لابد أنك سمعت عبارة «لازم العصر أو اندثر». فهذه العبارة عادة تستخدم كلما وجد المرء نفسه يواجه تغييراً لابد منه. وكعبارة هي تستخدم أيضاً في الحديث عن الشركات والإدارة للتشديد على ضرورة مسايرة الزمن. التغيير هو المستقبل والمستقبل هو التغيير، فما بالك إذا لم تكترث بالحتميات وتحاول أن تختبئ تحت ظل نمطك المعتاد عليه. فالراحة زائفة في هذه الحال، لأن راحة البال الحقيقية تأتي عندما تكون أنت كشخص، أو كإدارة شركة، يقظاً ومتفاعلاً مع التغيير.
أعلنت أخيراً شركة سليكون جرافكس لأنظمة الحاسوب إفلاسها. كانت هذه الشركة في التسعينات من رواد مصممي وصانعي أنظمة الرسوم الثلاثية الأبعاد. من أفلام هوليوود مثل جراسك بارك إلى مختبرات شركات الأدوية وشركات السيارات، الكل كان ينظر لأنظمة سليكون جرافكس بأنها الخيار الأول في الرسوم الجرافيكية. لكن ماذا بعد؟ ففي غضون عشر سنوات، بدأت نظم الرسم في الأنظمة العادية (السلعية) تساوي أو تتفوق على تلك الموجودة في أجهزة سليكون جرافكس. وفي تلك الفترة فقدت شركة سليكون جرافكس قدرتها على تمييز أنظمتها عن تلك الأرخص والتي يمكن لمعظم الناس شرائها.
فمع تطور تقنية ألعاب الكونسول مثل البلايستيشن، بدأت شركات قطاع الحاسوب العادي أو المكتبي بتسويق أجهزتها كتلك التي تضاهي البلايستيشن في التقنية، وذلك عبر أنظمة رسومات عالية القدرة مثل تلك من شركة إنفيديا وشركة إي - تي - اي. وبدأت الألعاب على الحاسوب تدفع التقنية إلى الأمام بمتطلباتها لسرعة الأداء والجودة في التصوير الافتراضي.
ماذا فعلت سليكون جرافكس في ذلك الحين؟ القليل، وذلك بعد أن فات الأوان. فلقد بدأت الشركة باحتضان بعض أسس أنظمة الحاسوب السلعية في تصميماتها. لكن تغير المناخ في عالم الجرافكس، وأصبحت الأنظمة السلعية الرخيصة التي يلعب بها الناس للتسلية خياراً أفضل وأرخص وأكثر توفراً لتجهيز المختبرات، الجامعات واستوديوهات هوليوود. فاليوم لا تجد سليكون جرافكس وراء آخر فيلم لسبيلبرج، بل ستجد أنظمة حاسوب سلعية مثل التي تملكها أو يملكها صغارك. من أنظمة بي - سي رخيصة تعمل على نظام لينكس أو أنظمة ماكنتوش، هذا هو الوقت الراهن الذي لم تأبَ به سليكون جرافكس، هذا هو المستقبل الذي تأخر مديرو الشركة في تصوره والتفاعل معه.
ما حدث لسليكون جرافكس حدث مرات كثيرة لشركات كثيرة وفي قطاعات مختلفة. بالطبع هناك أكثر من مجرد ما ذكرته الذي أدى إلى اضمحلال الشركة، ولكن يبقى جوهر الأمر هو الركود في خطة عمل الشركة. المشكلة تبرز عندما تقف على القمة من دون النظر لقدميك، فترى مستقبلاً ممتداً من نجاح وريادة الحاضر شاسعاً لا ينتهي، جاهلاً بأن ذلك مجرد سراب، لأن المستقبل مُلك الجميع. ملكك أنت، وملك من هم تحت قدميك، ومن هم لم يولدوا بعد.
لو كان لسليكون جرافكس بعد نظر للتعرف على سوق الجرافيكس المنزلي للألعاب، تنسيق الفيديو وغيرها من الاستخدامات الشاسعة، ووفرت بطاقات رسم تتنافس مع تلك المتوافرة من إنفيديا وإي - تي- اي، ربما ضمنت مستقبلها
العدد 1342 - الثلثاء 09 مايو 2006م الموافق 10 ربيع الثاني 1427هـ