العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ

ذرائع أميركا في العراق واهية

تتوالى الدعوات في الصحف الأميركية الى سحب الجيش الأميركي من العراق. وهناك تحذيرات من أن ذرائع الإدارة الأميركية بقيادة بوش واهية وغير منطقي، فالاحتلال جعل من هذا البلد ملاذاً آمناً لتنظيم «القاعدة» وإن حجة تدريب العراقيين تمهيداً لتسليمهم الأمن بعيدة عن الواقع لأنه لو اجتمع كل مدربي أميركا لرفع كفاءة قوى الأمن العراقية لن يفلحوا في صهر هذه القوى في بوتقة واحدة بينما قد يؤدي الوفاق السياسي الداخلي الذي يمنعه وجود الاحتلال إلى الوصول إلى عراق آمن ومستقر.

«إنفورمايشن هاوس»: حجج بوش دحضت

ودعا وليام أودوم، وهو لواء متقاعد في الجيش الأميركي، في مقال نشره على موقع «إنفورمايشن كليرينغ هاوس» (الأميركي) على الانترنت، إلى انسحاب فوري من العراق، ورد على جميع الذرائع التي تطرحها الإدارة الأميركية لبقاء جيشها هناك. واستهل المقال بالقول ان الرأي العام في الولايات المتحدة يؤيد خيار الانسحاب فيما تواصل الإدارة الأميركية الترويج لخطورة هذا الخيار عبر التحذيرات التي تطلقها بشأن مخاطر الانسحاب على أمن واستقرار العراق. واستعرض الحجج التي تطرحها إدارة بوش لدعم مقولاتها وعمل على دحضها الواحدة تلو الأخرى. فأشار أولاً إلى ان الإدارة تحذر من ان الانسحاب سيشعل حرباً أهلية، فلفت النظر إلى ان النزاع الطائفي انطلق في العراق في الأسابيع الأولى التي تلت إسقاط نظام صدام حسين. أما قول الإدارة ان الخروج المبكر سيعد انتصاراً وتشجيعاً «للإرهابيين»، فهو خاطئ، بحسب أودوم لأن بقاء الجيش الأميركي يشجع «الإرهابيين» أيضاً فالغزو الأميركي جعل العراق الملاذ الأكثر أماناً لهم. والأسوأ ان الاحتلال الأميركي وضع الحزبيين البعثيين أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام لقوات الاحتلال أو التحالف مع تنظيم «القاعدة» وقد أثبتت الوقائع أن معظمهم اختار الخيار الأخير. لذلك، رأى ان إبقاء الولايات المتحدة على جيشها لن يغير شيئاً في هذه الحقيقة أما الانسحاب فمن المرجح أن يؤدي إلى تأليب السنة ضد «القاعدة» ما يدفع بعناصر هذا التنظيم إلى الخروج نهائيا من هذا البلد.

التدريب لن يغير الواقع

وأضاف أودوم أن إدارة بوش تشدد أيضاً على ضرورة ألا ينسحب الأميركيون قبل جهوز القوات العراقية للإمساك بشئون الأمن، إلا أنه رأى ان المشكلة التي تواجهها هذه القوات تكمن في ولاءاتها المتعددة، لذلك سخر قائلاً انه لو اجتمع كل المدربين العسكريين الأميركيين في العالم لتدريب العراقيين فلن يستطيعوا تغيير هذا الواقع في حين ان التماسك السياسي الداخلي قد يفلح في جمع القوى العراقية تحت راية واحدة، وهذا الأمر لن يتحقق سوى بالخروج الأميركي من العراق. أما الحجة الرابعة فهي القول ان تحديد جدول زمني للانسحاب سيقضي على معنويات الجنود الأميركيين. فسخر أيضاً من هذا المنطق معتبراً ان العكس هو الصحيح لأن إثارة احتمال الانسحاب سترفع من معنويات الجنود نظراً إلى المعاناة التي يواجهونها وهو ما أثبتته استطلاعات الرأي التي أظهرت ان معظم الجنود الأميركيين يرحبون بانسحاب مبكر من العراق. أما بالنسبة إلى الحجة الأخيرة التي تقول ان الانسحاب سيقوض صدقية الولايات المتحدة في العالم، فقد رد عليها أودوم بالقول انه خلال حرب فيتنام استخدمت الإدارة الأميركية هذه الذريعة لكن سرعان ما تبين خطؤها، لافتاً إلى ان إعلان إدارة بوش سحب قواتها بعد الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها في العراق، من شأنه تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم.

حرب العراق شل أميركا دبلوماسياً وسياسياً

وذكر في السياق أنه عندما استقال الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون بعد أزمة «ووترغيت» أقر المسئولون الروس بإعجابهم بهذه الخطوة، حتى ان أحدهم قال ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تملك القدرة الكافية للقيام بذلك وان هذه الأزمة كانت لتدمر روسيا لو أنها هي التي واجهتها.

وفي الأسطر الأخيرة من مقاله، كتب ان ثمة حقيقتين يجب ان تضعهما الولايات المتحدة نصب عينيها، الأولى: ان الحرب على العراق لم تكن في صالح الأميركيين بل خدمت مصالح إيران وتنظيم «القاعدة» والثانية ان هذه الحرب أدت إلى شل قدرات الولايات المتحدة في العالم دبلوماسياً واستراتيجياً. لذلك رأى ان الخروج الفوري من العراق سيساعد واشنطن على تصحيح الأمور وسيقنع الأوروبيين بمساعدة الأميركيين على وضع استراتيجية لإحلال الاستقرار في «الشرق الأوسط». فمن المؤكد انه بعد تنفيذ الانسحاب فإن جميع الدول المجاورة للعراق ستوافق على العمل إلى جانب الولايات المتحدة لضمان استقرار المنطقة. مرجحاً أن تكون إيران من بين هذه الدول لأنها تمقت تنظيم «القاعدة» أكثر من كره الأميركيين لهذا التنظيم وهي تطمح إلى الاستقرار الإقليمي أكثر مما يطمح إليه الأميركيون. معتبراً ان الانسحاب من العراق إذا ما أثمر تعاوناً إيرانياً أميركياً فمن شأنه أن يساعد واشنطن على إقناع طهران بوقف أنشطتها النووية

العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً