من مطعم فاخر يحبس ضيوفه في القبو خوفاً على سلامتهم إلى رجل يطارد اللصوص في الشوارع أملاً في استعادة ممتلكاته، باتت لندن ومدن بريطانية أخرى مسرحاً لمشاهد حرق ونهب وأعمال شغب.
وقد بدت مناطق في لندن أشبه بساحة حرب يوم الثلثاء قبل الماضي مع تصاعد الدخان منها بينما احترقت محال ومتاجر يعود تاريخها إلى قرن مضى حتى لم يبق منها شيء وتناثرت المتاريس في الشوارع.
وخرجت مجموعات من الشباب الذين أخفوا وجوههم لينهبوا المحال ويحرقوا السيارات والأبنية في مناطق من العاصمة تراوحت بين حي إيلينغ الراقي غرباً إلى مناطق بيكهام وهاكني الفقيرة شرقاً وكرويدون جنوباً، وتوتنهام شمالاً حيث اندلعت شرارة العنف قبل 5 أيام، والتي امتدت إلى خارج العاصمة إلى مدن أخرى ضمت برمنغهام وليفربول وبريستول.
وفي إيلينغ تم تحطيم نوافذ السيارات وتمت قيادة السيارات أو جرها في الشوارع وإضرام النار فيها على مقربة من استوديوهات إيلينغ التاريخية التي شهدت تصوير أفلام كوميدية كلاسيكية في الخمسينات.
وفي منطقة إيلينغ غرين للتسوق حطم المئات من المشاغبين المحال وأشعلوا النار في الأبنية.
وتروي أرميت خورمي، التي تملك محلاً صغيراً كيف وقفت عاجزة عن فعل شيء بينما أخذ الشباب الذين استبد بهم العنف في تحطيم وإحراق محلها.
وتقول «أتيت الحادية عشر وربع ليل أمس وشاهدت مئات الشباب صغيري السن يحطمون المحال، كانوا يخرجون من محلنا حاملين الزجاجات وهم يصيحون ويصرخون».
وأضافت «أعتقد أنهم أخذوا كل شيء، ولكن لا أعرف فقد احترق المحل عن آخره. أنا مصدومة وحزينة جداً. لا أكاد أصدق. المنطقة هنا هادئة وسكانها لطفاء».
ويقول بول وولترز (32 عاماً) وهو من سكان المنطقة «كان الأمر أشبه بساحة قتال. فوضى عارمة».
وتتواجد سيارات الشرطة في المنطقة فضلاً عن سيارة إطفاء، بينما يشاهد في وسط الشارع ما يبدو أنه كان قمامة تم إحراقها.
ويقول غافين ستيفن (34 عاماً) «شاهدتهم وهم يحرقون هاتين السيارتين ويحطمون واجهات المحال الواحد تلو الآخر. قفزوا داخل المحال وأخذوا ما استطاعوا».
وتابع «قال لي أحد المراهقين: الحكومة تأخذ كل شيء، أموال التعليم وكل شيء، والآن جاء دورنا لنأخذ ما نريد».
وأضاف «أمر في غاية السخف! الشرطة لم تمنعهم من فعل ما يفعلون. لو كنت من الشرطة لذهبت وأوسعتهم ضرباً!».
وفي منطقة كلابهام جانكشن بجنوب لندن احترقت أبنية متراصة تعود إلى العصر الفيكتوري حتى أتت النيران على البيوت بالكامل، وتناثر في الشوارع حطام ما خلفه اللصوص الذين نهبوا محال دبنهام الراقية.
وفي شارع مير بهاكني في شرق لندن بدت علامات العنف واضحة وإن ساد هدوء نسبي بعد الفوضى التي سادت بعد ظهر الاثنين. وأطل طفل يرتدي طاقية بيسبول من الثغرات بين حطام واجهة أحد محال الملابس الرياضية بينما تم تسمير الألوح الخشبية على واجهة محل لأدبروك للرهان بعد تعرضه للسلب، فيما أخذ عمال في إصلاح زجاج محل لبيع الطعام.
وفي مطعم ليدبري الفاخر بنوتينغ هيل غرباً كافح العاملون مثيري الشغب الملثمين بمضارب العجين لحماية الزبائن مساء الاثنين.
ونقلت «فرانس برس» عن طاقم المطعم كيف أن مجموعة من عشرة مهاجمين اقتحمت المطعم لتحطم صالة الطعام وتسرق الهواتف المحمولة وتنزع الأطباق عن موائد الزبائن، وكيف حاولوا سرقة خزنة الأموال.
ووصفت لويز يانغ على مدونتها كيف أن اللصوص صاحوا فيهم بالنزول على الأرض بينما انتزع اثنان منهم خاتم زفافهما وخاتم الخطبة من إصبعهما، قبل أن يندفع العاملون بعصي العجين وسكاكين المطبخ لمطاردة اللصوص. وقدم العاملون المشروبات لتهدئة الزوار، وحينما تردد أن اللصوص في طريقهم لمعاودة الكرة، «اقتادونا إلى قبو النبيذ وأغلقوا الباب علينا».
وروى أحد سكان هاكني كيف تسلق إلى الأسطح هرباً من النيران ثم طارد المهاجمين من شقته ليل الاثنين.
وقال نيل آلام (36 عاماً) «ذهبت لنقل سيارتي وحينما عدت وجدت أنهم حطموا الباب اندفعوا في الشقة يعبثون بالمحتويات. جن جنوني وظللت أطاردهم في الشوارع»، مضيفاً أن شقته مازالت تحمل رائحة الخمور والدخان التي خلفها المهاجمون.
ومن بين الروايات الأخرى كيف ساعد مثيرو الشغب مصاباً ليقف على قدميه - قبل أن يسرقوا ما معه من متاع. فقد أظهر شريط فيديو شاباً ينزف من جرح في وجهه وقد جلس على أحد جسور عبور المشاة بمحطة قطار. جاء أليه أحد مثيري الشغب الأكبر سناً ليعاونه على الوقوف، قبل أن يأتي آخر من خلفه ليفتح بهدوء سحابة الشنطة التي كان يحملها على ظهره، ومن ثم فحص اللصان محتويات الشنطة قبل أن يأخذا منها ما أرادا ويوليا الأدبار.
وقدرت رابطة شركات التأمين البريطانية الخسائر التي ألحقتها أعمال الشغب في أنحاء البلاد «بعشرات الملايين من الجنيهات»
العدد 3261 - الخميس 11 أغسطس 2011م الموافق 11 رمضان 1432هـ