تتزايد المخاوف في اليمن من نشوب حرب أهلية مع بقاء الوضع على ماهو عليه، ففي حي الحصبة بالعاصمة اليمنية صنعاء تخللت أصوات إطلاق نيران قريبة أصوات محتجين يهتفون مطالبين بإسقاط الرئيس، علي عبد الله صالح ما ذكر السكان بأن عذاب اليمن لن ينتهي قريباً.
وقال عرفات أحمد وهو يهز رأسه بينما أخذ يملأ أكياساً بالخبز في مخبزه الصغير «لا يمكننا أن نتحمل المزيد من هذا... الحياة توقفت. من الواضح أن المواجهة المسلحة هي الخيار الوحيد إلى أن تحل هذه الأزمة». وهزت الاشتباكات الدموية في الشوارع حي الحصبة الذي يسكنه الزعيم القبلي المناوئ لصالح، صادق الأحمر في مايو/ أيار بعد أن تراجع الرئيس عن التوقيع على خطة أعدت بوساطة خليجية لإنهاء حكمه المستمر منذ 33 عاماً. وخفت الاشتباكات بقذائف المورتر والأسلحة الآلية بعد أن أصيب صالح في انفجار بدار الرئاسة ما اضطره إلى الذهاب للسعودية للعلاج حيث يقضي فترة نقاهة حالياً. والآن وبعد أن بدأ الجنود يقيمون نقاط التفتيش في أنحاء العاصمة أشعل مجدداً دوي إطلاق النيران في الأزقة المتهالكة بالحصبة وموجات القتال في أماكن أخرى من البلاد التي تزخر بالأسلحة المخاوف من نشوب حرب أهلية.
وتظاهر عشرات الآلاف من اليمنيين لسبعة أشهر بما في ذلك من هم في مخيم الاحتجاج الذي هو ليس بعيداً عن الحصبة ضد صالح. لكن تبادل إطلاق النيران بين القوات الحكومية والمسلحين المناهضين لصالح يعكر أجواء الاحتجاجات السلمية على نحو متزايد. وتتصاعد حدة القتال في خمس مناطق على الأقل من اليمن. ويتجول المزيد من المسلحين في شوارع المدن اليمنية مع تزايد الشكوك والإحباطات. وتخشى الولايات المتحدة والسعودية من الاضطراب الذي قد يتيح لتنظيم «القاعدة» مساحة أكبر لممارسة نشاطه لهذا تضغطان على صالح منذ أشهر لقبول خطة لنقل السلطة أعدت بوساطة مجلس التعاون الخليجي. وتعهد صالح بالعودة إلى اليمن على الرغم من أن مسئولين أميركيين حثوه على عدم العودة ما يعمق الجمود السياسي. ويشعر الكثير من اليمنيين بالقلق من أنه فات أوان تفادي الانزلاق إلى سفك الدماء الذي سيزيد معاناتهم. ويقول المحلل اليمني، علي سيف حسن إن الحل السياسي تراجع أمام القتال ولكن حتى القتال لن ينهي المعركة. وأشار إلى المواجهة في صنعاء بين القوات الحكومية والوحدات العسكرية التي يقودها اللواء علي محسن الذي انضم للمعارضة. وأضاف أنه حين تصبح العاصمة اليمنية مقسمة هكذا فإن هذا يعني أن اليمن سيمزق إلى أكثر من كيان. وحولت مواجهة مماثلة بين القوات الموالية لصالح ورجال قبائل من المعارضة تعز على بعد 200 كيلومتر جنوبي صنعاء إلى مدينة أخرى يسودها التوتر والانقسام. واضطر القتال عشرات الآلاف من اليمنيين إلى ترك ديارهم. وبعضهم من قرى قصفت خلال المعارك بين الجيش ورجال قبائل من المعارضة. وفر آلاف آخرون من بلدت جنوبية تحاصرها الاشتباكات بين القوات الحكومية ومن يشتبه أنهم متشددون من «القاعدة» أو مقاتلون إسلاميون آخرون. ويستعد سكان حي الحصبة للأسوأ وقد وضع كثير منهم أجولة الرمال أمام منازلهم التي تحمل آثار القذائف.
في مخيم الاحتجاج القريب لايزال البعض يؤمنون بالتغيير السلمي لكنهم يخشون من أن يطغى العنف على كفاحهم. وقالت الناشطة اليسارية، سامية الأغبري وهي تجلس أمام صفوف من خيام المحتجين إنها مازالت تأمل في تحقيق المطالب سلمياً لكن إذا لم يتسن هذا فإن خطر نشوب الحرب سيزداد. ويسيطر اليأس على الكثير من اليمنيين في ظل نقص الوقود وارتفاع الأسعار في البلاد التي يعاني ثلث سكانها من الجوع المزمن ويعيش نحو نصفهم على دولارين في اليوم او أقل. وصب بعض السكان الذين يشعرون بالغضب من ساستهم حنقهم على القوى الخارجية التي يشعرون أنها لم تمارس ما يكفي من الضغط على الحكومة للوصول إلى حل. وقال يحيى مصلح وهو صاحب متجر في صنعاء «لو كانت السعودية أو الولايات المتحدة تريدان صالح أن يرحل لكانتا قد فعلتا هذا... يمكن أن ينتهي الموقف خلال أقل من شهر. لكنهما تواصلان الانتظار والحرب ستندلع قبل ان يتدخلا»
العدد 3261 - الخميس 11 أغسطس 2011م الموافق 11 رمضان 1432هـ