العدد 3189 - الثلثاء 31 مايو 2011م الموافق 28 جمادى الآخرة 1432هـ

ثقافة «الحَبَال»: البحث عن الزندة

من أهم عمليات الحبال هي عملية البحث عن الطعم، هذه العملية تعتبر ثقافة في حد ذاتها لأنها تتطلب خبرات ومهارات خاصة، ولذلك تخصص البعض في هذه المهنة. سنتناول في هذا الفصل والفصول التالية تفاصيل عملية التزنيد والبحث عن الطعم وأنواع الطعم وكيفية معرفة أماكن كل نوع من أنواع الطعم، ونجد هنا أنفسنا مجبرين على أن نغوص في عالم الحشرات وهو عالم مليء بالغرائب والعجائب، ويجب علينا أن نتأمل قليلاً في المعارف الشعبية المتعلقة بهذه الحشرات فأحياناً تتوصل العامة لأمور لا زال يجهلها العلم، ويكفي أن نتأمل كيف توصلت العامة لمسكن هذا الطعم وكيف ابتكرت العامة أساليب لصيد الطعم، ولا بد أن ذلك كلفها وقتاً طويلاً من الملاحظة الدقيقة ومحاولات عديدة من المحاولة والخطأ.


عملية التزنيد

في البحرين والكويت وشرق الجزيرة العربية وبالخصوص تاروت تسمى عملية وضع الطعم في الفخ بالتزنيد ومنه أشتق اسم «زندة» لأي طعم يستخدم في عملية التزنيد، فيقال فخ مزنود يعني به زندة، إلا أن بعض العامة في البحرين لا تسمي الطعم زندة ولكن تسمي عملية وضع الطعم في الفخ عملية تزنيد. وقد أشتق الاسم «الزندة» للطعم لأنه يزند بها الفخ أي يقدح بها الفخ تماماً مثل القادوح أو القادح أو الزناد الذي يوجد في المسدس، وبذلك فأصل عملية التزنيد هي عملية نصاب الفخ وبما أن هناك ارتباط بين عملية ربط الطعم في الفخ وعملية النصاب حدث انتقال دلالي لعملية التزنيد من كونها تجهيز للفخ لمسمى الطعم الذي عرف بالزندة لأنه يزند به.


تجارة «الزندات» بين الماضي والحاضر

سبق وأن ذكرنا أن عملية البحث عن الزندة هي عملية صعبة على غير الخبير بها وبآماكن تواجدها وطرق صيدها وهي عملية تكون أحياناً شاقة ومتعبة خاصة عندما يتم البحث عن زندة بعينها فهناك أنواع من الزندات مرغوب بها عند أنواع معينة من الطيور، لهذا السبب تخصص البعض في صيد الزندات وبيعها حيث يجمعها البعض ويصنفها ويضعها في علب كبريت ويكون جزء منها لاستخدامه الشخصي. عملية تجارة الزندات لم تنتهي فلازال العديد من الأفراد من هواة الصيد بالفخ، وقد تطورت عملية بيع الزندات فأصبحت تباع على الأنترنت حيث تجد العديد من الإعلانات عن الأنواع المفضلة من الزندات.


أنواع الزندات

هناك العديد من أنواع الزندات وفي الغالب تكون الزندات إما نوعاً من الخنافس أو يرقات الخنافس. وما لا يعرفه غالبية العامة أن تلك الزندات الشبيهة بالديدان هي يرقات لأنواع من الخنافس. سنبدأ أولاً بتناول تلك الأنواع من الزندات المستخدمة المرتبطة ببعض بمعنى أن نوعاً من الخنافس يستخدم كزندة وكذلك يرقته.


الجندب أو الخنفساء البَبَرية Tiger beetl

ذكر الاسم الخنفساء الببرية أمين معلوف في معجمه، ويلاحظ أن ترجمة الاسم الإنجليزي Tiger هو الببر وليس النمر، فالنمر باللغة الإنجليزية يسمى Panther. وقد سُميت هذه الخنافس بالببرية تشبيهاً لها بالببر لأنها مفترسة. وتعرف هذه الخنافس عند العامة في البحرين باسم «الجَنَادب» والمفرد جِندب (بالكسر) والبعض يقول جَندب (بالفتح). وهذه الخنافس الجميلة المظهر، البراقة، والخضراء اللون تستخدم كطعم لصيد الطيور وهي من الزندات الجيدة، ويتم البحث عنها تحت الحجارة في المناطق الزراعية قرب النخيل أو المنجيات.


أبو احديب أو يرقة الخنفساء الببرية

يرقة الخنفساء الببرية تشبه الدودة الصغيرة التي لا يتجاوز طولها الخمسة سنتيمترات وقطرها أقل من سنتيمتر واحد، ليس لهذه اليرقة أقدام وتتميز بوجود انتفاخ على ظهرها. وتستخدم يرقة الخنفساء الببرية كطعم لصيد الطيور وهو من الطعم الجيد، إلا أن بعض الطيور ربما لا ترغب فيها لقلة حركتها ونشاطها. له العديد من الأسماء سواء في البحرين أو دول الخليج العربي الأخرى، وسنتناول هذه الأسماء بالتفصيل هنا.


أبو احديب وحديبي

تسمى هذه اليرقة في عدد من مناطق البحرين وكذلك في شرق الجزيرة العربية وبالخصوص تاروت بالأسماء أبو احديب واحديبي وقد سُمي بذلك لوجود انتفاخ على ظهره فشبه بالأحدب لذلك.


أبو هديب وهديبي

تسمى هذه اليرقة أيضاً في عدد من مناطق البحرين أبو اهديب وهديبي والبعض يلفظ الاسم محرفاً فيقول أبو اهديل وربما سمي بذلك لوجود عدد من الأهداب فوق ظهرها وعلى مقربة من الرأس. ولا يستبعد أن تكون الأسماء السابقة جميعها أي أبو اهديب وهديبي وابو اهديل تحريف للاسماء السابقة أبو حديب وحديبي.


تسميات أخرى

من التسميات القليلة التي سمعتها لهذه اليرقة الاسم «أحمر ياعوش»، وقد سمي بذلك لوجود احمرار بسيط في لون اليرقة. وسمعت من يسميه «أبو حگب (حقب)» والحقب هو خيط كان يستخدم قديماً لربط الإزار.


أماكن تواجدها

تعيش هذه اليرقة في جحور صغيرة جدا تقوم بحفرها بالقرب من النخيل المزروعة في أرض مسطحة بها شيء من الصلابة، يبلغ قطر الجحر قرابة سنتيمتر واحد، لكنها جحور عميقة قد يصل طولها لأكثر من عشرين سنتيميتر. وتعتبر هذه اليرقة من اليرقات المفترسة حيث تختبئ في الطرف العلوي من جحرها وتبقى متأهبة بانتظار فريسة عابرة، وما أن تمر حشرة صغيرة حتى تنقض عليها وتمسكها بفكيها القويين وتجرها لداخل جحرها بسرعة متناهية لا تكاد تلمحها العين.


طريق إخراجها من جحرها

يتم استخراج الحديبي من جحره وذلك باستخدام خوصه (من خوص النخيل أي وريقاته) حيث يتم أخذ شريحة رقيقة من الخوصة يكون سمكها أقل من محيط الجحر ليسهل إدخالها فيه، ويتم ترطيب مقدمة شريحة الخوصة باللعاب والبعض يضع تراب فوق اللعاب، ومن بعد ذلك يتم إدخال شريحة الخوصة في جحر اليرقة حتى تصل إلى نهاية الجحر، ثم يتم بعد ذلك تحريك الشريحة وذلك بجذبها لأعلى وإعادة إدخالها، حتى تقوم اليرقة بعض الطرف السفلي من العود نتيجة لمضايقتها حينها يتم جذب الخوصة بسرعة إلى الخارج بسرعة فتنجذب معها اليرقة

العدد 3189 - الثلثاء 31 مايو 2011م الموافق 28 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً