العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ

نشر صور المتهمين... ردود غاضبة وتحرك لمقاضاة النيابة والصحافة

الوسط - مالك عبدالله، عادل الشيخ 

16 أبريل 2006

كشف رئيس دائرة الحريات العامة بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية جلال فيروز عن «أن أهالي المتهمين في الحوادث الأخيرة الذين تم نشر صورهم يوم أمس في الصحف المحلية سيقومون اليوم (الاثنين) بتقديم دعاوى قضائية ضد بعض الصحف التي قامت بنشر صور أبنائهم والنيابة العامة التي عمّمت الصور والمعلومات، ما يعد تشهيراً بالأهالي وبأبنائهم، مخالفين بذلك أبسط قواعد حقوق الإنسان والقوانين البحرينية النافذة، إذ إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة».

وأشار إلى أن «الجمعية تلقت اتصالات عدة من الأهالي تطلب من الوفاق التدخل في الموضوع، وبناء على ذلك سنقوم على تنسيق الدعاوى القضائية والتي من المتوقع أن يقوم الأهالي برفعها اليوم»، مردفاً «أن الجمعية ستقوم بإرسال المحامي محمد المطوع ليرفع القضية مع الأهالي». إلى ذلك، رفضت قوى سياسية نشر الصور قبل أن يقول القضاء كلمته، معتبرة ذلك ممارسة سيئة في حق المواطن وكرامته، متسائلة عن القصد من وراء نشر الصور، والتحقيقات في القضية مازالت في بدايتها.

وأجمع قانونيون على عدم قانونية وصحة نشر صور وأسماء المتهمين في وسائل الإعلام وخصوصاً أن النيابة العامة مازالت تحقق في قضاياهم، وأن القضاء لم يدنهم.

واستند المحامون في تعليقاتهم إلى القاعدة الدستورية «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، كما استندوا واستشهدوا ببعض نصوص ومواد قانونية أخرى.


اعتبرت ذلك مخالفاً للدستور ومسيئاً لكرامة المواطن

قوى سياسية تنتقد نشر صور المتهمين قبل محاكمتهم

الوسط - مالك عبدالله

اتفقت قوى سياسية على أن نشر بعض الصحف المحلية لصور بعض من اتهمتهم النيابة العامة في أعمال حرق الإطارات وحاويات القمامة هو مخالف للقانون، خصوصاً أنه جاء قبل أن يقول القضاء كلمته الفصل في القضية، مؤكدين أن الصحافة تلعب دوراً سيئاً في الحفاظ على حق المواطن وكرامته خصوصاً في هذا المجال، متسائلين عن القصد من وراء نشر الصور والأسماء والتحقيقات ما زالت جارية في الموضوع.

من جهته، كشف رئيس دائرة الحريات العامة بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية جلال فيروز عن أن «الجمعية تلقت يوم أمس اتصالات كثيرة من أهالي المعتقلين تحتج فيها على قيام بعض الصحف المحلية بنشر صور أبنائهم على أنهم المتسببون في حوادث الحرق مطالبين (الوفاق) بالتدخل في الموضوع»، مشيراً إلى أن «الجمعية تفاجأت صباح أمس بما نشر في بعض الصحف المحلية لصور عدد من الموقوفين على ذمة التحقيق في ما يتعلق بالحوادث الأخيرة وقال موضحاً أن «الجمعية مستاءة كثيراً من استباق الحكم على هؤلاء الشباب والتشهير بهم عبر نشر صورهم بينما تنص المادة الدستورية أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته كما يتناقض ذلك مع المادة (16) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية»، مضيفاً أن «ذلك يذكرنا بالعهد المظلم لفترة قانون أمن الدولة التي كانت السلطات تنشر فيها صور الأبرياء قبل أن تتم إدانتهم من قبل المحاكم بل ويحصلون بعد حين على حكم البراءة من المحكمة».

وأضاف فيروز «ونستغرب من الصحافة عدم تقيدها بالمهنية الصحافية المحايدة في هذه المجالات»، منوها «إننا في الوقت الذي أصدرنا فيه بيانات حوادث إشعال الحرائق وأكدنا رفضنا لهذه الأعمال الصبيانية فإننا وعبر الاتصالات بمحامي الدفاع قد اطلعنا على أن بعض من تم نشر صورهم لم يشارك لا من قريب ولا من بعيد في حوادث الشغب ولم يتم اعتقاله متلثما أو في حين قيامه بأي عمل غير قانوني»، مردفا «بل إن البعض منهم قد أخذوا من سياراتهم في وسط الشارع وكانوا من سكنة المناطق التي مروا عليها عائدين من أعمالهم أو قاضين لحاجات مع وجود الأدلة الكثيرة على ذلك، بل ان أحدهم كان قد قدم للتو من خارج البحرين وكان جواز سفره في جيبه». مؤكدًا أن «نشر صور من لم تثبت إدانته من المحكمة يعد صبا للزيت على النار وباعثا للمزيد من الحنق الشعبي على الأجهزة الأمنية والقضائية ومن شأنه أن يؤجج الوضع بدل أن يحل هذه الإشكال».

وأعرب فيروز عن «شكره لـ «الوسط» التي نأت بنفسها عن هذا التطاول إلا إننا نناشد الصحف وجهاز النيابة العامة أن لا يكونوا متسببين في جر الساحة إلى مزيد من الاحتقان وأن يكفوا عن القيام بتجاوز القيم والقوانين والعهود الدولية».

من جانبه، ذكر نائب الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي فاضل الحليبي «نحن مع أن يطبق القانون والقاعدة تقول إن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته) فأنا أتصور أنه مادام التحقيق جارياً معهم في النيابية كان بالإمكان الإشارة من دون ذكر الأسماء والصور وهذه هي الأصول القانونية»، متسائلا «ما القصد من نشر الصور والأسماء ما دامت التحقيقات لم تستكمل لحظة نشر الصور؟»، مؤكدا «أن الكلمة الفصل يجب أن تكون للقضاء وما جرى من نشر للصور هو مخالفة للقانون».

أما نائب رئيس جمعية الوسط العربي الإسلامي إبراهيم جمعان فقال إن «عملية تعاطي الصحافة مع القضايا التي لم يصدر فيها حكم قضائي وبالتالي نشر صور أي متهم أو مدان من قبل النيابة من دون حكم يعتبر شكلا من أشكال التفريط في حق المواطن البحريني في محاكمة عادلة وأن يقول القضاء البحريني كلمته»، مشيراً إلى أن تكرار نشر الصور للأشخاص الذين تحقق معهم النيابة العامة في جميع القضايا مثل قضية غرق البانوش وقضايا الأعوام السابقة أعتقد أن الصحافة تلعب دوراً سيئاً في الحفاظ على حق المواطن وكرامته»، موضحاً أنه «وكما ورد في دستور المملكة فإن من حق المواطن أن يحظى قانونا وشرعا بمحاكمة عادلة أمام السلطة القضائية التي لا نشكك في نزاهتها وتصدر حكمها ليس الأولي بل النهائي، وذلك عبر المرور بمراحل التقاضي عندئذ يكون من حق الرأي العام أن يتعرف على من يهدد مصلحته العامة».

وأضاف جمعان «مع التأكيد أيضاً أن لكل حال خصوصيتها، خصوصاً تلك الحالات التي يمكن أن تؤثر في بعض نتائجها على الوحدة الوطنية وأن تحمل ما لا تطيقه من ولاءات غير الولاء الوطني».


إجماع على عدم نشر صور المتهمين قبل محاكمتهم

الوسط - عادل الشيخ

من جهتهم أجمع قانونيون على عدم قانونية وصحة نشر صور وأسماء المتهمين في وسائل الإعلام وخصوصا أن النيابة العامة مازالت تحقق في قضاياهم، وأن القضاء لم يدينهم.

وأستند المحامون في تعليقاتهم على القاعدة الدستورية «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، كما استندوا واستشهدوا ببعض نصوص ومواد قانونية أخرى.

إلى ذلك علقت المحامية فاطمة الحواج على الموضوع بالقول: «لا يجوز معاقبة متهم بنشر صورته أو اسمه قبل إدانته من قبل محكمة «التمييز» باعتبارها آخر المطاف في القضاء، موضحة «أن نشر صور المتهمين وأسمائهم خطأ كبير من الجهات التي قامت بذلك» مستشهدة بالقاعدة الدستورية المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

وأوضحت الحواج عدم وجود نص قانوني يجيز نشر الصور بعد الإدانة، كما لا توجد عقوبة بنشر الصور بعد صدور الأحكام.

وتساءلت المحامية الحواج عن سبب عدم نشر صور كل المتهمين خصوصا وأن هناك جرائم أخطر على المجتمع مثل جرائم المخدرات والقتل، مشيرة إلى أنه ينبغي على الجهات المعنية التعامل مع المتهمين سواسية و من دون تمييز.

وقالت الحواج: «حسب المادة 83 من قانون العقوبات، فإنه لا يجوز للنيابة العامة أو وكيلها إفشاء أسرار التحقيق، وتعتبر إجراءات التحقيق من الأسرار، موضحة ومن تلك الإجراءات اسم المتهم وعنوانه وكل ما يتعلق به من تفاصيل أخرى...».

وأردفت الحواج «ومن الأولى أن لا تنشر صور وأسماء أولئك المتهمين حتى لو كانت تلك الجهات تريد أن توضح للرأي العام قضية ما، فلا ينبغي لها أن تخالف نص مادة 83 من قانون الإجراءات». وأضافت ان هذه الدعاوى يعاقب عليها المتهمون طبقا لقانون العقوبات، ويفترض أن يعامل المتهمون كبقيتهم، إذ ينبغي مساواتهم مع بقية المتهمين، وعدم نشر أسمائهم وصورهم. وقالت المحامية الحواج: استنادا على نص المادة 371 من قانون العقوبات، فإنه يعاقب من أفشى سراً من أسرار التحقيق، موضحة «أن ما جرى من نشر لصور المتهمين وأسمائهم وتفاصيل عنهم يعتبر إفشاء لأسرار التحقيق، إذ إن البيان الذي صدر عن النيابة العامة في بعض محتواه يعتبر جزءا من التحقيق نفسه».

وأكدت الحواج أنه لا يفترض أن يتم التعامل مع هذه القضية باختلاف عن بقية القضايا.

وفي ختام حديثها تمنت الحواج عدم نشر صور المتهمين في أية دعوى كانت، معللة ذلك بأن المتهمين لديهم أسر وعوائل وأن النشر يضر بهم، كما أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، بالإضافة إلى أن النشر قد يؤثر على القاضي باعتباره بشرا، إلا أن الحواج أكدت ثقتها في القضاء البحريني ونزاهته. واستندت المحامية فاطمة الحواج في حديثها على المادة (40) من قانون الصحافة والمادة (83) من قانون الإجراءات، والمادة 371 من قانون العقوبات.


المادة 40 من قانون الصحافة

«يحظر على الصحيفة تناول ما تتولاه سلطة التحقيق أو المحاكمة بما يؤثر على صالح التحقيق أو المحاكمة أو بما يؤثر على مركز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة، وتلتزم الصحيفة بنشر قرارات النيابة العامة ومنطوق الأحكام التي تصدر في القضايا التي تتناولها الصحيفة بالنشر أثناء التحقيق أو المحاكمة، وموجز كاف للأسباب التي قامت عليها، وذلك كله إذا صدر قرار بالحفظ أو بأن لا وجه بإقامة الدعوى أو صدر الحكم بالبراءة.


المادة 83 من قانون الإجراءات

تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار، ويجب على أعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرون بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها، ويعاقب من يخالف ذلك منهم بالعقوبة المقررة بالفقرة من المادة 371 من قانون العقوبات.


المادة 371 من قانون العقوبات

يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بالغرامة التي لا تتجاوز المئة دينار من كان بحكم مهنته أو حرفته أو وضعه أو مستودع سر في إفشاء في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو استعماله لمنفعته الخاصة أو لمنفعة شخص آخر، وذلك ما لم يأذن صاحب الشأن بإفشائه.

وتكون العقوبة بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنين إذا كان الجاني موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة واستودع السر أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته أو خدمته.

إلى ذلك قال المحامي أحمد الدكير: «أعتقد أن نشر صورة شخص متهما مازال قيد التحقيق شيء يسيء له ويؤثر كذلك على التحقيق، لذلك كان يجب على الصحافة أن تتعامل مع الخبر بحذر وحرص، وذلك لعدم الإضرار بسمعة الأشخاص ونفسية عوائلهم»، موضحا «أن هذا جزء من حقوقهم، وذلك بأن لا يعتبروا مدانين وهم مازالوا قيد التحقيق، ولم يصدر أمر أو منطوق قضائي بإدانتهم».

وأوضح الدكير أن الموضوع يرى من جانبين: جانب حقوق المتهم، والجانب الآخر حق الصحافة في نقل وقائع حصلت فعلا، وهي القبض على هذه المجموعة والتحقيق معها في تهمة معينة، لافتا إلى أن الصحافة تنقل ما حصل وهي قامت بالنقل ولم تدين المتهمين، كما أنها لم تقرر بأنهم قاموا بهذه الأفعال.

وقال: واقعة القبض على المتهمين لا تعني إدانتهم وإنما هم في مرحلة التحقيق إلى أن تثبت التهم عليهم.

واعتقد الدكير أن من حق الصحافة ووسائل الإعلام نقل الخبر،إلا أنه أشار إلى أنه كان من الممكن نقل الخبر من دون ذكر الأسماء أو نشر الصور، وذلك رجوعا للأسباب التي سلف ذكرها

العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً