لم يكن للحواجز مكان في الغرفة التي أجرت «الوسط» فيها حواراً مفتوحاً مع النائبين فريد غازي وجاسم عبدالعال، ولم يكن بين الأسئلة المطروحة على طاولة الحوار سؤال واحد لم يجد له إجابة، إذ كان الحوار مفتوحاً بامتياز وبكل ما تحمل الكلمة من معنى.
في لجج الحوار كان النائب غازي مطالبا بالإجابة عن أسئلة كثيرة، كان من بينها حقيقة انتمائه للجبهة الشعبية، وحقيقة توجهه، ومن هو فريد غازي تحديدا؟ أجاب غازي عن ذلك بالقول «أنا ليبرالي وطني وأحافظ على الصلوات الخمس››، كما تمت مواجهته باتهام يفضي إلى سعيه إلى مناصب رسمية، وعرض الكثير منها عليه، وهو الأمر الذي نفاه جملة وتفصيلا.
عبدالعال أيضا كان محاصرا بأسئلة عدة داخل الغرفة التي احتضنت الحوار، وكان من بين ما ووجه به عبدالعال أنه عرض عليه منصب محافظ، وكانت ردة فعله عنيفة ممزوجة بابتسامات أفرزت إجابة فصيحة بدأها بالقول «هذا آخر ما أفكر فيه!» وهذا نص الحوار:
الوسط: كنت إحدى الشخصيات البارزة على صعيد المجلس النيابي، والكل يذكر مواقف عبدالعال في لجنة التحقيق البرلمانية في التجنيس، فضلاً عن موقفك البارز في قضية جدار المالكية، ولكن وسط كل هذا هل يصل عبدالعال مرة أخرى إلى المقعد النيابي وسط توجه الوفاق للمشاركة في الانتخابات؟
عبدالعال: هذا متروك للشارع العام، ولكن أعتقد أن هناك قبولا جماعياً وشعبياً لما قمت به من دور سياسي وبرلماني على رغم حداثة التجربة، وإذا ما وجد من هو أفضل مني فسأرحب به، وهناك إشارات وتواصل مع بعض الكوادر في الوفاق ولكن لا يوجد أي شيء رسمي حتى الآن.
الوسط: لماذا تنكر فريد غازي ابن الجبهة الشعبية لتاريخه النضالي، وهجر رفاقه القدامى، حتى أصبح لاهثا خلف المناصب الحكومية واحداً بعد الآخر؟
غازي: لم أكن يوماً في الجبهة الشعبية ولم أنتم إليها، بل كنت طالبا كسائر الطلاب وعضواً في الاتحاد الوطني البحريني في القاهرة ونشط في المجال السياسي، وأحسب على الطلبة الموالين للجبهة الشعبية ولم أكن عضواً فيها، بل كنت احد الناشطين في أفرعها الشبابية، ولكن على رغم ذلك كنت أحد العناصر التي يسمع لها القادة الشعبيون، وإلى آرائهم سواء على المستوى الشبابي أو العمل السياسي، ولي محاولات رأب الصدع بعد عودة المناضل عبدالرحمن النعيمي، وكان لي شرف أن أجمع في منزلي كل كوادر الجبهة الشعبية في العام ، ومع الأسف لم نخرج إلا بتوسيع الشقاق فيما بين الكوادر، ولكن لم أكن يوماً من ضمن الجبهة الشعبية، ولم أكن ماركسياً علمانياً أتخذ نهج النضال العلمي المتبع للجبهة وفقاً لمنهج ما، وفي الصين بل كنت منتقدا ولي انتقادات كبيرة على النهج النضالي. وذلك راجع إلى أن نشأتي الدينية وكوني أحد حفظة القرآن الكريم منذ الصغر.
الوسط: وماذا عن المناصب؟
غازي: ليس لديّ أي منصب سوى أني منتخب من أبناء شعبي، لم أعط منصباً في معهد التنمية السياسية إلاّ لكوني نائباً في مجلس النواب، وأنا ليبرالي وطني، وأنا من المحافظين على الصلوات وتأدية الفروض الإسلامية.
الوسط: ويقال إن الوزارة عرضت عليك؟
غازي: لم يعرض عليّ أي منصب رسمي، وهذه الأمور متروكة لجلالة الملك، وفيما لو عرض عليّ أي شيء فإن لكل حادث حديثاً، ولكن أعتقد أن الناس في مرحلة الهروب من هذا المنصب.
الوسط: كيف تفسرون صمتكم عمّا يحدث داخل معهد التنمية السياسية، وخصوصاً بشأن علاقته مع معهد الـ ةخ؟
غازي: معهد التنمية السياسية أهدافه وطنية سامية، أما مسألة معهد الـ IDN فقد بينت وجهت نظري عنها في الصحافة، ولكن أرجو ألا يربط معهد التنمية السياسية لا بشخص الرئيسة ولا بشخص الأمناء؛ لأننا نريد أن يكون المعهد مربوطاً بالكامل لشعب البحرين، والموجودون هم في مرحلة التأسيس، وستنتهي فترتهم ويبقى المعهد ملكا للمجتمع المدني بشكل كامل.
أنا لست مرتاحاً من أي صيغ اصطدام للمعهد مع المجتمع المدني، فالأمر بحاجة إلى شفافية وبناء علاقات وثيقة وشراكة مع المجتمع المدني، ويعتقد الكثيرون أن المعهد حكومي، وأنه أنشئ لتحقيق أهداف ومرامي الحكومة وعرض وجهة نظرها، وهذا غير صحيح، وأتمنى أن يقتنع الناس من هذه الحقيقة من خلال برامج المعهد وأنشطته المستقبلية.
الوسط: أهالي دائرتك يتهمون عبدالعال باقتراح إضافة محافظة سادسة حتى يكون محافظا لها؟
عبدالعال: ليس نقصاً في مكانة المحافظين ولكن آخر ما أتمناه في حياتي أن أكون محافظاً، فالمحافظ في البحرين بلا سلطة ولا قرار. ونحن نسعى إلى إقامة المحافظة الغربية من باب الوصول إلى التساوي في الدوائر الانتخابية، ولتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
الوسط: غازي، أنت ستواجه الناشط الوفاقي جلال فيروز، فليس بإمكانك سوى الاصطفاف الطائفي لكي تفوز بالمقعد؟
غازي: أنا أقف بقوة ضد الاصطفاف الطائفي في أي حال من الأحوال، وهذا مبدأ أصيل بالنسبة لي، فالاصطفاف الطائفي مستبعد، فأنا متزوج من شيعية، فهل اصطف ضد زوجتي وأبنائي؟!
ومن جهة أخرى أعتقد أنه يجب أن تفرض احترامك على المتدينين بتعاملك معهم، كل ما طرحت نفسك كما أنت فهذا أفضل بكثير من التلون والطلاءات المؤقتة.
الوسط: وهل تتمنى دعماً من الوفاق؟
غازي: نعم، أتمنى من الوفاق ذلك، وتحدثت مع أطراف في الوفاق بشأن ذلك، وأرى أن من الضروري بمكان أن تطعم قائمة الوفاق بتخصصات مختلفة وهذا سيرفع من شأنها، ولكن بشأن منافستي مع جلال فيروز فأود أن أوضح لك أنه جاري واحترمه كثيراً وهو كذلك أيضاً.
الوسط: وهل ستنقل عنوانك إلى دائرة أخرى لتتحاشى مواجهة الوفاق؟
غازي: نعم، احتمال قائم.
الوسط: يقال إن الحكومة مارست ضغوطاً عليكما من أجل تمرير بعض القوانين؟
غازي: علاقتي جيدة بالحكومة وبرئيس الحكومة، والحكومة لم تحثني أن أصوت على أي قانون، والتصويت دائماً يكون وفق قناعتي.
عبدالعال: لم تمارس الحكومة ضغوطاً كما أشرت في السؤال.
الوسط: هل التجربة البرلمانية الحالية ناجحة من وجهة نظر النائب جاسم عبد العال سواء على المستوى الشخصي أو العام؟
أود أن أشير إلى نجاح تجربة البرلمان الحالية، على رغم أن التجربة الحالية لا تمثل طموحي إلا أنني اعتبرها ناجحة، والدليل على ذلك وجود تقبل لها أكثر من السابق، الذي أعتبره سببا لنجاحها.
في الوقت الذي آسف فيه من أن تركيبة المجلس الحالية لم تستطع أن تخدم ملف التجنيس، على رغم أنه لايزال قائماً ومستمراً، وأن التوجه لطرحه سيستمر إذا ما استمرت التجاوزات فيه.
الوسط: هل سيدخل عبد العال في أي تكتل للانتخابات المقبل؟
عبدالعال: أؤكد أنني لا أمانع من التعامل أو الانضمام إلى أي تكتل في حال ترشحي للانتخابات النيابية المقبلة، وخصوصا أنني أتعامل بعقلية منفتحة وانطلق مع كل ما يتوافق وآرائي، ولا مانع من الانضمام إلى أي تكتل إذا ما كان المنطلق الذي أنطلق منه هو شعبي ووطني، وخصوصا إذا ما كانت المبادئ التي تحركني هي الوطنية والإسلام».
واعتبر التحرك الجماعي أفضل من الفردي لتحقيق كل البرامج بينما التحرك المفرد يكون ضعيفا ومهمشا، وأنوه إلى أن مشاركتي في التجربة المقبلة كانت بشكل فردي قد تهمش من دوري أو حتى من فوزي.
الوسط: هل التجربة البرلمانية الحالية ناجحة من وجهة نظر النائب فريد غازي سواء على المستوى الشخصي أو العام؟
غازي: أي تجربة ديمقراطية وأي ممارسة للديمقراطية في أي مكان كان في حد ذاتها تعبر عن نجاح هذه التجربة، بغض النظر عن نتائجها التي قد تكون ايجابية أو سلبية
العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ