفة على رغم رضاها عما وصفته بـ «اعتراف» الرئيس العراق بجريمته، لاحظت ان محاكمة صدام تعتريها شوائب كثيرة، فقد اغتيل بعض من وكلاء الدفاع، في حين سيطرت الفوضى على جلسات المحاكمة كافة التي تعرضت للتأجيل أكثر من مرة. هذا فضلا عن ان الحكومة الحالية لم تعد تتمتع بالأهلية المعنوية لمحاكمة صدام، وذلك بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها وزارة الداخلية بما في ذلك تشكيل ما يعرف بـ «فرق الموت» التابعة للوزارة التي لاحظت انها تعيث فساداً في العراق
العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ