شارك عضو منتديات شبكة الماحوز الإسلامية (نور المهدي) بهذه المساهمة في منتداه:
دعوة صادقة أقدمها لكم أحبائي... المتعارف عليه أن ننصح الناس. أن يكونوا كالشمعة فهي صفة الإنسان المعطاء فنقول.
الأم كالشــمعة
والمعلـــم كالشــمعة
لأنها شخصيات تتصف بالعطاء اللامحدود وتعيش لأجل الآخرين... فتفني ذاتها لإضاءة دروب الخير فلماذا لا أنصحكم بأن تكونوا شموعا...؟؟ الشمعة جميلة في العرض.
يـــــــــاااااهـ !!
تتبعها وهي تشتعل... كيف تفنى ذاتها... فهل تضئ دقيقة... أم اثنتين؟ 3؟ 4؟ 5 دقائق؟ 30 دقيقة؟ ساعة؟؟ ساعتين؟؟ يوما واحداً... مستحيل!! لن تكمل معك أكثر من ساعة حتى تنطفئ ومن ثم تغادرك إلى ظلام جديد... ولن يعود لها الأثر وستبحث بدورك من جديد عن مصدر بديل لإضاءة طريقك فان كنت مثل الشمعة ستنطفئ... بينما يموت جسدك وسيبحث صديقك عن بديل له لإضاءة دربه سيبحث عن صديق لا ينطفئ وعطاء اكبر وأعم من عطائك صديق مشتعل بنور آخر نور دائم... نور لا ينقطع.
هل عرفت لم لا نكون شموعا لأن الأفضل أن ترى العطاء بشكل أكبر كـــــن كالـــــشمس نــــعم... كــن كالشمس... تسطع بنورها وترسل أشعتها الذهبية لتجديد الحياة... فان غادرتك... لن تقطع عطاءها لأنها تترك لتستريح بينما توزع الهمة في الطرف الآخر من الحياة فهي عطاء بلا حدود ولأنها رسم من إبداع الخالق فنتعلم منها... استمرارية العمل وجدية العطاء بلا كلل مـــــــــا أروع صنعك يا الهي... نعم فلنكن كالشمس... نورا واستمرارا... ولنعطى الآخرين بكل صدق.
من دون تجاهل لذواتنا فالله الخالق وهبنا الروح كما وهبها الآخرين وما التوازن الا واجب من واجباتنا تجاه النفس ولنكن كالشمس المشرقة فنعطي ونعطي من دون ملل أو كلل بشروقها توزع الأرزاق وعند غروبها ننعم بانسجام الأرواح وبروعة قدوم المساء كل شعاع... ولادة... وكـــل ولادة أمــــل... وكل أمـــل... حياة... والحياة... لحظة... فما أروع أن تحياها بسعادة... بصدق وإخلاص بثبات وأمـــان لا تذوبوا كالشمعة... بل أضيئوا الحياة كالشمس... نورها أقوى وأطول أمداً.
ضمن سلسلة الحلقات التي كتبها عبدالشهيد الثور عن تجربته في السجن أثناء انتفاضة التسعينات التي نشرها على عدد من المواقع الإلكترونية، منها موقع حسينية الحاج أحمد بن خميس كان ما يأتي.
يابدر أتطل بأنوارك على أعزة يفتقدون ضياء وجودي بينهم؟... أتسامرهم وتمسح دموعهم الخجلى... وتلقي في صدورهم صبر يعقوب؟... أتحمل أشواقي لهم كل ليلة ليتدثروا بها قبل المنام؟ أم أنك لا تمر بمنازلهم مطفأة الأنوار. أناجي البدر وتناجيني أشعته بسكينة تخترق أعماق روحي.
تغفو عيناي في سريرها المؤرق، تحلق روحي خارج الزنزانة بين زنازين المستضعفين، تطل على ظلمة حجرهم.... حجر مظلمة لكنها تزهر بأنوار سماوية... أجساد صفت أقدامها في أحشاء الدجى، اسرح ناظري في باقي الحجر... أرى أكفا مشرعة في السماء... وأرى ظهوراً مقوسة أحناها التضرع لذي الجلال والإكرام. أطوف أكثر هنا في هذه الزنزانة... استغفر الله ربي وأتوب إليه... استغفر الله ربي وأتوب إليه... لسان ذائب في الله ويطرق سمعي صوت من الزنزانة المواجهة... هذا مقام العائذ بك من النار... وتنطلق روحي لطرف آخر أسمع: العفو... العفو... العفو...
وصوت آخر يهمس في نواحي السواد الداجي... أنا جيك يا موجود في كل مكان لعلك تسمع ندائي، فقد عظم جرمي وقل حيائي... مولاي يا مولاي أي الأهوال أتذكر وأيها أنسى... ولو لم يكن إلا الموت لكفى.
أين المتنصتون خلف الزنازين؟... أين الباحثون عن أدلة إدانة؟ قوموا! لقد شهر المعتقلون أسلحتهم! لقد أبرزوا أسلحة الليل من كنانة قلوبهم وتحرروا من سجونكم محلقين في السماوات، ساخرين من قيودكم الفولاذية.... قيودكم فولاذية وأجسادهم إلهية.... تنتصرون عليهم في النهار وينتصرون عليكم في الليل...
الوقت يسري مفترشا أجسادنا في راحة من نفسه... ساعات النهار صامته لا تحكي ولا يحكى فيها... ساعات الليل تعود فيها الحياة إلى أجساد تحاصرها الجدران، بعد تناول ما يسمى بوجبة العشاء، على مضض من أرواحنا وأعضائنا... يعبر ممر السجن رجل الطب.
لا أعلم أهو طبيب أم صيدلي أم ممرض!... لكن شكله لا يوحي بوجه طبيب. يفتح الشرطي له البوابة كل واحدة على حدة... يسأل الشرطي معتقليه «أحد يبي طبيب»... حتى لو لم يكونوا بحاجة إلى الطبيب... يتهافت الكل لاصطناع علة يقف بها ولو على حدود البوابة يستنشق الهواء القادم من الخارج... يعطيهم الممرض الأدوية المهدئة المؤقتة... من يحتاج لفحص الطبيب يدون اسمه وفي الغد يؤخذ للعيادة في القلعة.
يهب الكل لتناول الأدوية البسيطة علهم يذيقون بطونهم طعماً آخر غير الطعام القاسي، حتى مسكنات الصداع يأخذونها لعلها تقتل ضجيج الأرق في رؤسهم... يتحايلون على عين الشرطي أحياناً... يوهمونه بوضعها في فمهم... لكنهم يمررونها في صفحة صدورهم... يداي تورمتا من القيد البلاستيكي... أكل في معصمي... صارتا مع تردي الظروف هناك تزدادان تورماً... عرضتهما على الممرض... ليس لديه في عربته علاج، كتب لي زيارة لعيادة القلعة بعد أن هددت الشرطي بتحمله المسئولية لكل ما يترتب على الوضع المتردي ليدي.
كتب لي الطبيب مرهماً... داومت جاهداً على وضعه كي أتجاوز المرحلة الحرجة... الأدوية تبقى بحوزة الشرطة... عند حلول موعد استخدامها يجلبونها.
الشرطة هؤلاء لا يمكن للقسوة أن تكون عنواناً لهم جميعاً... بعضهم ملأته الوظيفة حقداً وحنقاً يتعلل بأوهى الأسباب لبعث الإهانة لنا... كالذي جاء وأمرنا بإزالة حبل الغسيل المكون من أطراف الألحفة المربوطة ببعضها بعضاً... أمرنا بإزالتها أمام ناظريه... كأننا لسنا بشراً... ولا حق لنا في اللباس النظيف... ويا ليته كان نظيفا... حتى تلك النظافة المهلهلة يحسدوننا عليها... البعض منهم يمتلك فضلاً من الضمير يتألم به لما نكابده من بؤس.. لكنه لا يملك حيلة ينفس بها عنا... هو يخشى من الآخرين... الآخرون كل عين على الآخر... يخشى الوشاية بتهاونه في معاملتنا والتعاطف مع شدتنا.
آخرون منهم ينفس عن كبته وعقده في أجسادنا ومشاعرنا... كنا نراه لا يأتي لتقديم وجبة أو معاينة ممرض إلا والهوز بقبضته إيحاء بالشدة والجبروت... إحدى المرات اضطر هذا الشرطي إلى الذهاب قليلاً... أعطى الهوز للشرطي الثاني وذهب... بعد أن تأكد الشرطي الثاني من انصراف صاحبه تماماً ذهب وألقى بالهوز وعاد... سألته لماذا تصنع هكذا... أجابني ألستم بشرا مثلنا؟ لماذا يعامل الإنسان كالحيوان؟.
للأسف كان الشرطي الأول من أصل عربي والثاني من أصل غير عربي... بعضهم يدرك كونه ضيفاً عليك في وطنك ولكن الأقدار حكمت بوقوعك ضيفاً في حوزته... ضيفاً بلا احترام.. نبحث في وجوههم عن بحريني الأصل فلا نجد أبدا... خليط متناقض لا يمكن للأصيل وجوده بينهم، الأصيل يحمل قلبا كقلوبنا نتشارك في الدماء وضخها لنهضة الوطن... الأصيل يعود به الأصل لإنصافنا... الأصيل لا يضر بالأصيل.
مع هذا وجدنا في الخليط المتناقض ذلك قلوباً تأبى الخضوع لميتي الضمير... صغار السن منهم عادة ما يكون الغرور مختالاً في أعطافهم، يحسب نفسه ممسكا بقبضة الكون... يخاطبك بطرف أنفه... يختال في مشيته... متبختراً في زيه الوظيفي... لو أسعفه الزمان لتاه في الفضاء... بعض هؤلاء كان يمعن في سوء المعاملة... يدخل الزنزانة وبعد خروجه يقذف بالباب كالصاروخ ولك أن تكون داخل الزنزانة لتعرف حجم الصوت الصاروخي في أسماعك... حين خاطبه أحد الساكنين في الزنزانة، ألقى كلمات بذيئة لا تصدر ممن بلغت به العمر إلى أرذله كما بلغت به... كلمات يأنف القلم من تهجي أحرفها... وأعاد الفعل مرة أخرى وانصرف.
البعض كانت السماحة تقطر من وجهه يجتهد في تقديم العون متخفياً ويتجاذب الحديث معنا بعين متلفتة... ومن صغار السن كان أحدهم يفتعل الحجج للإهانة... ناديت في إحدى المرات عندما غربت الشمس وغابت عن سمائنا، ناديت فجاء هذا الشرطي سائلا عن حاجتي : فطلبت منه أن يشعل الأضوية.. قال «زنزانة رقم كام» قلت له كل الزنازين أشعلها... قال: أنت لا شأن لك بالباقين ! أنت فقط عليك بنفسك... قلت له: كما تشاء، كنت أدرك مدى خيبته بعد قليل... (يتبع
العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ